كيفية كتابة البحث الجامعى
المقدمة
أَتَعَجَّبُ حينما أرى طالباً جامعياً قد ذهبَ إلى مكتبةٍ تجاريةٍ ليشتري بحثاً ويضع اسمه عليه، وفي أغلب الأحيان لا يقرأُه، وأتعجبُ كثيرا حينما أجدُ أنّ المكتبةَ تبيعُ نفس البحث لعدة طلاب، والأغربُ من ذلك أنَّ جميع الطلاب رغم تشابه أبحاثِهم، ورغم أنَّها في كثير من الأحيان عبارة عن نصوصٍ مقتبسة، يحصلون على الدرجات المخصصة لهذا البحث، أنا لا أَلُومُ المدرس الجامعي على تقصيره في الإشرافِ على تلك الأبحاث وتنقيب المكرر منها، مع أنّني أعلمُ جيداً أنَّه يتقاضى راتباً جيداً يسمحُ له بأنْ يُخصصَ وقته لطلابِه وأبحاثِهم ومستواهم العلمي، ولا أَلُومُ أصحابَ المكتباتِ التجارية؛ لأنَّ المكتبة هي مشروع تجاري، وتعترفُ بالربحِ والخسارة أكثر من اعترافها بفائدة الطلاب، وأعلمُ أيضا أنَّ بيع الأبحاث الجامعية لا يساوي شيء أمام دخل تجارة القرطاسية والهدايا مثلا، ولكنّني أضعُ اللَّومَ الأكبرَ على الطالبِ الكسول، الذي يعتقد أنَّ شراءه لهذا البحث فيه راحة كبيرة له ولمستقبله الجامعي، اعلم جيدا أيها الكسول أنَّ العلم لا يُبَاعُ ويُشْتَرَى، وأنَّ الدرجات التي يمنحها إليك الله على مستوى علمك هي أفضلُ من تلك الدرجات التي تحصل عليها بعد سرقةِ العلم، فالمدرس حينما يطلب منك أن تكتب بحثاً جامعياً يريدك أن تتزود بمعلوماتٍ جديدة، وأن تقرأَ مراجعَ غير كتابك الجامعي، وأن تُثَقّفَ نفسك، وإذا كنتَ لا تعرفُ كيفية كتابة البحث الجامعي، فإليك طريقةٌ مختصرة لعمل بحثاً جامعياً يفيدك ويفيد كل من يقرأه، ولكن قبل ذلك عليك أنْ تعرف أولا ما هو البحث العلمي؟ وما الفرق بينه وبين البحث الجامعي؟ وما هي فوائد البحث الجامعي؟
ما هو البحث العلمي
هو عمليةُ جمع معلومات من مراجعٍ موثوقٌ فيها، وتحليلها تحليلا موضوعياً، بإتباع مناهج علمية محددة بقصد إضافة الجديد عليها أو التَّأّكّد من صحتِها.
ما هو الفرق بين البحث علمي والبحث الجامعي
البحث الجامعي: هو الخطوة الأولى في طريق البحث العلمي، ولكن لا يمكننا أنْ نعتبر أنَّ البحث الجامعي يرتقي لدرجة البحث العلمي؛ وذلك لأنَّ نضج المستوى الفكري لدى الباحث المختص يختلف عن الطالب، حيث أنَّ غرض الطالب الاستفادة وتَعَلُّم ما هو جديد، في حين أنَّ غرض المختص الإفادة والاستفادة وإضافة ما هو جديد، فالأبحاث الجامعية تكونُ تقارير علمية أكثر منها أبحاثا؛ لأنَّ الباحث وهو الطالب الجامعي مستواه الفكري لا يرتقي لدرجة التحليل والإثبات، كما أنَّ عدد الأوراق لا يزيد في البحث الجامعي عن عشرين صفحة، وهذا ما يطلبه المدرسون غالبا؛ لأنَّه مرتبط بزمنٍ معين، ولكن هناك أبحاث جامعية ترتقي لدرجة الأبحاث العلمية؛ وذلك لما فيها من إثراء وإضافة، فيكون الطالب قد أَلَمَّ بالموضوع وحقَّقَ فيه جيدا، وبَحَثَ في مراجعٍ كثيرة، وناقشَ العديد من الأساتذةِ عن الموضوع فاستنتج أمراً هاماً.
ما هي فوائد البحث الجامعي
هو المُمَهِّدُ لطريق البحث العلمي السليم.
يعملُ البحث الجامعي على زيادة كمّ المعلومات لدى الطالب، وذلك من خلال مطالعة المراجع.
يُدَرِّبُ الطالب على الأمانة العلمية ونسب القول لقائله.
يُدَرِّبُ الطالب على مهارة الاستنباط وقراءةِ ما بين السطور.
يعملُ على تحسينِ مستوى الكتابة والمطالعة لدى الطالب.
يضيف للطالب مهارات جديدة كالنقد والتحليل.
يُحَسِّنُ من مستوى الفهم لدى الطالب.
يُعَوِّدُ الطالب على المطالعة والاستفادة من أوقات الفراغ.
كيف تكتب بحثاً جامعياً
لكي تتمكن عزيزي الطالب من كتابة بحثاً جامعياً عليك القيام بالتالي:
قم باختيار الموضوع، ثم ابدأ بجمع المراجع الأصيلة عن هذا الموضع، وقم بقراءتها جميعا قبلَ أنْ تفكرَ في الكتابة، وأيّ نقطة ترغبُ في الكتابة عنها قم بتحديدها وتعليمها، وفي البحث العلمي كلما زاد عدد المراجع كلما كان أفضل، ولكن ولضيق وقت الطالب ننصحُ بأنْ يقرأ مرجعين أو ثلاثة.
على ورقة خارجية ضع خطة معينة للبحث، بحيث تُوَضِّحُ من خلالِها ما هي العناوين الرئيسية التي اخترت أن تكتب عنها، مع العلم أنّ كل عنوان من العناوين التي اخترتها يُسمى مبحث.
بعد أن تقوم بالخطة، ابدأ بجمع المادة العلمية من خلال المصادر والمراجع التي اخترتها والتي قرأتها في وقتٍ سابق، وابحث عن كل عنوان على حِدَا، ولا تخلط العناوين، ولا تجعل الأفكار تتشابك، ولا تُوجد أيّ مشكلة لو أنَّك كتبت على ورقةٍ خارجيةٍ عنواناً معيناً، وأنَّك قد قرأتَ عن هذا العنوان في مرجع كذا صفحة كذا وكذا، المهم أن تجعل لكل عنوان ملفه الخاص.
الآن وقد جمعت المعلومات اللازمة عن كل العناوين التي اخترتها، قم بكتابة ما جمعته عن كل عنوان، وعليك أن تُراعي في الكتابة الأُسس التالية:
بيانُ أرقام الآيات القرآنية، وبيان سورها إنْ وُجِدَت في البحث.
بيانُ من أخرج الحديث الشريف، إن كان في بحثك حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
بيانُ قائل الشعر، فإن كان للشاعر ديواننا نكتب أنَّ هذه الأبيات للشاعر فلان من ديوانه كذا وكذا.
في التعريفات أُذكر التعريف اللغوي والاصطلاحي.
إذا عَرَضْتَ مسألةً عليها خلاف فاذكر المسألة، واذكر محلّ النزاع، واذكر الأقوال في المسألة، والاعتراضات وأدلة كل معترض.
قم بتوثيق المعاني اللغوية والاصطلاحية.
قم بضبط الكلمات التي تحتاج إلى بيان لأمن اللبس، خصوصا تلك الكلمات التي قد يؤدي عدم ضبطها إلى غموض في القراءة، مثل (أَلًمْ) أي وجع و(أَلَمَّ) أي شمل وجمع، فبدون الضبط يكون الغموض.
اعتنِي بعلامات الترقيم، وضعْ العلامات المناسبة في الأماكن المناسبة لها (الفاصلة، النقطة، علامة الاستفهام، الفاصلة المنقوطة، الأقواس، وغيرها).
أكتب علامات الأبواب والفصول بشكل بارز ومميز عن باقي الكتابة.
بعد أنْ قمت بالكتابة عن كل مبحث من المباحث، أكتب مقدمة توضّح بها أهمية موضوعك وسبب اختيارك لهذا الموضوع، واذكر في المقدمة وصفا عن بحثك.
* ثم اكتب خاتمة مناسبة لموضوع البحث، بحيث تذكر فيها أهم ما استنتجته، وأهم ما خرجت به من خلال البحث.
ثم أكتب قائمة بالمراجع والمصادر التي اعتمدت عليها في البحث.
ثم ضع الفهرس، وهو عبارة عن إظهار أرقام صفحات العناوين التي يتناولها البحث.
* وهناك من يقوم بإضافة الإهداء قبل مقدمة البحث، ولكن هذا غير مطلوب في البحث الجامعي.
الآن رَتِّب بحثك على الشكل التالي:
الغلاف: يكون في أعلى الغلاف شعار الجامعة، ثم اسمك، ثم اسم الجامعة التي تدرس فيها، ثم اسم الكلية والتخصص الذي تدرسه، مع كتابة تحت إشراف المدرس الذي تقدم له البحث، وفي نهاية الغلاف تحدد الفصل الدراسي والعام الدراسي.
المقدمة.
الفصل الأول: ولكل فصل أكثر من مبحث، حيث أن الغرض من المبحث هو تحديد أهداف الفصل.
الفصل الثاني: المبحث الأول، المبحث الثاني.
وهناك الباب: والباب هو عبارة عن عدة فصول، ولكن هذا غير مطلوب في البحث الجامعي.
الخاتمة.
المصادر والمراجع.
الفهرس.
بعد الانتهاء من كل هذه الخطوات يصبح أمامك بحثاً جامعياً متكاملاً.
وأخيراً
أعرفُ أنَّ شراء البحث هي الطريقة الأسهل ولكن عزيزي الطالب، عليك أن تعلم جيداً أنّ قيامك بكتابة بحثك الجامعي يخدم مستواك التعليمي بالدرجة الأولى، فما هي فائدة الإمتياز من دون فهم، فقيامك بالبحث الجامعي يسهل عليك فهم المادة العلمية للمساق، ويسهل عليك عملية التحضير للاختبارات، حتى وإن عرفت عن المدرس أنَّه يطلب البحث ولكنه لا يهتم به، افعل ما عليك لأنّ الغرض من بحثك الجامعي ليس أن تضيف جديداً لمعلومات المدرس وإنّما الغرض منه هو إفادتك أنت بالدرجة الأولى.