عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه يا رسول الله إني قد رأيتُ هذا الغلام منهم من " " أحرصهم على التفقهِ في الإسلام وتعلّم القرآن أبو بكر الصديق رضي الله عنه....
عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفيّ الطائفيّ، قدِمَ مع وفد ثقيف سنة تسع على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان أصغرهم سنّاً، فأسلموا وأمّرَهُ عليهم، ثم أمّـره أبو بكر على الطائـف، واستعمله عمر على عُـمان و البحرين، ثم قـدّمه على جيـش فافتتـح (توّج) بفارس سنة 21 هـ ومصّرها، ثم سكن البصرة.
وفد ثقيف عن عثمان بن أبي العاص قال: قدمت في وفد ثقيف حين قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلمّا حللنا بباب النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: { من يمسك لنا رَوَاحِلَنَا ؟}.
فكل القوم أحب الدخول على النبي -صلى الله عليه وسلم- وكره التخلف عنه.
قال عثمان: وكنت أصغرهم فقلت: { إنْ شئتم أمسكتُ لكم على أن لي عليكم عهد الله لتمسكنّ لي إذا خرجتم }.
قالوا: { فذلك لك }.
فدخلوا عليه، ثم خرجوا فقالوا: { انطلق بنا }.
قلتُ: { أين ؟}.
قالوا: { إلى أهلك }.
فقلتُ: { ضربتُ من أهلي حتى إذا حللتُ بباب النبي -صلى الله عليه وسلم- أرجع ولا أدخل عليه ؟! وقد أعطيتموني ما قد علمتم !}.
قالوا: { فأعجل فإنا قد كفيناك المسألة، لم ندع شيئاً إلا سألناه عنه }.
فدخلتُ فقلتُ: { يا رسول الله، ادعُ الله لي أن يفقهني في الدّين ويعلمني }.
قال: { ماذا قلت ؟}.
فأعدتُ عليه القول، فقال: { لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحدٌ من أصحابك، فأنت أميرٌ عليهم وعلى من يَقْدِمُ عليه من قومِكَ }.
ولمّا أسلم القوم، وأرادوا الرجوع إلى قومهم، قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- على المنبر وبيده كتابٌ قاضاهم عليه، فقال: { لأعطينَّ هذا الكتاب رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قُمْ يا عثمان بن أبي العاص }.
فقام عثمان بن أبي العاص، فدفعه إليه.
أمير الطائف قال عثمان بن أبي العاص: { استعملني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الطائف، فكان آخر ما عهد إليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ قال: { خفّفْ عن الناس الصلاة -حتى وقف أو وقت- ثم اقرَأ باسم ربّك الذي خلق، وأشباهها من القرآن }.
فلم يزل عثمان بن أبي العاص على الطائف حتى قُبِضَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وخلافة أبي بكر الصديق، وخلافة عمر بن الخطاب، وعثمان بن أبي العاص هو الذي منع أهل الطائف من الردّة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأطاعوه.
حتى إذا أراد عمر أن يستعمل على البحرين فسمّوا له عثمان بن أبي العاص، فقال: { ذلك أميرٌ أمّرهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الطائف فلا أعزله }.
قالوا له: { يا أميـر المؤمنيـن تأمره يستخلف على عمله من أحبّ، وتستعين به فكأنّك لم تعزله }.
فقال: { أمّا هذا فنعم }.
فكتب إليه: { أن خلّف على عملك من أحببتَ وأقْدِمْ عليّ }.
فخلّف أخاه الحكم بن أبي العاص على الطائف، وقدم على عمر بن الخطاب، فولاه البحرين.
توّج استعمل عمر بن الخطاب عثمان بن أبي العاص سنة (15هـ) على عُمان والبحرين، وسار إلى (توج) فافتتحها، ومصّرَها، وقتل ملكها (شهرك) سنة (21هـ) وكان يغزو سنوات في خلافة عمر وعثمان، يغزو صيفاً ويشتو بتوج.
شط عثمان ولمّا عُزِلَ عثمان عن البحرين نزل البصرة هو وأهل بيته، وشرفوا بها، والموضع الذي بالبصرة يُقال له شط عثمان إليه ينسب.
البطل المقدام وكان عُثمان بن أبي العاص بطلاً مقداماً، كان قد شدّ في الجاهلية على عمرو بن معد يكرب، فهرب عمرو فقال عثمان.
لَعَمْرُكَ لولا الليلُ قامتْ مآتم ***** حَواضِرُ يخمنَ الوجوه على عمرو فأفْلتنَـا فَوْتَ الأسنّـة بعدما ***** رأى الموتَ والخطى أقربَ من شبر العشّار ومرّ عثمان بن أبي العاص بكلاب بن أميّة بن الأسكر، وهو بالأبلّة - بلدة بجانب البصرة - فقال: { ما يحبسـك هاهنـا ؟}.
قال: { على هذه القرية }.
قال عثمان: { أعشّارٌ ؟}.
قال: { نعم }.
قال: إنّي سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: { إذا انتصف الليل أمر الله تعالى منادياً ينادي: هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من داعٍ فأجيبه ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ فما تردّ دعوةُ داعٍ إلا زانية بفرجها أو عشّار }.
الوفاة توفي عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- سنة (51 هـ).