مسألة الاشتراك بين الإنس والجن فى المولود فهذا أمر إن غاب دليله نقلاً ـ رغم ورود أحاديث ضعيفة ـ فإنه لايستحيل عقلاً وقد ورد فى بعض التفاسير بعض من هذا وإن كان تفتقر إلى دليل صحيح :
ثم قال: ( إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ) ، قال الحسن البصري : وهي بلقيس بنت شَرَاحيل ملكة سبأ.
وقال قتادة : كانت أمها جنية، وكان مُؤخَّر قدميها مثل حافر الدابة، من بيت مملكة .
وقال زهير بن محمد : وهي بلقيس بنت شَرَاحيل بن مالك بن الريان، وأمها فارعة الجنية .
وفى قوله تعالى : { وشاركهم في الأموال والأولاد }
هناك قول خامس روي عن مجاهد قال : إذا جامع الرجل ولم يسمِّ انطوى الجان على إحليله فجامع معه فذلك قوله تعالى : { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان }
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
{ وشاركهم في الأموال والأولاد } وذلك شامل لكل معصية تعلَّقت بأموالهم وأولادهم ، من منع الزكاة والكفارات والحقوق الواجبة ، وعدم تأديب الأولاد وتربيتهم على الخير وترك الشر ، وأخذ الأموال بغير حقِّها ، أو وضعها بغير حقِّها ، أو استعمال المكاسب الرديَّة .
بل ذكر كثير من المفسرين أنه يدخل في مشاركة الشيطان في الأموال والأولاد : ترك التسمية عند الطعام والشراب والجماع ، وأنه إذا لم يسمِّ الله في ذلك شارك فيه الشيطان كما ورد في الحديث .
" تيسير الكريم الرحمن " ( ص 414 ) .
قال الفخر الرازي : ( ما الفائدة في ذكر الجان ، مع أن الجان لا يجامع ؟ فنقول : ليس كذلك ، بل الجن لهم أولاد وذريات ، وإنما الخلاف في أنهم : هل يواقعون الإنس أم لا ؟ والمشهور أنهم يواقعون ، وإلا لما كان في الجنة أحساب ولا أنساب ، فكان مواقعة الإنس إياهن كمواقعة الجن من حيث الإشارة إلى نفيها ) ( التفسير الكبير – 29 / 130 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
حيث قال : ( وقد يتناكح الإنس والجن ويُولد بينهما ولد وهذا كثير معروف )
( مجموع الفتاوى - 19 / 39 )
ركز على قوله " كثير معروف "
وليراجع الإخوة المنكرون ـ غير مأمورين ـ مسألة امكانية زواج الإنس من الجن ليقفوا على أن المسالة خلافية من ناحية شرعية ممكنة الحدوث عقلاً
إذاً فى المسألة نزاعان :
الأول : امكانية زواج الإنس بالجن
الثانية : امكانية وقوع الولد بينهما
كلا المسألتين ممكنة الوقوع قال بهذا جبال من أهل العلم وعلى رأسهم شيخ الإسلام :
قال تقي الدين ابن تيمية :
"وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد، وهذا كثير معروف ".
" الفتاوى"( 39/19) (إيضاح الدلالة في عموم الرسالة- ص: 125- مجموعة الرسائل المنيرية)
كلمة : كثير معروف لاتخرج عبطاً من رجل العلماء عالة عليه وعلى فقهه !!
فلو تشكل جنى فى صورة انسى وجامع امرأة وأنزل فهل يكون بينهما ولد ؟
الجواب : نعم .. وماالمانع ؟
يقول ابن جبرين عليه رحمة الله : ( ... وقد ذكر التناكح بين الإنس والجن بحيث أن الجن يظهرون بصورة بشر ويكلمون الإنسي الذي يعشقونه ثم يعقدون له عقدا شرعيا على امرأة منهم ، ويدلونه على كيفية الحصول عليها بندائها أو ضرب موضع معين بيده أو بعصا ونحوها ، فتخرج له متمثلة في صورة امرأة من الإنس فيباشرها كما يباشر زوجته من البشر ، ويجد لذلك لذة محسوسة ، ويحصل منه الإنزال المعروف ، ولا أدري هل يحصل التوالد أم لا ، وهذا ما حكاه لنا من نثق به ، ولكن ذلك نادر ، وهكذا قد يخطفون الأنثى من البشر وتغيب عندهم ويفتقدها أهلها وتتزوج منهم ويباشرها كما يباشر الرجل امرأته وهكذا ، وقد حكى بعض النساء أنها تبتلى بشخص من الجن يكلمها ويخلو بها ويجامعها قهراً كزوجها ولا يراه غيرها بحيث يختفي متى كان هناك أحد من أهل البيت ، ولا شك أنه متى حصل الوطء المعروف من الرجل لامرأة من الجن أو وطئ رجل منهم المرأة من الإنس حصلت الجنابة ووجب الغسل لوجود سببين وهو الإيلاج الحقيقي والإنزال والله أعلم ) ( القول المبين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين )
ابن جبرين ينقل عمن يثق فيه .. وينقل عما تواتر من أمر الناس مع الجن .. لذلك قال شيخ الإسلام " كثير معروف "
بل أزيدك من بستان علم ابن تيمية زهرة :
قال ابن النجار الفتوحي رحمه الله :
( قال في الفروع : وقال شيخنا (ابن تيمية) : ليس الجن كالإنس في الحد والحقيقة. فلا يكون ما أمروا به وما نهوا عنه مساوياً لما على الإنس في الحد والحقيقة. لكنهم مشاركوهم في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل والتحريم ، بلا نزاع أعلمه بين العلماء . فقد يدل ذلك على جواز مناكحتهم وغيرها . وقد يقتضيه إطلاق أصحابنا. )
والله تعالى أعلى وأعلم !!
أبو همام الراقى