قصة العنود . أنا عانس . قصص واقعية . قصص مؤثرة . قصص هادفة . قصة وعبرة
أنا عانس....قصة العنود .. ؟؟
- أعذرني ابني الصغير قطع الخط .
- ( عادي )
- ماذا كنت تقولين؟
لقد أحضرت لابنتك رسم أسئلة الدورات السابقة للثانوية قد تساعدها في دراستها .
- شكرا لك ياالعنود جزاك الله خيرا .. والله لا أدري ماذا كنت سأفعل بدونك... العيال الستة أخذوا كل وقتي فلم أعد أستطيع الاهتمام بهذه البنت ودراستها, ولولا الله ثم أنت لضاعت في دراستها .
- ما هذا الكلام يا دلال الله يسامحك ريم مثل بنتي ... سأرسل السائق بالأوراق حالاً.
- شكراً يا العنود وأدعو لك من كل قلبي أن يرسل لك الله ابن الحلال الذي يسعدك وإن شاء الله تلدي ( درزن عيال ) وأرد لك الجميل فيهم .
أنهت العنود المكالمة وقد أصابتها كآبة شديدة وعلت وجهها علامات الأسى وسرقتها الأفكار تذهب بها بعيداً . هي ودلال من عمر واحد وفور انتهاء دراستهن الثانوية منذ أكثر من ثمانية عشرة عاماً تزوجت دلال وأنجبت ستة أولاد ولا زالت العنود عزباء تقبع في بيت أهلها كأنها قطعة من الأثاث .
تقدم لخطبتها شباب كثيرون فواحد يرفضه والدها والآخر تعترض عليه والدتها ، وهي مغلوبة على أمرها تنتظر قرار الأهل الذين لم يحاولوا أخذ رأيها ولا مرة واحدة . وقد أصابتها من هذه الخيبات الأذى الكثير فهي غالباً ما تنعزل في غرفتها تأكلها الهواجس وتتقاذفها الأنات ويكسو الأسى قلبها ... وكم من الليالي ظلت ساهرة يجافيها النوم .
خالتها حصة همست في أذن والدتها منذ يومين تقول : حرام عليكم زوجوا هالبنت وكفاية شروط و تعجيز, تعدت الخامسة والثلاثين من عمرها وقد قال رسول الله ( ص ) إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه .
فأجابتها الوالدة العزيزة بالقول : وهل شكت لك العنود حتى تتكلمي باسمها؟
قالت : الخالة : لا .. ولن تشكو أية ابنة من بناتنا لأنهن مهذبات ولكن الواجب علينا أن نفهم شعورهن من تلقاء أنفسنا , ألم نكن بنات ونعرف ما تعانيه الواحدة منا من قلق إذا تأخر زوجها .. على العموم دعك من هذا الجدل الآن فللعنود عندي عريس ممتاز .
قطعت والدتها عليها حبل تفكيرها عندما طلبت منها أن تقوم ببعض التحضيرات لأن أهل العريس الذي تحدثت عنه خالتها سيزورونهم هذا المساء .. وقالت في سرها داعية يا رب يكون ابن حلال ويكون من نصيبي .
دخلت العنود إلى غرفتها بعد ذهاب الضيوف وأغلقت الباب خلفها لتبد
ل ملابسها ، وغرقت في بحر من الهواجس تستعرض أحداث الزيارة وتعبر في خاطرها صور من زيارات مماثلة كلها باءت بالفشل , وتوقفت عن هواجسها عندما سمعت صوت والدها في الصالة فأسرعت في تبديل ملابسها وتسللت إلى الصالة بحذر شديد ثم إلى باب غرفة والديها تسترق السمع فهي متأكدة من أن والدتها ستشرح لوالدها ماذا جرى مع العائلة التي جاءت تطلب العنود لابنها .
الأم : ( يابو سعد ) قالوا إنه متزوج وله ثلاثة عيال من زوجته الثانية التي تعيش معه الآن ، وله ولد كبير من ابنة عمه التي طلقها لأنهما لم ينسجما معا ، وقالوا أن عمره أربعين سنة ويريد ابنتنا زوجة ثالثة .
الأب: سألت عن الرجال وعن الجماعة .. ناس مستورين ومتدينين لكن حالتهم المادية ضعيفة. لا بأس أساعد أنا البنت إن شاء الله بما تيسر, حتى نؤويها في بيتها .
الأم : ( ويش تقول يابوسعد ، ويش هالخرابيط) والله ما أوافق إلا بفيلا لوحدها وخمسين ألف ذهب وعرس بصالة النجوم و ( إلا بلاش) .
شهقت العنود وأغلقت فمها بيدها وقفزت دموعها من مقلتيها كأنها سهام تنطلق من قوس,
وقالت في نفسها ( الله يسامحك يا أمي أبعد كل هذا الانتظار تشترطين مثل هذه الشروط؟
أنسيت أنني تجاوزت الخمسة والثلاثين منذ شهرين وأنني متوسطة الجمال ؟ ماذا تفعلين بي يا أمي ؟
أنت لا تعرفين ما أعاني لا تعرفين بماذا أشعر وأنا أرى زميلاتي كلهن تزوجن ويعشن في بيوتهن .. يا أمي لو تعلمين بحالي لأشفقت علي من هذا العذاب الذي أعانيه في كل ليلة وأنت تنامين إلى جانب والدي ولا أخطر أنا لك على بال .. والله .. والله أنا أقبل أن أتزوجه بالثوب الذي أرتديه وأقبل منه أن يعقد في إصبعي خيطاً بدل الخاتم .؟
أنا راضية يا ناس . حرام عليكم ... والله حرام عليكم .. يعني إذا ولاكم الله أمرنا تفعلوا بنا هكذا سامحكم الله .. سامحكم الله ..
وعلا صوتها في المرة الثالثة وهي تقول : سماحكم الله . وأجهشت بالبكاء وسقطت مغشيا عليها .