الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
أذكر للأعضاء والزوار الكرام قصة توبة ساحر ذكرها صاحبا كتاب " السحر والسحرة " في لقاء ، توبة أحد السحرة حيث يقولا :
( ليس غريباً أن يستفيق ضمير بعض السحرة ويعود إليهم إيمانهم بالله جل شأنه ويتوبوا إلى الله ويستغفروه من جرائمهم 0 زرنا هذا الساحر التائب واستمعنا إليه 0 انهمرت الدموع من عينيه كالمطر الغزير وهو يحكي ويتذكر أيامه حين كانت الأموال تتساقط من حوله كالتبن ، ثم يتلعثم لسانه وهو يقول : " أشعر وكأني ولدت من جديد " ، وهو يؤكد " أريد أن أكون مثالاً للآخرين " ثم يستطرد قائلاً : لأن المال تعشقه كل القلوب ويتسابق الناس من أجله بلهفة ، فقد جرفني تيار الشيطان بقوة ، وقررت التحايل على الزمن من أجل كسرة خبز 0 وفي حالات كثيرة كان الندم يأكلني ، ولكن الخوف من الضياع كان رفيقي الوحيد للتمسك بهذه الحرفة والصمود وسط أمواج الحياة 0
يأمر الساحر التائب أحد صغاره بإحضار كوب من الماء ، ثم يلتقط أنفاسه ويكمل :
أحرص باستمرار أن أجمع بين قلبين في قلب واحد ، أتفادى تشتيت الأسر أو تدمير سعادة الناس ، ولا أخط حرفاً واحداً إلا وأنا مدرك بأنه سيساهم في حياة سعيدة 0 ولكن ، ومع هذا الصدق مع الذات ، فإن أنفاسي لم تكن تزداد إلا مرارة 0
ويواصل الساحر التائب اعترافاته يحكي عن أسراره 0
لم أكن أتوقع الصدمة ولا انبلاج فجر ذلك اليوم الأسود لأُعلن بعده عن توبة نصوح 0 فقد صدمت في نفسي وأصبحت أخشى مصيري ومصير أطفالي بعدما أدركت متأخراً كم أخطأت وكم أنا مذنب 0 حين فاضت بي الدنيا ووجدت الظروف تنهشني ، فكرت في احتراف هذه المهنة ، حاولت قدر الإمكان تعلم بعض أبجديات الحرفة من خلال الكتب والاحتكاك ببعض الفقهاء 0 وكنت من حفظة القرآن الكريم ، والواقع أنني لم أكن فقيهاً بالمعنى الصحيح ولا ساحراً ، أعوذ بالله 0
هناك رمز ومفتاح ولغة وعزيمة تتم بين الشياطين والساحر ، وهكذا فحين يقف أمامي الزبون رجلاً كان أو امرأة ، أكون قد تجردت من كل شيء فأقول له " صادقني أو فارقني " فيجيب : أصدقك !
ويضيف :
قبل أن أقوم بعملي أخلو لنفسي وأصوم لأسبوع ، وأغلق علي باب الغرفة لا أرى فيها أحداً " وهذا ما يسمى في عرف الحرفيين بالرياضة " ثم آكل فقط خبز الزرع ، وأضرب عن الملح ، وأضيف شيئاً مهماً وهو أنني حاولت التخصص في موضوع العاطفة ، أجمع بين المرأة وزوجها ، وبين شاب وشابة من أجل الزواج 0 المهم أنني حاولت احترف المهنة ، وطبعاً مثل هذا الموضع دائماً نجد فيه استعداداً مبدئياً من طرف واحد وحظوظاً وافرة لإمكانية اقتناع الطرف الثاني ولأن في مثل هذا الموضوع العاطفي تكون الرغبة مبدئياً موجودة عند الزبون أو الزبونة ، فإنه بمجرد ما يزورني يكون نفسياً قد كسب الكثير وربح 0 المسألة نفسية بالدرجة الأولى ، لأن ما كنت أكتبه هو ( بسم الله الرحمن الرحيم 0 الحمد لله رب العالمين ) فقط وشخصياً لا أدري كيف تقضى حاجة البعض ؟ ولكني بالمقابل كنت أتعمد طلب بعض المواد المستحيلة من أناس آخرين ، والتي من الصعب العثور عليها ، فيضطرون لتغييري بفقيه آخر 0
ويتوقف ليلتقط أنفاسه ويكمل :
لكن رغم المال فإن ضميري ظل يوبخني ، وأنا أرى الأموال التي أحصل عليها تحترق ولا أستفيد منها 0 فقد مرضت الزوجة وأشرفت على الموت ، وأنفقت عليها الكثير ، ومرض أطفالي واحداً واحداً ، وأحسست في النهاية أنني بدوري في طريق الهلاك 0 شعرت بالألم يسكنني ، ألم لا أتمكن من تحديد مكانه في الجسم ، فتارة أشعر به في الرأس وأخرى في البطن ومرة في الركبة ، وأدركت أن نهايتي لن تكون في كل الحالات سعيدة 0 تخوفت من الكارثة ، خصوصاً وأن المال الذي أجمعه لا يباركه الله تعالى " مال حرام " وفي آخر ليلة قبل أن أعلن توبتي حلمت بشيخ يلبس الأبيض ويشير إلي بعكازه ويقول : " ليس في الدنيا ساحر ختم حياته بسلامة ، فأفضلهم ينتهي مشواره بشلل نصفي " 0
ارتبكت واستيقظت وقمت لأتوضأ ، كان الفجر قد اقترب 0 ومع أذان صلاته كانت خطواتي سريعة في اتجاه المسجد لأركع لله تعالى وأعلن توبتي التي لا رجعة فيها ، وأنا أسجد لرب العالمين وأقول " ربي اغفر لي ذنبي فإنه لا يغفرها إلا أنت " 0
والحمد لله تبت لرب العالمين ، وعادت الطمأنينة لقلبي ، وعادت الفرحة لأسرتي التي لم تنعم يوماً بمال الحرام ، كان هناك مال ولكنه لا بركة فيه ولم أسعد به أبدأ والحمد لله رب العالمين ) ( السحر والسحرة – ص 56 ، 58 ) 0
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب علينا ، وأن يهدي ضالنا ، وأن يحمي شبابنا ، وأن يصلح بناتنا ، وأن يعف زوجاتنا ، وأن يرزقنا الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ، ونسأله أن يباعد بيننا وبين النار وما قرب إليها من قول أو عمل ، مع تمنياتي للجميع بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني