بطولة هشام بن عمرو ذي المروءة و الحسب
و رفاقه
*****
موقف هشام بن عمرو بن ربيعة :
ولما أراد الله تعالى تفريج كربهم بعد أن ضربوا الرقم القياسي في الصبر والاحتساب قيض الله جلٌ جلاله رجالاً من ذوي المروءة والحسب وعلى رأسهم هشام بن عمرو بن ربيعة إذ هو الذي مشى إلى رجال من قريش عرف فيهم عدم رضاهم على قرار قريش الجائر ، فاستثار شعورهم وحملهم على أن يتعاونوا على نقض الصحيفة ، وكانوا خمسة رجال ، ولما اجتمعت قريش في أنديتها قام أحدهم وهو زهير بن أبي أميٌة وأقبل على الناس وقال:
يا أهل مكة أنأكل الطعام ، ونلبس الثياب وبنو هاشم هَلكى لا يباع لهم ولا يبتاع منهم ، والله لا أقعدنٌ حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة وقام أحد الرجال الخمسة فقال مثل ما قال الاول ، وقام ثالث مؤيداً ، وقام رابع بنفس الروح، وتقدم المطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا كلمة (( باسمك اللهم )) وكان أبو جهل يسمع ويرى ما يَجري في القضية فلم يتمالك اللعين حتى قال : هذا أمر دبٌر بليل . . ومزقت الصحيفة وبطل مفعولها ، ويومئذ خرج بنو هاشم وبنو المطلب من الشعب .ومن آيات النبوة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عمَّه أبا طالب بأن الأرضة قد أكلت كلمات الباطل والجور فيها وأبقت كلمة الحق فيها وهي (( باسمك اللهم ))
وبذلك وبخهم أبو طالب على صنيعهم فطأطؤا رؤوسهم ولم يجيبوا بشيء ، وقال في هذا أبو طالب شعراً :
وهو قوله :
وقد كان في أمر الصحيفة عبرةٌ
متى ما يُخبَّر غائب القوم يُعجب
محا الله منها كفرهم وعقوقهم
وما نقموا من ناطِق الحق مُعرِب
فأصبح ما قالوا من الأمر باطلاً
ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب 3
3 ـ هذا الحبيب يا محب : أبو بكر جابر الجزائري ، ص85 ـ 86 ، ط . دار الفكر .