وفد الصحابي تميم بن أوس الداري مرة ثانية إلى المدينة المنورة في عام الوفود 9هـ/ 630م على رأس وفد موسع من وجهاء الداريين وكان قد أحضره بعد غزوة تبوك وكانوا محملين بالهدايا وبايعوا على الإسلام وقد ذكر هذا الوفد في كتب التاريخ باسم وفد الداريين. وقد أهدى الصحابي تميم الداري رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا أصيلا يدعى الورد فأعطاه إلى عمر بن الخطاب. وفي تلك الزيارة طلب الصحابي تميم الداري من النبي أن يوثق للداريين كتاب الإنطاء الذي أعطاه لهم في مكة في أثناء الزيارة السابفة فأجابهم إلى ذلك وأعطاهم كتابا اخر في المدينة المنورة.
أعضاء الوفد
تميم بن أوس الداري - رئيس الوفد.
نعيم بن أوس الداري.
يزيد بن قيس الداري.
الفاكه بن نعمان بن جبلة الداري.
جبلة بن مالك الداري.
أبو هند بن بر الداري- أخو تميم من أمه.
الطيب بن بر الداري.
هانئ بن حبيب الداري.
عزيز بن مالك بن سواد الداري.
مرة بن مالك بن سواد الداري.
كتاب الإنطاء
والاصل فيه ما روي ان النبي صلى الله عليه وسلم اقطع تميماً الداري ارضاً بالشام وكتب له بها كتاباً.
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في (تاريخ دمشق) فيه طرقاً مختلفة فروى بسنده إلى زياد بن فائد عن ابيه فائد عن زياد بن ابي هند عن ابي هند الداري انه قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ونحن ستة نفر: تميم بن اوس ونعيم بن اوس اخوه ويزيد بن قيس وابو هند بن عبد الله وهو صاحب الحديث واخوه الطيب بن عبد الله كان اسمه برا فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن وفاكه بن النعمان فاسلمنا وسالنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يقطعنا ارضاً من أرض الشام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سلوا حيث شئتم ".
فقال تميم: ارى ان نساله بيت المقدس وكورها فقال أبو هند: " هذا محل ملك العجم " وكذلك يكون فيها ملك العرب واخاف ان لا يتم لنا هذا فقال تميم: فنساله بيت جبرين وكورتها فقال أبو هند: هذا أكبر وأكبر.
فقال: فاين ترى ان نساله فقال: ارى ان نساله القرى التي تقع فيها تل مع اثار إبراهيم فقال تميم: اصبت ووفقت - قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتميم: " اتحب ان تخبرني بما كنتم فيه أو اخبرك " - فقال تميم: بل تخبرنا يا رسول الله نزداد ايماناً - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اردتم امراً فاراد هذا غيره " ونعم الراي راى - قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطعة جلد من ادم فكتب لنا فيها كتاباً نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم: " هذا كتاب ذكر فيه ما وهب محمد رسول الله للداريين إذا اعطاه الله الأرض وهب لهم بيت عينون وحبرون والمرطوم وبيت إبراهيم بمن فيهن لهم ابداً " " شهد عباس بن عبد المطلب وجهم بن قيس وشرحبيل بن حسنة وكتب ".
قال: ثم دخل بالكتاب إلى منزله فعالج في زاوية الرقعة وغشاه بشيء لا يعرف وعقده من خارج الرقعة بسير عقدتين وخرج الينا به مطوياً وهو يقول: " ان أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين امنوا والله ولي المؤمنين " ثم قال: انصرفوا حتى تسمعوا بي قد هاجرت.
قال أبو هند: فانصرفنا.
فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قدمنا عليه فسالناه ان يجدد لنا كتاباً فكتب لنا كتاباً نسخته: بسم الله الحمن الرحيم " هذا ما انطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتميم الداري واصحابه اني انطيتكم عينون وحبرون والرطوم وبيت إبراهيم برمتهم وجميع ما فيهم نطية بت ونفذت وسلمت ذلك لهم ولاعقابهم من بعدهم ابد الابد فمن اذاهم فيها اذاه الله ".
" شهد أبو بكر بن ابي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان وكتب ".
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبو بكر وجه الجنود إلى الشام فكتب لنا كتاباً نسخته: بسم الله الحمن الرحيم: ومن ابي بكر الصديق إلى عبيدة بن الجراح سلام عليك فاني أحمد اليك الله الذي لا اله الا هو اما بعد: امنع من كان يؤمن بالله واليوم الاخر من الفساد في قرى الداريين وان كان اهلها قد جلوا عنها واراد الداريون ان يزرعوها فليزرعوها فاذا رجع اهلها إليها فهي لهم واحق بهم والسلام عليك ".
وروى بسنده أيضاً إلى الزهري وثور بن يزيد عن راشد بن سعد قالا: قام تميم الداري وهو تميم بن اوس رجل من لخم فقال يا رسول الله ان لي جيرة من الروم بفلسطين لهم قرية يقال لها حبرى وأخرى يقال لها بيت عينون: فان الله فتح عليك الشام فهبهما لي قال: هما لك قال: فاكتب لي بذلك فكتب له: بسم الله الرحمن الرحيم: " هذا كتاب من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتميم بن اوس الداري ان له قرية حبرى وبيت عينون قريتها كلها سهلها وجبلها وماءها وحرتها وانباطها وبقرها ولعقبه من بعده لا يحاقه فيها أحد ولا يلجه عليهم أحد بظلم فمن ظلمهم أو اخذ من أحد منهم شيئاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين " وكتب علي.
فلما ولي أبو بكر كتب لهم كتاباً نسخته: " هذا كتاب من ابي بكر امين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي استخلف في الأرض بعده كتبه للداريين: ان لا تفسد عليهم ماثرتهم قرية حبرى وبيت عينون فمن كان يسمع ويطيع فلا يفسد منها شيئاً وليقم عمرو بن العاص عليهما فليمنعهما من المفسدين ".
وروى ابن مندة بسنده إلى عمرو بن حزم رضي الله عنه انه قال: اقطع النبي صلى الله عليه وسلم تميماً الداري وكتب: بسم الله الحمن الرحيم: " هذا كتاب من محمد رسول الله لتميم بن اوس الداري: ان له صهيون قريتها كلها سهلها وجبلها وماءها وكرومها وانباطها وورقها ولعقبه من بعده لا يحاقه فيها أحد ولا يدخل عليه بظلم فمن اراد ظلمهم أو اخذه منهم فان عليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ".
قلت: وهذه الرقعة التي كتب بها النبي صلى الله عليه وسلم موجودة بايدي التميميين خدام حرم الخليل إلى الآن وكلما نازعهم أحد اتوا بها إلى السلطان بالديار المصرية ليقف عليها ويكف عنهم من يظلمهم.
وقد اخبرني برؤيتها غير واحد والاديم التي هي فيه قد خلق لطول الامد.
وهذا الكلام قد ورد في كتاب صبح الأعشى
حياته وعبادته
أقام الصحابي تميم الداري بصحبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة وغزا معه، وقد شارك في عملية الجمع الأولى للقران الكريم وهو مكتوب على الرقاع، وقد كان أيضا حافظا للقران الكريم ومواظبا على قرائته وكان يكثر ويطيل قراة القران في الصلاة حيث انه كان يختم في ركعة، وكان كثير التهجّد، وقام ليلة بآية حتى أصبح وهي قوله تعالى
أم حَسِبَ الذين اجترحوا السّيئات) سورة الجاثية. تشرف الصحابي تميم الداري بملازمة النبي وقد سمع منه أحاديث كثيرة فحفظها ورواها وهو من الرواة الثقات عند رجال الحديث، وقد روى عنه عبد الله بن عباس، وابو هريرة، وأنس بن مالك، وغيرهم الكثير. خرج الامام مسلم له في صحيحه وابو داوود وابن ماجه والترمذي والنسائي. وذكر الإمام الطبراني في المعجم الكبير الجزء الثاني جميع الاحاديث التي تسند إلى تميم الداري وعددها 29 حديثا.
حديث الجساسة
حديث الجساسة الذي رواه الرسول عليه الصلاة والسلام عن تميم الداري
الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس قالت: سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال ليلزم كل إنسان مُصَلاَّه ثم قال أتدرون لم جمعتكم، قالوا الله ورسوله أعلم، قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تَميماً الداري كان رجلاً نصرانياً فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهراً في البحر ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا في أَقْرُبِ السَّفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أَهْلَبْ كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا وَيْلَكِ ما أَنْتِ فقالت أنا الجسَّاسة قالوا وما الجساسة قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال لما سمت لنا رجلاً فَرِقنا (خفنا) منها أن تكون شيطانه قال فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقاً وأشده وثاقاً مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد، قلنا ويلك ما أنت قال قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم، قالوا نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم (هاج) فلعب بنا الموج شهراً ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أَقْرُبِهَا فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قلنا وما الجساسة قالت اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعاً وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانه فقال أخبروني عن نخل بِيسَانْ قلنا عن أي شأنها تستخبر قال أسألكم عن نخلها هل يُثمر قلنا له نعم قال أما إنه يوشك أن لا تثمر، قال أخبروني عن بحيرة الطَّبَرِيَّة، قلنا عن أي شأنها تستخبر قال هل فيهما ماء، قالوا هي كثيرة الماء، قال أما إن ماءها يوشك أن يذهب، قال أخبروني عن عين زغر، قالوا عن أي شأنها تستخبر، قال هل في العين ماء وهل يزرع أهلها بماء العين، قلنا له نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها، قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل، قالوا قد خرج من مكة ونزل يثرب، قال أقاتله العرب، قلنا نعم، قال كيف صنع بهم، فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم قد كان ذلك، قلنا نعم، قال أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني إني أنا المسيح وأني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان عليَّ كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحداً منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا (مسلولاً) يصدني عنها وإن على كل نقب (الفرجة بين جبلين) منها ملائكة يحرسونها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة يعني المدينة، ألا هل كنت حدثتكم ذلك، فقال الناس نعم، فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو وأومأ بيده إلى المشرق، قالت فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن مكان الدير المحبوس فيه الدجال هو إقليم يسمى "خراسان" تحديداً من قرية يهودية "اصبهان" (أي على الحدود الروسية الإيرانية)
فضله
كان الصحابي تميم بن أوس الداري من السابقين بإعلان إسلامهم عن علم ومعرفة وطواعية بدون إكراه، ومن مناقبه أنه كان المدبر لانسحاب وعصيان الداريين من فرقة الامير الغساني اللخمي جبلة بن الأيهم المتحالف مع جيش الروم ضد المسلمين في معركة مؤتة. هنالك الكثير من الأعمال الفريدة التي قام بها الصحابي الجليل تميم الداري والتي تم ذكرها في كتب التاريخ والسيرة والحديث وهي:
يعد أول من استخدم السراج في إضاءة المساجد في الإسلام حيث نقل القناديل من بلاد الشام في تجارته إذ كان النصارى يستخدمونها في إضاءة الكنائس
يعد تميم الداري أول قاص في الإسلام حيث كان يجتمع بالمسلمين ويحدثهم بأخبار الأمم الغابرة وكان يجلس في المسجد ويعظ الناس ويعلمهم أمور دينهم لكن عمر بن الخطاب نهاه عن ذلك خوفا من أن يختلط ما يقصه عليهم تميم الداري من أنباء التوراة والانجيل بما نزل به القران لكن بعد ذلك سمح له بالقص وجلس بنفسه يستمع اليه.
يعد أول من صنع المنابر في المساجد فقد صنع المنبر الأول في المسجد النبوي الشريف.
أول صاحب إقطاع لأرض لم تفتح بعد وهذا من خصائص النبي عليه الصلاة والسلام
الشخص الوحيد الذي روى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث الجساسة وما يتعلق بالمسيح الدجال.
أول راهب مسيحي يتحول من المسيحية إلى الإسلام طوعا.
أول أمير إسلامي على بيت المقدس بعد الفتح في بلاد الشام.
أول من أهدى الرسول عليه الصلاة والسلام فرسا أصيلا.
يعد من الصحابة الخبراء في الشحن البحري والسفن والسفر حيث كانت له تجارة مع الحبشة لذلك شارك في الجهاد البحري وشارك في فتح الإسكندرية.
أول صحابي يختم القران في سبع ليالي في الكعبة.
طلب النبي عليه الصلاة والسلام منه أن ينوب عنه في إمامة النساء في صلاة التراويح وهذه منزلة عالية.
وغيرها الكثير من المناقب التي شهد له بها الصحابة والنبي الكريم عليه الصلاة والسلام.