عُنُق الرَّحِم هو الجزءُ الأسفل من الرَّحِم، والرحم هو المكان الذي ينمو فيه الجنينُ في أثناء الحَمل. ولعُنُق الرَّحِم فتحةٌ صغيرة تتَّسِع عندَ الولادة. وتسمح هذه الفتحةُ بخروج دم الحَيض من رَحِم المرأة. يمكن أن يُجري الطبيبُ اختبارَ لُطاخَة بابانيكولاو في أثناء الفحص الصحِّي للمرأة حتى يتحَرَّى عن وجود تغيُّرات في خلايا عُنُق الرَّحِم، بما في ذلك التغيُّراتُ التي تدلُّ على الإصابة بسرطان عُنُق الرَّحِم. لكن هناك مشكلاتٌ صحِّية أخرى يمكن أن تُصيبَ عُنُق الرَّحِم، ومنها: • سلائِل (أو بوليبات) وكِيسات عُنُق الرَّحِم: وهي أشكال من النُّموِّ الورمي الشاذِّ في عُنُق الرَّحِم. • التهاب عُنُق الرَّحِم.
مقدِّمة
عُنُقُ الرَّحِم هو الجزءُ الأسفل من الرَّحِم. وهناك اضطراباتٌ مختلفة كثيرة يمكن أن تُصيبَ عُنُق الرَّحِم. يرتبط بعضُ اضطرابات عُنُق الرَّحِم بتغيُّرات تطرأ على خلاياه. ويعدُّ سرطانُ عُنُق الرَّحِم ثاني أكثر السرطانات التي تصيب النساءَ شيوعاً في العالم كلِّه. رغم أنَّ معظمَ التغيُّرات التي تُصيب خلايا عُنُق الرَّحِم ليست سرطانية، غير أنه من المهمِّ إجراءُ اختبارات منتظمة لعُنُق الرَّحِم للتأكُّد من عدم وجود السرطان أو أيِّ التهاب خطير. يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم اضطرابات عُنُق الرَّحِم. وهو يتناول الاضطرابات الشائعة لعنق الرحم، ويناقش تشخيصَها والوقاية منها.
الجهازُ الإنجابي لدى المرأة
عُنُقُ الرَّحِم واحدٌ من أجزاء الجهاز الإنجابي عندَ المرأة. ويتألَّف هذا الجهازُ من الأعضاء التي تُساهم في إنتاج الأجِنَّة. تقع الأعضاءُ الإنجابية لدى المرأة في منطقة الحوض، بين المثانة والمُستقيم. عُنُقُ الرَّحِم هو الجزءُ السفلي من الرَّحِم، وهو الجزءُ الأكثر ضيقاً، حيث يمثِّل مَمرَّاً يصل الرَّحِم بالمَهبِل. وفي أثناء فترة الحيض، يجري الدمُ من الرَّحِم عبر عُنُق الرَّحِم، ثم إلى المهبل الذي ينفتح على خارج الجسم. يُنتِج عُنُق الرَّحِم سائلاً كثيفاً زَلِقاً يُدعى "المُخاط". وفي أثناء ممارسة الجنس، يساعد هذا المُخاطُ الحيوانات المَنَوية (النطاف) على الانتقال من المهبَل إلى الرَّحِم مروراً بعُنُق الرَّحِم. عندَ قيام المبيض بإطلاق البيضة، تذهب البيضةُ إلى الرَّحِم عبر أنبوب فالوب (البوق الرَّحمي)، حيث يُمكن أن يجري إخصابها من قبل السائل المَنَوي، ومن الممكن أن تلتصق البيضةُ المُخصَّبة بجدار الرَّحِم حتَّى تُواصِل نموَّها. إذا حَملت المرأةُ، فإنَّ الجنينَ يظلُّ في الرَّحِم حتَّى ولادته. والرَّحِمُ قادر على التَّوَسُّع إلى حدٍّ كبير. خلال فترة الحمل، يظلُّ عُنُق الرَّحِم مغلقاً بإحكام حتَّى يُحافظَ على الجنين داخل الرَّحِم. أمَّا عندَ الولادة، فإنَّه ينفتِح حتَّى يسمحَ للوليد بالخروج عبرَ المهبَل.
اضطراباتُ عُنُق الرَّحِم
تُصابُ نساءٌ كثيرات باضطرابات عُنُق الرَّحِم. ومن الممكن أن يسمحَ اكتشافُ تلك الاضطرابات ومعالجتها في وقت مبكِّر بالوقاية من مُضاعفاتها. تخشى نساءٌ كثيرات الإصابةَ بالسرطان عندما يجري العثورُ على خلايا شاذَّة في أعناق أرحامهن. لكن من النادر أن تكونَ النساء اللواتي يعانين من تغيرات في خلايا عنق الرحم مصابات بالسرطان. وتُدعى حالةُ وجود خلايا شاذَّة غير سرطانية باسم "خَلل التَّنَسُّج". في أغلب الأحيان لا تستدعي حالةُ خلل التنسج الخفيفة أيَّةَ معالجة. لكنَّ الحالاتِ الشديدةَ يمكن أن تتحوَّلَ إلى حالات سرطانية إذا لم تُعالَج. هناك اضطراباتٌ شائعة أخرى تصيب عُنُقَ الرَّحِم، ومنها: سلائِل (بوليبات) وكيسات عُنُق الرَّحِم.
التهاب عُنُق الرَّحِم.
وسوف تتناول الأقسامُ التالية كلاًّ من هذه الاضطرابات الشائعة بمزيد من التعمُّق. من الممكن أيضاً أن تعاني خلايا عُنُق الرَّحِم من تغيُّرات بسبب العدوى، أو بسبب التغيُّرات الهرمونية في أثناء الحمل، أو عندَ الوصول إلى سنِّ انقطاع الطَّمث (أو سن اليأس).
السلائلُ (البوليبات) والكيسات في عُنُق الرَّحِم
قد تطرأ على خلايا عُنُق الرَّحِم تَغيُّرات بسبب السلائل (بوليبات) أو الكِيسات. السِّليلةُ هي نموٌّ شاذٌّ في نسيج عُنُق الرَّحِم. أمَّا الكيسةُ فهي نموٌّ على شكل جَيب يمكن أن يكونَ ممتلئاً بسائل أو بمادَّة أخرى. لا تظهر أيَّةُ أعراض تدلُّ على السلائل والكيسات في عنق الرحم عادةً. لكن من الممكن اكتشافها في أثناء الفحص الدوري لمنطقة الحوض. تجري إزالةُ السلائل في عنق الرحم عادةً، ثمَّ يجري اختبارها. وفي معظم الأحيان، يتَّضِح أنَّها حميدة، وليست سرطانية. يمكن أن تتشكَّلَ كيساتُ عُنُق الرَّحِم عندما ينمو النَّسيجُ الخارجي لعنق الرحم، فيغطِّي النسيجَ المُنتِج للمخاط. وهذا ما يجعل المخاطَ يتَجمَّع، ويشكِّل كيسات. لا تتطلَّب الكيساتُ مُعالجةً في الأحوال العادية. لكن من الممكن أن تجري إزالتُها لاختبارها في حالة وجود نزف غير طبيعي أو ألم في الحوض، أو في حالة الإحساس بالألم في أثناء الجِّماع، لأنَّ هذه الأعراضَ قد تشير إلى وجود سرطان عُنُق الرَّحِم.
التهابُ عُنُق الرَّحِم
يعدُّ التهابُ عُنُق الرَّحِم من اضطرابات عُنُق الرَّحِم الشائعة. ومن الممكن أن يسبِّبَ هذا الالتهابُ حدوثَ تغيُّرات في خلايا عنق الرحم. ويظهر الالتهابُ على شكل انتفاخ وتورم في عُنُق الرَّحِم. يمكن أن تشملَ أعراضُ التهاب عُنُق الرَّحِم تَغيُّراتٍ في المفرَزات المهبليَّة أو نزفاً بين فترات الحيض. كما أنَّ الألمَ في أثناء الجِماع والتَّبَوُّل المتكرِّر المؤلِّم يُعدَّان من أعراض التهاب عُنُق الرَّحِم أيضاً. لكنَّ هذا الالتهابَ لا يُسبِّب أيَّةَ أعراض في بعض الأحيان. كثيراً ما يحدث التهابُ عُنُق الرَّحِم نتيجةَ أمراضِ منقولة بالجنس. لكنَّه يُمكن أن ينجُم أيضاً عن رد فعل تَحسُّسي أو عن فَرط نُموٍّ جرثومي. تنجح الأدويةُ التي يصفها الطبيبُ في شِفاء التهابات عُنُق الرَّحِم عادةً. لكنَّ الطبيبَ يمكن أن يقرِّرَ عدمَ إعطاء أيِّ دواء إذا كان الالتهابُ غير ناجِم عن عدوى منتقلة بالجنس.
الاختباراتُ والتشخيص
يجري اكتشافُ اضطرابات عُنُق الرَّحِم عادة في أثناء فحص الحوض أو عند إجراء اختبار بابانيكولاو. وهذه الاختباراتُ كلُّها تتحرَّى عن تَغيُّرات خلايا أنسجة عُنُق الرَّحِم. يتحَقَّق الطبيبُ في أثناء فحص الحَوض من أن أعضاء المرأة الداخلية في حالة طبيعية. ويحاول العثورَ على أيَّة كتل أو أيَّة تغيُّرات. وهو يستخدم منظاراً لفتح المهبل والنَّظر إلى عُنُق الرَّحِم. ومن الممكن أن يأخذَ في أثناء فحص الحوض عَيِّناتٍ لإجراء اختبار بابانيكولاو. إنَّ اختبارَ لُطاخة بابانيكولاو هو من أفضل الاختبارات للتحرِّي عن التغيُّرات في خلايا عُنُق الرَّحِم؛ وهو يحمل اسمَ الطبيب الذي جعله واسع الشُّهرَة، الدكتور بابانيكولاو. من الممكن الوقاية من معظم حالات سرطان عُنُق الرَّحِم عن طريق إجراء هذا الاختبار على نحو منتظم. هدفُ اختبار لطاخة بابانيكولاو هو الحصولُ على عيِّنة من عُنُق الرَّحِم عبر استخراج "لطاخة" من نسيجه. وبعدَ ذلك، تُرسَل اللطاخةُ إلى المختبر لتحليلها. من الممكن أن تؤدِّي تغيُّرات خلايا عُنُق الرَّحِم إلى السرطان إذا لم يتمَّ رصدُها وعلاجها في مراحلها الأولى. كما أنَّ فرصة نجاح المعالجة تزداد كلَّما أمكنَ اكتشافُ التغيُّرات الشاذَّة في وقت أبكر. عندَ اكتشاف التغيُّرات الشاذَّة في وقت مبكِّر، يكون شفاء معظم التغيُّرات والسرطانات في عُنُق الرَّحِم ممكناً. ولذلك، على كلِّ امرأة أن تجري اختبار بابانيكولاو على نحو منتظم. هناك اختبارٌ آخر يمكن إجراؤه، وهو اختبارُ فيروس الوَرَم الحُلَيمي البَشَري. إذا أُصيبت المرأةُ بهذا الفيروس، فمن الممكن أن تنجم عنه تغيُّرات شاذَّة في خلايا عُنُق الرَّحِم. تُشفى معظمُ الإصابات بفيروس الوَرَم الحُلَيمي، وتزول من تلقاء نفسها. لكنَّ بعضها لا يزول من تلقاء نفسه. وهذا ما يمكن أن يجعل الخلايا المُصابة خلايا قبل سرطانية. وإذا لم يتمَّ العُثورُ على تلك الخلايا، ولم تُعالَج، فمن الممكن أن تتطوَّر إلى سرطان عُنُق الرَّحِم. لا تظهر أيَّةُ أعراض في معظم حالات الإصابة بفيروس الوَرَم الحُلَيمي البشري. لكن من الممكن أن يؤدِّي الاختبارُ الخاص بهذا الوَرم إلى اكتشاف الإصابة قبلَ حدوث تغيُّرات في خلايا عُنُق الرَّحِم. إذا أظهر اختبارُ بابانيكولاو وجودَ خلايا شاذَّة، فمن الممكن إجراء تنظير للمهبل. وخلال التنظير، يجري استخدامُ جهاز تكبير مضاء خاص لفحص الفَرج والمهبل وعُنُق الرَّحِم. إذا عَثر الطبيبُ على بقعة شاذَّة في أثناء تنظير المهبل، فمن الممكن أن يُزيلها كلَّها أو قسماً منها؛ ثمَّ يجري إرسالُ النسيج المُقتَطَع إلى طبيب التشريح المَرَضي لإختبارها. في حال عدم وجود أيَّة شُذوذ واضحة في الجزء الخارجي من أنسجة عُنُق الرَّحِم، فقد يُجري الطبيب تَجريفاً داخل عُنُق الرَّحِم بحثاً عن أيَّة شذوذ غير واضحة.
الخلاصة
اضطرابُ عُنُق الرَّحِم هو تغيُّر يطرأ على العمل الطبيعي لعُنُق الرَّحِم. إنَّ عُنُق الرَّحِم هو الجزءُ السُفلي من الرَّحِم. وتكون أكثر اضطرابات عُنُق الرَّحِم على صِلة بحدوث تغيُّرات في خلاياه. في جميع الحالات تقريباً، لا تكون المرأةُ المُصابة بتغيرات في خلايا عُنُق الرَّحِم مُصابةً بالسرطان. أمَّا خللُ التَّنَسُّج في عُنُق الرَّحِم فهو خلايا شاذَّة في عُنُق الرَّحِم، لكنَّها ليست خلايا سرطانية. ومن اضطرابات عُنُق الرَّحِم الشائعة الأخرى: السلائِل (البوليبات) والكِيساتُ، إضافة إلى التهاب عُنُق الرَّحِم. يجري اكتشافُ اضطرابات عُنُق الرَّحِم عادةً في أثناء فحص الحوض أو عندَ إجراء اختبار بابانيكولاو. وقد تُجرى اختباراتٌ أخرى، كاختبار الوَرَم الحُليمي البَشَري وتنظير المِهبل. تعدُّ الكثيرُ من تغيُّرات خلايا عُنُق الرَّحِم أمراً شائعاً جداً. وعندَ العثور على هذه التغيُّرات ومعالجتها في وقت مبكِّر، تتمكَّن معظمُ النساء من تفادي المُضاعفات.