نستنتج من العرض السابق للآيات والأحاديث في مناقب الصحابة ما يلي:
أولاً: إن الله عز وجل زكى ظاهرهم وباطنهم؛ فمن تزكية ظواهرهم وصفهم بأعظم الأخلاق الحميدة، ومنها: (( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) [الفتح:29].
(( وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ )) [الحشر:8].
(( وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )) [الحشر:9].
أما بواطنهم، فأمر اختص به الله عز وجل، وهو وحده العليم بذات الصدور. فقد أخبرنا عز وجل بصدق بواطنهم وصلاح نياتهم؛ فقال على سبيل المثال: (( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ )) [الفتح:18].
(( يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ )) [الحشر:9].
(( يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً )) [الفتح:29] .
(( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ )) [التوبة:117]، فقد تاب عليهم سبحانه وتعالى؛ لما علم صدق نياتهم وصدق توبتهم. والتوبة عمل قلبي مخص كما هو معلوم. . وهكذا.
ثانياً: بسبب توفيق الله عز وجل لهم لأعظم خلال الخير ظاهراً وباطناً أخبرنا أنه رضي عنهم وتاب عليهم، ووعدهم الحسنى.
ثالثاً: وبسبب كل ما سبق أمرنا بالاستغفار لهم، وأمر النبيُ -صلى الله عليه وسلم- بإكرامهم، وحفظ حقوقهم، ومحبتهم. ونُهينا عن سبهم وبغضهم. بل جعل حبهم من علامات الإيمان، وبغضهم من علامات النفاق.
رابعاً: ومن الطبيعي بعد ذلك كله أن يكونوا خير القرون، وأماناً لهذه الأمة. ومن ثم يكون اقتداء الأمة بهم واجباً، بل هو الطريق الوحيد إلى الجنة: {عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي} (رواه أحمد 4/126، 127 وأصحاب السنن والدارمي. والحديث صححه جماعة من المحدثين -انظر جامع العلوم والحكم لابن رجب الحديث (38) ص 387، دار الفرقان ط. الأولى 1411هـ وانظر الإرواء (2544) 107/8 للتوسع).