خديجة عبد الخالق علي
مع ضعف العقيدة في النفوس ومع تطور التقنية للاتصال السريع تمكن الغرب من ترويج أنماط فكره الفارغة والتي تشكل نكبة للإنسانية في مجال الأدب والثقافة والإعلام لضحالتها وتفاهتها واعتمادها على الغرائز في صورة مشمئزة وبربرية ولا يخفى على احد ما للإعلام من تأثير على أفكار واتجاهات الناس وهي باعتبارها وسائل تختصر الزمن والمسافات لإيصال رسالتها الى أكبر عدد من الناس ساعد على سرعة نشر الأفكار وبلورتها وتسريع تداولها وانتقالها وبذلك كان له دور كبير في خدمة المبادئ التي تروج لها والإعلام شأنه شأن أي فن أو تقنية الأصل في استخدامها هو لأغراض إنسانية نبيلة وهي خدمة الإنسان وسعادته وبما اننا بصدد مناقشة قضية المرأة والعوائق التي تقف في طريقها عمل الإعلام ك (ترياقة ) سحرية من جهة حجب وجه الحقيقة عن الناس من غير أن تعرف الحقيقة من الباطل ومن هم الذين يدعون الى تحريرها ومنحها الحقوق التي سلبت منها ؟
ومن هم الذين تبنوا قضيتها ؟
هل هم الذين يشجعونها على الرذيلة والإباحية باسم الحرية ؟
ام هم الذين يجعلونها سلعة للهوهم ومتعتهم باسم التحرر ؟
ام هم الذين يتركونها بلا معيل وينكلون عن الانفاق عليها باسم المساواة ؟
لنرجع ثانية الى الإعلام ترى في أي شئ تخوض بخصوص المرأة ؟ ولاي اخبار تتعرض ؟
وأي شؤون للمرأة هي مجال اهتمامها وتعالج من قبلها ؟
وهل ينصب اهتمامها في سبيل تطوير المرأة علميا وثقافيا وهل تخاطب هموم المرأة ومشاكلها التي تنغص عليها حياتها وتعيق تقدمها ؟
أفيها ذكر من مضى من النسوة اللاتي خلد التاريخ ذكرهن بما أسدين للإنسانية من انجازات وهل .... وهل ..... ؟؟
واننا لنصطدم بالواقع عندما نرى كما هائلا من المجلات والصفحات الفنية في الجرائد والصحف التي تحصر هموم المرأة العصرية في أمور لا تتعدى جمال مظهرها وطرق اختيار الازياء حسب الفصول ووفق الموضات التي ترسمها دور الازياء ومتابعة أخبار مسابقات الجمال بالاضافة الى اخبار السمنة والرشاقة وهذه الجبال المكومة من قصص وروايات الحب والغرام والاغاني الملتهبة ليل نهار والتي بدورها تجسد ثقافة الجسد وما سار على دربها أما التلفزيون والسينما فحدث ولا حرج عن الادوار التي تؤديها النساء والتي تحصر في ادوار سلبية مقيتة ونماذج مبتذلة لا تكف عن الاغواء والاباحية فضلا عما يقدمه من مواد اعلامية تفرض انماطا سلوكية وعادات اجتماعية لا تعبر عن واقعنا الاجتماعي والاخلاقي بل تعالجها بأسلوب يختلف تماما عن ادبياتنا وشريعتنا فيا ترى هل هذه حالة طبيعية ؟
وهل يسهم هذا الكم الهائل من الغثاء الفكري والسفه الثقافي والخواء الروحي في بناء امة ونهضتها ؟
وهل يسهم في النهوض بالمرأة وتنمية شخصيتها ؟وبأختصار شديد تلخص هذه المنابرالاْعلامية على أن المرأة موجود ما خلق الا للزينة واللهو والمتعة ... وتنشر ثقافة مفادها أن المرأة انسان فاسد ولا يصلح الا ان يكون تبعا وأداة للمتعة الرخيصة والإباحية وهكذا أدت تقنية وسائل الإعلام الحديثة الى إرسال ثقافة هابطة رخيصة لترويجها بواسطة الأفلام المحشوة بالعنف والجنس والأغاني التي تدعوا الى الإباحية والمرأة بحكم وضعها الاجتماعي الضعيف تعد من أوسع قواعد الاستماع والمشاهدة للمحطات الفضائية والإذاعات العالمية وبالتالي الأكثر تعرضا لتأثيرها وهكذا تم تحويل المرأة الى وسيلة للربح وبصرف النظر الى كيانها كإنسان لان المرأة وحدة اقتصادية وكل البشر وكل ما يجلب المال هو جيد في نظرهم ... استغلت المرأة من أجل مكاسب تجارية جرت عملية تسويق الحسد الأنثوي بواسطة اّليات الرشاقة والأدوية والمساحيق وتغيير الموضات وهكذا استغلت المرأة من جهتين الاولى كونها امرأة تستعمل كأداة لتسويق المنتوج والترويج له والثانية استغلالها كسوق مفتوح دائما وهكذا أصبح الجسد وحده ولا شئ اّخر هو الطريق الى الوظيفة والى الشهرة والى الشهادة والى الحياة أصبح الشكل هو معيار قبول ونجاح الموظفات أي الجسد وليس مؤهلاتها العلمية أو إنسانيتها أو عقلها أو خبراتها وثقافتها وهكذا تم تعرية جسد المرأة وهو في جوهره تعرية لها من إنسانيتها واختزال لجميع مواهبها ومكوناتها . فصناعة السينما ودور الأزياء ومستحضرات التجميل أعادت صياغة المرأة في الوجدان العام ونزعت عنها مكانتها ودورها وأعرتها من إنسانيتها وكينونتها الحضارية وخصوصياتها الثقافية بحيث تصبح إنسانا بلا وعي ولا ذاكرة ولا تاريخ.
وهكذا فعل الإعلام فعله في تضييق اّفاق المرأة بعزلها عن هموم المجتمع ومشاغله السياسية والثقافية فغدت مجتمعات النساء مشغولة بتوافه الامور وكان ذلك نتيجة حتمية للعزلة التي فرضت على المرأة وأبعادها المتعمد عن قضايا ومشاغل المجتمع وتحويلها الى اّلة للإباحية والالتذاذ وهذا تخطيط ماكر وخبيث لتفريغ المرأة عن محتواها الحقيقي وأبعادها عن فطرتها وأصالتها وشل جميع قابلياتها وطاقاتها وذلك من خلال توجيه اهتمامها وصرف نظرها صوب أمور هامشية وسطحية تلهيها وتشغلها عن الاهتمام بما يجري حولها من حوادث وما تمر به امتها من ماّسي وهكذا استغلت وسائل الاعلام المختلفة وسخرت لادخال الثقافات الدخيلة وتمييع شخصية المرأة وصرف توجهاتها المبدئية وعلى رأسها مسخ وتشويه شخصيتها بأعتبارها أهم ثغرة في المجتمع ولاْن قوام المجتمع وقوته يتوقفان على قوام الاسرة وتماسكها باعتبارها الخلية الأولى ونواة المجتمع وتماسك الاسرة وقوتها يتوقف على قوة من يقوم بأدارتها والاشراف على تربية أفرادها وهكذا أبعدت المرأة عن هذا الدور العظيم وزجت في لظى الأهواء والشهوات وغرس هذه الافكار في ذهنية المرأة تعني انها بكل بساطة ستنقل تلك الأفكار والأخلاقيات الى جيل كامل جديد دون اصلاح أو تقويم . ربما نلوم المرأة وقد نكون على حق فهي من ناحية قد استسلمت لهذا الاسلوب الرخيص في الاعلام وهي بعلم أو بغير علم تتواطئ مع محاولاتهم التي ترمي الى هضم حقوقها والتقليل من شأنها ومكانتها ومن ثم فأن الاعلام يمارس دورا تخديريا فيشغلها بما يمكن وينبغي أن تستهلك وما يجب أن تلبس وتتجمل به فيجعل اّفاق طموحها صيقة في اطارات وردية ذات محتوى هامشي في مجتمع مزيف وهذا كله يزيد من ضعف مكانة المرأة ويقلل من فعالية دورها في المجتمع . ومن هذا المنطلق حق على المجتمع ووسائل الاعلام فيه احترام حقوق النساء وعدم اتباع إستراتيجية تهميش المثقفات الفاعلات اللواتي يمتلكن حضورا فكريا وعمقا اجتماعيا ويجب اطلاق الطاقات الخلاقة للمرأة واستثمارها في مجالات الحياة ومنحها حقها الكامل في عملية صنع القرار وتوجيه السياسات الاجتماعية والتربوية والإعلامية مع وضع حد للعبث ومظاهر الفساد في وسائل الاعلام بصورتها الحالية وذلك بمراقبتها ومنعها من إغراق العالم بالفساد حيث ان معظم الأفلام والبرامج التي تبث على اختلاف اشكالها ومضامينها هي في حقيقتها خطة مدروسة لقتل شخصية المرأة ومسخها تاريخيا فما عليها الا ان تعي هذا المخطط الخبيث الذي يرمي الى جعلها امرأة لا يهمها الا توافه الأمور وأن تتحرر من المفاهيم التي تجعل منهن مجرد أجساد تشتهى ودمى للعرض والاستمتاع لان تحرير المرأة يعني انعتا قها من كل الأسباب التي تحكم عليها بالعبودية المسلطة عليها واكتشاف الكائن الإنساني فيها والعيش وفق مقتضياته التي تتجاوز الخصوصيات ذكرية او أنثوية فالإنسان إنسان قبل ان يكون ذكرا او انثى .
ولابد للمرأة ان تصبح ارفع صوتا وأجرأ حركة وأقدر على لفت الانتباه الى حضورها وأهمية دورها كي لا تصبح مجرد مستهلك للمادة الإعلامية ولكن بأن تصبح صانعا لها ورقما هاما في حساباتها بحيث لا يتم في إطار العمل الإعلامي تجاهل مكانتها ودورها ووظيفتها في إطار الأسرة وتأثيرها في زرع القيم وبالعودة الى مرجعياتنا الثقافية والفكرية التي تنسجم مع طبيعة مجتمعاتنا نستطيع لجم فلتات الإعلام الذي يسوق الفساد ويسئ لكرامة المرأة وبالتالي نسخرها لخدمة وتثقيف المرأة وتوعيتها وكل ما له صلة بتطوير شخصيتها .