العين ليست قاصرة على الحاسدين ، فقد يعين الرجل الصالح إذا أعجبه شيء ولم يبرك من حيث لا يشعر ، قد يعين نفسه ، أو ولده ، أو ماله ، أو غيرهم .
قال ابن القيم : " وقد يعين الرجل نفسه ، وقد يعين بغير إرادته " .
وقال القرطبي : " إن الرجل الصالح قد يكون عائناً ، وأن هذا ليس من باب الصلاح ولا من باب الفسق في شيء " .
ولكن أغلب ضرر العائنين يأتي من الحاسدين الحاقدين ، وإليك هذه النماذج من الصالحين وغيرهم :
1) عامر بين ربيعة عان سهل بن حُنيف حتى سقط إلى الأرض رضي الله عنهما ، وقد مر .
2) سعد بن أبي وقاص عانته امرأة عندما خرج يوماً وهو أمير الكوفة ، فنظرت إليه امرأة فقالت : إن أميركم هذا لأهضم الكشحين ، فرجع إلى منزله فوعك ، ثم إنه بلغه ما قالت ، فأرسل إليها ، فغسلت له أطرافها ثم اغتسل به فذهب ذلك عنه .. ( والكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف ، وهو من لدن السرة إلى المتن وهو موقع السيف من المتقلد ، واهضم الكشحين أي دقيق الخصرين ) .
3) من العائنين المشهورين هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي ، فقد عان سالم بن عبدالله بن عمر ، حكي المدائني عن الأصمعي قال : حج هشام بن عبد الملك فأتى المدينة ، فدخل عليه سالم بن عبدالله بن عمر ، فلما خرج من عنده قال هشام : ما رأيت أبن سبعين أحسن كدنة منه !! فلما صار سالم في منزله حُمّ ، فقال : أترون أن الأحول لقعني بعينه ؟ .. فما خرج هشام من المدينة حتى صلى عليه .
4) وذكر القاضي حسين من الشافعية أن نبياً من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام استكثر قومه ذات يوم فأمات الله تعالى منهم مائة ألف في ليلة واحدة ، فلما أصبح شكا إلى الله ذلك ، فقال الله تعالى له : إنك لما استكثرتهم عنتهم فهلا حصنتهم ؟
5) وقال الدميري في حياة الحيوان له : رأيت بخط بعض العلماء المتقدمين من المبرزين أنه كان بخرسان رجل عائن ، فجلس يوماً إلى جماعة فمر بهم قطار جمال ، فقال العائن من أي جمل تريدون أن أطعمكم من لحمه ؟ فأشاروا إلى جمل من أحسنها ، فنظر إليه العائن فوقع الجمل لساعته .
6) وروى ابن عبد البر بسنده إلى سحيم بن نوفل قال : كنا عند عبدالله نعرض المصاحف فجاءت جارية اعرابية إلى رجل منا فقالت : إن فلاناً قد لقع مهرك بعينه فهو يدور في فلك ، لا يأكل ولا يشرب ولا يبول ولا يروث ، فالتمس له راقياً ، فقال عبدالله : لا تلتمس له راقياً ، ولكن ائته فانفخ في منخره الأيمن أربعاً ، وفي الأيسر ثلاثاً ، وقل : لا بأس ، أذهب البأس رب الناس ، اشف أنت الشافي ، لا يكشف الضر إلا أنت ، فقام الرجل فانطلق ، فما رحنا حتى رجع فقال لعبدالله : الذي أمرتني به ، فما رحت حتى أكل وشرب وبال وراث ..
7) وقال ابن عبد البر : روينا عن الأصمعي أنه قال : رأيت رجلاً عيوناً ، سمع بقرة تحلب فأعجبه صوت شخبها ، فقال : أيتهن هذه ؟ قالوا : الفلانية ، لبقرة أخرى يورُّون عنها ، فهلكتا جميعاً ، المورّى بها والمروّى عنها .. وقال الأصمعي : وسمعته يقول : إذا رأيت الشيء يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني .
وقال الأصمعي : وكان عندنا رجلان يعينان الناس ، فمر أحدهما بحوض من حجارة ، فقال : تالله ما رأيت كاليوم قط ، فطار الحوض فرقتين ، فأخذه أهله فصبوه بالحديد ، فمر عليه ثانية ، فقال : وأبيك لعل ما أضررت أهلك فيك ، فتطاير أربع فرق .
9) قال : وأما الاخر فسمع صوت بول من وراء حائط ، فقال : إنه لبن الشخب ، فقالوا : إنه فلان ، ابنك .. فقال : وانقطاع ظهراه ، قالوا : إنه لا بأس عليه ، قال : لا يبول بعدها أبداً .. فما بال حتى مات .
منقول...