البحث وأهميته :
إن مرحلة الطفولة لها أهميتها الفائقة في حياة الآباء والأبناء على حدٍ سواء حيث تستوجب ألا يكون الأطفال خلالها عرضة لصراعات عنيفة تهز أساس شخصياتهم فيما بعد, حيث تؤدي الصراعات الأسرية بين الأبوين أو بين الآباء والأبناء إلى توتر المناخ التنظيمي في البيت , وتؤدي المجادلات المستمرة إلى الشعور بعدم الأمن , وان هده المشكلات قد تؤدي إلى شعور الأطفال الأكثر حساسية عن غيرهم بأنهم مثقلون بهده المشكلات واعتقادهم بأنهم لا يستطيعون حلها أو فهمها أو يسيئون تفسيرها بوصفها مشكلات لا حل لها .
ولكي نضمن مناخ هادئ ومستقر ومواتي لاستمرارية النمو أثناء مراحل العمر اللاحقة بصورة طبيعية وصحيحة لا بد أن نهيئ الأجواء المناسبة التي تجعلهم يتخطون مشكلاتهم الخاصة والعامة وإزالة الصعوبات والعقبات التي تواجههم بطرق مناسبة, وإن ما نلاحظه من مشكلات واضطرابات أو صعوبات فإنها تبدأ بدرجات بسيطة , وإن تراكمها وإهمالها يزيد من تفاقمها وتحولها إلى انحرافات مرضية قد تكون أكثر تعقيداً فضلاً عن أن النمو السليم للطفل ونضجه وتوافقه الاجتماعي في مستقبل أيامه اللاحقة سيتوقف على مدى صلاح أسرته بوصفها بيئة تربوية ونفسية سليمة . (القريطي , 1998, 435)
تعد الأسرة المصدر الرئيس لإشباع حاجات الطفل المختلفة والتي تتنوع ما بين حاجات بيولوجية تكون ضرورة إشباعها لازمة ومهمة للنمو الجسمي للطفل , فضلاً عن إن إشباع الحاجة النفسية له تكون ضرورة لازمة للنمو الوجداني الانتقالي كالحاجة إلى الأمن النفسي والتقدير والحنان والحب والمودة والتقبل والمبادرة والاستقلال وتفعيل دوره الجنسي على أساس ذكوري أو أنثوي .
وإذا ما أريد للأطفال والمراهقين أن يكون نموهم جسمياً ونفسياً وعقلياً واجتماعيا وجنسياً سوياً لا بد أن يكون إشباع تلك الحاجات من دون إفراط ولا تفريط لأن العوامل الأسرية والثقافية المختلفة تؤثر إيجاباً وسلباً في الصحة النفسية (Mental Health) للأبناء منها ما يتعلق بعملية التنشئة الاجتماعية وخبراتها المبكرة والأدوار الجنسية والهوية الجنسية
والتسلسل الولادي للأبناء فضلاً عن المواقف السابقة التي تتعلق بالتغذية والتنظيم والتدريب على عمليات الإخراج واللعب بالأعضاء التناسلية ومنها ما يتعلق بأساليب المعاملة الوالدية في جميع المواقف وكيفية بناء العلاقات الاجتماعية بين الأخوة والأخوات والأصدقاء والأقارب والتقليد المتبادل بين الأخوة حسب التسلسل الزمني في الولادات , لذا فأن ما يثبت به من أداء فهو أساس في تكوين الشخصية المستقبلية فضلاً عن أساس الخبرات في الطفولة المبكرة للأبناء عن طريقة عملية التنشئة الاجتماعية .
إن مبدأ التقبل والعناية والعطف يكون عاملاً مهما ومساعداً في عملية تدعيم الحب والإحترام وكذلك تدعيم الشعور بالأمن لدى الأطفال والمراهقين على العكس من التهديد أو النقد المستمر أو التوبيخ بصورة دائمة يزيد من مخاوفهم من دون أن يعبروا عن مشاعر الخوف أو الاضطراب أو أنهم يشعرون بأزمة حقيقية لا بد من تقديم يد العون والمساعدة لهم (قنطار ,1992 , 192-193) , وأن أي فكرة أو حادثة تخيف الأطفال والمراهقين يجب أن تناقش معهم في أقرب وقت ملائم بحيث ينبغي أن تصحح المناقشة ميل الطفل أو المراهق للمبالغة أو الشذوذ أو الانحراف الذي يشوه منهجه نتيجة الخوف أو الضغط الذي يتعرض له بحيث يتطلب ذلك تعريف الطفل أو المراهق بكل ما هو جديد يتلائم مع مرحلته العمرية وان لانجعله يبحث عن المعلومات من مصادر قد تكون خاطئة من جماعة الأقران أو غيرها مما قد لا تتضح الصورة لهم بشكلها الصحيح , وهذا ما تراه نظرية التحليل النفسي من أن الخوف ما هو إلا ردود أفعال مزاجية مرتبطة بالقلق نحو الدور الجنسي فمنهم من يفترض أن الخوف يتحول لا شعورياً من خوف مثير للقلق إلى شيء ضار (دافيد وف , 1983 , 668).
إن الحاجة لمثل هذه الدراسة قد تولدت لدى الباحثين من خلال عملهم في مجال الإرشاد النفسي والتربوي وعلم النفس النمو والتي يمكن على ضوئها تحديد الجوانب المهمة ومعرفة الأزمات التي يواجهها الآباء والأطفال والمراهقين على حد سواء والتي تحول بينهم وبين تحقيق النجاح في التوافق النفسي والاجتماعي وتحقيق الصحة الصحة النفسية وتكوين مفهوم الذات الايجابي لهم, ومن خلال المنهجية المتبعة في هذه الدراسة فأنها تعتمد على جمع الحقائق والمعلومات ثم مقارنتها وتحليلها للوصول إلى استنتاجات و تعميمات قد تكون مقبولة منطقيا , يتم من خلالها تشخيص بعض المظاهر السلبية والشاذة والانحرافات التي قد تشكل خطراً على الأطفال والمراهقين أنفسهم من جهة وعلى المجتمع من جهة أخرى .
ولغرض الوقوف إزاء هذه المشكلة التي يمكن صياغتها بالسؤال الآتي
هل هناك أزمة أو مشكلة تتعلق بتحديد الهوية الجنسية (الدور) الجنسي لدى الأطفال والمراهقين ؟
وتأسيساً على ما تقدم يمكن أيجاز أهمية البحث بالنقاط الآتية :
1. أهمية دراسة مشكلات الأطفال والمراهقين خاصة ما يتعلق بتشكيل الهوية الجنسية لديهم وهناك دراسات كثيرة بصدد هذا الموضوع منها دراسة( الالوسي واميمه 1983 ) حول المشكلات الجنسية لدى طلبة المدارس الثانوية بحيث تكونت عينة الدراسة من (1400 ) طالب وطالبة وتبين أن هناك خمس مشكلات جنسية شكلت أعلاها نسبة 51)%) (لا استطيع أن اسأل والدي عن أي مسالة جنسية )(الالوسي واميمة, 336,1983) ودراسة القوصي (1975 )عن المشكلات الجنسية (القريطي،1998،420).
2. أهمية تعلم الأدوار الجنسية في مرحلتي الطفولة والمراهقة ضمن إطار التنشئة الاجتماعية وقد أشارت إلى ذلك بحوث(shaefer&millman)وتقارير(kinsey1948)حول السلوك الجنسي غير المناسب واللعب الجنسي والاستكشاف الجنسي وانحراف الأدوار الجنسية لدى الأطفال والمراهقين وكذلك وجدت بعض الدراسات التي أجريت على طلبة الجامعة إن مايقارب(15%) يغلب عليهم طابع الجنس الآخر pleck1948))وهذا ينعكس على الد ور الجنسي وتحديد الهوية الجنسية لدى الأطفال والمراهقين .
3. إثارة انتباه الآباء في اخذ دورهم بشكل إيجابي فيما يتعلق بعملية التنميط الجنسي وتحديد الهوية الجنسية لدى الأطفال والمراهقين.
4. أهمية مرحلة الطفولة والمراهقة في بناء شخصية الفرد وتشكيل هويته الجنسية .
أهداف البحث البحث الحالي إلى
1. التعرف على أزمة تحديد الهوية الجنسية عند الأطفال والمراهقين .
2. التعرف على العوامل التي تساعد في بناء و تشكيل الهوية الجنسية عند الأطفال .
3. التعرف على العوامل التي تساعد على اكتساب الهوية الجنسية للمراهقين .
4. التعرف على أسباب اضطراب الهوية الجنسية لدى الأطفال والمراهقين.
مصطلح الهوية الذاتية Identity
إحساس الشخص بأنه يعرف من هو والى أين يتجه والفرد أن كان لديه شعور قو ي identity بالهوية يرى نفسه أنسانا فريدا متكاملا تتوافر لشخصيته وسلوكه قدر معقول من الثبات والاتساق على مر الزمن) ( كونجر، 1986 ،537)
v مصطلح أزمة الهوية Identity crisi
v وقد عرفه(كونجر1986) الكفاح أو النضال الذي قد يفرض على المراهق وهو يحاول أن يحصل على إحساس أو شعور بالهوية متصف بالثقة والاطمئنان (كونجر , 1986 , 537) .
الأسرة والمجتمع يحددان الأدوار
يبدأ محيط الأسرة والمجتمع بتصنيف الواجبات والأدوار للذكر والأنثى بحيث تؤكد الفوارق الجنسية حتى قبل أن يدرك الطفل تلك الفوارق , فملابس الطفل الذكر من نوع وطراز ولون خاص , وللأنثى تكون من طراز آخر وكذلك الألعاب المقدمة للأطفال تختلف باختلاف الجنس وأن هذا التفريق الاجتماعي يطلق عليه تدريب الطفل على اكتساب الدور الذي بلائمه والذي يتوافق مع عادات وقيم المجتمع الذي يعيش فيه .
وقد أشارت نتائج بعض الدراسات الحديثة إلى أن البنات يؤثرنّ ألعاب الذكور بدلاً من ألعاب الإناث , بينما الذكور غالباً ما يختارون العاب الذكور وأن من أسباب ذلك يعود إلى أن الضغط الاجتماعي يدفع بالذكر إلى اختيار سلوك الرجال أو تجنب السلوك الأنثوي (اللين أو الضعيف) بينما لا يهتم المجتمع فيما لو تصرفت الأنثى الصغيرة كالذكر و قد يكون هذا التصرف من دوافع الفرح والسرور للآباء أحياناً ففي ثقافتنا قد نعود الطفل على ستر عورته في سن مبكر خصوصاً (الإناث) وكما نحتم عليه أداء العمليات الإخراجية في أماكن معينة , ونرغم الطفل ونعوده على عدم الكشف عن الأعضاء التناسلية أو التحد ث عنها , ويتعلم بذلك الطفل الشعور بالخجل عن طريق اتجاهات الأسرة نحو هذه الأعضاء . (الآلوسي , وآخرون , 1983 , 138) .