بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
القراءة: هي نشاط يقوم على ربط مجموعة من الكلمات والنصوص والرموز مع بعضها البعض، ومن ثم القيام بتحليلها وتفسيرها وفهمها، ويؤدي الإنسان هذا النشاط باستعمال العديد من القوى والحواس والمهارات، كحاسة البصر، وحاسة النطق في بعض الأحيان، إن كانت القراءة جهرية، كما يستفيد الإنسان من خبراته الشخصية في أداء هذا النشاط.
تَكْمُن أهمية القراءة في كونها إحدى الوسائل المهمة في تحصيل العلم والمعرفة، وفي البناء الثقافي، فلا شك أن القراءة هي إحدى الطرق المثلى لإكتساب العلوم والمعارف والثقافة العامة، فالعلوم والمعارف المتنوعة موجودةٌ ومدونةٌ في بطون الكتب، وحتى يتم انتزاع هذه العلوم والمعارف من تلك الكتب لا بد من القراءة، فعن طريق القراءة تتحقق أسباب النهضة والتقدم.
والقراءة هي من الوسائل المهمة في الترويج عن النفس، وملء الفراغ، ففيها غذاءٌ للعقل، وراحةٌ للنفس، وتصفيةٌ للذهن، ومتعتها لا تضاهيها متعة، كما أن القارئ يستفيد من القصص والتجارب التي يقرؤها، وفي القراءة أيضًا تدريب وتمرين على الكلام الفصيح والبليغ.
ومن المصائب التي ابتليت فيها أمتنا في هذا الزمان أن الكثير من أبنائها لا يكترثون بالقراءة، وينفرون منها، ويظنون أن القراءة محصورة فقط في سنوات الدراسة، وأنها مقتصرة فقط على الكتب الدراسية! كما أن الكثير من طلبة الجامعات يقضون سنوات الدراسة برمتها من دون أن يستعيروا كتاباً واحداً من المكتبة! ومن المصائب الأخرى أن كثيراً ممن يهتمون بالقراءة لا يعرفون كيف يقرأون؟ وماذا يقرأون؟ ولمن يقرأون؟ فحتى يستطيع القارئ أن يقرأ بكفاءةٍ عالية، ويحقق أقصى استفادةٍ ممكنةٍ مما يقرأ، وبأقل مدةٍ ممكنة، لا بد له من تعلم فن القراءة، وأيضاً ليس كل كِتَابٍ يستحق القراءة، كما أنه ليس كل كاتب يستحق أن يُقْرَأ له. والواجب علينا في ظل هذا الوضع أن نكثف الجهود في الدعوة والتوعية إلى القراءة الهادفة المنظمة، والدعوة أيضاً إلى أن يأخذ القُرَّاء بعين الإعتبار هذه الأسئلة، وأن يعرف كل فردٍ منهم إجابتها الصحيحة: كيف أقرأ؟ وماذا أقرأ؟ ولمن أقرأ ؟
وقد ثبت في السيرة النبوية المباركة مواقف عدة تبين اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالقراءة والكتابة وتعليمها، حيث كان شَرْطُهُ على بعض الأسرى في غزوة بدر، إن أرادوا التخلص من الأسر والتحرر أن يعلموا عددًا من المسلمين القراءة والكتابة.
لا شك أن القرآن الكريم هو أعظم كتابٍ عرفته وستعرفه البشرية على الإطلاق، فهو كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل، فالقرآن الكريم هو الكتاب الذي يجب أن يعتني كل مسلم بقراءته أكثر من غيره. وإن من المؤسف أن يكون القرآن الكريم مهجورًا عند الكثير من المسلمين، ومن المؤسف أيضًا أن يكون المسلم قارئًا نشيطًا لشتى أصناف الكتب، بينما لا تجد لديه هذا النشاط في قراءة القرآن الكريم!
ونسأل الله الهداية لجميع أبناء الأمة.