استخلف المسلمون بعد وفاة النّبي محمّد عليه الصّلاة و السّلام أبو بكر الصّديق رضي الله عنه ، فقد كان صاحب رسول الله و رفيقه ، صدّقه حين كذّبه النّاس و نصره ، و هاجر معه إلى المدينة حين اشتدت الأمور بالمسلمين و ضاقت عليهم الأرض ، فكان رفيقه في غار ثورٍ حيث اختبىء النّبي عليه الصّلاة و السّلام معه من مطاردة الكفّار من قريش ، و حين أتى المسلمون المدينة أسّسوا دولة الإسلام بقيادة النّبي عليه الصّلاة و السّلام ، لتكون نواتها المدينة ثمّ لتتّسع لتشمل أجزاءً كبيرةً من جزيرة العرب ، و قد كانت القبائل تؤدّي زكاة أموالها إلى رسول الله عليه الصّلاة و السّلام ، و لمّا توفّي النّبي و استخلف المسلمون أبو بكر الصّديق ليكون خليفةً للمسلمين ، اجتمع عدد من القبائل و أجمعوا على أن لا يؤدّوا زكاة أموالهم التي فرضها الله سبحانه و تعالى على المسلمين إلى بيت مال المسلمين في المدينة بحجّة وفاة النّبي .
أدرك سيّدنا أبو بكر الصّديق رضي الله عنه وجوب دفع الزّكاة و فرضيّتها ، فقرّر مقاتلة القبائل التي امتنعت عن دفع الزّكاة و سمّيت تلك القبائل بالمرتدّين ، حيث لم يرتدّوا عن الإسلام و لكن ارتدوا بتركهم ركناً أساسيّاً فيه و هو الزّكاة ، و قد أصرّ سيّدنا أبو بكر الصّديق على قتالهم معبّراً عن ذلك بقوله ، و الله لو منعوني عقال بعيرٍ كانوا يؤدّونها إلى رسول الله لقاتلتهم عليها ، فسيّر الجيوش لمقاتلة القبائل فنشبت حروبٌ كثيرةٌ كانت فيها الغلبة لجيش دولة الإسلام ، و كان من بين تلك الحروب معركةٌ كبيرةٌ عرفت بمعركة اليمامة حيث ادّعى رجلٌ اسمه مسيلمة الكذّاب النّبوة ، و زيّن لقبيلته بنو حنيفة الضّلال عن منهج الله ، فناصره عددٌ كبيرٌ من قبيلته و آمنوا فيه ، و قد أخذتهم الحميّة و القبليّة في ذلك حتى عبّر أحدهم عن ذلك بقوله ، كذاب ربيعة خير من صادق مضر ، و قد بعث أبو بكر الصّديق لهم الجيوش المتتالية بقيادة خيرة الصّحابة ، و كان النّجاح في تحقيق غلبة المسلمين و انتصارهم بعد توفيق الله و نصره حين تولى خالد بن الوليد رضي الله عنه قيادة جيش المسلمين حيث حاصر جيش المرتدين فألجأهم إلى حديقةٍ محصّنة عندهم سمّيت بحديقة الرّحمن ، و انتهت المعركة باقتحام الحديقة و قتل المدّعي الكذّاب مسيلمة .