ثلاثة لا يدخلون الجنة
قَد يبدو العنوان غريباً ! نحنُ لا يمكننا أن نقول من يدخل الجنة، ومن يدخل النار، ولكن من هم هؤلاء الثلاثة اللذين لا يدخلون الجنة، ولماذا !؟ ساضع في هذا المقال نبذة بسيطة عنهم !
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
(ثلاثةٌ لا يدخلون الجنَّةَ أبدًا، الدَّيوثُ، والرَّجُلةُ من النِّساءِ، ومدمنُ الخمرِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، أمَّا مدمنُ الخمرِ فقد عرفناه، فما الدَّيوثُ؟ قال: "الَّذي لا يُبالي من دخل على أهلِه"، فقلنا: فما الرَّجُلةُ من النِّساءِ؟ قال: "الَّتي تتشبَّهُ بالرِّجالِ") .
الديوث :- فسر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الديوث في هذا الحديث، بأنه الذي يُقرّ الخبث في أهله، سواء في زوجته، أو أخته، أو ابنته، ونحوهنّ . والخبث المقصود به الزنا، وبواعثه، ودواعيه، وأسبابه من خلوة، ونحوها . وهو الرجل الذي لا يغار على عرضه، ومحارمه، ويرى فيهم المنكر، ويسكت عنه . وقد ورد في الصحيحين قول الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ : قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : (لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللّهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فَقَالَ : "أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ فَوَ الله لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَالله أَغْيَرُ مِنّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ الله حَرّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ الله، وَلاَ شَخْصَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ الله، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثُ الله الْمُرْسَلِينَ مُبَشّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلاَ شَخْصَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ الله، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الله الْجَنّةَ") . قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل الديوث، بأنه لا يشم ريح الجنة يوم القيامة، وإن ريحها يبعد عنه سبعين خريفا . ويخرج من حكم الديوث، من إذا رأي منكرا في أهله نصحهم بتركه، ووجهم إلى الصواب .
الرَّجُلة :- والرَّجُلة هي المرأة المسترجلة، كما ويطلق عليها البعض في عصرنا البويه، فهي ترتدي الثياب الرجالية، وتقص شعرها قصيراً، تماماً كقصة الشباب، وتفخم صوتها، وترفعه مقلدةً صوت الرجال، وتتعامل مع الآخرين بخشونة مفرطة في محاولة لفرط الزعامة، والسيطرة الذكورية، وهي تتخلى عن كل مظاهر الأنوثة في اللبس والحديث والتصرف، وقد حذَّر الرسول أشد التحذير من هذهِ الظاهرة سواءً للنساء أو للرجال . فقد قَال -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- : (لَعَن الْمُتَشَبِّهِيْن مِن الْرِّجَال بِالْنِّسَاء، وَالْمُتَشَبِّهَات مِن الْنِّسَاء بِالْرِّجَال) . رَوَاه الْبُخَارِي مِن حَدِيْث ابْن عَبَّاس -رَضِي الْلَّه عَنْهُمَا- . وقال في حديثٍ آخر: (لَعَنَ اللهُ الْرَّجُل يَلْبَس لَبِس الْمَرْأَة، وَالْمَرْأَة تَلْبَس لُبْس الْرَّجُل) . رَوَاه الْإِمَام أَحْمَد وَأَبُو دَاوَد . وقد جاء في الذِّكر أيضاً، وَرَوَّى الْطَّبَرَانِي عَن أَبِي أُمَامَة مَرْفُوْعا : (أَرْبَعَة لُعِنُوْا فِي الْدُّنْيَا وَالآَخِرَة، وَأَمِنَت الْمَلَائِكَة : رَجُل جَعَلَه الْلَّه ذَكَرَا، فَأَنَّث نَفْسِه، وَتُشَبَّه بِالْنِّسَاء، وَامْرَأَة جَعَلَهَا الْلَّه أُنْثَى، فَتَذَكَّرْت، وَتَشَبَّهْت بِالْرِّجَال، وَالَّذِي يُضِل الْأَعْمَى، وَرَجُل حَصُوْر، وَلَن يَجْعَل الْلَّه حَصُوْرَا إِلَّا يَحْيَى ابْن زَكَرِيَّا) . ومن هذهِ الأحاديث يتضح بشاعة تشبه النساء بالرجال، ونعرف جيداً ما له من أضرار اجتماعية وبائية، تتمثل في المشاكل الأسرية، والتشتت العائلي، وغياب دور الأم الحاضنة والمربية .
مدمن الخمر :- وهو الذي يعاقر الخمر، ويموت وهو على ذلك . وقد ورد عن الرسول قوله : (ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير) . وقد وصفه الله تعالى بأنه عملً من عمل الشيطان في قوله : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" . والخمر هي أم الكبائر، فمن شرب الخمر استحلَّ جميع الحرام بعدها، وهانت عليه كلِّ الذنوب، فهي تمحي العقل، وتذهب الإرادة، وتساوي الإنسان بالبهائم .
وفي النهاية، نسأل الله التوبة والهداية للعصاة والمذنبين؛ لأنَّ الله يقبل توبة عبده طالما عاد إليه، ونسأله أن يبعدنا عن شر الدنيا، ويختمنا بحسن الخاتمة