ما ورد في القرآن والسنة لوقاية الإنسان
الله ابتلى الإنسان بعدو لا يفارقه طرفة عين ولا يغفل عنه،قال تعالى:{ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} [النساء:102]،يراه هو وقبيله من حيث لا يرونهم نصب له الحبائل والفخاخ والشباك وقد أعلمنا الله بذلك عن عدونا وأمرنا أن نأخذ أهبة الاستعداد له.
وهذه بعض طرق الشيطان التي يدعو إليها هو وجنوده وبعض من شروره:
1- يأمر بالبخل ويمنع من الإنفاق ويأمر بالفواحش قال تعالى
الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )( البقرة268)
2- يوسوس للعبد في عقيدته وهي أعظم صفات الشيطان،فعَنِ ابْنِ شِهَابٍ،قَالَ:أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ،قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:" يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ:مَنْ خَلَقَ كَذَا،مَنْ خَلَقَ كَذَا،حَتَّى يَقُولَ:مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ "[1]
3- سارقٌ لأموال الناس (له حظ في كل طعام أو شراب لم يذكر اسم الله عليه)،ويبيت في البيت الذي لم يذكر فيه اسم الله،فعَنْ جَابِرٍ،أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ r يَقُولُ:" إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ،فَذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ دُخُولِهِ،وَعِنْدَ طَعَامِهِ،قَالَ الشَّيْطَانُ:لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ،وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ:أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ،وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ:أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ "[2]
4- الإفساد بين المؤمنين بكل طريقة وحيلة،فعَنْ جَابِرٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r:" إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ،ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ،فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً،يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ:فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا،فَيَقُولُ:مَا صَنَعْتَ شَيْئًا،قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ:مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ،قَالَ:فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ:نِعْمَ أَنْتَ " قَالَ الْأَعْمَشُ:أُرَاهُ قَالَ:«فَيَلْتَزِمُهُ»[3]
5- إذا فعل العبد ما يبغض الله يدنو منه الشيطان.
6- يتبع العبد في كل صوب وجهة وفي كل لحظة،قال تعالى:{ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) }[الأعراف:16 - 17]
7- إذا انفصل الجنين استقبله الشيطان وطعنه في خاصرته تحرقا عليه وتغيظا منه،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ:«مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ،فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ،إِلَّا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ» ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:{وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران:36][4]
8- يري الإنسان منامات مخيفة بقصد إحزانه،فعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،قَالَ:كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا،فَتُمْرِضُنِي حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ:كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا،فَتُمْرِضُنِي حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ:«الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ،فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلْيَقُصَّهُ عَلَى مَنْ يُحِبُّ،وَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ،فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا،وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا»[5]
9- ينسى العبد ما فيه خيره وصلاحه:{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا } [الكهف:63]
10-يحضر للإنسان عند إرادته فعلا من الأفعال ليفسد النية والقول والعمل.
11- يقعدُ لابن آدم في كل طريق فيه خير:{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)} [الأعراف:16،17]
12- إذا التفت العبد في صلاته اختلس منها،فعَنْ عَائِشَةَ،قَالَتْ:سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ r عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ:«هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ العَبْدِ»[6]
13- إذا تثائب العبد ولم يضع يده على فمه دخل الشيطان،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،عَنِ النَّبِيِّ r،قَالَ:" التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ،فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ،فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ:هَا،ضَحِكَ الشَّيْطَانُ "[7]
14- إذا نام العبد عقد على رأسه عقدا ليمنعه من القيام إلى الخيرات،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r:عَلَى ابْنِ آدَمَ ثَلَاثُ عُقَدٍ بِجَرِيرٍ إِذَا بَاتَ مِنَ اللَّيْلِ،فَإِنْ هُوَ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ،فَذَكَرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ،انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ،فَإِنْ تَوَضَّأَ،انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ،فَإِنْ قَامَ فَعَزَمَ فَصَلَّى،انْحَلَّتِ الْعُقَدُ جَمِيعًا،وَإِنْ هُوَ بَاتَ،وَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ،وَلَمْ يَتَوَضَّأْ،وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى يُصْبِحَ،أَصْبَحَ وَعَلَيْهِ الْعُقَدُ جَمِيعًا "[8]
15- يجرى من أبن آدم مجرى الدم في العروق،فعَنْ أَنَسٍ،أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ مَعَ إِحْدَى نِسَائِهِ،فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَدَعَاهُ،فَجَاءَ،فَقَالَ:«يَا فُلَانُ هَذِهِ زَوْجَتِي فُلَانَةُ» فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ كُنْتُ أَظُنُّ بِهِ،فَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ بِكَ،فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r:«إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ»[9]
16- من شره ما قاله عنه الله{إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) } [النساء:117 - 120]
17- يجعل العبد يتهاون في صغائر الذنوب:
فلا تحقرن من الذنوب صغيرا * إن الصغير غدا يعود كبيرا
إن الصغير ولو تقادم عهده * عند الإله مسطَّر تسطيرا
وبعد علمنا بخطر الشيطان فكيف يكون الخلاص منه إلا بمعونة الله وهذه هي التحصينات التي يجب أن تتحصن بها في حربنا مع هذا العدو الذي لا يغفل عنا.
[1] - [صحيح البخاري 4/ 123](3276) و[صحيح مسلم 1/ 119]212 - (134)
[(بلغه) بلغ قوله من خلق ربك.(فليستعذ بالله) من وسوسته بأن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.(ولينته) عن الاسترسال معه في هذه الوسوسة]
[2] - [الأدب المفرد مخرجا ص:376](1096 ) و[صحيح مسلم 3/ 1598]103 - (2018)
[3] - [صحيح مسلم 4/ 2167](67 - (2813) [ش (فيلتزمه) أي يضمه إلى نفسه ويعانقه]
[4] - [صحيح مسلم 4/ 1838]146 - (2366)
[ش (إلا ابن مريم وأمه) هذه فضيلة ظاهرة وظاهر الحديث اختصاصها بعيسى وأمه واختار القاضي عياض أن جميع الأنبياء يتشاركون فيها]
[5] - [صحيح ابن حبان - مخرجا 13/ 422](6058 ) صحيح
[6] - [صحيح البخاري 1/ 150] (751 ) [ش (اختلاس) خطف بسرعة.(يختلسه الشيطان) يظفر به عند الالتفات]
[7] - [صحيح البخاري 4/ 125](3289 )
[(التثاؤب) فتح الفم مع أخذ النفس وإخراج صوت أحيانا.(من الشيطان) أضيف إلى الشيطان لأنه هو الذي يدعو إلى إعطاء النفس شهواتها والتثاؤب يكون مع ميل الإنسان إلى الكسل والنوم والتثاقل عن الطاعات.(ها) صوت المتثائب ويعني إذا بالغ في التثاؤب.(ضحك الشيطان) فرحا بالتغلب عليه]
[8] - [مسند أحمد ط الرسالة 16/ 279](10453) صحيح لغيره
[9] - [صحيح مسلم 4/ 1712]23 - (2174)
[ش (هذه زوجتي) هكذا هو في جميع النسخ زوجتي وهي لغة صحيحة وإن كان الأشهر حذفها وبالحذف جاءت آيات القرآن والإثبات كثير أيضا (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) قال القاضي وغيره قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان في مجاري دمه وقيل هو الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته فكأنه لا يفارق الإنسان كما لا يفارقه دمه وقيل إنه يلقي وسوسته في مسام لطيفة من البدن فتصل وسوسته إلى القلب]