تختلف ميزانية التعليم من ولاية إلى أخرى اختلافاً كبيراً نتيجة الفروق الناتجة من وجود أحياء فقيرة وأخرى غنية. وتضطلع بمسؤولية تمويل التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية ثلاث مصادر رئيسية وهي:
1.الحكومة الفيدرالية التي تشارك بتمويل التعليم بنسبة 4%.
2.حكومة الولاية التي تشارك بحوالي 39%.
3.الحكومة المحلية وتتحمل الجانب الأكبر بنسبة 57%.
ومن ثم يقع العبء الأكبر في تمويل التعليم الأمريكي على عاتق السلطات المحلية وحكومات الولايات وسبب ذلك أن التعديل العاشر لدستور الولايات المتحدة الأمريكية قد منح كل ولاية سلطة تنظيم مؤسساتها التعليمية.
وتعتمد الحكومات اعتماداً رئيسياً على الضرائب بأنواعها المختلفة في تمويل التعليم. ولذا يعتبر الإنفاق على التعليم مشكلة كبيرة نظراً لاختلاف الولايات داخل أمريكا في مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية ، ولذلك إذا كانت الولاية غنية وحصيلة الضرائب كبيرة يكون الإنفاق على التعليم كبير ، وساعد ذلك على تقديم خدمة تعليمية جيدة. كما أن انخفاض المستوى الاقتصادي في بعض المناطق يدفع بعض الولايات الأخرى لتقديم المنح للجهات والمناطق الفقيرة.
وتفرض الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية بغرض الإنفاق على التعليم على المستويات التالية:
1.الضرائب المحلية: ويفرضها مجلس التعليم المحلي بغرض زيادة نفقات التعليم. ويتولى جمع هذه الضرائب وإنفاقها في مجال التعليم بالمنطقة المحلية.
2.ضرائب على مستوى الولاية: ويفرضها مجلس الولاية لتعويض النقص في الميزانية التعليمية لكل مجلس من مجالس التعليم المحلية من ميزانية الولاية، إذا لم تكن الضرائب المحلية كافية لإيصال مستوى التعليم إلى الحد الأدنى المقرر الوصول إليه.
3.ضرائب على المستوى الفيدرالي: ومن أهم الضرائب المفروضة للإنفاق على التعليم في معظم الولايات الأمريكية هي الضريبة العقارية التي يدور حولها جدلاً كبيراً على أساس أنها غير كافية وغير عادلة ، حيث أن القيمة المادية للعقار أو الشركة لا يعرف قيمتها الحقيقية إلا عند بيعها ، ولذلك يقترح المعارضون للضريبة العقارية أن الدخل هو أنسب مقياس للثروة المحلية ، وبالتالي يمكن للناس دفع ضرائبهم. ولكن مؤيدي هذه الضريبة يرون أن العقارات مقياس للثروة والإمكانات المادية مثل الدخل أو أي مقياس للثروة.
المناهج الأمريكية
لا يوجد منهج قومي رسمي للتعليم في الولايات المتحدة الأمريكية. وتقع مسؤولية المناهج وتخطيطها وتطويرها على عاتق إدارات التعليم بالولايات مع إتاحة الفرصة للولايات المحلية والمدارس بقدر معين من المشاركة. وعادة ما يشارك في تخطيط المناهج وتطويرها المتخصصون في المادة ومديرو المدارس والمعلمون ، وذلك بالإضافة إلى أساتذة الجامعات من المتخصصين في التربية ، ومجموعات ذات اهتمامات تجارية (منتجو الكتب والمواد التعليمية) والمؤسسات القومية للمعلمين والوكالات القومية للاختبار.
ويمكن القول أن مسؤولية تحديد المناهج وتخطيطها وتطويرها تقع على الجهات التالية:
- إدارات التعليم في الولايات.
- المحليات والمدارس.
- المؤسسات القومية للمعلمين.
- المتخصصون في المادة ومديرو المدارس والمعلمون.
- الوكالات القومية للاختبار.
- أساتذة الجامعات من المتخصصين في التربية.
- أولياء الأمور وذوو الاهتمام.
- الطلاب في بعض الولايات.
وقد تميزت المناهج الأمريكية بشكل عام في أيامها الأولى بالتأثير الديني القومي ، مع وجود اتجاه نفعي متنامي. ثم حدثت تحولات أساسية في مناهج التعليم نتيجة لجعل التعليم تعليماً مدنياً والنظر إلى التربية باعتبار أن لها دوراً هاماً في توحيد وفي إعداد الناشئة للحياة المنتجة في المجتمع الصناعي والمدني الجديد. مما أدى إلى الاهتمام بالحاجات المختلفة للمتعلمين وتوجيه الاهتمام نحو حاجاتهم الفردية الأمر الذي انعكس بصورة كبيرة في إدخال مواد جديدة في مستوى التعليم الثانوي وزيادة فرص الطالب في الاختيار.
ولكل مرحلة دراسية منهج خاص بها. فرياض الأطفال ودور الحضانة يشتمل منهجها على التدريب على المهارات الأساسية في الحساب والألعاب الجماعية والموسيقى والرقص وغرس عادات وسلوك الصحة العامة.
وتتميز مناهج المرحلة الإعدادية أو الأولية بالطابع المرن والذي يؤخذ فيها بعين الاعتبار رغبات وميول الطلبة ومدى سرعتهم في الانجاز.
وتتميز مناهج المدارس الثانوية بالتنوع الذي لا يقتصر على الإعداد للحياة ومن أساليب تنظيم منهج المدرسة العليا (الثانوية) ما يلي:
1. المنهج المتعدد: يختار الطالب برنامجاً دراسياً من البرامج التي تعدها المدرسة (برامج الالتحاق بالكليات – برامج عامة – برامج في إدارة الأعمال – برامج في التعليم التقني) ، مع مجموعة من المواد الاختيارية.
2. المنهج ذو المواد الثابتة والمواد المتغيرة: حيث يدرس جميع الطلاب مجموعة معينة من المواد مع مجموعة أخرى من المواد الاختيارية.
3. المنهج ذو التخصص الرئيسي والتخصص الفرعي حيث يختار الطالب مادة دراسية (أو مادتين) للتخصص الرئيسي ومادة للتخصص الفرعي (من بين مجموعة من المواد أو مجالات) بالإضافة إلى الدراسة الإلزامية لبعض المواد وغالباً تتم دراسة التخصص بثلاثة أعوام والفرعي بعامين دراسيين.
4. منهج المواد الاختيارية: وفيه يختار الطالب ما يشاء من المواد الدراسية المتنوعة التي تقدمها المدرسة بحيث يستكمل دراسة عدد معين من الساعات المعتمدة التي تنص عليها متطلبات التخرج.
وتعد مناهج المرحلة الثانوية ذات طابع متميز حيث تستند إلى المبادئ التالية:
1. أن وظيفة المدرسة الثانوية لا تقتصر على الإعداد لمواصلة التعليم في الجامعات ، بل تتضمن الإعداد للحياة.
2. مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب من حيث الميول والقدرات والاستعدادات.
3. خضوع المنهج لاختيار الطالب حيث يختار البرنامج الدراسي الذي يرغب به ، ويكون في بعض الولايات حرية اختيار المنهاج بالنسبة للطالب.
أساليب التقويم في التعليم الأمريكي
تختلف أساليب التقويم من ولاية إلى ولاية ، ولكن الترفيع الآلي في المرحلة الابتدائية قد انتشر حيث ينتقل التلميذ مع نظرائه من نفس العمر إلى الصف التالي بغض النظر عن مستوى أدائه. لذا يوجد فوارق في مستوى ما ينجزه تلاميذ الصف الثاني في أولى مراحل القراءة ، بينما يتابع زملاؤهم مستوى الصف الثاني.
أما في المرحلة الثانوية فيقدر إنجاز الطالب عن طريق النشاط اليومي المدرسي الذي يبديه في الصف ، ونتائج الاختبارات ، وعمله مع زملائه في اللجان المختلفة أو المشاريع التي يقوم بها ، ونموه خلال دراسته الثانوية. ويكون الترفيع عادة لكل مادة على حده ولينجح الطالب في مادة من المواد عليه أن يحصل على علامة D من سلم العلامات (a,b,c,d,e) ويمثل A أعلى درجة ويمثل E أضعف درجة.
أما الامتحان الذي يجري في نهاية المرحلة الثانوية فتنظمه السلطة المحلية أو الولاية بالطريقة التي تختارها مجالس التربية والتعليم المحلية.
إعداد المعلم في الولايات المتحدة الأمريكية
يعتبر إعداد المعلم من أكثر المشكلات التربوية حدة ، فالولايات لها نظامها الخاص والمختلف عن غيرها من حيث قبول المعلمين وتدريبهم ومؤهلاتهم العلمية وطرق تعيينهم ومستوياتهم ومرتباتهم.
وتوجد عدة أنماط من المعاهد لإعداد المعلمين في أمريكا من أهمها ما يلي:
1. مدارس النورمال: وهي أقدم معاهد إعداد المعلمين ، ولها أهمية تاريخية في تطور إعداد المعلمين في أمريكا. وقد أنشئت أول مدرسة من هذا النوع في فرمونت سنة 1823م ، أما أول مدرسة نورمال عامة فقد أنشئت بعد ذلك سنة 1839م. وكان يقبل بمدارس النورمال التلاميذ من المدارس الأولية ويعدون فيها للتدريس مدة تتراوح بين عدة أسابيع قليلة وسنتين.
2. كليات المعلمين: وتقوم بإعداد معلمي التعليم الابتدائي والثانوي ، وبعضها يعد المعلمين للكليات والجامعات. وتمنح درجة الماجستير والدكتوراه. وكانت أول كلية أنشئت بهذا الاسم هي كلية المعلمين بولاية ميتشجان في سنة 1903م ومدة الدراسة بها أربع سنوات بعد المرحلة الثانوية.
3. أقسام التربية بالكليات الجامعية: وتوجد بكليات الآداب في بعض الجامعات أقساماً للتربية أو في كليات العلوم الاجتماعية. وكانت جامعة أيوا أول جامعة أنشأت كرسياً للتربية بها سنة 1873م ، وتبعتها جامعة ميتشجان سنة 1879م ثم هارفارد.
4. كليات التربية: وتكون هذه الكليات تابعة للجامعات الحكومية أو الخاصة ، وتختلف عن كليات المعلمين وأقسام التربية بالكليات الخاصة في أنها تقبل طلابها عادة بعد حصولهم على الدرجة الجامعية الأولى في إحدى التخصصات ليدرسوا المواد التربوية وحدها لمدة عام.
مدة ونظم الإعداد:
مدة الدراسة العادية لإعداد المعلم هي أربع سنوات وقد تصل إلى خمس سنوات أحياناً. ويقوم أساس إعداد المعلم على تدريبه في ثلاث جوانب ومجالات رئيسية هي:
1. مجال الثقافة العامة التي تساعده على توسيع أفقه ومداركه في تربية التلاميذ وتعامله معهم.
2. مجال الثقافة الخاصة التي تتعلق بتخصصه في مادة دراسية أو في ميدان من الميادين.
3. مجال الثقافة المهنية التي تتعلق بدوره كمعلم وإكسابه المهارات المهنية.
وتطلب كل ولاية من الولايات شهادة أو تصريح من المجلس القومي للمعلم للعمل بالتدريس في المدارس الأولية والثانوية قبل أن يسمح له بالتدريس.
ويعتبر التدريب أثناء الخدمة في كثير من الولايات إجبارياً وأحياناً تتوقف زيادة المرتب على النجاح في البرامج التدريبية المقدمة. وتوجد برامج متنوعة بعضها قصير الأجل والبعض طويل الأجل ، كما يمنح المعلمون إجازات دراسية بمرتب لمدة عام يلتحقون فيها بالدراسات التي تعدها الجامعات للمعلمين.
السنة الدراسية في المدارس الأمريكية
يبدأ الطلاب في الولايات عامهم الدراسي في اليوم التالي لعيد العمال أي في أوائل سبتمبر من كل سنة ويستمر حتى أوائل يونيو من السنة التالية. وإجمالي أيام العام الدراسي 180 يوماً فعلياً – باستثناء الأيام التي تغلق فيها المدارس بسبب الجليد ونحوه من العوامل الطبيعية – تقسم إلى فصلين دراسيين يفصل بينهما عطلة عيد الكريسمس.
يختلف اليوم الدراسي من مكان إلى آخر ، ولكن في المتوسط يتراوح بين ست إلى سبع ساعات.
وتتمتع المدارس الأمريكية بصفة عامة بعطل صيفية تمتد إلى ثلاثة أشهر ويضاف إليها عطلة عيد المسيح وعدد من الأيام التي تعطل فيها الدراسة احتفالاً بمناسبات قومية أو مناسبات على مستوى الولاية.
الاستفادة من النظام التعليمي في الولايات المتحدة الأمريكية
هنالك عدة دروس مستفادة من النظام التعليمي في الولايات المتحدة الأمريكية ومن ذلك:
1. أهمية التعليم المبكر ويكمن في ضرورة ويكمن في ضرورة وجود الخبرات والتجارب التي تحرك لدى الطفل الرغبة في التعلم في سن مبكرة، باعتبار ذلك عامل حيوي في سبيل إيجاد الفرص المتكافئة والتقدم والإنجاز.
2. تخصيص أو زيادة الوقت المخصص لتدريس المناهج الدراسية وبالأخص العلوم والرياضيات والتكنولوجيا خلال مرحلة الدراسة الإعدادية والثانوية ، وهذا يلزم إطالة اليوم الدراسي أو الأسبوع الدراسي أو السنة الدراسية بدرجة ملحوظة لتغطية مثل هذه البرامج الدراسية.
3. التعليم قضية مجتمعية لا تحل مشكلاته إلا بالمشاركة الجماعية ، وإصلاح أمره مسؤولية المجتمع ، والعمل التطوعي تعبير عن هذه المسؤولية.
4. إصلاح التعليم يجب أن يكون شاملاً وليس جزئياً.
5. إصلاح التعليم ينطلق من التلاميذ ، ويبدأ من فصول الدراسة وليس من مكاتب المسؤولين.
6. تأسيس مجالس تعليمية للإسراع بعملية التغيير ، وتنمية الأهداف التعليمية على المستوى المحلي والقومي.
7. توفير التدريب على أسس علمية صحيحة لحل أزمة التدريس ، إذ يتعين إعداد برامج التدريب الصيفية للمعلمين ، وأنشطة التعليم أثناء الخدمة.
8. إعادة النظر في المناهج التعليمية بحيث تواكب التقدم العلمي وتوافي حاجات المجتمع المحلي.
9. منح أولياء الأمور دوراً في النظام التعليمي في كافة المراحل على مختلف الموضوعات.
10. يجب الاهتمام بتطوير أوعية المعلومات ، وتدريب المتعلمين على التعلم الذاتي.
11. يجب أن يتم التعاون بين المدرسة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى بشكل أكبر مما هو عليه الآن.
12. مرونة الإدارة التربوية والتعليمية وإعطاء المعلمين ومديري المدارس صلاحيات للمساهمة في جهود التطوير والإصلاح.
كان هذا عرضاً مختصراً لأهم جوانب النظام التعليمي الأمريكي ، وبعض العناصر التي يمكن أن نستفيد منها في تطوير التعليم مصر.
أتمنى من الجميع إثراء الموضوع بالمناقشة الهادفة وطرح أفكاراً جديدة لكيفية الاستفادة من هذا النظام التعليمي بما يتفق مع خصوصيتنا الثقافية والدينية