فتح المدائن أو ما كانت تسمّى بتيسفون، هي من أشهر معارك المسلمين التي خاضوها في العراق في أثناء الفتوحات الإسلاميّة فيها، ووقعت أحداث هذه المعركة الفاصلة في شهر صفر من العام 16 من الهجرة النبويّة الشريفة. كانت المدائن هي العاصمة الرئيسيّة التي كان ملوك الأكاسرة الساسانية يقطنون فيها، وقد قام العرب بتسميتها المدائن نظراً إلى أنّ هذه المدينة هي عبارة عن سبع مدائن، وتبعد المدائن عن بغداد العاصمة العراقيّة الحالية حوالي 25 كيلو متراً تقريباً، كما وتحتوي هذه المدينة على إيوان كسرى، وإيوان كسرى هو واحد من قصور (كسرى أنوشران)، حيث هدم هذا القصر وبقيت آثاره فقط.
بعد أن مكّن الله تعالى المسلمين في معركة القادسية بشهرين تقريباً، أصدر خليفة المسلمين عمر بن الخطاب أوامره إلى سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – آنذاك، بالسير والتوجه لفتح عاصمة الفرس (المدائن)، توجّه هذا الجيش العظيم إلى المدائن، وقاتل من لاقاهم من الفرس في طريقه، ومكث فترة من الزمن في مدينة بابل العراقية، بعدها أرسل سعد بن أبي وقاص أحد قادته لفتح المدائن الغربية فوفقه الله تعالى ونصره، بعد ذلك سار سعد بن أبي وقاص بجنده إلى أن وصل إلى المدائن الشرقيّة وهي التي تحتوي على إيوان كسرى، والإيوان بناء مهول يرتفع تقريباً حوالي 29 متراً ( عشرة طوابق تقريباً ). كان المسلمون في ذلك الوقت يعيشون حياة بسيطة جداً، فلم يكونوا قد اعتادوا على مثل هذه الأمور، فقد كان الإيوان مبنياً بشكل ضخم وفوقه بنيت قبّة شكلها بيضاوي، فلما رآها ضرار بن الخطاب من بعيد صاح قائلاً: (هذا ما وعد الله ورسوله)، وكانت هذه هي نبوءة الرسول الأعظم في غزوة الخندق.
عبَر سعد بن أبي وقاص بجيش المسلمين نهر دجلة العظيم، من المكان الأضيق فيه، وقد كانت هذه مشورة من سلمان الفارسي – رضي الله عنه -، فلما رأى الفرس هذا الأمر هربوا مباشرة وتركوا كنوزهم وكل شيء خلفهم، فدخل المسلمون وسعد بن أبي وقاص إلى إيوان كسرى، وكان هذا الدخول العظيم بعد عدد قليل من الأيام حيث كان كسرى يتهدّد ويتوعّد من نفس المكان الذي وطأته أقدام المسلمين فاتحين.
من أهم الأمور التي يجدر ذكرها في هذا المقام أنّ سعد بن أبي وقاص عندما دخل قصر كسرى، كان في القصر عدد كبير من اللوحات والتماثيل، فما كان من سعد بن أبي وقاص إلا أن تركها على حالها ولم يقترب منها.