الزيارات الصفية للمعلمين من الضرورات التربوية الملحة التي لا يمكن الاستغناء عنها في عملية الإشراف الفني المدرسي، فعن طريقها يتحقق المدير من انتظام العمل في المدرسة، ويقف على مستوى أداء المعلمين ويرى كيف يتم التدريس في غرف الدراسة والطرق المتبعة فيه وما هي وسائله، وكيف يتعلم الطلاب وما أثر هذا التعلم في سلوكهم وحياتهم، وعن طريقها يعرف مدير المدرسة نواحي القوة في أداء المعلم فيدعمها ويعززها وجوانب الضعف فيعالجها ويقدم له التغذية الراجعة المفيدة، وهي فرصة مثمرة لمدير المدرسة في نقل الخبرة التربوية والتعليمية من معلم لآخر، ومن خلال الزيارات يقف المدير على مستوى الطلاب ويتمكن من تقويم ما حصلوا عليه من معارف دراسية وإضافات تربوية، ولعلها تمكنه من الوقوف مباشرة على الصعوبات والمشكلات التي قد تصادف المعلم والطلاب في غرفة الدراسة ليساهم في تذليلها وتقديم المساعدة للمعلم وطلابه على حد سواء.
والزيارات الصفية وسيلة للتعرف على ما تم قطعه من المناهج الدراسية خلال فترة ما قبل الزيارة، وهي وسيلة أيضا للتعرف على الوسائل التعليمية المستخدمة في شرح الدروس وكيفية استخدامها على أن الأهم من ذلك كله هو الوقوف على ما يجب أن يحصل عليه الطالب ومدى استيعابه لمفردات المنهج وما يتضمنه من معلومات وحقائق ومعارف وما الطرق والوسائل المحققة لذلك.
أهداف الزيارات الصفية:
قبل أن نحدد أهداف الزيارات الصفية المنظمة التي يقوم بها مدير المدرسة نؤكد على أنه من الضروري للمدير والمعلمين أن يكونوا على علم وبصيرة ورؤية واضحة بهذه الأهداف، ومن ثم السعي لتحقيقها بحماس.
أما تنفيذ هذه الزيارات لكونها واجب وظيفي أو بقصد منح درجة التقويم الذاتي السنوي لأداء المعلم فقط فإنها تشط كثيراً عن أهدافها التربوية، وتصبح عبء على العمل المدرسي، وعملية مملة مشبعة بالتوتر والغلق وسوء في العلاقات بين المدير والمعلمين لعدم وضوح أهدافها، فتفقد غايتها في تطوير عملية التعليم والتعلم.
ونوجز فيما يلي أهم الأهداف التربوية للزيارات الصفية التي يقوم بها مدير المدرسة للمعلمين:
1- التعرف على ما تم قطعه من المنهج الدراسي للمقرر الذي يدرسه المعلم ومدى مناسبته للفترة الزمنية السابقة، ومدى استيعاب الطلاب لهذا المنهج وأثره في حياتهم وسلوكهم.
2- معرفة طرق التدريس التي يتبعها المعلمون في تدريسهم ومدى مناسبتها للطلاب وللمادة العلمية.
3- تقويم العلاقة القائمة بين المعلم وطلابه ومعرفة أثرها في عملية التعليم والتعلم.
4- التعرف على وسائل التشجيع والإثارة التي يتبعها المعلم في جذب أنظار الطلاب للدرس ومدى مشاركتهم في الربط بين أجزائه وفي عمليات العرض والتحليل والتطبيق.
5- التعرف على مدى الاستفادة من الوسائل التعليمية المتوفرة في المدرسة أو الوسائل التي يعدها المعلم والطلاب، وأثر هذه الوسائل في تفسير وإيضاح المادة العلمية.
6- إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات والصعوبات التي تواجه المعلمين والطلاب في عملية التعليم والتعلم، وتعريف المعلمين بنواحي القوة في تدريسهم والاستفادة منهم، وتبصيرهم بنواحي الضعف ومساعدتهم على تلافيها، وتلمس حاجات الطلاب وتقديم العون لهم.
7- إثارة المنافسة بين المعلمين وتحفيزهم للإبداع والابتكار والتجديد والتطوير في أساليب التدريس وفنونه، واستثمار طاقاتهم وإمكانياتهم، وتعزيز الثقة فيهم وتوجيههم نحو الأفضل.
8- اكتشاف المعلمين المتميزين في الأداء وحسن إدارة الصف واستخدام طرق التدريس الحديثة، والاستفادة من تميزهم بنقل خبرتهم وتجاربهم للمعلمين الآخرين، والاستعانة بهم في تنفيذ حصص الدروس النموذجية.
9- إثراء النمو المهنى للمعلمين ولمدير المدرسة نفسه من خلال تنمية القدرات وصقل المواهب وتبادل الخبرات والتجارب.
10- وأخيراً تقويم المعلم وتقديره ومنحه استحقاقه من درجة الأداء الوظيفي السنوي على ألا يكون ذلك هو الهدف الرئيسي من الزيارة.
العوامل المساعدة على تنفيذ الزيارات الصفية:
لكي تنجح برامج الزيارات الصفية وتحقق الأهداف المرجوة منها في تحسين عملية التعليم عند المعلمين والتعلم عند الطلاب لابد من توفر عوامل مناخية وتنظيمية مشجعة نذكر منها:
• المناخ التنظيمي السائد في المدرسة القائم على الثقة والاحترام والتعاون بين مدير المدرسة والمعلمين، والعمل على توجيه الصراعات الجانبية نحو التنافس المثمر العائد بالفائدة على البيئة المدرسية في جو من العلاقات الإنسانية الجيدة، فلا يمكن أن تحقق الزيارات الصفية للمعلمين أهدافها مع انعدام الثقة وتزايد الصراعات السلبية وتوتر العلاقات الإنسانية.
• الثروة المعرفية لمدير المدرسة وثقافته التنظيمية وإلمامه بالمبادئ التربوية والتعليمية الحديثة في طرق التدريس ومبادئه والعلم بأساليب الإشراف وأهدافه ووظائفه.
وقد تكون هذه الجوانب محدودة عند بعض مديري المدارس وبالأخص حديثي العهد منهم، ولكن بسعة اطلاعهم وبتكرار زياراتهم وكلما طال بهم العهد زاد رصيدهم المعرفي والتربوي.
• إدراك مدير المدرسة لظروف العمل في مدرسته ومراعاته للفروق الفردية بين المعلمين واحترامه لوجهة نظر كل واحد منهم وتقديره لمشاعرهم والعمل على رفع روحهم المعنوية، وتشجيعهم على التعبير عن آرائهم والاستماع إليهم دون تعالي أو إبراز للسلطة أو فرض الآراء عليهم.
التخطيط المسبق للزيارات ويراعي فيه:
1- إعداد برنامج عام لهذه الزيارات يتضمن جدول مسبق ينظم هذه الزيارات ويحدد مواعيدها، ويشمل هذا البرنامج أيضا تحديد الجوانب الخاضعة للمتابعة والتوجيه والتقويم، مع إيضاح للقاءات التي تسبق هذه الزيارات والتي تليها.
2- إطلاع المعلمين على برنامج الزيارات لمناقشته والتعرف على أهدافه وما يتضمنه من عناصر.
3- تنظيم سجل الزيارات الصفية وإطلاع المعلمين على ما يتضمنه من عناصر للمتابعة والتقويم.
4- التخطيط التعاوني المسبق بين مدير المدرسة والمعلم المزار قبل القيام بالزيارة.
5- التهيئة لمقابلة المعلم بعد الزيارة الصفية لتحليل العناصر الخاضعة للمتابعة والتقويم.
6- متابعة التوجهات وتقويم نتائج الزيارات.
• التزام مدير المدرسة بالموضوعية في التشخيص والمتابعة والتوجيه والتقويم، والترفع عن الجوانب الشخصية فلا يغمط حقوق الآخرين أو يجاملهم على حساب المصلحة العامة. أنواع الزيارات الصفية:
1- الزيارة المنظمة وهي الزيارة الصفية الرسمية والتي سبق التأكيد عليها وتحديد أهدافها وبرامجها والعوامل المساعدة لها.
2- الزيارة المفاجئة (الاستطلاعية) وتكون لفترة زمنية محدودة بهدف الوقوف على انتظام الدراسة وتواجد المعلم ونظافة الصف وسلامته ومدى المحافظة على أثاثه ومحتوياته.
3- الزيارة بدعوة من المعلم لحل مشكلة أو تقييم نشاط أو حضور حفل أو مناسبة تفوق ونحوها. وتتكرر مثل هذه الزيارة في المدرسة التي يتمتع فيها المدير والمعلمون بقدر من الثقة والاحترام المتبادل.
4- الزيارة الظرفية المهنية وهي زيارة للمتابعة والتوجيه والإعداد المهني للمعلم الجديد الذي يحتاج إلى رعاية ومعاملة خاصة في السنة الأولى من بداية عمله في التدريس، وتشمل أيضاً هذه الزيارة الطالب المتدرب الموجه من كليات المعلمين أو كليات التربية في الجامعات.
5- الزيارة الطارئة الناتجة من ملاحظات بعض أولياء الأمور، أو لشكوى مقدمة من الطلاب في المراحل الدراسية المتقدمة، أو لمتابعة توجيهات جسيمة مقدمة من المشرف التربوي الزائر للمدرسة. ويراعى في هذه الزيارات الالتزام الأدبي في كافة مراحلها والسعي لتحيق أهدافها، وتقويم المعلم على الوجه الصحيح بتدعيم محاسنه وتبصيره بنقائصه في مهنته على أساس من الإصلاح التربوي.
هل يرغب المعلمون في الزيارات الصفية.؟
نعم المعلمون يرغبون في الزيارات الصفية000!
لأنهم في حاجة إلى تنمية مهاراتهم في التدريس.
ولأنهم في حاجة إلى الرفع من مستواهم التعليمي وتطوير نموهم المهني.
وهم في حاجة لمقارنة أدائهم بأقرانهم المعلمين، وإبراز مواهبهم وقدراتهم وأنشطتهم أمام الآخرين.
والمعلمون في حاجة إلى من يساعدهم في الحكم على مستوى طلابهم التعليمي والمسلكي، وإلى من يقدم لهم العون في حل مشاكلهم ومواجهة الصعوبات التي تصادفهم.
إن هذه الحاجات وغيرها يمكن أن تتحقق عن طريق الزيارات الصفية.
نقول نعم المعلمون يرغبون زيارة مدير المدرسة لهم في صفوف الدراسة، وهم في حاجة إلى مثل هذه الخدمات التربوية المقدمة منه بشرط أن يرى المعلمون أن هذا الرجل ( مدير المدرسة) على قدر من المسؤولية، وعلى مستوى عالٍ من الثقافة الإشرافية، ويعرفون فيه الإخلاص والتفاني في العمل، والرغبة الصادقة لمعاونتهم والشد من أزرهم، وأنه وعاء للأمانة، حافظاً لها فلا يبوح بأسرارهم أو مشاكلهم وقضاياهم أو ما يلاحظه عليهم من هفوات وقصور في الأداء، بل يعالج هذه القضايا بحكمة وعقلانية وموضوعية.
فلماذا لا يرحبون بالزيارات الصفية ويستفيدون منها تربوياً ومهنياً مادام القائم عليها يتمتع بالكفايات الإدارية والفنية والتربوية.
جوانب مسلكية معززة للزيارات الصفية:
من الجوانب المعززة للزيارات الصفية ومن دواعي نجاحها وحسن تنظيمها، اتباع أنماط مسلكية من آداب الزيارات الصفية مما يساعد على تكوين مناخ تنظيمي مشجع للعمل ومدعم للعلاقات الإنسانية الجيدة ومن هذه الجوانب:
1- التنسيق مع المعلم حول الزيارة وإشعاره قبل البدء بها بوقت كاف مما يزيد من ثقة المعلم في إدارة المدرسة ويكون حافزاً له على تقديم الأفضل.
2- من الأفضل أن يصاحب مدير المدرسة المعلم المزار في الذهاب إلى الصف قبل بدء الحصة، وفي حالة تأخر المدير عليه أن يحسن الدخول إلى الصف فيستأذن المعلم ويختار مكاناً مناسباً خلف الصف بحيث لا يكون مقابلاً للطلاب فيشتت انتباههم، ثم يتابع خطوات الدرس دون قلق أو انفعال من تصرفات المعلم.
3- يجب أن يكون مدير المدرسة أثناء الزيارة صافي الذهن هادئ الطبع معتدل المزاج حتى تكون ملاحظاته دقيقة وحتى يكون منصفاً في تفسيراته فيستفيد منه المعلم.
4- عندما يكون المعلم منـزعجاً ومرتبكاً من الزيارة لعدم استعداده أو لكونه من المعلمين الجدد أو المتدربين الذين تنقصهم الخبرة المهنية، فمن الحكمة قطع الزيارة وتأجيلها إلى فترة لاحقة، مثل هذا التصرف يبعث على حسن الظن بالمدير ويعطى المعلم دافعاً لتقديم الأفضل في الزيارات التالية.
5- يعمل المدير على تجنب التدخل في شرح المعلم للدرس أو نقد بعض خطواته أو تصويب ما يرد فيه من أخطاء إلا عند الضرورة القصوى وفي أمور لا يمكن تأخيرها إلى ما بعد الزيارة، بحيث يكون التدخل بصورة لبقة لا يسبب الإحراج للمعلم بل يكون موضع ترحيب منه، ويعود بالفائدة على الطلاب، مع الحرص على عدم تكرار هذا الموقف.
6- ومن الآداب المرغوب فيها أن يراعي مدير المدرسة استئذان المعلم عند توجيه الأسئلة مع عدم التركيز فيها على فئة معينة كطلاب مؤخرة الصف أو من يدرك المدير ضعف تحصيلهم الدراسي وكأنه بذلك يشير إلى عدم اهتمام المعلم بهذه الفئة.
يتبع