صفوان بن المعطّل رضي الله عنه ) ما علمـتُ عنه إلا خيـراً ( حديث شريف.
صفوان بن المعطّل بن رُبيعة السُّلَميّ الذكوانيّ وكنيته أبو عمـرو قديم الإسلام، شهد الخندق والمشاهد بعدها، وهو الذي رُميت به السيدة عائشة في حادثة الإفك.
حادثة الإفك في غزوة المصطلق سنة ست للهجرة، لما فرغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من سفره ذلك وجّه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل، ثم أذّن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت السيدة عائشة لبعض حاجاتها وفي عنقها عقد، فلما فرغت أنسل، فلما رجعت الى الرحل ذهبت تلتمسه في عنقها فلم تجده، فرجعت الى مكانها الذي ذهبت إليه، فالتمسته حتى وجدته، وجاء القوم فأخذوا الهودج وهم يظنون أنها فيه كما كانت تصنع، فاحتملوه فشدوه على البعير، ولم يشكوا أنها فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به، فرجعت الى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب، قد انطلق الناس.
فتلففت بجلبابها ثم اضطجعت في مكانها، وعرفت أن لو قد افتُقِدت لرُجع إليها، فمر بها صفوان بن المعطّل السُّلَمي، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس، فرأى سوادها فأقبل حتى وقف عليها، وقد كان يراها قبل أن يضرب الحجاب، فلما رآها قال: { إنا لله وإنا إليه راجعون، ظعينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-}.
وقال: { ما خلّفك يرحمك الله ؟}.
فما كلمته، ثم قرب البعير فقال: { اركبي }.
واستأخر عنها، فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس، فتكلّم أهل الإفك وجهلوا.
وكان صفوان صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن صالحي أصحابه، وقد أثنى عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حادثة الإفك، فقد قام الرسول الكريم فحَمَد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: { أمّا بعد: فأشيروا عليّ في أناس أبَنوا -اتهموا- أهلي، وأيْمُ الله إنْ -ما- علمتُ على أهلي من سُوءٍ قطّ، وأبَنوا بِمَن ؟ والله إنْ علمتُ عليه سوْءاً قطّ، ولا دخل على أهلي إلا وأنا شاهِد }.
يعني صفوان بن المعطل.
حسّان بن ثابت وقد أكثر حسان بن ثابت على صفوان بن المعطّل في شأن عائشة، وقال بيت شعر يُعرّض به فيه.
أمسى الجلابيبُ قد عزُّوا وقد كثُرُوا*****وابنُ الفُريعة أمسَى بيضةَ البَلَدِ ويعني بالجلابيب: السفلة، وبابن الفُريعة نفسه، فأمُّهُ الفُريعة، وبيضة البلد أي أنه وحيد، تشبيه بيضة النعامة التي تتركها في الفلاة فلا تحضنها، فغضب صفوان وحلف لئن أنزل الله عذرَه ليضربنّ حسان ضربة بالسيف، وبالفعل بعد نزول البراءة وقف له ليلةً فضربه ضربة كشط جلدة رأسه، فأخذ ثابت بن قيس صفوان وجمع يديه الى عنقه بحبل وانطلق إلى دار بني حارثة، فلقيه عبدالله بن رواحة فقال له: { ما هذا ؟!}.
فقال: { ما أعجبك عَدَا على حسّان بالسيف، فوالله ما أراه إلا قد قتله }.
فقال: { هل علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما صنعت به ؟}.
فقال: { لا }.
فقال: { والله لقد اجترأت، خلِّ سبيله، فسنغدو على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنعلمه أمره }.
فخلى سبيله.
فلمّا أصبحوا غدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له ذلك فقال: { أين ابن المعطل ؟}.
فقام إليه فقال: { ها أنا يا رسول الله }.
فقال: { ما دَعاك إلى ما صنعت }.
فقال: { يا رسول الله، آذاني وكثّر عليّ، ثم لم يرضَ حتى عرّض في الهجاء، فاحتملني الغضب، وهذا أنا، فما كان عليّ من حقّ فخذني به }.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: { ادعُ لي حسّان }.
فأتيَ به فقال: { يا حسّان أتشوّهت على قومٍ أن هداهُمُ اللـه للإسلام ؟ أحْسِن فيما أصابك }.
فقال: { هي لك يا رسـول اللـه }.
فأعطاه رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- سيرين القبطية فولدت له عبدالرحمن.
وفاته استشهد في خلافة عمر بن الخطاب في معركة أرمينية عام (19 هـ / 640 م)، وقيل توفي بالجزيرة في ناحية سُمَيْساط -على شاطيء الفرات في غربيه في طرف بلاد الروم-، وقيل أنه غزا الروم في خلافة معاوية، فاندقّت ساقه، ولم يزل يُطاعن حتى مات سنة (58 هـ).