بخصوص الزواج من الكبيرة وذكر زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة – رضي الله عنها - ، فاعلم رعاك الله أن الإسلام لا يمانع من الزواج بالكبيرة ، ولكن الأصل هو الزواج بالبكر لما ثبت عَنْ عَطَاءٍ قال : أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَقِيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( يَا جَابِرُ تَزَوَّجْتَ ، قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : بِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ ، قُلْتُ : ثَيِّبٌ ، قَالَ : فَهَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ فَخَشِيتُ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُنَّ ، قَالَ : فَذَاكَ إِذَنْ إِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ عَلَى دِينِهَا وَمَالِهَا وَجَمَالِهَا فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) ( مسلم ) 0
يقول الإمام النووي – رحمه الله – في شرح الحديث آنف الذكر : ( وفيه فضيلة تزوج الأبكار وثوابهن أفضل ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 10 ، 11 ، 12 / 42 ) 0
وهذا بطبيعة الحال في الظروف العادية ، بل في أحيان كثيرة قد يثاب المسلم أيما ثواب من تزوجه بالكبيرة سواء كانت ثيباً أم بكراً ، كأن تكون أرملة ينفق عليها وعلى أولادها ، أو أن تكون أرملة شهيد فيتزوجها ليعفها ويرعاها في النفقة ، أو أن تكون فقيرة مسكينة فيتزوجها ليغفها وينفق عليها وهكذا ، وقد كان ذلك حال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين 0
أما في الظروف العادية فالأولى أن يتزوج من البكر كما تبين من حديث جابر بن عبدالله – رضي الله عنه - إن لم يكن للأسباب التي أشرنا إليها آنفاً ، وهنا قد تتدخل أمور كثيرة تحول من استمرار العلاقة الزوجية على أحسن ما يرام كتدخل العائلة والمجتمع ونحو ذلك من أمور كثيرة ، علماً أننا في الخيرية أقل القرون منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ، لما ثبت من حديث عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رَضِي اللَّه عَنْه - قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، قَالَ عِمْرَانُ : لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً 000 الحديث ) ( متفق عليه )