وأنت لا تحتاج أن تكون عبقريا لترى أنه بعد عشرة أعوام ستكون الشركة قد حققت إجمالي ربح 100 مليون جنيه إسترليني - أي التكلفة الكلية لاستثماراتهم في البداية.
فإذا كانت "التضحية" هي التي تُكافَأ، فبالتأكيد بعد العشرة أعوام الأولى ستكون كل الربحية قد انتهت.
وعند هذه النقطة، سيكون الرأسماليون قد حصلوا على المبلغ الكامل الذي وضعوه كرأسمال في البداية. ولكن في الواقع، أصبح الرأسمالي الآن أكثر ثراء عن السابق بالضعف.
فهو يمتلك استثماره الأصلي و الأرباح المتراكمة.
أما بالنسبة للعمال في هذه الأثناء، فهم قد ضحّوا بمعظم طاقتهم التي تعينهم على الحياة وذلك بالعمل في المصنع لمدة 8 ساعات يوميا، أي 48 ساعة أسبوعيا.
هل أصبحوا أكثر ثراء بالضعف في نهاية الأعوام العشرة عن البداية؟
بالطبع لا.
وحتى إذا كان العامل يدّخر بشكل متصل، فهو لن يستطيع أن يشتري أكثر من تليفزيون ملون مثلا أو سيارة مستعملة، أو ما شابه ذلك.
فالعامل لن يتمكن أبدا من أن يدخر المال الذي يجعله قادرا على شراء المصنع الذي يعمل به.
وهكذا، "فالعمل اليومي المنصف مقابل الأجر اليومي المنصف" قد ضاعف من رأسمال الرأسمالي بينما ترك العامل بدون رأسمال وبدون بديل غير أن يستمر في العمل بنفس الأجر تقريبا.
فـ "الحقوق المتساوية" للرأسمالي والعامل قد تزايدت بشكل غير متساوي.
إن واحدة من أعظم اكتشافات كارل ماركس هو تفسيره لهذا التناقض الواضح. فليس هناك أي آلية تفرض على الرأسمالي أن يدفع لعماله القيمة الكاملة لعملهم.
فالعامل الذي يعمل في الصناعات الهندسية اليوم، على سبيل المثال، يمكن أن ينتج ما قيمته 400 جنيه إسترليني في الأسبوع الواحد.
ولكن هذا لا يعني أنه سيحصل على نفس هذا المبلغ كأجر، ففي 99% من الحالات، يحصل العامل على أقل بكثير من هذا المبلغ.
أما البديل بالنسبة للعامل فهو أن يجوع (أو يعيش على المبالغ التعيسة التي يقدمها له الضمان الاجتماعي).
ولذلك فالعمال يطالبون ليس بالقيمة الكاملة لما ينتجون، ولكن ما يكفي لتوفير ظروف معيشية محتملة. فالعامل يأخذ أجرا يكفيه فقط لكي يستطيع بذل كل مجهوده وكل قدرته على العمل يوميا (وهو ما أطلق عليه ماركس قوة عمله) لحساب الرأسمالي.
ومن وجهة نظر الرأسمالي، إذا تم دفع أجر للعمال يكفيهم لمواصلة العمل وتنشئة أطفالهم كجيل جديد من العمال، فهم بذلك يحصلون على مبلغ منصف لقوة عملهم.
ولكن قيمة الثروة التي يحتاجونها للحفاظ على مواصلة العمال للعمل أقل كثيرا جدا من قيمة الثروة التي ينتجونها من خلال عملهم - أي قيمة قوة عملهم أقل كثيرا جدا من القيمة التي حققوها من خلال عملهم.
والفرق يذهب إلى جيوب الرأسمالي. أطلق ماركس على ذلك "فائض القيمة".
التوسع الذاتي للرأسمال
إذا قرأت كتابات المتعاطفين مع النظام القائم، فسوف تلاحظ أنهم يشتركون في اعتقاد من نوع غريب.
فالمال بالنسبة لهم له خاصية سحرية، ويمكن أن ينمو مثل النبات أو الحيوان.
فعندما يضع الرأسمالي أمواله في البنك، فهو يتوقع أن قيمتها ستزيد.
وعندما يستثمرها في شراء أسهم شركة ما مثل يونيليفر مثلا، فهو يتوقع أنه سيُكافأ بمبالغ طازجة من الأموال كل عام على هيئة فوائد.
لاحظ كارل ماركس هذه الظاهرة والتي أطلق عليها "التوسع الذاتي للرأسمال" وشرع في تفسيرها.
فكما شهدنا سابقا، لم يبدأ ماركس من نقطة النقود بل من العمل ووسائل الإنتاج.
في مجتمعنا الحالي، أولئك الذين يملكون ثروة كافية يمكنهم شراء وسائل الإنتاج، ثم يفرضون على الأشخاص الآخرين أن يبيعوا لهم العمل الذي يحتاجونه لتوظيف وسائل الإنتاج.
إن سر "التوسع الذاتي للرأسمال"، أو القدرة الإعجازية للنقود على النمو لأولئك الذين يملكون الكثير منها يكمن في بيع وشراء هذا العمل.
دعنا نأخذ مثالاً بعامل، وسوف نطلق عليه جاك.
يتبع
هنا