اللعب بالنرد ، والشطرنج ، ومثله : يدل على المقاتلة مع غيره ، وعلى الشبه في المكاسب. وعلى تعطل العبادة ، والانتقال من مكان إلى آخر في طلب غريم. وإن كان مريضاً ، وتم اللعب مات ، لأن آخره شاه مات. وإن كان سليماً بلغ مراده. وروية الملاهي ، والنوائح ، أو الصوائح ، أو اللطم ، أو السواد ، في المكان الذي ليس له عادة بذلك ، فهو دال على الهموم ، والأحزان ، وخراب المكان ، وفراق الأحبة.
قال المصنف : دل اللعب بالشطرنج والنرد وشبهه على المقاتلة لكون كل خصم مجتهداً في غلب غريمه ، وعلى الشبهة في المكاسب لكون أخذ الرهن عليه بغير حق ، وعلى ترك العبادة لكون لعباً واللعب ضد العبادة ، وعلى كثرة الأسفار في طلب الغرماء لأن اللاعب ينقل ما بين يديه شبه الغرماء الطالبين بعضهم بعضاً ، فافهمه. ودلت الملاهي على الأنكاد لما يغرم عليها ، ولما يحصل من تغير العقل والحركات عند سماعها ، ولما يلهي الإنسان عن أشغاله ، ولأن العقلاء يرون تركها إلا من ضرورة ، وتذهل سمع السامع ، وترجف من لا عادة له بها ، وإذا كانت هذه مع استعمال الناس لها تعطي الأنكاد فمن طريق الأولى علامات الحزن التي ذكرناها على الأفراح. كما قالت لي امرأة حامل : رأيت عندي زمراً وطبلاً ، قلت : ترزقين ولداً ذكراً ، وتفرحين به. وقال إنسان : رأيت عندي نقارات وبنوداً ، قلت : أنت جندي تتقدم وترزق الإمرة ، فجرى ذلك. وقال آخر : رأيت أن عندي جنكاً وعوداً يضربان خفية ، قلت : أنت تشرب خفية ، قال : نعم.