موقف أبي دجانة رضي الله عنه
في غزوة أحد
**********************
عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم بتجهيز الجيش وإعداده وكان صلى الله عليه وسلم يحمل سيفه ، فقال : (( من يأخذ هذا السيف بحقه ))؟ فقام إليه رجال ، فأمسكه عنهم ، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة ، فقال : وما حقه يا رسول الله؟ قال : (( أن تضرب به العدو حتى ينحني )) قال : أنا آخذه يا رسول الله بحقه ، فأعطاه إياه وكان أبو دجانة رجلاً شجاعاً يختال عند الحرب إذا كانت ، وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء فاعتصب بها ، علم الناس أنه سيقاتل . فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخرج عصابته تلك ، فعصب بها رأسه ، ثم جعل يتبختر بين الصفين . قال ابن إسحاق : فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم مولى عمر بن الخطاب ، عن رجل من الأنصار من بني سلمة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ حين رأى أبا دجانة يتبختر ـ : (( إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن )) قال ابن إسحاق : وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد (( أمت أمت )) ثم اقتتل الناس حتى حميت الحرب وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس . قال ابن هشام : حدثني غير واحد من أهل العلم أن الزبير بن العوام قال : وجدت في نفسي ـ حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة ـ وقلت : أنا ابن صفية عمته ، ومن قريش ، وقد قمت إليه فسألته إياه قبله ، فأعطاه إياه وتركني والله لأنظرن ما يصنع ، فاتبعته فأخرج عصابة له حمراء فعصب بها رأسه ؛ فقالت الأنصار : أخرج أبو دجانة عصابة الموت ، وهكذا كانت تقول له إذا تعصب بها ، فخرج وهو يقول :
أنا الذي عاهدني خليلي ونحن بالسفح لدى النخيل
أن لا أقوم الدهر في الكيول أضرب بسيف الله والرسول
فجعل لا يلقى أحداً إلا قتله ، وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحاً إلا أجهز عليه ، فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه ، فدعوت الله أن يجمع بينهما فالتقيا ، فاختلفا ضربتين ، فضرب المشرك أبا دجانة ، قاتقاه بدرقته فعضت بسيفه ، وضربه أبو دجانة ، فقتله ، ثم رأيته قد حمل السيف على مفرق هند بنت عتبة ، ثم عدل السيف عنها ، وقال أبو دجانة : رأيت إنساناً يحمش الناس حمشاً شديداً ( يشجعهم على القتال ) فصمدت له فلما حملت عليه السيف ؛ فإذا امرأة فأكرمت سيف رسول الله أن أضرب به امرأة1 .
1 ـ السيرة النبوية لابن هشام ، ج3 ، ص11 ـ 14 .