وصية النبي ﷺ بكتاب الله وأهل بيته . وصايا الانبياء
ومن الأحاديث ما رواه زيد بن أرقم قال: (قام فينا رسول الله ﷺ خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر)، وكانت خطب النبي ﷺ كلها مواعظ، فقد كان يعظ المؤمنين ويذكرهم بالله سبحانه وتعالى ويعلمهم.
ثم قال ﷺ : (أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب)، وهذا فيه التذكير بالموت، وقد قال له ربه سبحانه: ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) [الزمر:30]، وقال له سبحانه وتعالى وللمؤمنين: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران:144].
فأخبر عن نبيه ﷺ أنه ميت كما أنهم ميتون، وأخبرهم النبي ﷺ أنكم تزعمون أني آخركم موتاً بل سأموت قبلكم عليه الصلاة والسلام، ومات قبلهم صلوات الله وسلامه عليه، وهذه من معجزاته عليه الصلاة والسلام أن يخبر بأمر غيبي أخبره به الله عز وجل فكان على ما أخبر به عليه الصلاة والسلام.
وطالما أنه ميت عليه الصلاة والسلام فكان يوصيهم بذلك، وكان من المواعظ ما يذكره أصحابه رضوان الله عليهم فقد قالوا: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، (قلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا).
فالصحابة كانوا يفهمون من مواعظ النبي ﷺ أنه قد اقترب أجله عليه الصلاة والسلام فكان يعظهم ويذكرهم عليه الصلاة والسلام، إني مفارق لكم فاحذروا أن تفرطوا واحذروا أن تضيعوا قد تركت فيكم الثقلين، قال: (إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، كتاب الله وأوصيكم بأهل بيتي)، وكتاب الله يأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته عليه الصلاة والسلام، فهو وصى بالشريعة التي هي: كتاب وسنة، وأيضاً: وصى بأهل بيته، أي: لا تظلموهم ولا تبخسوهم حقوقهم، فلعل الناس يجاملونه في حياته صلى الله عليه وسلم، فإذا توفي نسي الناس أهل بيته وأزواجه صلى الله عليه وسلم، فيذكرهم أن يتقوا الله فيهم.
فعرف الصحابة قدرهم وعرفوا قدر نساء النبي ﷺ ، فكانوا يذهبون إلى نساء النبي ﷺ ويتعلمون منهن ما كان من سنة النبي ﷺ في بيته وغير ذلك من أحكام هذه الشريعة.
فالنبي ﷺ وصى بالقرآن يعني: بشرع الله الذي هو: كتاب وسنة، ووصى الناس بأهل بيته ألا يظلموهم، قال ﷺ : (كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به)، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: (وأهل بيتي) يعني: أذكركم بأهل بيتي فلا تظلموا أهل بيتي، والغرض من الحديث أنه وصى صلوات الله وسلامه عليه الناس بكتاب الله وبأهل بيته عليه الصلاة والسلام .