بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الدراسي في ضوء تقنيات التعليم
المقدمة
إن استعمال تقنيات التعليم في داخل الفصل الدراسي استجابة لخبرات الجنس البشري والبحوث العلمية: فلقد ثبت أن تقنيات التعليم تستطيع إذا أحسن اختيارها واستخدامها أن تشوق التلميذ وتثير الهمم وتجني المعاني وتوسع الخبرات وتساعد على الفهم وتشحذ الفكر وتعلم المهارات وتنمي الاتجاهات وتربي الذوق وتعدل السلوك وتراعي الفروق الفردية وتخلد الدراسة وتستعيد الماضي وتسرع البطيء وتبطئ السريع وتقرب البعيد وتكبر الدقيق وتصغر الكبير وتشرح الغريب وتفسر المألوف وتبرز الهمم وتستبعد العوائق وتذلل التجريديات وتدعم أدوات التعليم المختلفة .
وتقنيات التعليم هذه هي: الخبرات الهادفة المباشرة ونماذج الشكل الظاهري والخرائط البارزة ونماذج القطاعات العرضية ونماذج القطاعات الطولية والنماذج المبسطة والنماذج المفتوحة والنماذج المفككة والنماذج الشغالة ...الخ ،التي ساعدت على توفير الوقت أثناء العملية التعليمية داخل الفصل الدراسي وجعلته أكثر عمقا وأثرا ليس فقط في نفوس التلاميذ بل في جميع طلاب العلم باختلاف مستوياتهم الدراسية .
فالمختبرات المخصصة سواء لدراسة القران الكريم أو اللغات والدوائر التلفزيونية المغلقة واستخدام الأقمار الصناعية وشبكة الإنترنت في نشر مختلف العلوم لدليل واضح على انتشار التكنولوجيا.
1- الاتصال بين المعلم والمتعلم داخل الفصل الدراسي
وهو ذلك النوع من الاتصال المحدد الأهداف المقنن الأسلوب المعروف المحتوى على أقل تقدير من فبل المعلم سواء كان الاتصال على المستوى العام داخل الفصل الدراسي أم المعامل أم قاعات العرض أم على المستوى الشخصي من أجل مناقشة موضوع أو استعراض درس من الدروس سواء كان ذلك بشكل مباشر أم من خلال وسيلة من وسائل الاتصال (هاتف ،دوائر تليفزيونية مغلقة،فاكس...)
وله أسس وقواعد يفترض في المعلم سواء ذكرا كان أم أنثى أن يلم بها إلماما كاملا.
2- عناصر الاتصال داخل الفصل الدرا سي
من المسلم به أن هناك مجالات متنوعة للاتصال داخل الفصل الدراسي إلا أن اللغة تعد من أهم وسائل الاتصال داخل الفصل الدراسي وذلك لكونها مجموعة من الرموز التي تعارف عليها المتحدثون بها وإن كان المتحدث بحاجة إلى توضيح ما يقصده من الألفاظ التي يستخدمها في حديثه إليهم ومن هنا فإن اللغة تنقسم إلى قسمين كبيرين :
أولا: اللغة اللفظية وهي لغة الكلام وتتم عن طريق الفم أي اللسان.
ثانيا: اللغة غير اللفظية وهي لغة الحركات كاللمس والإشارة باليد أو الإيماء بالرأس أو الهز بالكتفين والعطف والنظر .. الخ ، وهي تعتبر من مقومات المعلم لأثرها على السلوك.
وعند مواجهة المعلم لتلاميذه وهو منفعل بأي نوع من الانفعال يتأثر التلاميذ بذلك مما يجعلهم يشعرون بالإحباط .
والعكس صحيح أيضا عندما يقابل المعلم تلاميذه بوجه هادئ مبتسم فهذا يترك أثرا نفسيا تربويا على سلوكهم لأن ابتسامته في وجوه التلاميذ تساعدهم في الإقبال على أفكار معلمهم والالتفاف حوله والإصغاء إلى شرحه فالوجه الباسم يبعث في الطرف الآخر الراحة وانشراح الصدر كيف لا وهذا يشير إليه القران الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى ﴿ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾
والابتسامة تحمل في طياتها معنى الشكر والتقدير كما أنها تحمل معنى الدهشة والعجب كما أن الغضب يدل على عدم الرضا ..
وبما أن موقف المعلم هو جزء من عمليات الاتصال المعروفة داخل الفصل الدراسي ، ولأن التدريس موقف وسلوك المعلم له أثر كبير على التلاميذ فإن عملية الاتصال مهما تنوعت لا تتم إلا إذا توفرت لها العناصر الأساسية التالية مجتمعة داخل الفصل الدراسي وهي:
1- المرسل Sender .
2- الرسالة Message .
3- الوسيلة Medium .
4- المستقبل Receiver .
بالإضافة إلى أن تفاعل العناصر الأربعة السابقة معا يؤدي من خلال المواجهة الشخصية إلى ما يسمى بالتغذية المرتدة أو الراجعة Feed Back .
إن هذه العناصر تكمل بعضها بعضا أثناء عملية الاتصال الإيجابي أو المفيد داخل الفصل الدراسي فإذا فقدت تلك العملية عنصرا من العناصر تأثرت العناصر الباقية بشكل واضح .
مثال ذلك:
ففي حالة قراءة كتاب معين من قبل التلاميذ فإن مؤلف الكتاب يعتبر المرسل لما كتبه من كلمات وعبارات تدل على معان وأفكار متعددة والتلميذ هو المستقبل أما الرسالة فهي قراءة وفهم محتويات الكتاب من قبل التلميذ وبالتالي فإن اللغة التي سيقرأها التلميذ من الكتاب تعد هي وسيلة الاتصال وإذا كان المعلم هو الذي سيقدم القراءة فإنه يقدمها بالطريقة النموذجية المفهومة كترتيل مسموع للقران الكريم بتشكيلاته المتعددة وذلك باستخدام معمل الصوتيات أو المسجلات الصوتية أو القراءة أمام التلاميذ.
وفيما يلي نقدم شرحا موضحا لهذه العناصر :
1- المرسل Sender :
هي البداية أو المنطلق لعملية الاتصال وقد يكون المرسل إنسانا أو آلة فتبدأ العملية بإرسال رموز متعددة هي الرسالة التي توجه إلى المستقبل وهم التلاميذ ..
مثال ذلك:
فإذا سأل المعلم تلاميذه عن عاصمة السعودية ، فتكون الإجابة من المستقبلين وهم التلاميذ .. الرياض.
2-الرسالة Message :
تعتبر الرسالة هي المضمون أو المحتوى وقد تكون المعلومات أو المفاهيم أو الأفكار والأحاسيس التي يود المرسل أن يوصلها إلى المستقبل أو هي هدف عملية ألاتصال داخل الفصل الدراسي .
ومن خصائص الرسالة (المنهج) بسيطة وبعيدة عن التعقيد وان تكون في مستوى التلاميذ وتتحدى قدراتهم وأن تلبي حاجة ورغبة التلاميذ وتكون ذات أهمية وتلقى استحسانا لديهم وذلك من خلال عرضها عليهم بأسلوب مبسط ومشوق.
3-الوسيلة : Medium
المقصود بالوسيلة في عملية الاتصال كيفية نقل الرسالة أي محالة اختيار أنسب القنوات والمواد والأدوات والأجهزة التي تنقل الرسالة من المرسل إلى المستقبل فهي بذلك تنقل المعلومات أو الأفكار والمفاهيم أو بأقل قدر من المعوقات.
ومن خصائص الوسيلة أن تساعد في توفير الوقت وأن تكون رخيصة التكاليف سهلة الاستعمال بسيطة غير معقدة تتوفر فيها عناصر السلامة .
وقد تنوعت الوسائل كالكتب والمطبوعات والخرائط والرسوم والصور الفوتوغرافية العادية والإذاعة والتلفاز التعليمي كذلك الحاسوب التعليمي ...الخ.
والمرسل (المعلم) عندما يستخدم فيلما سينمائيا متحركا لشرح موضوع عن توسعة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة إنما هو يستخدم وسيلة وهي الفيلم ولا يشترط أن تكون أجهزة معقدة ويمكن للمعلم أن يستخدم السبورة وهي من الوسائل التعليمية البسيطة لسهولة الكتابة والرسم بكل أنواعه عليها.
4-المستقبل Receiver :
وهو المتلقي أو التلميذ الذي يتسلم الرسالة ويحاول معرفة ما تهدف إليه ويجب أن لا يقاس نجاح عملية الاتصال داخل الفصل بما يقدمه المرسل فقط من معلومات ومهارات ولكن برد فعل المستقبل من هذه المعلومات وما ينعكس عليه من تصرفات وأفعال .
ومن خصائص المستقبل (التلميذ) أن يكون متأهبا ومستعدا لاستقبال المعلومات ويتوقف هذا التأهب أو الدافع أو الاستعداد على خصائص متعددة منها الحالة الاقتصادية والاجتماعية كذلك القدرات العقلية والجسمية والنفسية واللغوية ونحو ذلك من الخصائص الأخرى.
3- كيف يتم الاتصال الجيد داخل الفصل الدراسي ؟
قبل أن نعرف كيف يتم الاتصال الجيد أو الاتصال المفيد لابد لنا أن نتعرف أولا على أن عملية الاتصال عملية دائرية ديناميكية مستمرة داخل الفصل الدراسي لا تسير في اتجاه واحد ولا تسير في اتجاهات متعاكسة ولا تسير في اتجاهات متسلسلة فلو أدرك المعلم أو علم أو فهم أن عملية الاتصال تسير في اتجاه واحد تبدأ من المعلم (المرسل) وتنتهي عند التلميذ (المستقبل) لاقتصرت مهمته على الإلقاء والتلقين والشرح من جانبه دون أن يهتم بالتلميذ وفهمه للدرس وهذا ما لا نريده ولا نرضى به جميعا .. وهذا مايطلق عليه الاتصال غير الجيد أو الاتصال غير المفيد وبالتالي لا يخرج تأثيره عن حدود غرفة الصف الدراسي .
أذن كيف يمكننا أن نعرف أنه اتصال جيد أو اتصال مفيد أو غير ذلك ؟
يكون ذلك بالاهتمام بالتغذية الرجعية .. بالارتدادات ( ردود الفعل ) التي تصل
إلى المعلم عن طريق تلاميذه ( المستقبلين ) وبالتالي يعرف مدى ما حققه من أهداف الدرس.
ويمكن تقسيم التغذية الرجعية إلى قسمين :
أ- تغذية رجعية فورية أو آنية :
يدركها المعلم فور انتهاء الدرس وفي داخل الصف الدراسي وذلك بإلقاء مجموعة من الأسئلة والاستماع للإجابة .
ب-تغذية رجعية مؤجلة أو لاحقة :
ويدركها أو يعرفها المعلم لاحقا عن طريق الواجبات أو الاختبارات وفي هاتين الحالتين هو الاتصال الجيد أو المفيد .
فالتغذية الراجعة :
هي وسيلة قياس مستمرة للعملية التعليمية داخل الصف الدراسي ومدى استجابتهم لعناصر موضوع الدرس .
4- وسائل اتصال تعليمية من مستلزمات الفصل الدراسي
وهي وسائل الاتصال التعليمية التي ينبغي أن تظل موجودة داخل الصف الدراسي ويستخدمها المعلمون على اختلاف تخصصاتهم وهي كالتالي :
1. السبورات بأنواعها المختلفة .
2. حامل اللوحات والقوالب .
3. جهاز فيديو تيب وتليفزيون .
4. أجهزة العرض المتاحة داخل الصف .
أ- جهاز العارض فوق الرأس .
ب- جهاز الفانوس السحري لعرض الصور المعتمة .
ت- جهاز عرض الشرائح والأفلام الثابتة .
ث- تسجيل صوتي ( شرائط كاست وأسطوانات ) .
ج- جهاز عرض المعلومات (Data Show ) .
ح- حاسب آلي .
خ- جهاز عرض الصور المعتمة والشفافيات والمجسمات ( VID ) .
5- دور وسائل الاتصال التعليمية في العملية التربوية داخل الفصل الدراسي:
تسهم وسائل الاتصال التعليمية بدور فعال ورئيسي في تحقيق أهداف العملية التعليمية إذ أنها من وجهة النظر التربوية تحقق مايلي :
1- تحقق عنصر إيجابية التلاميذ في العملية التعليمية وذلك بإشراكهم في إنتاج الوسائل واستخدامها ومتابعتها.
2- تثير اهتمام التلاميذ للمادة التعليمية مما يساعد على ترسيخ الفهم والإدراك .
3- تكسب التلاميذ خبرات حية فكل إنسان له تصورات داخلية تتمثل فيما يتصوره من دلالات للرموز التي يتعرض لها فإذا تطابق التصور الداخلي مع التصور الخارجي تمت العملية التعليمية بنجاح .
4- تقوم وسائل الاتصال بدور مهم في تربية حاسة التذوق الفني عند الأطفال لما يتحقق فيها من تقنيات فنية من حيث أشكالها وألوانها .
5- تقلل من آثار ظاهرة الفروق الفردية .. لكل تلميذ بيئته التي نشأ فيها وبذلك يختلف التلاميذ من حيث القدرة على الفهم والاستيعاب .. فتتيح الوسيلة للتلاميذ ذوي المستوى دون المتوسط فرصة الاستيعاب والتحصيل الذي يحققه زملاؤهم نظرا لأن الوقت المخصص للدرس قد لايتيح للمعلم مزيدا من الشرح لهولاء التلاميذ .
6- تحقق وسائل الاتصال عنصري ( الجذب _ والتشويق ) للمادة التعليمية إلى جانب الحركة ويتطلب ذلك استخدام أمثل من قبل المعلم .
7- تزيد من درجة الوضوح والشرح وزيادة قدرة التلاميذ على التفكير .
8- تعمل على تثبيت المعلومات ي أذهان التلاميذ .
9- تقضي على الملل والتسرب الذهني للتلاميذ بل تساعد على تسلسل الأفكار وترابطها .
10- تخاطب وسائل الاتصال أكثر من حاسة فهناك حقيقة مفادها أنها كلما تمت مخاطبة التلاميذ عن طريق أكثر من حاسة كلما كان ذلك مفيدا للفهم والتحصيل وكان الأثر كبيرا .
11- تتخطى حدود المسافة والمكان الزمن :
أ- المسافة: قدرة وسائل الاتصال التعليمية على تخطي حدود المسافة .
مثال ذلك:
عندما يكون لدينا معلم على درجة كبيرة من الخبرة والكفاءة ونود أن نفيد منه جموع المتعلمين (طلاب الشهادات مثلا) الموجودين منهم في المدن أو في القرى فإننا نستطيع بث درس تعليمي عن طريق التلفاز ليستقبله كل التلاميذ بذلك ننقل هذا المعلم إلى كل الأماكن التي يصلها البث ألتلفازي .
ب- المكان: قدرة وسائل الاتصال التعليمية على تخطي حدود المكان .. يمكن نقل الحدث في حينه من أمريكا أو استراليا وغيرها من القارات في نفس اللحظة وبذلك نكون قد تخطينا حدود الزمن .
ج- الزمن: إذاعة درس تاريخي أو حادثة وقعت في العصر الماضي البعيد وبذلك نكون قد تخطينا حدود الزمن .
12- تقوم وسائل الاتصال التعليمية بمهام تربوية لا يستطيع أي إنسان مهما بلغت قدرته اللفظية أن يؤديها أو يشرحها .