اولا : علم الاجتماع السياسى
يعتبر علم الاجتماع السياسي من احدث العلوم الاجتماعية حيث لم يدرس كعلم مستقل و كمادة مستقلة في فرنسا إلا منذ السبعينيات من القرن 20 و في المغرب العربي مع بداية الثمانينات مما أدى إلى فتح مجال للكثير من التساؤلات و الغموض حول هذا العلم الجديد فهل علم الاجتماع السياسي فرع من فروع علم الاجتماع أم موضوع من علم السياسة ؟ أو يصور أوضح هل مدخل علم الاجتماع السياسي فرع منها و ما هي حدود الفاصلة بين الظاهرة المجتمع و الظاهرة السياسية ؟
بعد استقلالية علم السياسة و جهود العلماء السياسية المتواصلة لبلورة المجال المعرفي و التنظيري و المؤسساتي الذي يمكن علم السياسة من الإحاطة العلمية الناجحة لدراسة و فهم الظواهر السياسية وصل علم السياسة إلى ما يشيه الأزمة التي تعززت بسبب التطورات المتلاحقة في الحقل السياسي و تعدد نماذج السلوك السياسي و النظام السياسية بين الدول و عدم القدرة علم السياسة على التنظيم و كدا اعتمادهم على مناهج تقليدية و توقعهم حول مزاعم العلمية و العملية و تنظيراتهم و إنما أكثر قدرة على الشمولية بكل الظواهر السياسية لكن الأزمة الحقيقية تكمن في تزايد القناعة لدى علماء السياسة بصعوبة فهم الظواهر السياسية و الإحاطة بأولوياتها دون الرجوع إلى البني المجتمع المتفاعلة معها فحتى على علماء السياسة في هذه الحالة العودة مجددا إلى المجتمع و البحث عن أولويات السياسي في الاجتماعي و دراسة الظاهرة السياسية فمن إبعادها المجتمع فكان علم الاجتماع السياسي هو الإحاطة العلمية على هذه الأزمة.
عالم الاجتماع لا يمكنه أن يكون إلا على علاقة بالسياسة فمن الصعب عزل عامل الاجتماع نفس عن السياسة في هذا المجال يقول : ريمون أطوك " إن عالم الاجتماع يصبح سياسيا أن لم يشأ ذلك " و هنا نلاحظ التداخل بين الواقع المجتمع و الواقع السياسي كما أن كل المجالات لعلم الاجتماع البشري لا تخلو من السياسة و الوصول إلى المعرفة بين ما هو سياسي و ما هو اجتماعي .
علاقته بعلم السياسة
التكيف السياسي مع المجتمع هو سيرورة ترسيخ المعتقدات و التمثلات المتعلقة بالسلطة و بمجموعات الانتماء. فليس هناك من مجتمع سياسي يكون قابلاً باستمرار للحياة من دون استبطان حد أدنى من المعتقدات المشتركة المتعلقة في آن واحد بشرعية الحكومة التي تحكم، و بصحة التماثل بين الافراد و المجموعات المتضامنة.
يهمُّ قليلاً ان تكون هذه المعتقدات ثابتة أو لا في حجتها، اذ يكفي ان تنتزع الانتماء قدراسة التكيف السياسي مع المجتمع يجب ان يُنظر لها من مظهر مزدوج كيف يمكن بمساعدة تصورات ملائمة عرض هذه المعتقدات و المواقف و الاراء المشتركة بين كل اعضاء المجموعة او جزء منها؟ و كيف يمكن التعرف على سيرورات الترسيخ التي بفضلها يجري عمل التمثل و الاستبطان؟
و من هنا، نجد ان علم الاجتماع يهتم بدراسة كافة جوانب المجتمع بينما علم السياسة يكرس معظم إهتماماته لدراسة القوة المتجسدة في التنظيمات الرسمية. فالاول يولي اهتماماً كبيراً بالعلاقات المتبادلة بين مجموعة النظم (بما في ذلك الحكومة)، بينما الثاني يهتم بالعمليات الداخلية كالتي تحدث داخل الحكومة مثلاً، و قد عبَّر ليبست (lipset) عن ذلك بقوله: «يهتم علم السياسة بالادارة العامة، اي كيفية جعل التنظيمات الحكومية فعالة، اما علم الاجتماع السياسي فيعنى البيروقراطية، و على الاخص مشكلاتها الداخلية ».
و مع ذلك فان علم الاجتماع السياسي يشترك مع علم السياسة في كثير من الموضوعات بل إن بعض العلماء السياسيين بدأوا يولون اهتماماً خاصاً بالدراسات السلوكية و يمزجون بين التحليل السياسي و التحليل السوسيولوجي