يجب اختبار نظريات عـلم الاجتـماع وتحقيـقها قبل أن تُصــبح نظريـات يُعتـمد عليـها. ويستـخدم علماء الاجتماع ثلاث طرق بحثية رئيسية لاختبار النظريات 1- عمليات المسح 2- التجارب المضبوطة 3- الملاحظة الميدانية عمليات المسح. يُطلق عليها أحيانًا استطلاعات الرأي العام، وهي أكثر الطرق استخدامًا في بحوث علم الاجتماع، وتقيس اتجاهات الناس نحو مختلف الموضوعات ويستخدمها العلماء غالبًا لتحديد العلاقة بين وجهة نظر معينة وارتباطها بعوامل مثل التعليم والسن والجنس.
ويجري المسح بوساطة الاستبانات التي يعدها علماء الاجتماع. وتتكون هذه الاستبانات من أسئلة واضحة الكلمات تتناول القاعدة الاجتماعية للعينة وآراءها في الموضوعات التي تُدْرس.
ويختار عالم الاجتماع مجموعة الأفراد الذين توجه إليهم الأسئلة. ويمكن أن يختار هذه المجموعة ـ التي تسمى العَيِّنةَ ـ بطريقة عشوائية، وقد تُنْتَقى بحيث تمثل قطاعات محددة من السكان. ويقوم الباحثون الميدانيون بتوجيه الأسئلة إلى العينات إما بشكل شخصي أو عبر الهاتف أو عن طريق إرسال الاستبانات لهم بالبريد. ويستخدم علماء الاجتماع في معظم الحالات أجهزة الحاسوب لتحليل نتائج أعمالهم المسحية.
وتُقدم هذه الأعمال معلومات عن السلوك الانتقائي وعادات الاستهلاك، والتعصب العرقي السلالي وكثير من الاتجاهات والأنشطة البشرية. كما يستخدم علماء الاجتماع أعمال المسح لتحديد معالم مشكلات اجتماعية داخل مجتمع معين.
التجارب المضبوطة. تُستخدم بشكل أساسي في دراسة المجموعات الصغيرة وتجُرى بعض هذه التجارب في المختبر. وفي معظم هذه التجارب، تتم دراسة مجموعتين أو أكثر من الأفراد بحيث تكون المجموعات متشابهة إلى حدًّ كبير. وتختلف المجموعات في خصيصة واحدة فقط (متغير واحد). ويمكن أن يكون هذا المتغير السن أو الحالة الاقتصادية أو أية خصيصة أخرى يمكن تحديدها. ويلاحظ عالم الاجتماع كل جماعة لكي يعرف ما إذا كان المتغير يؤدي إلى فرق جوهري في اتجاهات وسلوك أعضاء الجماعات.
وعلى سبيل المثال، يمكن لعالم الاجتماع أن يفترض أن جماعات من جنس واحد يحلون المسائل بشكل أكثر كفاية من بين الجماعات الطلابية المختلفة. ولاختبار هذه النظرية، يمكن أن تُختار ثلاث مجموعات للدراسة؛ تتكون المجموعة الأولى من نساء فقط، والثانية من رجال فقط، والثالثة من عدد متساوٍ من كلا الجنسين. ويجب أن تكون الجماعات متشابهة في عوامل السن والتعليم والحالة الاجتماعية، ويُعطَى جميع الطلاب والطالبات مسائل وتعليمات مماثلة. وإذا ما أدت المجموعات التي ينتمي أعضاؤها إلى الجنس نفسه أداءً أفضل بصورة مستمرة، تكون الفرضية قد تحقق صدقها. وفي أغلب الأحوال فإن علماء الاجتماع يختبرون نظرياتهم عدة مرات قبل قبولها كنظرية علمية أو حقيقة علمية.
الملاحظة الميدانية. تتضمن في الغالب معايشة عالم الاجتماع للمجتمع الذي يدرسه. وتُجمَع البيانات عن طريق الملاحظة والمحادثات مع أعضاء الجماعة. ويمكن لعالم الاجتماع أيضًا أن يشارك في الوظائف الاجتماعية والأنشطة السياسية المختلفة أثناء فترة دراسته.
ويدرس علم الاجتماع عن طريق الملاحظة نظم المجتمع المحلي وثقافته جنبًا إلى جنب مع اتجاهات وسلوك وتفاعلات أعضائه. ومن ثم يستخلص عالم الاجتماع نتائج عامة عن الظروف الاجتماعية للجماعة، ويسجل هذه النتائج في تقرير يسمى دراسة الحالة. وتمُثِّل دراسات الحالة مراجع أساسية لعلماء الاجتماع الذين يدرسون مجتمعات محلية مشابهة. وتُستخدم هذه المعلومات أيضًا في علم الاجتماع المقارن، وهو مجال يهتم بدراسة أوجه الشبه والاختلاف بين نوعين من المجتمعات.
وتقدم الملاحظة الميدانية معلومات عن جماعة من الناس، ولكنها أقل الطرق البحثية دقة وأهلية للاعتماد في اختبار النظريات الاجتماعية. فكثير من النتائج التي يمكن أن يحكم بها على مجتمع محلي لاتنطبق بالضرورة على مجتمعات محلية أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ردود الأفعال الشخصية لعالم الاجتماع نفسه نحو الأفراد الذين يقوم بملاحظتهم يمكن أن تؤثر على نتائجه.