الحسد بين الهدى النبوى و العلم الحديث | الحسد | العين
الحسد بين الهدي النبوي والعلم الحديث ؟؟؟
الأستاذ الدكتور / خمساوي أحمد الخمساوي ...
لا شك أن الحسد موضوع متشعب الجوانب متداخل الأطراف فله لدى العامة مع اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية مفهوم يختلف عن مفهومه عند علماء النفس والدين وعلماء اللغة ومن جانب آخر يتداخل مفهوم الحسد بين عالم الغيبيات الميتافيزيقية وبين العالم المحسوس والتجربة الشخصية عفوية كانت أم علمية، هو من جانب ثالث ينطبع في ذهن رجال العلوم الطبيعية والحيوية والطبية بخلاف ما ينطبع في ذهن علماء الدين أو علماء النفس والاجتماع.
وتطلق كلمة الحسد على ثلاثة مفاهيم مختلفة قد تبدو واضحة الاختلاف عند البعض وقد تتداخل عند الآخرين وقد نخلط بينها في كثير من الأحيان مع علمنا الأكيد باختلافها.
وهذه المفاهيم هي:
1ـ الغبطة أو المنافسة،وهي شعور بنعمة المغبوط وتعظيمها وتمني أن يكون للغابط المتنافس مثل هذه النعمة، وهذا المفهوم هو أقل المفاهيم ارتباطاً بلفظ الحسد، إلا أن لفظ الحسد قد يطلق عليه لغة أو على سبيل المجاز، كما في الحديث الشريف: ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق). أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود.
وقول السيدة عائشة رضي الله عنها: ( ما حسدت أحداً، ما حسدت خديجة، وما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن ماتت ).
والحسد بهذا المعنى غير مذموم بل مطلوب في بعض الأحيان. خاصة كلما عظمت النعمة المغبوطة وهو إن صدر من شخص دل على اعترافه بفضل المغبوط وإثبات أحقيته في النعمة المرزوق بها، كما هو واضح من معنى الحديثين السابقين، وكما يتضح ذلك من حديث مالك بن مرشد، عن أبيه، عن أبي ذر قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة وأصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى بن مريم عليه السلام، فقال عمر بن الخطاب ( كالحاسد ) يا رسول الله! أفنعرف ذلك له، قال: ( نعم فاعرفوه له ) ( حديث حسن ).
وقوله كالحاسد، أي: الغابط السعيد الذي يريد أن يؤكد ويثبت بسؤاله هذا حق أبي ضر رضي الله عنه بهذه الصفة وإثبات الفصل له بها.
2ـ الحسد البغيض وهو تمني زوال النعمة من المحسود وهو خليقة سيئة مذمومة ورد العديد من النصوص القرآنية والنبوية في ذمها والنهي عنها.
3ـ العين أو النظرة وهي إصابة الأشياء وخاصة جسد الإنسان بعين الحاسد أو نظره وهذا المفهوم شاع بين الناس باسم الحسد أيضاً إذ يغلب على صاحب القدرة على الإصابة بالعين أن يكون حاسداً لكن لم يرد نص قرآني، ولا نبوي صحيح يطل اسم الحسد على هذا المفهوم.
فأما المفهوم الأول فلا خلاف على أنه لا ضرر منه ولا كراهية فيه ولا يدخل ضمن حديثنا اليوم، وأما المفهومين ( الثاني والثالث ) فنود أن نفرق بينهما تفرقة واضحة قبل أن نبدأ موضوع محاضرتنا.
الفرق بين الحسد والعين:
لم يرد في القرآن الكريم لفظ العين أو غيره بدلالة صريحة على إصابة الأشياء وخاصة حسد الإنسان بنظرة أو عين الحاسد، لكن ورد لفظ الحسد ومادته في القرآن الكريم 5 مرات في أربع سورة هي: البقرة والنساء والفتح والفلق. كما يلي:
(من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق )[البقرة: 109].
(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً)[النساء: 54].
(سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً)[الفتح: 15].
(ومن شر حاسد إذا حسد)[الفلق: 5].
ويتضح من معانيها أن الحسد الوارد فيها يقصد به ذلك الخُلق السيئ بتمني زوال النعمة من المحسود دون القدرة على أن يكون للحسد قوة في ذاته تؤثر على المحسود وتصيبه بالضرر، إلا أن آية سورة الفلق ربما أوحت في ظاهرها أن الحسد شر يستعاذ بالله منه كما يستعاذ بالغاسق إذا وقب وبالنفاثات في العقد إلا أن المدقق في الألفاظ يجد أن المستعاذ منه في الآية إنما هو الحاسد وليس الحسد، لأن الحاسد إذا حسد وامتلأ قلبه بالحقد وتمنى زوال النعمة من المحسود قد يسعى في أذيته بنفسه فيضربه أو يحرق ماله أو يسرقه أو يقتله، فيكون هنا الحسد سبباً في ضرر غير مباشر يصدر عن الحاسد بشخصه وأفعاله المادية لا مجرد أمنيته زوال النعمة.
وقد جاءت تلك المعاني واضحة في أكثر من موضع بالقرآن الكريم وضح فيها أن الضرر الذي يصدر عن خليقة الحسد يصدر من تصرفات الحاسد المادية المتحركة بها إرادته، ومن ذلك حسد أولاد يعقوب لأخيهم يوسف فألقوه في الجب بأيديهم، ولم يقع وحده بتأثير الحسد ومن ذلك حسد أحد ابني آدم لأخيه فقتله ضرباً بالحجر ولم يقتل بفعل الحسد في نفس أخيه من يضربه بالحجر.
أما في الحديث الشريف فقد جاء كل من المفهومين ( الثاني والثالث ) واضحين وأطلق على كل منهما لفظ مستقل فلم يحدث خلط بينهما في أي حديث صحيح.
فجاء لفظ الحسد يقصد به ذلك الخلق السيئ في زوال نعمة المحسود في أحاديث عديدة، منها على سبيل المثال:
( إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب )رواه أبو داود عن أبي هريرة، وابن ماجة عن أنس بن مالك.
( ثلاثة لا ينجو منهن أحد وقلّ من ينجو منهن: الظن والطيرة والحسد )ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة.
( دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة أما إني لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على ما تتحابون به؟ أفشوا السلام بينكم ). أخرجه الترمذي عن الزبير بن العوام.
وجاء لفظ ( العين ) يقصد به ذلك الأثر الذي يتعدى للمنظور ويسبب له الضرر وذلك على النحو التالي:
( العين حق )أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين وأبو داود والنسائي والإمام أحمد في المسند، عن أبي هريرة رضي الله عنه. رواه ابن ماجة عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه. وقال السيوطي: حديث صحيح.
( العين حق تستنزل الحالق )أخرجه الإمام أحمد في المسند والطبراني والحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنه. وقال السيوطي: حديث صحيح.
( العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغتسلوا )أخرجه الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في المسند، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال السيوطي: حديث صحيح.
(إن العين حق ـ ونهي عن الوشم) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه.
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين) أخرجه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها. وقال الشيخ عبد القادر: إسناده حسن.
وفيما يلي مقارنة بين الحسد والعين!!!
الحسد...
العين ( النظرة )
1ـ هو شعور نفسي يتمنى فيه الحاسد زوال النعمة من المحسود كراهية فيه.
2ـ الحسد شعور داخلي يمكن أن يوجد في جميع الأشخاص تبعاً للمواقف المختلفة.
3ـ الحسد شعور أخلاقي يمكن مقاومته بالإرادة وحسن الخلق.
4ـ الحسد يتم بمجرد حدوث علم الحاسد بنعمة المحسود سواء بالرؤية أو السماع أو الحساب أو التفكر أو القراءة أو غيرها.
5ـ الحسد لا يؤثر على المحسود بل هو يؤثر بالسوء على الحاسد إلا إذا ترتب على الحسد سعي الحاسد في إضرار المحسود منطلقاً من الكراهية المتولدة عن الحسد فيقع هنا الضرر من سعي الحاسد بالأسباب، كأن يحرق له بيته أو ينم عنه أو يشيع الإشاعات أو غير ذلك.
6 - لا يتفاوت مقدار الحسد من شخص إلى شخص ولكن يتفاوت بمقدار علاقة الحاسد بالمحسود.
هي شعور نفسي يتمنى فيها الناظر زوال النعمة من المنظور لاستكثارها عليه.
النظرة حالة توجد عند البعض ولا توجد عند الآخرين وعدد الذين توجد عندهم قلة.
النظرة حالة شبه حيوية يصعب مقاومتها بالإرادة ولكن لها أسلوب آخر في طريقة التقليل من أثرها.
النظرة لا تتم إلا برؤية الناظر للشيء أو الشخص المنظور.
النظرة تؤثر على المنظور تأثيراً سيئاً وتسبب له أضراراً.
تتفاوت قدرة الأشخاص في إحداث النظرة، والشديد منهم شديد مع جميع المنظورين، والضعيف ضعيف مع الكل.
وليس بغائب على العامة، أو الخاصة، أن هناك فرقاً كبيراً واضحاً بين مفهوم الحسد ومفهوم العين أو النظرة، لولا أننا قد نلاحظ في أحيان كثيرة أن العين التي تصيب إنما تصدر عن حاسد يتمنى زوال نعمة المحسود، وإن كان ذلك التوافق ليس مطلقاً، فقد يتحقق في بعض الأحيان وقد لا يتحقق في أحيان أخرى، فالكثير منا يعرف أن الشخص ( ذكر أو أنثى ) قد يصيب بالعين ماله وولده وأعز الناس عنده، بل قد يصيب بها نفسه، حتى شاع المثل القائل (ما يحسد المال إلا أصحابه)، فبمجرد انفعال العائن بالنعمة لدى غيره واستكثارها فهالته النعمة ونفذ أثرها في نفسه وكان من ذوي القدرة على العين عان ولو كانت النعمة ملكه لكن الحسد لا يكون مطلقاً إلا لنعمة في يد الغير مصحوب بالحقد والكراهية لهذا الغير.
ونخلص من ذلك:إلى أن الحسد شر لأنه خلق سيء، لكن شره يتمثل في تحريك نوازع الحقد عند الحاسد الذي قد يتحول إلى عدو للمحسود يسعى في أذيته لكن الحسد ذاته لا ضرر منه ينتقل إلى المحسود فيصيبه كما تصيب العين لكل للعين قوة مؤثرة تنبع من العائن وتصيب المعين فتسبب له أضراراً متفاوتة، وقد جاء هذا واضحاً في حديث شريف جمع بينهما في اللفظ:
روى البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه جبريل قال: ( باسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين ). وقد دل ذلك الحديث في دقة بالغة على أن الشر يأتي من الحاسد إذا حسدك على نعمة، ويأتي من ذي العين، وهو شخص مختلف قد يكون حاسداً وقد يكون غير حاسد، وتعني كلمة ( ذي ) اختصاصية فليس كل إنسان قادراً على الإصابة بالعين ما لم تتوفر له خاصية معينة سنوضحها في سياق حديثنا هنا تجعله ( ذي عين ).
وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا حسد والعين حق ).
وقرن الحديث بين الحسد والعين، وضم الحسد إلى مجموعة من المفاهيم الخاطئة التي ظن الناس أن لها علاقة مباشرة في ذاتها بإحداث الأضرار من غير الأسباب المعلومة كالعدوى وهو لفظ كان يطلق على تصور انتقال العلة من المريض بمجرد رؤيته للصحيح وإن ثبت الآن إمكان انتقال بعض الأمراض من المريض إلى السليم بالملامسة أو الرزاز أو الحشرات أو غيرها فيما نسميه الآن اصطلاحاً العدوى، فهذا أمر مختلف عن المفهوم الذي كان الناس قديماً يتصورونه عن العدوى النابع من تخيل خاطىء لا أساس له هو انتقال المرض ( كل الأمراض ) بنظر السليم في المريض أو نظر المريض في السليم، ( والطيرة ) تصور حدوث ضرر للشخص إذا رأى في سفره أو عند الشروع فيه طائراً معيناً أو إشارة معينة و( الهامة ) تصور خاطىء من الناس أن المقتول تحل في مكان مقتله روح شريرة من الشياطين تبحث عن قاتله وتؤذي كل من تقابله من الناس، واثبت الحديث الشريف أن كل هذه المفاهيم ليست صحيحة وأنه ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا حسد )، والحديث أشار إلى العين وهي من جنس الأشياء التي شملتها المفاهيم الأربعة الأولى، والتي كان لدى الناس عنها تصوراً مماثلاً لتصورهم للعدوى والطيرة والهامة والحسد لكن لم ينفها كما نفى هذه المفاهيم وإنما أثبتها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( العين حق ).
وموضوعنا الذي سوف نتناوله يتعلق بالعين التي أثبتها النص النبوي بشكل قاطع، ولن نتطرق إلى مطلق الحسد الذي هو خلق سيء بمجرد تمني زوال النعمة.
نخلص في موضوع العين من استعراض النصوص النبوية الشريفة بأنها أشارت إلى الحقائق التالية:
1ـ إن العين ( بمعناها الذي تفهمه العامة والخاصة ) بتأثيرها الذي يشك فيه البعض ويؤيده الآخرون، حق أي إن لها هذا التأثير الملحوظ وليست وهماً كما هو الحال في الحسد والهامة والطيرة.
2ـ إن الأذى الذي يصيب الشخص المضرور يتم بالمعاينة.
3ـ إنه لكي نخفف من أثرها بعد حدوثها فليغتسل العائن أو يتوضأ بالماء ثم يغتسل المعين بذلك الماء.
والسؤال الآن: ما هو موقف العلم الحديث من هذه الحقائق الشرعية الثلاث التي ثبتت بالحديث النبوي الشريف من قول سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ( الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) وقد كان ثبوتها بالسنة النبوية قاطعاً قطعاً باتاً وورد بطرق عديدة متساندة متصلة السند، مما يجعلها تصل إلى حد التواتر.
موقف العلم الحديث:
قبل أن نستطرد في حديثنا عن موقف العلم الحديث من الحقائق الشرعية نقف وقفة قصيرة نستعيد في أذهاننا نطاقات الوجود التي يعمل فيها العلم التجريبي الحديث لنخرج منها إلى موقفه من قضية ( العين ).
اتفقت رؤية العلماء على تميز أربعة نطاقات للوجود متميزة تمام التميز، متداخلة تمام التداخل، هي الطاقة والمادة والحياة والنفس.
وقد خصص الفكر الإنساني لكل منها علماً يقوم بفروعه المختلفة على البحث في كل نطاق، فكان علم الفيزياء للبحث في الطاقة وعلم الكيمياء للبحث في المادة وعلم الأحياء للبحث في الحياة، وعلم النفس للبحث في النفس: ثم أدرك العقل البشري ومن ثم العلم التجريبي أن هناك مناطق تداخل ومعابر دخول وخروج بين هذه النطاقات الأربعة خصص لكل معبر منها علماً يبحث فيها وجاء اكتشاف هذه المعابر بأزمنة متدرجة مع تدرج هذه النطاقات لتبدأ بالعلم المعني بمعبر الطاقة والمادة والمسمّى الكيمياء الفيزيقية(Physiochemistry)ثم المعنى بمعبر المادة والحياة والمسمى بالكيمياء الحيوية ثم المعنى بمعبر الحياة والنفس والمسمى علم النفس العصبي أو علم الأعصاب.
ولو تأملنا هذه النطاقات لوجدنا أنها تبدأ في نطاق الطاقة بسيطة غير متراكمة، دقيقة غير مجسمة، موحدة غير متشاكلة، ثم تتراكب وتتشاكل إلى أن تكاد تكون جسماً في الفوتون لتقرب من نطاق المادة التي تبدأ بسيطة غير متراكمة موحدة غير متشاكلة في الإلكترون، ثم تتراكب وتتشاكل فتكون الذرة، ثم تتراكب وتتشاكل فتكون الجزيء الذي يكبر ويتعقد إلى أن يصل إلى أقصى تعقيده في جزيء البروتين، فإذا به يقترب من نطاق الحياة، فالبروتوبلازم مادة الحياة التي تشاكل جزيئات البروتين، فإذا بدأت الحياة بدأت بخلية واحدة ( بروتوبلازم )، بسيطة غير متراكبة ولا متشاكلة، ثم دب فيها التركيب والتشكيل لتصل إلى قمة تعقيدها في الخلية العصبية التي تشكل قمة تشكلها في المخ البشري، فإذا بنا نقترب من نطاق العقل والنفس.
ونلاحظ هنا أن التدرج من التعقيد مطرد سواء في النطاق الواحد أو بين النطاقات، وفجأة وعلى قمة التعقيد المطر ينبع العقل والنفس بلا مادة مرة أخرى وكأنهما طاقة لا مادة لها، مما دعى العلماء في منتصف هذا القرن العشرين لأن يتصوروا أن نطاقات الوجود دائرية ليس لها بداية ولا نهاية. وأنه لا بد وأن يكون بين النفس والطاقة أول النطاقات وآخرها علاقة ومعابر على تصور أن هذه النطاقات متجاورة في شكل دائري وتكون النفس لصيقة بالطاقة كما هي لصيقة بالحياة، وبالفعل نشأ في الربع الأخير من هذا القرن علم جديد يبحث في المعبر بين الطاقة والنفس سمي سيكوترونكس(Psychotronics).