ما من أمرٍ في هذهِ الدُّنيا إلّا ويجري بأمرِ الله وإرادته وتحت عِلمه جلّ جلاله، فلا يعلم الغيب والشهادة إلّا الله، ولا يملك مفاتح الخير والبركة والتوفيق إلّا الله سُبحانهُ وتعالى، والمؤمن بربّه والمتوكّل عليه دائم الاطمئنان والسكون والهدوء، فلا تراه يجزع لمصائب الحياة وتقلباتها لأنّهُ يعلم أنّ الله لا يختار لعباده إلّا ما هوَ خيرٌ لهُم في دينهم ودُنياهُم.
وبالإضافة إلى الإيمان الراسخ بعلم الله بكلّ خوافي الأمور وبواطنها فإنّه ينبغي على المُسلم الذي يُريد أن يُقبل على أمرٍ ذي بال أن يستخير الله عزَّ وجلّ ومعنى يستخير أن يطلب الأمر الذي فيه الخير من الله سُبحانهُ وتعالى، وقد كانَ الصحابة رُضوانُ الله تعالى عليهم يسألون الله تعالى في كُلِّ أمرٍ وفي كُلِّ شأنٍ من شؤون حياتهم وشؤون دينهم، فقد روى جابر رضيَ الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليهِ وسلّم كانَ يُعلّم أصحابه الاستخارة كما يُعلّمهم السورة من القُرآن.
طريقة صلاة الاستخارة بالتفصيل
تكون الاستخارة وطلب العون من الله من خلال صلاة مشروعة ودعاءٍ مسنون عن رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم، وهذا الدُعاء هوَ ما يُعرف بدُعاء الاستخارة، ويكون الدُعاء بعد صلاة ركعتين يؤدّيهما المُسلم صلاةً مخصوصة من غير صلوات الفريضة الخمسة وهُنّ صلوات الفجر والظُهر والعصر والمغرب والعشاء، ويجب أن يُصلّي المُسلم صلاة الاستخارة في غير أوقات النهي، ما عدا مكّة المُكرّمة التي يجوز الصلاة فيها للاستخارة أو غيرها في أوقات النهي وهذا عند الشافعيّة، لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار).
يكون الدعاء بالاستخارة عقب الفراغ من صلاة الاستخارة، ولا يوجد موضوع محدّد للاستخارة، فهُناك من يستخير بخصوص شراء بيت أو زواج أو سيّارة أو سفر إلى مكان ما، وأيّاً كانت الحاجة عظيمة أو وضيعة فهيَ من المشروع الصلاة لأجلها، ومن شروط الاستخارة أن تُقبل على الله عزّ وجلّ وأنت مطمئن بما سيختاره الله لك، فلا يكون لديك أي ميل لخيار دون الآخر أو سخط والعياذ بالله فإنَّ السخط لخيار الله معصيةٌ عظيمة.
صلاة الاستخارة هي ركعتين كما في باقي الصلوات بتكبيرها وركوعها وسجودها وفي التشهد والتسليم، وبعد الفراغ من الصلاة يتوجّه المُستخير إلى الله سُبحانهُ وتعالى بدعاء الاستخارة الذي وردنا عن رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم : (اللهم إنّي أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسالك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به).