تفاقمت بشكل خطير خلال الفترة الأخيرة مشكلة أطفال الشوارع في الكثير من بلادنا العربية، وقد سارعت الكثير من المؤسسات الإسلامية للحد من تلك الظاهرة، ولما ينتج عنها من مشاكل كثيرة تساهم في حرمان شريحة كبيرة من هؤلاء الأطفال في إشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية، وأطفال الشوارع .. ظاهرة عالمية للأسف الشديد؛ فقد أثبتت الإحصاءات العالمية أن هناك من (100 – 150) مليون طفل يهيمون في الشوارع، بينما أكدت إحصائية صدرت عن المجلس العربي للطفولة والتنمية العام الماضي أن أطفال الشوارع في العالم العربي يتراوح عددهم ما بين (7 -10) ملايين طفل عربي في الشارع؛ إذ تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أطفال الشوارع في مصر وحدها يزيدون على مليون طفل مشرد، فيما تقدرها مصادر أخرى فيما بين (900 ألف ومليون ونصف طفل).
ووفقا لدراسة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، فقد وصل عدد المودَعين في مؤسسات الأحداث الحكومية حوالي (565) ألف طفل، ما بين مرتكب جريمة أو فاقد الأهلية وغيرهم في (27) مؤسسة لرعاية الأحداث .. وقد تم تقسيم أطفال الشوارع إلى أربع فئات .. تبدأ بفئة مطاريد البيوت، ثم فئة مطاريد الأحداث، وفئة مطاريد دور الأيتام بعد وصولهم عمر (18) سنة، وفقاً للوائح الداخلية لوزارة التضامن الاجتماعي، أما الفئة الأخيرة وهي التي ضلت الطريق في الأسواق والأماكن العامة.
وتشير دراسات أخري أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن مدينة القاهرة هي أكثر المدن التي ينتشر فيها المشردين معظمهم من الأطفال، حيث تأوي شوارع القاهرة 31.6% من إجمالي المشردين في مصر.
وكشف تقرير عن وضع أطفال الشوارع في القاهرة والإسكندرية بدعم من مكتب الأمم المتحدة والمعني بالمخدرات والجريمة وبرنامج الغذاء أن حوالي 66% من أطفال الشوارع الذين شملهم الاستطلاع يتناولون بانتظام عقاقير خطيرة، و80% معرضون لخطر العنف المدني من جانب مستخدميه في المجتمع وحتى أقرانه، وأن 70% منهم تسربوا من المدارس.
وعلى الرغم من عدم وجود فروق حقيقية في نشأة أطفال الشوارع من منظور الجنس، حيث الأسرة المفككة، والبيئة العشوائية المتهالكة، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تدفعهم للخروج إلى الشارع، فإن إحصائيات مصلحة الأمن العام المصري أكدت أن ظاهرة أطفال الشوارع تتمثل غالبيتها( 92% ) في الذكور أكثر من الإناث (8%)، خاصة في المناطق الحضارية، على اعتبار أن العادات والتقاليد التي ما زالت راسخة في كثير من الأسر تمنع خروج الفتاة، وأن هروبها إلى الشارع يمس شرف الأسرة وكرامتها.
إلاّ أن الظروف الأسرية السيئة نتيجة الطلاق، أو الهجر والعيش في كنف زوج الأم أو زوجة الأب، والفقر، والأمية، والانحطاط الأخلاقي وغياب الوعي الديني للوالدين كثيرًا ما تدفع الفتاة إلى الهروب وخروجها إلى الشارع؛ حيث تتعرض لكافة أشكال الاستغلال المادي والجنسي والبدني، وتعاني من سوء المعاملة والحرمان النفسي، ومن أجل توفير لقمة العيش تمارس مجموعة من الأعمال غير الرسمية، مثل: الخدمة في المنازل، والتسوّل، وبيع السلع التافهة، والعمل في المحال العامة، وممارسة أعمال غير قانونية.