بحث طبي عن ضعف عضلة القلب
ضعف عضلة القلب (عجز القلب Heart failure) – يا له من مصطلح مخيف. ولسوء الحظ، يرسخ عجز القلب في أذهان الناس فكرة توقف القلب تماما عن العمل. ربما يكون المصطلح الأفضل هو قلب معطل، وهذا يعني أنه إما لا يضخ الدم بشكل جيد أو لا يتلقى الإمداد الدموي بشكل جيد.
ومن المهم أيضا أن نفهم أن هناك نوعين من عجز القلب. أحيانا أفسره على أنه عجز قلب ضعيف weak - heart heart failure وعجز قلب متيبس stiff - heart heart failure.
مامعنى ضعف عضلة القلب
- القلب الضعيف يعاني من صعوبة في ضخ الدم. ونطلق على هذا المرض اسم «عجز القلب الانقباضي» (Systolic dysfunction heart failure) أو «عجز الكسر القذفي المنخفض» (Low–ejection - fraction heart failure.)
- الكسر القذفي هو كمية الدم التي تضخ من القلب مع كل دقة. وتبلغ نسبة الكسر القذفي في القلب السليم نحو 60 في المائة. وإذا ما انخفضت نسبة الكسر القذفي عن 50 في المائة، فإن هذا يعني أن هناك حالة غير طبيعية. ويعاني كثير من الناس من أعراض مثل الإنهاك أو صعوبة التنفس عندما تنخفض النسبة عن 40 في المائة، لكن البعض لن تظهر عليه أي أعراض غريبة إلا عندما تقل النسبة عن 30 في المائة.
الاختلاف بين عجز القلب الضعيف وعجز القلب المتيبس.
إن عجز القلب المتيبس هو حالة مرضية مختلفة تماما، ففيها يضخ القلب كمية دم كافية، ولكن نظرا لتيبسه، فإنه لا يرتخي، ويزداد الضغط داخل القلب. ويشير الأطباء لعجز القلب المتيبس باسم عجز القلب الانقباضي أو عجز القلب مع الاحتفاظ بنسبة الانقباض.
وتندرج نحو نصف حالات عجز القلب ضمن فئة عجز القلب المتيبس، لكن لا تتم ملاحظتها.
ومع ذلك، فإن الأعراض الأساسية عادة ما تكون متماثلة في النوعين. وعادة ما يتمثل أول الأعراض في صعوبة التنفس والإجهاد. وتنجم الأعراض اللاحقة عن احتباس السوائل في الجسم، الأمر الذي يمكن أن يسبب ضيقا في التنفس أثناء الراحة وتورم الساقين والبطن.
احتباس السوائل
* احتباس السوائل يمثل مشكلة كبيرة في مرض عجز القلب،
وهو ليس مجرد عرض. فهو بالفعل محور مشكلة عجز القلب. إن جانبا من استجابة الجسم في عملية «المجابهة أو الهروب» يتمثل في حدوث احتباس السوائل. لكنه رد فعل انعكاسي خاطئ، ويمكن أن تتسبب زيادة كمية السوائل المحتبسة بالجسم في تبعات أكثر ضررا، إذ إن القلب يتعرض للإجهاد عند زيادة كمية السوائل، ومن ثم يصبح أكثر ضعفا أو أكثر تيبسا، الأمر الذي يؤدي لاحتباس كمية أكبر من السوائل بالجسم ولمزيد من الضغط على القلب.
وكعرض، فإن احتباس السوائل لا يظهر من خلال تورم الكاحلين فقط. بل يعتبر عرض ضيق التنفس الذي يعاني منه مرضى عجز القلب إحدى تبعات تجمع السوائل في الرئتين. ويمكن أن تتجمع سوائل الجسم أيضا في البطن وتؤثر بالتبعية على الشهية والهضم.
* كيف يمكن علاج احتباس السوائل؟
- من خلال الأدوية المدرة للبول، مثل «لازيكس» Lasix ]فوروسيميد [furosemide. وفي حالة احتباس الصوديوم، نحاول تقليل كمية الصوديوم المحتبس في أجساد المصابين بعجز القلب بقيمة غرامين يوميا.
* كيف يمكن علاج عجز القلب نفسه؟
- تعتبر مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors) وحاصرات بيتا (beta blockers) أنواع الأدوية الأساسية المستخدمة في العلاج. ويبدو أن مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين تساعد في استقرار الحالة المرضية، أما حاصرات بيتا، فيمكن أن تجعل القلب أقوى وأصغر حجما.
أجهزة تنظيم القلب
* لنتحدث عن زراعة أجهزة داخل القلب. هل تصلح للقلب الضعيف أم المتيبس؟
- تصلح للقلب الضعيف. فمع تمدد القلب وتضخمه في نوع القلب الضعيف من عجز القلب، يتعطل النظام الكهربائي الذي ينسق ضربات القلب. ويمكن أن يؤدي هذا لحالتين مرضيتين يمكن مواجهتهما عن طريق زرع أجهزة تعمل بالبطاريات. وفي بعض الأحيان، يمكن ألا تقوم الحجيرتان السفليتان، أي البطينان، بضخ القلب بشكل متزامن. وفي هذه الحالة، يمكن الاستعانة بجهاز تنظيم ضربات قلب البطين لمعالجة هذا الخلل وجعل الحجيرتين تعملان بشكل منسق من جديد. ربما تجد أن ذلك النوع من العلاج يشار إليه باسم العلاج بإعادة التزامن القلبي (cardiac resynchronization therapy). وقد حقق هذا النوع تقدما كبيرا في علاج عجز القلب.
كذلك، يكون القلب الضعيف المتضخم سريع الاستجابة للمثيرات الكهربائية. ويمكن أن يؤدي هذا إلى اضطراب في ضربات القلب يهدد حياة المريض - حيث تدق حجيرات القلب بسرعة شديدة، وتعرف هذه الحالة باسم خفقان القلب Tachycardia))، أو إلى ارتجاف غير متسق، وهي الحالة التي تعرف باسم الرجفان البطيني ((ventricular fibrillation. ويمكن علاج الحالتين عن طريق زرع جهاز علاج ضربات القلب غير المنتظمة بالصدمات cardioverter - defibrillator أو جهاز «آي سي دي» ICD، الذي يجعل ضربات القلب تعود من جديد لإيقاعها الطبيعي. إن هذا الجهاز يجعلك تشعر وكأن هناك مسعفين طبيين داخل صدرك.
تنقذ أجهزة «آي سي دي» حياة بعض مرضى عجز القلب، لكنني أعتقد أن العديد من المرضى يبالغون في تقدير فائدة استخدام تلك الأجهزة.
- أولا، لن ينقذ جهاز «آي سي دي» حياتك، إذا كنت تعاني من حالة عدم انتظام في ضربات القلب تهدد حياتك نتيجة الإصابة بحالة مرضية أخرى، مثل السكتة الدماغية.
ثانيا، إن معظم المصابين بعجز القلب لا يتوفون بسبب حالة عدم انتظام في ضربات القلب تهدد حياتهم. وتتمثل أكثر حالات وفاة مرضى عجز القلب شيوعا في حدوث خلل في وظائف قلوبهم بشكل تدريجي، إذ يتباطأ تدفق الدم، ومن ثم تتعطل أجهزة الجسم. كذلك، كلما تقدمت في العمر، قل احتمال وفاتك نتيجة الإصابة بحالة مرضية غير مرتبطة على الإطلاق بعجز القلب.
إن أجهزة «آي سي دي» شكلت تقدما عظيما بالنسبة للمرضى الذين هم الأكثر تعرضا لخطر اضطرابات النظم، المميتة. ولكن ثمن الجهاز وتكلفة زرعه تصل إلى نحو 40000 دولار. ولذلك أعتقد أننا يجب أن نقوم بمناقشة أفضل السبل لاستخدام أجهزة «آي سي دي»، حيث إنه على الرغم من أنه يتم زرع الآلاف من هذه الأجهزة في كل عام، فإنها لن تكون مفيدة بالنسبة للكثيرين.
زرع القلب
* وأين تقع عمليات زرع القلب من هذا كله؟
- تعد عمليات زرع القلب أفضل علاج لبعض المرضى الذين يعانون من عجز شديد بالقلب. ولكن المشكلة على سبيل المثال هي أن نحو 2200 فقط من الأميركيين يتم إجراء عملية زرع قلب لهم كل عام، في حين أن نحو 150 ألف شخص قد يستفيدون من عملية إجراء عمليات زرع قلب لهم. وقد تساعد الأجهزة الميكانيكية التي تعمل على تقوية الدورة الدموية بعض من هؤلاء الناس حتى يتمكنوا من إجراء عملية زرع قلب، وفي بعض الأحيان يحصل الناس على هذه الأجهزة، بدلا من عملية الزرع. وهذه الأجهزة هي في الأساس مضخات تقوم بنفس وظيفة البطينين. وقد أصبحت هذه الأجهزة أقل حجما وأكثر فعالية مما كانت عليه في الماضي. وكان هذا التقدم أمرا مذهلا بكل المقاييس حيث وصل معدل البقاء على قيد الحياة لمدة عام واحد إلى 80 في المائة تقريبا، وإن كان ينبغي أن يتم انتقاء المرضى بعناية فائقة، كما أن التكلفة تكون عالية - نحو 200 ألف دولار مقابل كل سنة يظل فيها المريض على قيد الحياة.
وما زال الكثير من الناس يتصورون عندما يسمعون كلمة «عجز في القلب» أن كل شيء قد انتهى، وأنهم سيموتون، في حين أن الكثير من الناس يمكن أن يعيشوا حياة طيبة على الرغم من كونهم مصابين بعجز في القلب، وهى حياة يتم تعزيزها في كثير من الأحيان من خلال برامج التمارين الرياضية، حيث نقوم بتشجيع المرضى على مواصلة ممارسة الأنشطة التي تكون ذات مغزى بالنسبة لهم. وهناك حاجة حقيقة إلى أن يكون هناك تفاؤل أكبر بالنسبة للمرضى المصابين بعجز في القلب