لا, الذى, اختطاف, يرد, حقا؟, عائلة, هيل
اختطاف عائلة هيل .. ما الذي جرى حقا؟!
لعقود طويلة غصت وسائل الإعلام بقصص الصحون الطائرة و المخلوقات الفضائية الغريبة , إلى درجة أصبحت معها هذه القصص في غاية الابتذال و صارت نادرا ما تجلب الانتباه , ربما لأنها جميعها تتشابه من حيث الوقائع , التي تتلخص دائما في مشاهدة أضواء أو أجسام غريبة تمر مسرعة في السماء من دون أن يوجد أي دليل يؤكد بأنها حقا مركبات فضائية تقودها مخلوقات ذكية قادمة من عوالم أخرى. لكن من بين كل قصص الصحون الطائرة , هناك عدد قليل جدا منها يبدو محيرا إلى درجة يصعب معها إيجاد تفسير منطقي له , وحادثة خطف عائلة هيل هي إحدى تلك القصص التي يعتبرها أنصار ظاهرة الصحون الطائرة من أقوى أدلتهم و حججهم على حقيقة وجودها.
هل خطفتهم حقا مخلوقات فضائية ام انها مجرد تخيلات و هلوسات ؟
لوحة تخيلية تصور ليلة اختطاف عائلة هيل
الزوجان هيل لم يكونا زوجان عاديان إذ غالبا ما كانت تتوجه إليهما الأنظار و تتبعهما الهمسات أينما حلا و رحلا , ليس لعاهة جسدية أو مشكلة أخلاقية , لكن لأنهما من عرقين مختلفين , فبارني رجل أميركي اسود و زوجته بيتي امرأة بيضاء , و هذا الزواج المختلط كان أمرا نادرا في الولايات المتحدة في مطلع الستينات من القرن المنصرم حين كان السود مازالوا يناضلون ضد التمييز العنصري.
كان بارني في سن التاسعة و الثلاثين و يعمل كموظف في دائرة البريد أما بيتي فكانت في الواحدة و الأربعين و تعمل في مجال الخدمة الاجتماعية. لم يكن لدى الزوجين أطفال و كانا يعيشان حياة هادئة في منزل صغير في مدينة بورتسموث الأمريكية.
في عام 1961 قرر الزوجان القيام برحلة استجمام إلى كندا بواسطة سيارتهما الخاصة مصطحبين كلبهم معهم , استمرت الرحلة لمدة أسبوعين زارا خلالها شلالات نياجارا و مدينة مونتريال ثم قفلا عائدين إلى منزلهما في الولايات المتحدة. أثناء رحلة العودة , في ليلة 19 أيلول / سبتمبر , كان بارني يقود سيارته على احد الطرق السريعة في ولاية نيوهامبشاير الأمريكية , كانت هناك غابة كثيفة تحيط بجانبي الطريق و كانت السماء صافية يشع فيها القمر و تتلألأ في أرجائها آلاف النجوم , لم يكن الزوجان هيل لوحدهما في الطريق فقد كانت هناك عدة سيارات أخرى تفصل بينها مسافات متباينة.
في قرابة العاشرة قبل منتصف الليل كان بارني يقود سيارته على بعد عدة كيلومترات من مدينة لانكستير عندما لمح فجأة ما بدا للوهلة الأولى بأنه نجم أو كوكب يتحرك في السماء بشكل غريب فنبه زوجته بيتي إليه و اخذ الاثنان يراقبانه معا و يتجادلان حول ماهيته , اعتقد بارني أن الجسم الغريب ما هو إلا أضواء لطائرة , فيما حسبته بيتي قمرا اصطناعيا للاتصالات , و قد لاحظ الاثنان بأنه يسير بنفس اتجاههما و بدا كأنه يلاحقهما , ثم اختفى لبرهة و ظهر بعدها فجأة و هو يحلق مباشرة فوق سيارتهما , الأمر الذي أثار هلع الزوجين فقام بارني بركن السيارة إلى جانب الطريق و ترجل منها حاملا معه مسدسا , كان يحمله معه للحماية , و منظارا صغيرا مثل ذاك الذي يستعمل في دور الأوبرا , لاحظ بارني فور ترجله من السيارة بأن الجسم السماوي لم يكن في الحقيقة سوى مركبة طائرة لم يرى لها مثيلا في السابق , كانت عبارة عن قرص معدني تشع منه أضواء ملونة وينتصب بسكون في الهواء على بعد حوالي مائة قدم , نظر بارني إلى الصحن الطائر بواسطة منظاره فرأى فيه نوافذ صغيرة كان يقف عندها عدد من المخلوقات الشبيهة بالبشر يحدقون إليه , ثم سمع صوتا يأتي من بعيد و يهمس داخل عقله : "قف مكانك و استمر في مراقبتنا" , شعر بارني برعب شديد و ازداد هلعه عندما شاهد ضوء احمر ينبلج من داخل الصحن و يتدلى منه بالتدريج شيء بدا أشبه ما يكون بذراع تلسكوبية , هرع بارني إلى سيارته خائفا و مضطربا و صرخ قائلا لزوجته : "إنهم يريدون الإمساك بنا!" , و ما ان استقل السيارة حتى انطلق بها بأقصى سرعة و طلب من بيتي بأن تستمر في مراقبة الصحن الطائر لكنها لم تستطع مشاهدته , بدا كما لو انه اختفى كليا , لكن الزوجين لم يكادا يتنفسان الصعداء حتى دوى طنين حاد خلف السيارة , كان الصوت عاليا لدرجة أن سيارتهما الشوفرليت أخذت تهتز بعنف و شعرا بأن أفكارهما و مشاعرهما أخذت تتبلد و أحسا بوخز خفيف يسري بالتدريج في جسديهما , ثم فجأة اختفى كل شيء , الطنين و الوخز , و بدا أن كل شيء عاد إلى وضعه الطبيعي , لكن بارني شعر بالدهشة حين نظر إلى ساعته إذ كانت عقاربها قد تجاوزت منتصف الليل مع أنها كانت قبل دقائق معدودة تشير إلى العاشرة مساءا , و ازدادت دهشة الزوجين عندما شاهدت بيتي لوحة إرشادية إلى جانب الطريق , لقد كان اسم المكان المكتوب على اللوحة يبعد 35 ميلا عن المنطقة الذي كانا يقودان سيارتهما فيها قبل قليل!.
صورة تظهر كل من بارني و بيتي هيل و كذلك صورة متخيلة للمخلوق الفضائي الذي قابلوه
حين وصل الزوجان إلى منزلهما في وقت متأخر من تلك الليلة , لاحظت بيتي أن حاشية ثوبها كانت ممزقة كما انتبهت إلى وجود عدة بقع من مسحوق وردي عليه , أما بارني فقد لاحظ أن الشريط الجلدي لمنظاره كان قد تمزق و حين دخل إلى الحمام دفعه شعور غامض إلى تفحص سلامة جسده و أعضاءه التناسلية.رغم غرابة الحادثة التي تعرض لها الزوجان , إلا إن بارني طلب من زوجته بأن تكتم قصة الصحن الطائر خشية أن يتعرضا للتهكم و السخرية , لكن بيتي , كعادة اغلب بنات حواء , لم تطق أن تحفظ السر حتى لساعات قلائل فاتصلت بأختها جانيت لتخبرها بالتفصيل عن ما شاهداه في الليلة السابقة , أثارت القصة تعجب جانيت فنصحت شقيقتها بالاتصال بإحدى القواعد العسكرية الجوية القريبة لتخبرهم بها , وبالفعل اتصلت بيتي بالقاعدة و روت لهم القصة بالتفصيل , لكنها لم تأتي على ذكر المخلوقات الغريبة التي كانت تحدق عبر نوافذ الصحن الطائر خشية أن يظنوا أنها مجنونة. لكن الضابط الذي تحدث مع بيتي لم يصدق بالقصة و اخبرها بأن ما شاهداه ربما يكون كوكب المشتري.
خلال الأسابيع اللاحقة للحادثة بدئت كوابيس مزعجة تقض مضجع بيتي أثناء نومها , ثم أخذت تتكرر كل ليلة , كانت هذه الكوابيس قوية و حية إلى درجة أن تفاصيلها المخيفة أخذت تلاحق بيتي حتى خلال ساعات النهار و دفعتها في النهاية إلى الاتصال بعدد من الأشخاص المختصين في مجال الصحون الطائرة فنصحوها بأن تقوم بتدوين ما تراه في كوابيسها.
كوابيس بيتي هيل
في أحلامها كانت بيتي ترى نفسها تسير برفقة مخلوقين غريبين في الغابة أثناء الليل , كانا قصيري القامة لا يتجاوز طول احدهم الخمسة أقدام , يرتديان زيا موحدا و يعتمران خوذة , رؤوسهم كمثرية الشكل تعلوها جبهة عريضة , كان المخلوقان يقودان بيتي إلى صحنهم الطائر و أثناء سيرها برفقتهم شاهدت بارني وهو يمشي إلى جانبها لكنه لم يجيبها حين نادته , بدا كأنه نائم و أن قوة غامضة تسيره و تتحكم فيه.
قادت المخلوقات بيتي و زوجها إلى داخل الصحن الطائر , هناك كان بانتظارهما المزيد من المخلوقات الفضائية قاموا بفصل الزوجين عن بعضهما و حين اعترضت بيتي على هذا الإجراء خاطبها احد المخلوقات التي سمته "القائد" قائلا بأن عملية فحصهما معا ستستغرق وقتا طويلا , كان المخلوق يتكلم بلغة انكليزية ركيكة وقد واجهت بيتي بعض الصعوبة في التواصل معه. ثم اصطحبها القائد إلى غرفة أخرى و كان معه مخلوق أخر أسمته بيتي "الخبير" لأنه هو الذي قام بفحصها , و قد ميزته عن الآخرين بأسلوبه اللطيف و اخبرها بأن الغاية من الفحص السريع الذي سيجريه لها هو معرفة الفوارق بينهم و بين البشر.
قام المخلوق بإجلاس بيتي على كرسي ثم سلط عليها ضوءا ساطعا. في البداية قام بقص خصلة من شعرها ثم اخذ يفحص عينها و أذنها و فمها و أسنانها و يديها و أخذ عينة من أظافرها و جلدها , ثم جردها من ملابسها و طلب منها التمدد على إحدى الطاولات من اجل أن يجري فحصا لنظامها العصبي و قام بتمرير جهاز صغير يشبه الكاشف فوق جسدها , بعد ذلك اخبرها المخلوق بأنه سيجري لها فحصا للحمل و اخرج ما يشبه الإبرة المعدنية الطويلة وقام بغرزها في سرتها فشعرت بيتي بألم فضيع زال بسرعة بمجرد أن وضع المخلوق يده على جبهتها. ثم اخبرها القائد بأن فحصها قد انتهى و انه سيتم إعادتها مع بارني إلى سيارتهم بعد قليل , لكن مخلوق آخر دخل إلى الغرفة و رطن مع القائد بلغة غير مفهومة فلحق به هذا الأخير إلى الخارج تاركين بيتي لوحدها , و لم يلبثا أن عادا بعد دقائق ليقوم القائد بفحص أسنان بيتي مرة أخرى محاولا عبثا سحبها إلى الخارج و قد بدت عليه علامات الدهشة وتساءل مخاطبا بيتي عن سبب خروج أسنان بارني من فمه فيما أسنانها ثابتة لا تتزحزح فضحكت بيتي و أخبرته بأن أسنان بارني اصطناعية لأن البشر يفقدون أسنانهم بعد تقدمهم بالعمر , لكن المخلوق لم يفهم معنى العمر رغم محاولات بيتي المتكررة في أن تفهمه معنى الشيخوخة و مرور السنين , لقد كان المخلوق عاجزا تماما عن إدراك شيء اسمه الزمن أو الوقت!.
خلال انتظارهما لانتهاء فحص بارني , أخذت بيتي تتحدث مع القائد و طلبت منه أن يمنحها شيء ما لكي تستطيع إثبات حقيقة صعودها إلى الصحن الطائر فسمح القائد لها بأخذ شيء يشبه الكتاب غطته علامات غير مفهومة بدت مثل الكتابة , كما سئلت بيتي القائد عن المكان الذي قدم منه فعرض لها خارطة فلكية لعدد هائل من النجوم و الأجرام السماوية التي كانت هناك خطوط مختلفة تربط بين بعضها , اخبرها القائد بأن هذه الخطوط هي عبارة عن طرق للتجارة و السفر و الاستكشاف بين النجوم , ثم سألها إن كانت تعلم أين موقع الأرض على الخارطة و عندما أجابته بالنفي قال لها انه لا يستطيع أن يخبرها بالمكان الذي أتى منه بسبب جهلها. و يبدو أن بيتي كانت تحب الثرثرة كثيرا لذلك تكلمت بأسم جميع سكان الأرض و قالت للمخلوق بأنهم سيبتهجون كثيرا للتعرف على كائنات من عوالم أخرى و انه سيكون من الجيد أن يعلن هو و قومه عن وجودهم لأهل الأرض.
لم يمض وقت طويل على محادثة بيتي مع القائد حتى أتى عدد من المخلوقات الفضائية مصطحبين معهم بارني الذي بدا مشوشا و خائفا , و عندما أرادت المخلوقات إعادة الزوجان هيل إلى سيارتهم خارج الصحن الطائر , نشب فجأة جدال حاد بينهم فتقدم القائد من بيتي و اخذ منها الكتاب الذي كان قد أعطاه لها , و حين اعترضت بيتي على ذلك اخبرها بأنه لا يمانع شخصيا بأن تأخذ الكتاب و لكن زملائه لا يوافقون على ذلك و يعتقدون بأنه من الأفضل أن لا يتذكر الأرضيون أي شيء عن هذه الليلة.
قامت المخلوقات الفضائية بإعادة الزوجان هيل إلى سيارتهما ثم قفلوا عائدين إلى الطبق الذي سرعان ما ارتفع في الهواء و اختفى في كبد السماء فقام بارني بتشغيل السيارة و انطلق بها.
جلسات التنويم المغناطيسي
كان بارني يتذكر رؤية الجسم الطائر الغريب أثناء عودتهما من سفرة كندا لكنه لم يكن يتذكر أي شيء عن اقتياده مع زوجته إلى داخل الصحن الطائر , و استمر الزوجان لشهور عدة بالتوجه بسيارتهم إلى المنطقة التي شاهدوا فيها الجسم الطائر على أمل أن تستطيع بيتي تذكر الغابة التي تراها دائما في كوابيسها , لكن جهود الزوجين باءت بالفشل , كانت بيتي تعتقد ان كوابيسها حقيقية و أنهم تعرضوا حقا للاختطاف من قبل مخلوقات فضائية فيما كان بارني يشك في ذلك و لم يكن يتذكر أي شيء عن الأحداث التي تشاهدها بيتي في كوابيسها.
في عام 1963 و بعد أن التقيا عدة أشخاص من المهتمين بظاهرة الصحون الطائرة , تلقى الزوجان نصيحة بالاتصال بطبيب نفسي لمعرفة حقيقة الكوابيس التي تداهمهما , و قد اختار الزوجان مراجعة الطبيب بنيامين سايمون , احد أشهر الأطباء النفسيين في مدينة بوسطن. خلال جلسات العلاج الأولية استنتج الطبيب سايمون أن الزوجان هيل قد تعرضا فعلا لحادثة أثرت في ذاكرتهما بشكل كبير بحيث لم يعودا يذكران شيئا عن وقائعها لذلك قرر استعمال العلاج عن طريق التنويم المغناطيسي من اجل استخراج تلك الذكريات التي لا يستطيع الزوجان الوصول إليها في عالم اليقظة , وقام بتنويمهما كل على حدة من اجل مقارنة المعلومات التي يدلي بها كل منهما.
كان بارني متوترا خلال جلسات التنويم و اظهر عواطف متباينة بين الخوف و الغضب , لكنه اخذ يستعيد بالتدريج ذكريات ليلة الحادث , في البداية تذكر كيف فر من الصحن الطائر مذعورا إلى سيارته ثم انطلق بها هاربا بأقصى سرعة , و تذكر الطنين الحاد الذي ارتفع في مؤخرة السيارة فشعر بقوة غامضة تجبره على الخروج عن الطريق العام و الاتجاه إلى داخل الغابة , هناك كان ينتظره ستة أشخاص قصار القامة أمروه بالتوقف , ثم اقترب ثلاثة منهم و أمره احدهم بأن يترجل من السيارة و بأن يغمض عينيه , شعر بارني كأن المخلوق قد استحوذ على إرادته و أن عيناه الكبيرتان قد اقتحمتا رأسه فلم يعد يرى شيء سواهما.
كان وصف بارني للمخلوقات الفضائية مشابها لوصف بيتي باستثناء العيون التي قال بارني أنها كبيرة جدا تصل إلى أطراف الوجوه و تتميز بقوة خارقة تبعث الخوف و الرهبة في النفوس. لكن على العكس من بيتي التي زعمت بأن المخلوقات تكلموا معها باللغة الانكليزية , قال بارني أنه لم يتحدث كثيرا مع المخلوقات , و في المرات القليلة التي تحدثوا فيها معه كانوا يتواصلون معه عن طريق التخاطر عن بعد أي ما يسمى بالـ "تلباثي".
الخارطة الفلكية التي رسمتها بيتي هيل
بعد أن انزلوه من السيارة , قال بارني إن المخلوقات قادته إلى داخل الصحن الطائر ثم أخذوه إلى غرفة منفصلة عن بيتي , هناك قاموا بتجريده من ثيابه ثم أمروه بأن يتمدد على ما يشبه طاولة الاختبار و أحس بجهاز معدني يشبه الكوب يطبق على عضوه الذكري , ورغم انه لم يشعر بأي الم لكنه اعتقد بأن المخلوقات أخذت عينة من سائله المنوي , ثم قاموا بأخذ عينات من جلده و فحصوا أذنه و فمه و ادخلوا أنبوب اسطواني إلى جهازه الهضمي و تفحصوا مفاصله.
حين انتهت المخلوقات من فحصه , قال بارني بأنهم قادوه مرة أخرى إلى سيارته في الخارج بعد أن قاموا بمسح ذاكرته عن طريق التنويم المغناطيسي , هناك انتظر مع بيتي إلى أن حلق الطبق الطائر و اختفى في السماء ثم شغل سيارته و غادر المكان عائدا إلى الطريق العام.بالنسبة إلى جلسات تنويم بيتي , فقد جاء وصفها لحادثة الاختطاف و ما جرى خلالها مطابقا لما كانت تراه في أحلامها و كوابيسها , لكنها تمكنت خلال جلسات التنويم و بمساعدة الطبيب سايمون من رسم بعض النجوم التي كانت قد شاهدتها على الخارطة الفضائية داخل الصحن الطائر وتمكنت أيضا من رسم بعض الخطوط التي كانت توصل بينها و التي اخبرها المخلوق الفضائي بأنها ترمز إلى طرق التجارة و السفر بين النجوم. المثير في الأمر هو إن إحدى المعلمات الأمريكيات من هواة علم الفلك , و اسمها مارجوري فيش , تمكنت عام 1969 من تحديد مواقع النجوم التي رسمتها بيتي وتوصلت إلى استنتاج وافقها عليه الكثير من علماء الفلك و هو إن المكان الذي قدمت منه المخلوقات الفضائية هو نظام ثنائي الشموس اسمه "زيتا راديكولي" يقع على بعد 37 سنة ضوئية من الأرض , و طبقا للعلماء فأن نظام زيتا الشمسي هو أقدم من نظامنا الشمسي بحوالي 1 – 3 مليار سنة و عليه فأنه في حال كانت هناك حياة حقا في نظام زيتا فأنها بالطبع ستكون متفوقة على حضارتنا بملايين السنين.
الطبيب سايمون اقر بأن جلسات التنويم المغناطيسي لا يمكنها أن تفسر جميع الأحداث التي زعم الزوجان هيل بأنهما مرا بها أثناء اختطافهما من قبل المخلوقات الفضائية , لكنه اعتقد بأن ما رواه بارني خلال تلك جلسات ربما لا يكون سوى خيالات استوحاها من أحلام و كوابيس زوجته. لكن بغض النظر عن حقيقة ما رواه الزوجان فأن الطبيب سايمون قال بأنهما كانا يعانيان من مشاكل نفسية نجحت جلسات التنويم المغناطيسي في معالجتها إذ لم تعد الكوابيس المخيفة تراود بيتي أثناء نومها.
ما الذي جرى حقا ؟
كما عودناكم دوما فأننا في هذا الموقع نتحرى الحقائق بعيدا عن الخرافات و الخزعبلات , طبعا هذا لا يعني بأننا نكذب أو نصدق مزاعم الزوجان هيل فذلك أمر متروك لك وحدك عزيزي القارئ , لكننا سنعرض لبعض النظريات و الفرضيات حول القصة :
- إحدى تلك النظريات رأت بأن حادثة الاختطاف المزعومة ما هي إلا تخيلات كان السبب ورائها هو الضغط النفسي الشديد الناتج عن الزواج المختلط بين بارني و بيتي , ففي ذلك الزمان , أي ستينيات القرن المنصرم , لم يكن الزواج بين السود و البيض أمرا مرحبا فيه داخل أمريكا و كان هناك الكثير من الناس يستهجنوه.
لكن هذه النظرية جوبهت بالرفض الكامل من بارني الذي نفى بأن يكون لزواجه من بيتي أي دور في قصة الاختطاف لأن علاقته معها و مع أهلها و أصدقائها كانت جيدة , كما إن الطبيب النفسي سايمون الذي عالج الزوجين استبعد أن يكون لزواجهما المختلط أي دور في قصة الاختطاف.
- نظرية أخرى زعمت ان جلسات العلاج بالتنويم المغناطيسي (1) أدت إلى دمج الحقيقة بالخيال , خاصة فيما يخص بارني , فهذه النظرية تؤيد آراء بعض العلماء في إن المعلومات المستقاة عن طريق التنويم غير جديرة بالثقة.
- هناك تحليل آخر للقضية نشر خلال التسعينات و نال استحسان عدد من الباحثين , طبقا لهذا التحليل فأن حادثة اختطاف الزوجان هيل لم تكن سوى خيالات و هلوسات حدثت تحت تأثير مسلسل تلفزيوني خيالي كان يعرض على شاشات التلفزيون عام 1961 , كان ذلك المسلسل يتحدث عن مخلوقات فضائية لها عيون واسعة تستطيع التحكم و السيطرة بواسطتها , أي بالضبط مثل الوصف الذي أعطاه بارني للمخلوقات الفضائية.
لكن في المقابل فأن بيتي التي كانت لاتزال حية حين نشر هذا التحليل ونفت تماما أن تكون هي أو زوجها قد شاهدوا أي من حلقات ذلك المسلسل.
- هناك أيضا من يعتقد بأن ما شاهده الزوجان هيل على الطريق في الليل لم يكن في الحقيقة سوى ضوء وامض منصوب على بناية فوق قمة احد الجبال المحاذية للطريق الذي كان الزوجان هيل يقودان سيارتهما فيه أثناء تعرضهما للاختطاف , و بحسب هذه النظرية فأن الإرهاق و النعاس التي سببتها قيادة السيارة لفترة طويلة كانت هي السبب الرئيسي لتخيلات الزوجان هيل و أن جلسات العلاج المغناطيسي ساهمت في إضافة المزيد من التفاصيل لهذه الخيالات.
هناك طبعا آراء و نظريات أخرى وضعها المشككين حول قصة الزوجان هيل قد يطول التطرق إلى جميعها لكن بعضها يتطرق إلى جوانب ضعيفة في القصة نفسها مثل حيرة المخلوقات الفضائية حول أسنان بارني , فهل يعقل أن مخلوقات على هذه الدرجة من التطور بحيث تسافر بين النجوم تكون بهذه السذاجة فلا تستطيع تمييز طقم أسنان اصطناعي مما جعل بيتي تضحك و تسخر منهم!.
في مقابل نظريات و آراء المشككين فأن المصدقين و المؤيدين للقصة كان لديهم أدلتهم أيضا و التي لم يستطع حتى المشككين إيجاد تفسير منطقي لبعضها.
- فمثلا البقع الوردية التي اكتشفتها بيتي على ثوبها الذي كانت ترتديه يوم الحادث تم تحليلها في خمسة مختبرات في الولايات المتحدة و لم يستطع أي منها معرفة طبيعة المادة التي سببت هذه البقع.
- في عام 1962 ظهرت التهابات جلدية على أفخاذ بيتي أثارت دهشة الأطباء , كانت ذات أشكال مدورة تماما و لم يتمكنوا من إزالتها إلا بالعمليات الجراحية.
- الخارطة الفلكية التي رسمتها بيتي أثناء جلسات العلاج المغناطيسي أظهرت نجوما لم يكن العلماء يعرفون أي شيء عنها حتى صدر أطلس فضائي جديد عام 1969 حدد مواقعها بدقة , فكيف لامرأة مثل بيتي لا تعرف شيئا عن علم الفلك أن ترسم نجوما قبل أن يكتشفها العلماء بعدة سنوات!.
- لم يكن الزوجان هيل من طلاب الشهرة بل حاولا قدر الإمكان تفادي الإعلام لذلك لا يوجد أي سبب منطقي يدفعهما لأختلاق حادثة الاختطاف.
وهناك كما أسلفنا آراء أخرى تفند و تؤيد القصة , فقد تم خلال العقود المنصرمة تأليف العديد من الكتب حول الحادثة و نشرت عنها عشرات المقالات في الجرائد و المجلات. لكن بالطبع لا يعلم سوى الله حقيقة ما جرى للزوجان هيل عام 1961.
بالنسبة للزوجان هيل فقد أصرا على حقيقة قصتهما حتى النهاية , بارني توفي عام 1969 اثر إصابته بنزيف داخلي , و بيتي عاشت حتى عام 2004 حيث توفت بالسرطان و تم وضع مقتنياتها و صورها في احد متاحف ولاية نيوهامبشاير الأمريكية
للمزيد حول هذه القصة ما عليك عزيزي القارئ سوى كتابة (Hill abduction ) في أي محرك بحث.
1- لمعلوماتك عزيزي القارئ فأن ما تشاهده عادة حول التنويم المغناطيسي على شاشة التلفزيون هو بعيد كل البعد عن الحقيقة , خصوصا تلك المشاهد التي يظهر فيها المنوم المغناطيسي كأنه يسيطر تماما على عقل الشخص الخاضع للتنويم بحيث يأمره بفعل أي شيء , كأن يجعله ينبح أو يتجرد من ملابسه .. الخ , فعلى ارض الواقع لا وجود لهكذا قدرات واغلب هذه المشاهد تتم فبركتها عن طريق الاتفاق مع أشخاص معينين ليندسوا بين الجمهور ثم يقوم المنوم باختيارهم ليبدو الأمر كأنه اختيار عشوائي. وهناك اليوم الكثير من الأطباء النفسيين يجادلون حول بفائدة التنويم المغناطيسي كوسيلة علاجية إلا في حالات معينة.