الإثنين 15 مايو - 11:57 الإثنين 8 مايو - 22:14 الأحد 19 أغسطس - 16:42 الأحد 19 أغسطس - 15:17 السبت 18 أغسطس - 17:10 السبت 18 أغسطس - 17:00 السبت 18 أغسطس - 16:56 السبت 18 أغسطس - 14:52 السبت 18 أغسطس - 10:07 الخميس 16 أغسطس - 17:02 الخميس 16 أغسطس - 16:54 الأربعاء 15 أغسطس - 18:13 الأربعاء 15 أغسطس - 18:08 الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
موضوع: 33 سببا للخشوع الجمعة 26 مايو - 10:08
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة الحمد لله رب العالمين ، الذي قال في كتابه المبين : { وقوموا لله قانتين } ، وقال عن الصلاة: { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد الخاشعين محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد فإن الصلاة أعظم أركان الدين العملية ، والخشوع فيها من المطالب الشرعية ، ولما كان عدو الله إبليس قد أخذ العهد على نفسه بإضلال بني آدم وفتنتهم ، وقال :{ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم } صار من أعظم كيده صرف الناس عن الصلاة بشتى الوسائل ، والوسوسة لهم فيها لحرمانهم لذة هذه العبادة وإضاعة أجرهم وثوابهم، ولما كان الخشوع أول ما يرفع من الأرض ونحن في آخر الزمان ، انطبق فينا قول حذيفة رضي الله عنه :أول ما تفقدون من دينكم الخشوع ، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة ، ورُبّ مصلٍّ لأخير فيه ، ويوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيهم خاشعا . المدارج 1/521 ومما يلمسه المرء من نفسه ويسمعه من كثرة المشتكين من حوله بشأن قضية الوساوس في الصلاة وفقدان الخشوع ؛ تتبين الحاجة إلى الحديث عن هذا الموضوع ، وفيما يلي تذكرة لنفسي ولإخواني المسلمين أسأل الله أن ينفع بها : فقد قال الله تعالى : { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون } أي خائفون ساكنون و" الخشوع هو السكون والطمأنينة والتؤدة والوقار والتواضع والحامل عليه الخوف من الله ومراقبته . " تفسير ابن كثير ط. دار الشعب 6/414 والخشوع هو قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل المدارج 1/520 ويروى عن مجاهد قال : ( قوموا لله قانتين ) : فمن القنوت : الركوع والخشوع وغض البصر وخفض الجناح من رهبة الله عز وجل تعظيم قدر الصلاة 1/188 ومحل الخشوع في القلب وثمرته على الجوارح . والأعضاء تابعة للقلب فإذا فسد خشوعه بالغفلة والوساوس فسدت عبودية الأعضاء والجوارح فإن القلب كالملك والأعضاء كالجنود له فبه يأتمرون وعن أمره يصدرون فإذا عُزل الملك وتعطّل بفقد القلب لعبوديته ضاعت الرعية وهي الجوارح. وأما التظاهر بالخشوع ممقوت ، ومن علامات الإخلاص : إخفاء الخشوع كان حذيفة رضي الله عنه يقول : إياكم وخشوع النفاق فقيل له : وما خشوع النفاق قال : أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع . وقال الفضيل بن عياض : كان يُكره أن يُري الرجل من الخشوع أكثر مما في قلبه . ورأى بعضهم رجلا خاشع المنكبين والبدن فقال : يا فلان ، الخشوع هاهنا وأشار إلى صدره ، لا هاهنا وأشار إلى منكبيه . المدارج 1/521 وقال ابن القيم رحمه الله تعالى مبيّناً الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق : " خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء ، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء و شهود نعم الله وجناياته هو ، فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح . وأما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع ، و كان بعض الصحابة يقول : أعوذ بالله من خشوع النفاق ، قيل له : وما خشوع النفاق ؟ قال : أن يرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع . فالخاشع لله عبد قد خمدت نيران شهوته ، وسكن دخانها عن صدره ، فانجلى الصدر وأشرق فيه نور العظمة فماتت شهوات النفس للخوف والوقار الذي حشي به وخمدت الجوارح وتوقر القلب واطمأن إلى الله وذكره بالسكينة التي نزلت عليه من ربه فصار مخبتا له ، والمخبت المطمئن ، فإن الخبت من الأرض ما اطمأن فاستنقع فيه الماء ، فكذلك القلب المخبت قد خشع واطمأن كالبقعة المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستقر فيها ، وعلامته أن يسجد بين يدي ربه إجلالا له وذلا وانكسارا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه عنها حتى يلقاه . فهذا خشوع الإيمان ، وأما القلب المتكبر فإنه قد اهتز بتكبره وربا فهو كبقعة رابية من الأرض لا يستقر عليها الماء وأما التماوت وخشوع النفاق فهو حال عند تكلف إسكان الجوارح تصنعا ومراءاة ونفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات وإرادات فهو يتخشع في الظاهر وحية الوادي وأسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة . كتاب الروح ص:314 ط. دار الفكر - الأردن . "والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرّغ قلبه لها ، واشتغل بها عما عداها ، وآثرها على غيرها،وحيئذ تكون راحة له وقرة عين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم..جعلت قرة عيني في الصلاة ) " تفسير ابن كثير 5/456 والحديث في مسند أحمد 3/128 وهو في صحيح الجامع 3124 وقد ذكر الله الخاشعين والخاشعات في صفات عباده الأخيار وأخبر أنه أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما سورة الأحزاب 35 ومن فوائد الخشوع أنه يخفف أمر الصلاة على العبد قال تعالى :{ واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } والمعنى : أي مشقة الصلاة ثقيلة إلا على الخاشعين. تفسير ابن كثير 1/ 125 والخشوع أمر عظيم شأنه ،سريع فقده ،نادر وجوده خصوصا في زماننا وهو من آخر الزمان قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع ، حتى لا ترى فيها خاشعا .) قال الهيثمي في المجمع 2/136 : رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن وهو في صحيح الترغيب رقم 543 وقال : صحيح " قال بعض السلف الصلاة كجارية تُهدى إلى ملك الملوك فما الظن بمن يُهدي إليه جارية شلاّء أو عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليد والرّجل أو مريضة أو دميمة أو قبيحة ، حتى يهدي إليه جارية ميتة بلا روح .. فكيف بالصلاة يهديها العبد ويتقرب بها إلى ربه تعالى ؟ والله طيب لا يقبل إلا طيبا وليس من العمل الطيب : صلاة لا روح فيها . كما أنّه ليس من العتق الطيب عتق عبد لا روح فيه ." المدارج 1/526 حكم الخشوع والراجح في حكم الخشوع أنه واجب . قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : قال الله تعالى{ واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } وهذا يقتضي ذم غير الخاشعين .. والذم لا يكون إلا لترك واجب أو فعل محرّم وإذا كان غير الخاشعين مذمومين دلّ ذلك على وجوب الخشوع .. ويدل على وجوب الخشوع فيها أيضا قوله تعالى :{ قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون .. - إلى قوله - أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون } أخبر سبحانه وتعالى أن هؤلاء هم الذين يرثون فردوس الجنة وذلك يقتضي أنه لا يرثها غيرهم .. وإذا كان الخشوع في الصلاة واجبا وهو المتضمن للسكون والخشوع (هكذا في الأصل ولعلها الخضوع ) فمن نقر نقر الغراب لم يخشع في سجوده وكذلك من لم يرفع رأسه في الركوع ويستقر قبل أن ينخفض لم يسكن لأن السكون هو الطمأنينة بعينها فمن لم يطمئن لم يسكن ومن لم يسكن لم يخشع في ركوعه ولا في سجوده ومن لم يخشع كان آثما عاصيا .. ويدل على وجوب الخشوع في الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم توعد تاركيه كالذي يرفع بصره إلى السماء فإنه حركته ورفعه وهو ضد حال الخاشع .. مجموع الفتاوى 22/553-558 وفي فضل الخشوع ووعيد من تركه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( خمس صلوات افترضهن الله تعالى ، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن ، وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له ، ومن لم يفعل ، فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذّبه .) رواه أبو داود رقم 425 وهو في صحيح الجامع 3242 وقال عليه الصلاة والسلام في فضل الخشوع أيضا : ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين يُقبل عليهما بقلبه ووجهه[ وفي رواية :لا يحدّث فيهما نفسه] غفر له ما تقدّم من ذنبه[ وفي رواية إلا وجبت له الجنة ])البخاري ط.البغا رقم 158والنسائي1/95وهو في صحيح الجامع 6166 وعند البحث في أسباب الخشوع في الصلاة يتبين أنها تنقسم إلى قسمين ، الأول : جلب ما يوجد الخشوع ويقويه . والثاني دفع ما يزيل الخشوع ويضعفه . وهو ما عبّر عنه شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في بيانه لما يعين على الخشوع فقال : - والذي يعين على ذلك شيئان : قوة المقتضى و ضعف الشاغل . أما الأول : قوة المقتضى : فاجتهاد العبد في أن يعقل ما يقوله و ما يفعله ، ويتدبر القراءة والذكر والدعاء ، ويستحضر أنه مناجٍ لله تعالى كأنه يراه . فإن المصلي إذا كان قائما فإنما يناجي ربه . والإحسان : ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) . ثم كلما ذاق العبد حلاوة الصلاة كان انجذابه إليها أوكد ، وهذا يكون بحسب قوة الإيمان . والأسباب المقوية للإيمان كثيرة ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( حبب إليَّ من دنياكم : النساء والطيب ،وجعلت قرة عيني في الصلاة) وفي حديث آخر قال أرحنا بالصلاة يا بلال ) ولم يقل : أرحنا منها . أما الثاني : زوال العارض : فهو الاجتهاد في دفع ما يشغل القلب من تفكر الإنسان فيما لا يعنيه ، و تدبر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة ، وهذا في كل عبد بحسبه ، فإن كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات ، وتعليق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها ، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها . مجموع الفتاوى 22/606-607 وبناء على هذا التقسيم نستعرض فيما يلي طائفة من أسباب الخشوع في الصلاة : أولا : الحرص على ما يجلب الخشوع ويقويه وهذا يكون بأمور منها : ( 1 ) الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها ويحصل ذلك بأمور منها الترديد مع المؤذن والإتيان بالدعاء المشروع بعده " اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته " ، والدعاء بين الأذان والإقامة ، وإحسان الوضوء والتسمية قبله والذكر والدعاء بعده ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) . ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ). والاعتناء بالسواك وهو تنظيف وتطييب للفم الذي سيكون طريقا للقرآن بعد قليل لحديث : ( طهروا أفواهكم للقرآن ) رواه البزار وقال : لا نعلمه عن علي بأحسن من هذا الإسناد كشف الأستار 1/242 وقال الهيثمي : رجاله ثقات 2/99 وقال الألباني إسناده جيد : الصحيحة 1213 . وأخذ الزينة باللباس الحسن النظيف ، قال الله تعالى :{ يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } والله عز وجل أحقّ من تُزيِّن له ، كما أن الثوب الحسن الطيب الرائحة يعطي صاحبه راحة نفسية بخلاف ثوب النوم والمهنة . وكذلك الاستعداد بستر العورة وطهارة البقعة والتبكير وانتظار الصلاة ، وكذلك تسوية الصفوف والتراص فيها لأن الشياطين تتخلل الفُرَج بين الصفوف . ( 2) الطمأنينة في الصلاة ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ) صحح إسناده في صفة الصلاة ص: 134 ط.11 وعند ابن خزيمة نحوه كما ذكر الحافظ في الفتح 2/308 وأمر بذلك المسيء صلاته وقال له : ( لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك ) .رواه أبو داود 1/536 رقم 858 عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته ، قال يا رسول الله : كيف يسرق صلاته ، قال : ( لا يتم ركوعها ولا سجودها ) . رواه أحمد والحاكم 1/ 229 وهو في صحيح الجامع 997 وعن أبي عبد الله الأشعري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي لا يتمّ ركوعه ، وينقر في سجوده ، مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين ، لا يغنيان عنه شيئا ) رواه الطبراني في الكبير 4/115 وقال في صحيح الجامع : حسن والذي لا يطمئن في صلاته لا يمكن أن يخشع لأن السرعة تذهب بالخشوع ونقر الغراب يذهب بالثواب . ( 3 ) تذكر الموت في الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اذكر الموت في صلاتك ، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحريّ أن يحسن صلاته ، وصلّ صلاة رجل لا يظن أنه يصلي غيرها ) السلسلة الصحيحة للألباني 1421ونقل عن السيوطي تحسين الحافظ ابن حجر رحمه الله لهذا الحديث وفي هذا المعنى أيضا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب رضي الله عنه لما قال له: ( إذا قمت في صلاتك فصلِّ صلاة مودِّع ) رواه أحمد 5/412 وهو في صحيح الجامع رقم 742 ، يعني صلاة من يظن أنه لن يصلي غيرها وإذا كان المصلي سيموت ولابد ، فإن هناك صلاة مّا هي آخر صلاة له فليخشع في الصلاة التي هو فيها فإنه لا يدري لعلها تكون هذه هي . ( 4 ) تدبر الآيات المقروءة وبقية أذكار الصلاة والتفاعل معها القرآن نزل للتدبر { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليذكّر أولوا الألباب} ولا يحصل التدبر إلا بالعلم بمعنى ما يقرأ فيستطيع التفكّر فينتج الدمع والتأثر قال الله تعالى : { والذين إذا ذُكِّروا بآيات ربهم لم يخرّوا عليها صمّا وعميانا } وهنا يتبين أهمية الاعتناء بالتفسير قال ابن جرير رحمه الله : " إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله ( أي : تفسيره ) كيف يلتذ بقراءته " مقدمة تفسير الطبري لمحمود شاكر 1/10 ولذلك فمن المهم لقارئ القرآن أن ينظر في تفسير ولو مختصر مع التلاوة مثل كتاب زبدة التفسير للأشقر المختصر من تفسير الشوكاني وتفسير العلامة ابن سعدي المسمى " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " وإن لم يكن فكتاب في شرح الكلمات الغريبة مثل " المعجم الجامع لغريب مفردات القرآن " لعبد العزيز السيروان فإنه جمع فيه أربعة كتب من كتب غريب القرآن . ومما يُعين على التدّبر كثيرا ترديد الآيات لأنه يعين على التفكّر ومعاودة النظر في المعنى وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك فقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم " قام ليلة بآية يرددها حتى أصبح وهي :{ إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } " . رواه ابن خزيمة 1/271 وأحمد 5/149 وهو في صفة الصلاة ص: 102 وكذلك فإن مما يعين على التدبر التفاعل مع الآيات كما روى ( حذيفة قال : صليت مع رسول الله ذات ليلة .. يقرأ مسترسلا ، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح و إذا مر بسؤال سأل و إذا مر بتعوذ تعوذ ) رواه مسلم رقم 772 وفي رواية ( صليت مع رسول الله ليلة ، فكان إذا مر بآية رحمة سأل ، و إذا مر بآية عذاب تعوذ ، و إذا مر بآية فيها تنزيه لله سبح ) . تعظيم قدر الصلاة 1/327 وقد جاء هذا في قيام الليل . وقام أحد الصحابة ـ وهو قتادة بن النعمان رضي الله عنه ـ الليل لا يقرأ إلا { قل هو الله أحد } يرددها لا يزيد عليها البخاري : الفتح 9/59 وأحمد 3/43 وقال سعيد بن عبيد الطائي : سمعت سعيد بن جبير يؤمهم في شهر رمضان وهو يردّد هذه الآية { فسوف يعلمون . إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يُسحبون . في الحميم ثم في النار يُسجرون . } . وقال القاسم رأيت سعيد بن جبير قام ليلة يصلي فقرأ { واتقوا يوما تُرجعون فيه إلى الله ثم تُوفى كل نفس ما كسبت} فرددها بضعا وعشرين مرة . وقال رجل من قيس يُكنى أبا عبد الله : بتنا ذات ليلة عند الحسن فقام من الليل فصلى فلم يزل يردد هذه الآية حتى السّحر :وإن تعدّوا نعمة الله لا تُحصوها ) فلما أصبح قلنا : يا أبا سعيد لم تكد تجاوز هذه الآية سائر الليل ، قال : أرى فيها معتبرا ، ما أرفع طرفا ولا أردّه إلا وقد وقع على نعمة وما لا يُعلم من نعم الله أكثر . التذكار للقرطبي ص: 125 وكان هارون بن رباب الأسيدي يقوم من الليل للتهجد فربما ردد هذه الآية حتى يُصبح : ( قالوا يا ليتنا نُردّ ولا نكذّب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ) ويبكي حتى يُصبح . ومما يعين على التدبر أيضا حفظ القرآن والأذكار المتنوعة في الأركان المختلفة ليتلوها ويذكرها ليتفكّر فيها . ولا شك أن هذا العمل ـ من التدبر والتفكر والترديد والتفاعل ـ من أعظم ما يزيد الخشوع كما قال الله تعالى : { ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا } وفيما يلي قصة مؤثرة يتبين فيها تدبره وخشوعه صلى الله عليه وسلم مع بيان وجوب التفكر في الآيات : عن عطاء قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقال ابن عمير : حدّثينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكت وقالت : قام ليلة من الليالي فقال: يا عائشة ذريني أتعبّد لربي ، قالت : قلت : والله إني لأحبّ قربك ، وأحب ما يسرّك ، قالت : فقام فتطهر ثم قام يصلي ، فلم يزل يبكي حتى بلّ حجره ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ، وجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ لقد نزلت عليّ الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتفكّر ما فيها : { إن في خلق السموات والأرض ... الآية } رواه ابن حبّان وقال في السلسلة الصحيحة رقم 68 : وهذا إسناد جيد . ومن التجاوب مع الآيات التأمين بعد الفاتحة وفيه أجر عظيم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنُوا فإنه مَن وافق تأمِينُهُ تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري رقم 747 وهكذا التجاوب مع الإمام في قوله سمع الله لمن حمده فيقول المأموم ربنا ولك الحمد وفيه أجر عظيم فعن رفاعة ابن رافع الزرقي قال : كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده ، قال رجل وراءه : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فلما انصرف قال : من المتكلم ، قال : أنا ، قال : رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أولُ . رواه البخاري الفتح 2/284 ( 5 ) أن يقطّع قراءته آيةً آية وذلك أدعى للفهم والتدبر وهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرت أم سلمة رضي الله عنها قراءة رسول الله عليه وسلم ( بسم الله الرحمن الرحيم ، وفي رواية : ثم يقف ثم يقول ، الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، وفي رواية : ثم يقف ثم يقول : ملك يوم الدين ) يقطّع قراءته آيةً آية رواه أبو داود رقم 4001 وصححه الألباني في الإرواء وذكر طرقه 2/60 والوقوف عند رؤوس الآي سنّة وإن تعلّقت في المعنى بما بعدها . ( 6 ) ترتيل القراءة وتحسين الصوت بها : كما قال الله عز وجل : { ورتل القرآن ترتيلا } وكانت قراءته صلى الله عليه وسلم ( مفسرة حرفاً حرفا . ) مسند أحمد 6/294 بسند صحيح صفة الصلاة : ص: 105 ( وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها ) رواه مسلم رقم 733 وهذا الترتيل والترسل أدعى للتفكر والخشوع بخلاف الإسراع والعجلة . ومما يعين على الخشوع أيضا تحسين الصوت بالتلاوة وفي ذلك وصايا نبوية منها قوله صلى الله عليه و سلم : ( زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا ) أخرجه الحاكم 1/575 و هو في صحيح الجامع رقم 3581 وليس المقصود بتحسين الصوت:التمطيط والقراءة على ألحان أهل الفسق وإنما جمال الصوت مع القراءة بحزن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله ) رواه إبن ماجه 1/1339 و هو في صحيح الجامع رقم 2202 ( 7 ) أن يعلم أن الله يُجيبه في صلاته : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : الحمد لله رب العالمين قال الله : حمدني عبدي فإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال الله : أثنى عليّ عبدي ، فإذا قال : مالك يوم الدين ، قال الله : مجّدني عبدي ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين ، قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : إهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل . ) صحيح مسلم كتاب الصلاة باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وهذا حديث عظيم جليل لو استحضره كل مصلٍّ لحصل له خشوع بالغ ولوجد للفاتحة أثرا عظيما كيف لا وهو يستشعر أن ربّه يخاطبه ثم يعطيه سؤله . وينبغي إجلال هذه المخاطبة وقدرها حقّ قدرها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أحدكم إذا قام يصلي فإنما يناجي ربه فلينظر كيف يناجيه )مستدرك الحاكم 1/236 و هو في صحيح الجامع رقم 1538 ( 8 ) الصلاة إلى سترة والدنو منها من الأمور المفيدة لتحصيل الخشوع في الصلاة الاهتمام بالسترة والصلاة إليها فإن ذلك أقصر لنظر المصلي وأحفظ له من الشيطان وأبعد له عن مرور الناس بين يديه فإنه يشوّش ويُنقص أجر المصلي . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة و ليدن منها ) رواه أبو داود رقم 695 1/446 و هو في صحيح الجامع رقم 651 وللدنو من السترة فائدة عظيمة ، قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) رواه أبو داود رقم 695 1/446 و هو في صحيح الجامع رقم 650 والسنّة في الدنوّ من السترة أن يكون بينه وبين السترة ثلاثة أذرع وبينها وبين موضع سجوده ممرّ شاة كما ورد في الأحاديث الصحيحة . البخاري أنظر الفتح 1/574 ، 579 وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم المصلي بأن لا يسمح لأحد أن يمرّ بينه وبين سترته فقال: ( إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه ، و ليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين ) رواه مسلم 1/260 و هو في صحيح الجامع رقم 755 قال النووي رحمه الله تعالى : " والحكمة في السترة كف ّ البصر عما وراءه ومنع من يجتاز بقربه .. وتمنع الشيطان المرور والتعرض لإفساد صلاته " شرح صحيح مسلم 4/216 ( 9 ) وضع اليمنى على اليسرى على الصّدر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة (وضع يده اليمنى على اليسرى)مسلم رقم401 و( كان يضعهما على الصدر) أبوداود رقم759 وانظر إرواء الغليل 2/71وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنا معشر الأنبياء أمرنا..أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة)رواه الطبراني في المعجم الكبير رقم11485قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح؛المجمع 3/155 وسئل الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن المراد بوضع اليدين إحداهما على الأخرى حال القيام فقال : هو ذلّ بين يدي العزيز الخشوع في الصلاة .ابن رجب ص:21 قال ابن حجر رحمه الله تعالى : قال العلماء : الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع . فتح الباري 2/224 (10) النظر إلى موضع السجود : لما ورد عن عائشة(كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى طأطأ رأسه و رمى ببصره نحو الأرض ) رواه الحاكم ا/479 وقال صحيح على شرط الشيخين و وافقه الألباني صفة الصلاة ص 89 ( و لما دخل الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج عنها ). رواه الحاكم في المستدرك 1 /479 وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، قال الألباني وهو كما قالا ؛ إرواء الغليل 2/73 أما إذا جلس للتشهد فإنه ينظر إلى أصبعه المشيرة وهو يحركها لما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا جلس للتشهد ( يشير بأصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة ويرمي ببصره إليها) رواه ابن خزيمة 1/355 رقم 719 وقال المحقق : إسناده صحيح وانظر صفة الصلاة ص: 139 وفي رواية ( وأشار بالسبابة ولم يجاوز بصره إشارته ) رواه أحمد 4/3 وأبو داود رقم 990 .