شريفة محمد العبودي
انتشرت في الأسواق مؤخرا أنواع من الزيوت النباتية غير محددة الهوية، أي مكتوب عليها فقط: زيت طعام أو زيت نباتي أو ما إلى ذلك. وهي زيوت تتكون في الغالب من زيت الصويا مع زيت الذرة أو زيت بذرة القطن أو غيرها من الزيوت الرخيصة.
وأحد أسباب عدم ذكر مكونات الزيوت بشكل ظاهر هو إخفاء أن أحد مكوناتها هو زيت الصويا بعد تنامي الوعي بعدم مناسبة هذا الزيت للصحة لأن استخلاص الزيت من حبوب الصويا القاسية يتطلب عمليات تقنيّة معقدة تشمل جرش حبوب الصويا ثم سحقها ثم استخلاص الزيت منها عن طريق تعريضها لدرجات حرارة وضغط عاليين مع استخدام مذيبات كيميائية.
ومن الناحية التغذوية، يتعرّض زيت الصويا أثناء الإنتاج للضوء والحرارة والأكسجين مما يتلف العناصر الغذائية فيه ويحمله بالجذور الحرّة free radicals التي تسبب موت الخلايا.
كما يتمثل التلف بتزنخ الزيت وظهور رائحة غير مستساغة فيه، وهذا يدفع شركات التصنيع إلى تعريض الزيت مرّة أخرى لهدرجة خفيفة وحرارة عالية لتكريره وتخليصه من الرائحة غير المستحبّة ليصبح مقبولاً لدى المستهلك، وهذا يميت الزيت ويغيّر تركيبته.
زبدة الصويا وسمن الصويا:
زبدة الصويا Soy margarine وسمن الصويا soy shortening منتجان شبيهان بالزبدة العادية والسمن العادي بسبب معالجة زيت الصويا السائل بالهيدروجين لتحويل قوامه إلى الصلب ثم إضافة مواد أخرى كالنشا والمستحلبات الصابونيّة إليه، وبعدها تتم إضافة اللون الأصفر والنكهة إليه.
ابتدأ انتاجها كبدائل للزبدة والسمن من مصادر حيوانية. واليوم يتكون 90٪ من هذه البدائل من زيت الصويا. وزبدة الصويا أو زيت الصويا المهدرج وسمنه تستخدم على نطاق واسع في التصنيع الغذائي خاصة في صناعة الأطعمة السريعة (غمر البطاطس به قبل قليه) وإنتاج أنواع الكريمة النباتية (المخفوقة بشكل خاص)لأنه يؤدي إلى إطالة عمر المنتج وتحسين شكله.
أما من الناحية التغذوية فزبدة الصويا (وسمنه وإن كان بدرجة أقل) تعتبر من الدهون المصنّعة المحوّرة trans fats وهي أسوأ أنواع الدهون التي من الممكن أن تسبب العديد من الأمراض تبدأ بأمراض القلب والسرطان والسمنة ولا تنتهي عند التوحد وصعوبات التعلّم.
ومن المهم معرفة أن الدهون الجيّدة غير المعالجة مهمة للجسم ف 60٪ من مخ الإنسان مكوّن من الدهون، والدهون ضرورية لنقل فيتامينات أ، د، ه، ك، وتسهيل امتصاص المعادن وبناء الهرمونات وترطيب البشرة وتدعيم الأعضاء الحيوية كالقلب والكلى والكبد، وضمان مرونة جدران الخلايا، وكبح الشهية.
والدعوة إلى تناول كفاية الجسم من الدهون الجيدة تتعارض مع الموجة الحاليّة الداعية إلى التقليل من الدهون دون التفريق بين ما هو نافع وضروري منها وما هو مضرّ، ولكن هذه الموجة ابتدأت تنحسر (وإن ببطء) مع تنامي الوعي بمخاطر التصنيع الغذائي وما يسببه من تغيير لبنية الأطعمة وتقبّل الجسم لها.