يشهد العالم اليوم تغيرات كبيرة وسريعة شملت كافة الميادين، حتى أمكن أن يطلق على عصرنا الحاضر بعصر التسابق التكنولوجي، فالعلم والتكنولوجيا يلعبان دورا هاما في تحديد مسارات التنمية للدول في العصر الحديث حيث أصبح ذلك أحد أهم أسباب القوة للأمم.
كما أن التنمية الاقتصادية لأي بلد تتوقف على قاعدته العلمية والتكنولوجية وسبل استغلالها في القطاعات الرئيسية ومن ضمنها قطاع الصناعة، ويعد البلد ناميا أو متقدما اعتمادا على مستواه العلمي والتكنولوجي.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في تنفيذ الخطط التنموية في البلدان العربية إلا أنها لاتزال في مصاف الدول البطيئة التنمية، ولتحقيق تقدم في العملية التنموية يقتضي توفر عنصرين أساسيين هما الموارد البشرية ذات الكفاءات العالية لا سيما في مجال البحث في خدمة التنمية، والاستثمارات في مجال البحث والتطوير.
ويتميز البحث العلمي في العالم اليوم بعدة سمات بدءا بالاتجاه نحو تشجيع البحوث المشتركة – وميل البحوث إلى التعقيد وإلى استعمال الأجهزة المتطورة – وتطور أنظمة المعلومات مع تطور البحث العلمي – وبدء عصر المجاميع العلمية وانتهاء زمن العباقرة المنفردين، وما كان يسمى بالبحوث من أجل المعرفة والتي كانت جامعات الدول المتقدمة تتميز بها لم تعد منعزلة عن الإنتاج، إذ أن كثيرا من نتائج الأبحاث التي تجريها الجامعات تتحول وبمدة قصيرة وبتأثير وحدات البحث والتطوير إلى الإنتاج وتتسارع هذه العملية بمرور الوقت. كما نجد الشركات الكبرى العالمية تتعاون مع بعضها في بحوث مشتركة رغم ما تخصصه كل منها من مبالغ ضخمة للبحث والتطوير.
وفي مقابـل ذلك فإن واقع البحث العلمـي في الوطن العربـي يعاني قصورا واضحا في تلبية الاحتياجات المحلية. نظرا لغياب الرؤية الواضحة لدور البحث العلمي والتخطيط لذلك - وغياب البحث والتطوير في القطاعات الاقتصادية المختلفة ؛ فمعظم المصانع لانجد بها وحدات للبحث والتطوير وإن وجدت فهي عقيمة وغير مؤثرة - وضعف مخصصات البحث العلمي – وضعف التنسيق على المستوى العربي بين الجهات المعنية بالبحوث والتطوير – وضعف نظم المعلومات – وهجرة العقول العربية – والتبعية العلمية والتكنولوجية.
إن التكنولوجيا ليست هدفا بحد ذاتها وإنما هي وسيلة لتحقيق أهداف محددة، لذا فإن العبرة الأساسية لاتتعلق بنقل التكنولوجيا والحصول عليها وإنما الأساس في كيفية التعامل معها واستيعابها من خلال عمليات التطويع والتطوير واستغلالها بكفاءة عالية.
ومن هنا يتضح أهمية الجهات المعنية بالبحث الصناعي في الدول العربية (مراكز البحوث الصناعية) والدور المناط بها في نقل التكنولوجيا بدءا بالدور الذي يمكنها القيام به في المساعدة في اختيار وشراء التكنولوجيا المستوردة، إلى استيعاب هذه التكنولوجيا بصورة فعالة وتطويرها للإحتياجات المحلية. وفضلا عن ذلك يمكن لها أن تكون حلقة مهمة في نقل التكنولوجيا من مراكز البحوث الأساسية إلى مراكز الإنتاج الاقتصادي.
وتولي المنظمة الأهمية اللازمة لإيجاد الآليات والوسائل التي تضمن تعاون فاعل بين الدول العربية في مجالات اكتساب التكنولوجيا لقطاع الصناعة في الدول العربية فأنشأت في نطاقها:
- المنظومة العربية لتبادل المعلومات التكنولوجية
- شبكة المعلومات الصناعية العربية
- لجنة التنسيق لمراكز البحوث الصناعية في الدول العربية.
بالإضافة إلى استحداث برنامج عمل جديد ضمن موازنة المنظمة "برنامج نقل التكنولوجيا والبحث والتطوير" يشمل عدد من المشروعات والأنشطة من بينها مشروع بناء القدرات التكنولوجية العربية، ومشروع الصناعات المستقبلية، وأسواق التكنولوجيا وآليات دعم البحث والتطوير التكنولوجي في مجال الصناعة والتي تشمل (الصندوق العربي لدعم البحث والتطوير التكنولوجي في مجال الصناعة – والمركز العربي للبحث والتطوير التكنولوجي في مجال الصناعة – والمكتب العربي للملكية الصناعية).