فقال لي إنسان : رأيت أنني أبول من فمي فيقع على الناس ، قلت : تتكلم بكلام ردي في أعراضهم. وقال آخر : رأيت أن الناس يبولون في آنية وأنا أحركها وأشرب منها ، قلت : تصير طبيباً وتأتي إليك قوارير البول تنظرها ، وتأكل من أجرتك على ذلك.
وأما الغائط إذا لوث ، أو أبصره الناس ، أو كثر خلاف العادة ، فكل ذلك نكد كما ذكرنا ، لنفور الناس منه ، ولقبح منظره وريحه. والبول أهون منه لأن الغالب من الناس أنهم يبولون في الطرقات وبين الناس ، ولا يستحيي من ذلك غالباً ، ويذهب عاجلاً ، والغائط ما يفعله في هذه الأحوال إلا من لا خلاق له ، وكذلك لا يخرج ريحاً بين الناس ، ويبقى أثر الغائط في المكان مضراً لمن يقع عليه.
وإذا لم يكن شيء من ذلك فاعتبر الراحة بخروجه. كما قال لي إنسان : رأيت أنني تغوط كثيراً ووجدت به راحة ، قلت : تفرح بخروج مسجون. وقال آخر : رأيت أنني أرقت بولاً كثيراً من ذكري بعد تعب ووجدت به راحة ، قلت تبرأ من هذا الاستسقاء الذي بك ، فبرئ. وقال آخر : رأيت أنني في شدة من كثرة ريح في فؤادي فأتيت بين حيوانات فأخرجتها واسترحت ، قلت : تستريح قليلاً بإخراج ما في فؤادك من الكلام الذي يؤلم ، ويطلع على سرك من لا ينقله عنك. فافهم ذلك.