إن من أهم ما اعتنى به علماء المسلمون على مر الع هو ضبط المصطلحات وحسن توظيفها. فنجد مثلا علماء الجرح والتعديل يتورعون ويحتاطون عند تصنيف الرجال، فيختارون من الصفات ما يفي بالغرض دون تجاوزه و تعديه.
وفي هذا الإطار لابد للباحث والمهتم بالاقتصاد ألا سلامي من ضبط المصطلحات والمفاهيم التي يوظفها، وكذا المعايير التي يقيس بها نجاعة الحل أو قه.
إن هذا البحث المتواضع يحاول الإجابة على السؤال التالي هل إضافة “إسلامي” في مصطلح الإقتصاد يغير في شيء من منهجية البحث. قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من إبداء ملاحظة أولية تتمثل في ضرورة التمييز بين الإقتصاد كعلم،الاقتصاد كمذهب،والاقتصاد كنظام.
فعلم الاقتصاد : هو الذي يدرس الظواهر الاقتصادية ويحللها بقصد استخلاص القوانين التي تحكمها. إذن فعلم الاقتصاد ذو طابع نظري يدرس ما هو كائن فعلا أي يدرس حقائق علمية ذات صبغة عملية.
الاقتصاد كمذهب :
هو مجموعة القواعد والأصول التي يقام عليها الواقع الاقتصادي. تلك الأصول قد تكون من وضع البشر كما هو الحال في الاقتصاد الوضعي. وتكون من وضع الله تعالى كما هو الحال في الاقتصاد الإسلامي (المال مال الله -الاستخلاف - المؤمنون عند شروطهم s) .
الإقتصاد كنظام :
إن النظام الاقتصادي يعني الخطوات العملية التي تتخذها الدولة بغية التأثير في الحياة الاقتصادية لتحقيق أهداف معينة. فهدف النظام الاقتصادي هو رسم الطريق وإنشاء واقع اقتصادي مأمول أو تعديل لواقع قائم بما يحقق الأهداف التي تسعى الأمة إلى تحقيقها قائمة على أصول وقواعد ووجهة نظر محددة دينية كما هو الحال في الأصول الإسلامية حيث أن مصدرها الكتاب والسنة،أو فكرية كما هو الحال في الأصول الاقتصادية الوضعية حيث أن مصدرها الإنسان.
وهنا أفتح قوسا لأشير إلى أن الإقتصاد يشمل جانبين أساسيين :
جانب ثابت : وهو الأصول الاقتصادية والأسس والمبادئ التي يقوم عليها مذهبه الاقتصادي مما لا يقبل التبديل أو التغيير.
جانب متغير: متحرك متطور وهي الوسائل والخطط والأساليب التي يتذرع بها النظام الاقتصادي لإعمال الأصول وإخراجها إلى حيز التنفيذ.
إن موضوع هذا البحث هو التعريف بعلم الإقتصاد الإسلامي الذي مازال في بداياته ولم يستكمل بعد شروط العلمية كما هو متعارف عليه في العلوم الإنسانية. فلابد من تكثيف البحوث قي هذا الإطار وخلق فرص للحوار الهادف والبناء.
سنتعرض بعد التعريف بالاقتصاد الإسلامي إلى النقاط التالية :
* خصائص الاقتصاد الإسلامي
* مجالات البحث في الاقتصاد الإسلامي
* مهمة الباحث في كل مجال من مجالات البحث
* صعوبات البحث
* شروط الباحث التعريف بالاقتصاد الإسلامي :
الاقتصاد لغة الاعتدال واستقامة الطريق. وفي القرآن نجد قول الله تعالى : ””وعلى الله قصد السبيل””، ””فمنهم مقتصد””، ”ومنهم مقتصد”، ””واقصد في مشيك””. والمعنى الذي دارت حوله هذه الكلمات هو الاعتدال والمنزلة بين المنزلتين: منزلة الإفراط ومنزلة التفريط.
وفي السنة، جاءت بألفاظ متعددة نذكر منها حديث ””الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة””. ””ما عال من اقتصد”” الطبراني.
الاقتصاد الإسلامي، كلمة مركبة من كلمتين اقتصاد وإسلام.
لقد حاول العديد من المفكرين الاقتصاديين إعطاء تعريف شامل للاقتصاد الإسلامي. أمثال محمد شوقي الفنجري في كتاب المدخل إلى الاقتصاد الإسلامي حيث عرفه بأنه مجموعة الأصول والمبادئ الاقتصادية التي جاء بها الإسلام في القرآن والسنة والأساليب والخطط العلمية والحلول الاقتصادية التي تتبناها السلطة الحاكمة.
وهناك تعريف أشمل للدكتور محمد عبد الله العربي في كتاب الاقتصاد الإسلامي في تطبيقه إلى المجتمع المعاصر ””مجموعة الأصول العامة التي نستخرجها من القران والسنة لبناء الاقتصاد على أساس تلك الأصول حسب بيئة كل عصر””.
خصائص الاقتصاد الإسلامي :
الاقتصاد الإسلامي فرع من فروع المعرفة الإسلامية ككل، ولهذا فخصائصه التي تميزه لن تكون أكثر من خصائص الإسلام نفسه، إذ هو منتم إلى الإسلام.
والإسلام في علومه يصبغها بطبيعته وسماته.
ومع هذا، فيمكن اعتبار الخصائص الخمس التالية أهم خصائص الاقتصاد الإسلامي.
(1) الجمع بين الثبات والتطور :
فالوجه الثابت من قبيل أن:
- المال مال الله والعباد مستخلفون عليه
- احترام الملكية الخاصة واعتبارها حقا ممنوحا من الله تعالى، عليها وظائف اجتماعية،
- ضمان حد الكفاية.
هذه الخصائص الثابتة عليها ثلاثة ملاحظات :
. ثابتة لأنها إلهية