من القضايا الشائكه من تاريخ أمتنا العربيه والإسلاميه هي قضية فلسطين تلك البقعه المباركه والتي إغتصبها اليهود دون أدنى إحترام القانون الدولي ولا للشرعيه الدوليه .
وتشهد القضيه الفلسطينيه تطورات مهمه في مرحله حرجه من تاريخ المنطقه ، إذ يسعى كثير من الأطراف الإقليميه والدوليه للقفز لموضوع حل نهائي يسقط حل اللآجئين في العوده ، ولا يحقق آمال الفلسطينيين في الإستقلال والحريه ، والأكثر خطوره ما يتمثل المحاولات لنزع سلاح المقاومه ، والدفع بإتجاه حدوث إقتتال داخلي ، فيما بين الفصائل الفلسطينيه ، وهذا ما يخدم مخططات تصفيه القضيه (1) .
إضافه إلى ما يحدث من عمليات المقاومة والتي غيرة نظرة المستوطنين تجاه القضيه فليس من المبالغ فيه أن نؤكد أن فلسطين لم تعد عند معظم المستوطنين رمزاً للوطن القومي بل مكاناً محاصراً بالمخاطره والمخاوف التي جعلت المستوطنه لا يتردد في الهجره من إسرائيل ولا يخجل من الإعتراف بأنه حريص على حياته أكثر من وطنه وأن مصلحته هي بلده الحقيقي(2) .
لقد فرضت الإنتفاضه الباسله نفسها على الإعلام الغربي وكسرت حصاره على الشعب الفلسطيني وهدمت بعض حواجز التحيز المقروء والمرئي والمسموع ضد هذا الشعب ، فبدا واضحاً أن هذه الإنتفاضه ليست دفاعاً مشروعاً عن العقيده والوطن فحسب وإنما مخطط مدروس لنفي فكرة إسرائيل الكبرى من أساسها . (3)
وسوف نتحدث عن القضيه الفلسطينيه في إطار أربع محاور هي :-
(1) نبذه عن تاريخ القدس .
(2) مــراحل الصــراع .
(3) فصــائل المقـاومه .
(4) فلسطين من وجهة نظر اليهود وإنشقاق الرأي العربي .
نبذة عن تاريخ القدس :-
هناك آثار تشير إلى أن الإنسان سكن فلسطين منذ العصر الحجري القديم (500 ألف – 140 ألف ق.م) كما يشير العصر الحجري الوسيط (14 الف - 8آلاف ق.م) إلى وجود أشكال حضارية تمثلت بما يعرف بالحضارة النطوفية . وعندما قدم الكنعانيون من جزيرة العرب (2500 ق.م) كانت هجرتهم واسعة بحيث أصبحوا السكان الأساسيين للبلاد , وقد أنشأوا ما لا يقل عن مائتي مدينة وقرية في فلسطين , مثل مدن بيان وعسقلان وعكا وحيفا والخليل وأسدود وبئر السبع وبيت لحم . ويرى ثقاف المؤرخين أن معظم أهل فلسطين الحاليين , وخصوصا القرويين , وهم من أنسال القبائل الكنعانية والعمودية والفلسطينية , ومن القبائل العربية التي استقرت في فلسطين قبل الفتح الإسلامي وبعده , حيث إندمج الجميع في نسيج واحد , يجمعهم الإسلام واللغة العربية , حيث أسلم الجميع واستعربوا تحت الحكم الإسلامي طوال ثلاثة عشر قرنا (1) .
ثم كان قدوم الخليل إبراهيم عليه السلام إلى فلسطين نحو (1900 ق.م) ويبدوا أن الخليل عليه السلام لم يجد عنتا من أهل فلسطين ولا من حاكمها فاستقر فيها وبث فيها رسالة التوحيد حتى توفي في مدينة الخليل وقد سار على دربه أبناؤه من بعده إسماعيل (استقر في مكه) , اسحاق وشلة استقروا في فلسطين ثم كان هجرة الأسباط إلى مصر ثم عودتهم إلى فلسطين على النبي يوشع بنى قومه والملك طالوت وظهور نجم داوود عليه السلام وتوليه الملك نحو (1004 ق.م) وخلفه سليمان عليه السلام (963 – 586 ق.م) حيث شهدت فلسطين حركة بناء وعمرانية وازدهار ضخمة , وبعد وفاة سليمان إنقسمت إلى دولتين منفصلتين متعادلتين , مملكة إسرائيل شمال فلسطين ( 923 – 721 ق.م) ومملكة يهودا (923 – 586 ق.م) . وإنتهى حكمهما الأول على يد الأشوريين أما الثاني فكانت نهايتها على يد البابليين . وتمكن الرومان من السيطرة على فلسطين (63 ق.م) , ,اخضعوها لحكمهم المباشرسنة (6 ق.م).
وكان الفتح الإسلامي لفلسطين سنة (15 هـ - 636 م) وإستلام الخليفة الثاني عمر بن الخطاب لمفاتيح بيت المقدس وإعطاء أهل القدس الأمان الكامل فيما يسمى بالعهدة العمرية إلى أهل إلياء (القدس).
وسيطر الصليبيين على القدس عام 493هـ - 1099م) بعد أن خاضوا في بحار من الدماء وقتلوا في القدس حوالي سبعين ألفا من المسلمين وحولوا المسجد الأقصى إلى حظيرة خيول , واستمر حكم الصليبيين للقدس وفلسطين أكثر من 90 عاما حتى جاءت الحركة الإسلامية التي أسسها وقادها عماد الدين زنكي (521 – 540) هـ وإبنه نور الدين محمود زنكي *(521 – 540) هـ ثم تلميذهم الفذ المجاهد يوسف بن أيوب الملقب بصلاح الدين الأيوبي (569 – 589) هـ والذ استطاع بفضل الله أن يهزم الصليبيين في معركة حطين في 24 ربيع الآخر ( 583 هـ – 4 يوليو 1187م) ويحرر القدس . وتابع المماليك الفتوح وكان من أبرز المماليك الظاهر بيبرس ثم سيف الدين قلاوون وابنه الأشرف خليل بن قلاوون الذي تم على يديه انهاء الوجود الصليبي في بلاد الشام.
وبعد ذلك وفي عام 1516 م , ضمت فلسطين إلى أرض الخلافة الإسلامية العثمانية واستمر الحكم إلى نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918م .
ووقعت الإحتلال البريطاني عام 1917م حتى سلمتها إنجلترا لعصابات اليهود ثم كان عام النكبة وإعلان إسرائيل في 15 مايو 1948م وهزيمة الجيوش العربية مجتمعة ثم بدأت القضية بالصراع فتارة يكون صراع أرض وحدود وتارة قومية عربية وتارة تكون عقيدة إسلامية فما سيتضح فيما بعد.
فلسطين هل هي عربية إسلامية أم يهودية تلمودية ؟
إن قضية فلسطين لمن القضايا الشائكة , يقود دفتها في المقام الأول العقائد والأحكام لذلك الحكم والفصل هو التاريخ أولا ثم يعقب ذلك ما قيل من العقائد.
يقول بن حوريون عام 1938م نحن البادئون بالعدوان وهم (يقصد الفلسطينيون) المدافعون عن أنفسهم , إن الأرض أرضهم لأنهم قاطنون فيها بينما نحن نريد أن نأتي ونستوطن, ونأخذ منهم حسب تصورهم.. يجب ألا نظن أن الإرهاب هو نتيجة لدعاية هتلر أو موسوليني .. قد يكون هذا عاملا مساعدا ولكن مصدر المعارضة يوجد بين العرب أنفسهم (1) و،هذه نقطة البداية في عدم أحقية اليهود في فلسطين من واقع كلام أكبر زعمائهم وأول رئيس وزراء لدولتهم بن جوريون ولنأخذ اليهود وفلسطين في التاريخ:-
اليهود هم أتباع الديانة اليهودية التي جاء بها النبي الرسول موسى - عليه السلام - ورغم التبديل والتحريف الذي حدث ادى إلى خروج اليهود عن اليهودية التي هي التوحيد والتي نسخها الإسلام إلا أننا سوف نسميهم اليهود رغم أن المسلمون أحق بموسى منهم لأنهم ورثته في العبادة " وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" .
وقد بدأ التاريخ اليهودي ببعثة موسى – عليه السلام – وهو في أرض فلسطين ثم عودته إلى مصر مبشرا ونذيرا وأمره لبني إسرائيل بدخول الأرض المقدسة " ياقوم إدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" المائدة 12 , ثم قولهم في نفس السورة " قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين وإن .................." المائدة 113, ثم التيهة في ارض سيناء أربعين سنة توفي فيها موسى عليها السلام ثم نبي الله هارون قبل انتهاء التيهة بسنتين خلفه النبي يوشع بن نون الذي طلب منه اليهود أن يبعث الله لهم ملكا يقاتلون تحت إمرته , فبعث لهم الله طالوت " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤتى سعة من المال" , فتم دخول القدس وهزم اليهود العماليق وتمكن نبي الله داوود – عليه السلام – نحو (1004ق.م) واستطاع أن ينشأ مملكة داوود الذي تولى أمرها من بعده إبنه سليمان سنة (963 – 923 ق.م) .
ثم خلف سليمان في حكم مملكته إبنه رحبعام الذي كان فتى في السادسة عشرة من عمره متهورا قاسيا , فما كان أن رفضت عشر قبائل من بني إسرائيل الاعتراف به , وشكلت مملكة إسرائيل في الجزء الشمالي من المملكة , وشكلت القبيلتان الباقيتان مملكة يهودا التي بقيت أورشليم عاصمتها وجاءت نهاية الأولى على يد سرجون الثاني – ملك أشور – عام 22ق.م و ونهاية الأخرى على يد بنوخذ نصر – ملك بابل القلداني – عام 586 ق.م وكانت المملكتين منذ نشأتهما واقعتين تحت نفوذ مصر (1) .
وهكذا فلم تظل مملكة إسرائيل في فلسطين أكثر من أربعة قرون حكموا في معظم الوقت بعضا من أرضها وكان حكمهم غالبا ضعيفا مفككا , وخضع أحيانا لنفوذ وهيمنة دول قوية مجاورة , وفي الوقت نفسه ظل أبناء فلسطين من الكنعانيين وغيرهم في ارضهم ولم يهجروا أو يرتحلوا (2) .
بدأ الوجود اليهودي في القدس بإسم اليهود حين أصدر الإمبراطور الفارس قورش مرسوما بعد دخوله القدس يسمح له بني إسرائيل الموجودين في بابل بالعودة إلى فلسطين , فكان أن عاد من حمل إسم "يهود" فيما بعد . وقدر المؤرخون اليهود عددهم بإثنين واربعين ألفا من بين ثمانية وخمسين ألف يهودي , وكان زعيم العائدين رزوبابل من سلالة أحد ملوك "يهودا " فاعترفت به جماعته حاكما عليهم (1) .
وتمتعت منطقة القدس بنوع من الحكم الذاتي تحت سيطرة الفارسية التي استمرت (539 – 332ق.م) وتلا ذلك عصر السيطرة الهللينية الإغريقية لى فلسطين (332 – 63ق.م) واستمر يدير شئون اليهود "الكاهن الأكبر" واستطاع اليهود تحقيق حكم ذاتي منذ سنة 164 ق.م أخذ يضيق ويتسع وتزداد مظاهر استقلاله وتضعف حسب صراع القوى الكبرى في ذلك الوقت على فلسطين (الردوان , البطالة , السلوفيين) وقد تمكن الرومان من السيطرة على فلسطين 63ق.م وأخضعوها لحكمهم المباشر من سنة ( 6م ) حيث ألغو الحكم الذاتي اليهودي في منطقة القدس, وقد ثار اليهود ( 66- 70) لكن القائد العسكري الروماني تيتوس أخمد ثورتهم ودمر هيكلهم, ثم ثار اليهود مرة أخرى و أخيرة (132- 135م) لكن القائد الروماني جوليوس سيفروس إحتل القدس ودمرها , وأقام الإمبراطورية الرومانية هدريان مدينة جديدة فوق خرائبها سماها إيليار كابيتولينا وعرفت بعد ذلك باسم إيلياء , وهو إسم هدريان الأول , وخطر على اليهود الدخول القدس حوالي 20 سنة تالية , وندرت أعدادهم بنسبة إلى السكان طوال 18 قرنا تالية بينما ظل أهل البلاد الأصليون ... ظلوا مستمرين كذلك إلى أيامنا هذه (2) .
وبذلك يثبت التاريخ أن اليهود لم يحكموا فلسطين إلا أيام داوود وسليمان (1004ق.م) وحتى وفاة سليمان (923 ق.م) حوالي 81 عاما بعدها انقسمت الدولة إلى دولتين ضعيفتين تابعتين للفراعنة حوالي ثلاثة قرون ثم حكم ذاتي يقوى ويضعف وينهيه بعض الملوك ويرجعه آخر ونخلص من التاريخ أن حكم داوود وسليمان هو الحكم الفعلي الذي نستطيع أن نسميه حكما فاعلا وحتى أيامها لم يكن إسمهم يهود لأن يهود كان نسبة إلى يهودا أو يهوذا أيام حكم قورش الإمبراطور الفارس الذي سمح لهم بالرجوع إلى القدس.
أما عن حكم المسلمين فقد ظل الحكم الإسلامي على فلسطين حتى الغزو الصليبي عام 1099م بعد حوالي ما يجاوز الأربع قرون ثم ضعفت الدولة الإسلامية وعادت القدس في حكم المسلمين بعد 90 عاما فقط هم من الغزو الصليبي (لم يكن يهوديا) ثم عودتها تحت حكم الإسلام حتى الغزو الإنجليزي سنة 1917م ويعني ذلك أن فلسطين ظلت طوال هذه الفترة (14 قرنا) من الزمن تحت حكم الإسلام لم يكن يحكمها أحد غيرهم غير فترة الحكم الصليبي لا تتعدى قرن من الزمن أي الفريقين بالأرض من حكمها ثلاثة عشر قرنا ذات سيادة كاملة أم من حكمها أربعة قرون ذات سيادة منقوصة تارة وحكم ذاتي مرات أخرى.
تبين مما سبق أن الحكم الفعلي لليهود كان في حكم داود وسليمان – عليهما السلام – والمسلمين أحق يهم من اليهود فهما كان نبيان مرسلان من رب العالمين بعقيدة التوحيد التي غيرها اليهود وبدلوها.
كما ان هناك أبحاث توراتية متاخرة أو حديثة كتبها علماء غربيون , ان يكون على التحديد ، تقول إن التاريخ اليهودي , كما يحدث عنه اليهود , ليس سوى لحظة عابرة في تاريخ طويل إسمه تاريخ فلسطين وأنه حتى بالروايات والمأثورات اليهودية المسجلة في التوراة ليست في معظمها سوى مرويات غير مستندة إلى تاريخ أو غير تاريخية أصلا , لذلك تبدو عملية الإستناد إلى حق تاريخي للعودة إلى فلسطين, أو حتى إلى حق ينعت بالحق الإلهي ، إنما هي عملية مزودة. فكتابها هم بشر , وتدور هذه الكتابات حكايات , كما بثوا في هذه الحكايات طموحات وهذا كل شيء (1).
وننهي بهذا الرأي الإسلامي لجمال عبد الهادي يقول ليس لليهود حق في وراثة فلسطين (بيت المقدس) بنص التوراة والمصادر العقدية لأن اليهود مشتركون , والمشترك لا يرث إبراهيم النبي المسلم (2).
مراحل الصراع :-
إعتاد الباحثون على إطلاق مصطلح الصراع العربي الإسرائيلي وليست هذه كل الحقيقة فلم يعد يصح أن نطلق عليه هذا المصطلح إنما هو قضية إحتوت في طياتها على مراحل وفي مراحلها نفسها على إتجاهات .
ويحتوي الصراع على خمس مراحل رئيسية للصراع :-
1- فترة ما قبل الصراع .
2- الهجرة اليهودية وبداية الصراع ( الصراع الإسلامي / اليهودي).
3- الصراع العربي / الإسرائيلي.
4- الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي.
5- الصراع الإسلامي / اليهودي.
أولا فترة ما قبل الصراع:-
بدأت هذه الفترة تظهر منذ فترة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر وظهور الذهر البروتستانتي الذي ركز على العهد القديم وأحقية اليهود في أرض فلسطين.
أيضا ما حدث في أوروبا من تحولات سياسية وإنشاء الدول القومية بعيدا عن سيطرة الكنيسة والذي أعطى اليهود التمتع بالحريات وسهلت هذه التحولات على اليهود إختراق هذه المجتمعات والأنظمة والإرتقاء بالمكانة السياسية والإقتصادية والإجتماعية وتحقيق مستويات أعلى من النفوذ في دوائر السياسة والإقتصاد والإعلام.
رفض اليهود الدمج والتحديث الحادث في الدولة الروسية وخروجهم عليها وإغتيالهم لقيصر روسيا الكسندر الثاني 1881 , وبداية موجة العداء ضد اليهود والتي سميت بـ " السامية " Anti Semitism أي العداء للعنصر السامي ويقصد بهم اليهود الذين ينتمون للعنصر السامي.
أدى ذلك إلى هجرات واسعة إلى أوروبا والأمريكتين .
في أثناء ما حدث إستغل اليهود هذه الظروف وبدأت ظهور الحركة الصهيونية والدعوة إلى حل المشكلة اليهودية بإنشاء كيان لهم في فلسطين.
أيضا ضعف الدولة العثمانية وتقسيمها بين دول أوروبا ساهم في هذه القضية ومن أهم أثار هذه المرحلة هو إنشاء المنظمة اليهودية العالمية بقيادة كيودور هرتزل وإنعقاد أول مؤتمراتها في بال بسويسرا ( 27-29 أغسطس 1897 ).
وقد قاوم السلطان عبد الحميد – رحمه الله – هذه الفكرة ولكن إستطاعة حركة( الإتحاد و الترقي)(1) من عزل الخليفة العثماني السلطان عبد الحميد إثر إنقلاب عسكري قامت به الحركة. وبعزل السلطان عبد الحميد تنتهي هذه الفترة وتبدأ فترة أخرى هي فترة الهجرة اليهودية .
ثانيا فترة الهجرة اليهودية :-
بدأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين عام 1840 كجزء مما يسمى بالهجرة اليهودية العالمية والتي هاجر خلالها 3.917.000 يهودي أوطانهم الأصلية في شرق أوروبا ووسطها وهاجروا إلى الغرب وخاصة العالم الجديد وهاجر 379000 يهودي إلى فلسطين بنسبة 9.7% من إجمالي تلك الهجرة اليهودية العالمية.
وإن كانت الهجرة العالمية اليهودية قد استهدفت قرابة 10% منهم فلسطين إلا أن الهجرة اليهودية المنظمة إلى فلسطين بدأت مع وعد بلفور فقد كان لصدور وعد بلفور وفرص الإنتداب البريطاني على فلسطين أثر كبير في زيادة الهجرة اليهودية فقد نص ذلك الوعد على لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين , كما أن حكومة الإنتداب البريطانية قد تعهدت بتسهيل الإستيطان والاستعمار اليهوديين , ورغم رفض واحتجاج الشعب العربي والفلسطيني , وثوراته العنيفة التي عبر فيها عن رفضه المطلق للهجرة اليهودية , وطالب باستقلاله وحريته , فإن إرادة الشعب الفلسطيني قد جوبهت بالقهر أو بالتحايل , واستمرت الهجرة اليهودية تنفيذا للتلاقي بين مؤتمرات الصهاينة ومطامع الاستعمار في فلسطين.(1)
وبوعد بلفور هذا توافدت الهجرات اليهودية على أرض فلسطين تحت بصيرة القوات الإنجليزية وظهر ما يسمى بالهجرة الكبرى والتي هاجر فيها الكثير من يهود الشرق حتى تضاعف العدد حتى وصلت نسبتهم إلى عشر سكان فلسطين.
وبإعلان إسرائيل بلغ نسبة اليهود في فلسطين بعد أن كانت العشر إلى النصف بعد أن هاجر إليها كل اليهود من الشرق من مصر والعراق واليمن ... وغيرها من البلدان العربية.(2)
ثالثا الصراع العربي الإسرائيلي :-
بدأت هذه الحلقة من تاريخ الصراع منذ إعلان إسرائيل في 15 مايو 1984 وحدوث النكبة الكبرى وبدأت الجيوش العربية في بلاد الطوق تتجمع لإزالة أسرائيل تحت رعاية الجامعة العربية.
وإن كنا لسنا في موضع النقد إلا أن ظروف الحرب كانت ظروف مخزية للجانب العربي وهذه هي معالم الحرب :-
- إحتلال أجنبي لمعظم أو كل البلاد العربية والإسلامية , وشعوب تعاني الويلات من الاستعمار تارة ومن الملوك والحكام تارة أخرى.(3)
- استطاع اليهود أن يكونوا جيش مقاومة أكثر من 70 ألف مقاتل وهو عدد يفوق ثلاث أضعاف السبع دول العربية المشتركة في الحرب.
- ناهيك عن التقدم العسكري المذهل للآلة اليهودية والتي أمدتها بها بريطانيا.
وإنضم إلى الجيوش في هذه الفترة المتطوعين العرب وكان على رأسهم متطوعي الإخوان المسلمين** وفي ذلك يقول محمود عبد الحليم " فلما إنسحب الإنجليز من فلسطين دخلت الجيوش العربية من الشرق والغرب والجنوب لتعيد الأمن إلى نصابه . وبذلك أصبح في فلسطين نوعين من القوات العربية : النوع الأول المتطوعين وهم مطوعوا الإخوان المسلمين والمتطوعين من ضباط الجيش المصري الذين استقالوا من الجيش , وقد إنضم هؤلاء الضباط إلى متطوعي الإخوان , واتخذهم الإخوان قادة لهم , وكان من أبرز هؤلاء الضباط القائمقام (العقيد) أحمد عبد العزيز الذي ارتضاه الإخوان قائدا لهم لما كان يمتاز به من الإيمان والشجاعة والتضحية والجرأة الخارقة ... والنوع الآخر هو الجيوش العربية.(4)
وانتهت هذه الحرب بانتصار اسرائيل ثم توالت حلقات الصراع من العدوان الثلاثي 1956 ثم حرب حزيران 1967 والتي استطاعت فيها اسرائيل من هزيمة بل تدمير كل دول الطوق (مصر , الاردن , سوريا , لبنان) . وإحتلال أجزاء كبيرة من الأرض العربية (سيناء بالكامل , قطاع غزة , الضفة الشرقية لنهر الأردن , هضبة الجولان السورية ) . مما أخفض المعنويات العربية وإنطفأت خلالها هالة الزعيم العربي عبد الناصر .
وجاءت حرب أكتوبر 1973 والتي مثلت التعاون العربي الجاد حيث اشتركت كل قوات الدول العربية , فمصر وسوريا على جبهة القتال وباقي الدول العربية تحارب بسلاح البترول ورائد هذه المعركة هو الملك فيصل ملك دولة المملكة العربية السعودية , وتستطيع أن تقول أن هذه المرحلة إنتهت منذ كامب ديفد الأولى بين مصر وإسرائيل عام 1978 .والتي رفضها العرب بشدة ولكن توقف الصراع وبدأت المطاردات للمقاومة الفلسطينية الموجودة في البلاد العربية حتى بدأ الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي .
رابعا مرحلة الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي :-
يقول محسن محمد صالح " وفي أواخر السبعينات , وبعد أخذ التيار الإسلامي يستعيد شعبيته , ظهر تنظيم (أسرة الجهاد) في الأرض الفلسطينية المحتلة سنة 1948 والذي قام بعشرات العمليات إلى أن قضى عليه سنة 1980"(1) .
وتكوين حركة الجهاد الإسلامي منذ مطلع الثمانينات وقياسها بالعمليات الفدائية ضد الصهاينة على يد جناحها العسكري المسمى بسرايا القدس.
خامسا الصراع الإسلامي / الصهيوني :-
للحقيقة التاريخية لا نستطيع أن نفصل بين هذه الحلقة من الصراع وبين سابقتها بمعظم الحركات التي تكونت داخل فلسطين هي حركات تحرر إسلامية .
وبدأت هذه الرحلة رسميا 31 تموز / يوليو 1988 عندما أعلن بسام أبو شريف المقرب من ياسر عرفات (رئيس منظمة التحرر الفلسطينية) عن استعداد المنظمة للتسوية السليمة وإعترافها (أي منظمة) بقرار التقسيم الحادث 29 نوفمبر (تشرين ثان) 1947.
وبدأت الحركات الإسلامية تعاني الأمرين من الصهاينة ومن المنظمة التي كانت تلاحق الفدائيين أمنيا وتم ظهور العديد من المنظمات في هذه الفترة على رأسها حماس الذي كونتها حركة الإخوان المسلمين في فلسطين قبل سنة 1984 على يد الشهيد أحمد ياسين ولكن تم اكتشاف التنظيم وأعتقل عدد من زعماء الحركة على رأسهم الشيخ الشهيد نفسه وظهرت حماس بقوتها في الإنتفاضة الأولى عام 1987 .
ـــــــــــــــــــــ
الفصائل الفلسطينية*
لقد حمل عبء الزود عن فلسطين حركات وفصائل وشخصيات كثيرة لا يتسع الموقف لذكرها ولكن سنذكر الفصائل الموجودة إلى الآن في إيجاز شديد حتى نكون مجرد صورة عن هذه الفصائل ومرجعيتها .
1- حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) :-
ظهرت فكرة هذه الحركة على يد أبي جهاد وسط رابطة طلبة فلسطين الدارسين في مصر سنة 1956 هؤلاء الطلبة بعد تخرجهم تفرقوا في البلدان وكونوا نواة في كل بلد وإتفق على إسم حركة (فتح) والبرنامج السياسي عام 1958 في الكويت.
وتشير الدلائل إلى أن حركة فتح قد نشأت في البداية في أحضان حركة الإخوان المسلمين وخصوصا بين أفرادها من أبناء قطاع غزة. ويظهر أن عامة الإخوان كانوا يعدوها جزءا منهم أو على االأقل رصيدا لهم , غير أن الطرفين إتخذ خط الإنفصال والتمايز عن بعضهما منذ صيف 1963 واتخذت حركة فتح لنفسها خطا وطنيا علمانيا ميزها عن كافة الأطراف والأيديولوجيات المتواجدة على الساحة.
وبشكل عام رفضت فتح أن يكون لها أيديولوجية أو عقيدة سياسية محددة وفتحت المجال أمام مختلف الأفراد من كافة الأطياف الفكرية والسياسية (إسلامية – قومية – وطنية – يسارية...) للإنضمام إليها . وهؤلاء أن يحتفظوا بفكرهم , ولكن عليهم ترك إنتمائاتهم التنظيمية والحزبية السابقة , أي أن فتح أرادت أت تكون إطارا جبهويا يستوعب تناقضات المجتمع الفلسطيني , ويجهه نحو الحرب مع العدو الصهيوني .
ولكن فتح غيرت من إتجاهاتها الثورية العسكرية وإتجهت إلى الطرق والحلول السليمة منذ أسلو 1993 إلى الآن . وتمت هذه التنازلات بعد استحواز فتح على منظمة التحرير وسيطرتها عليها.
2- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين :-
تعد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بشكل أو بآخر إمتدادا للفرع الفلسطيني لحركة القوميين العرب التي نشات في مطلع الخمسينيات في بيروت وكان من أبرز مؤسسيها جورج حبشي الذي أصبح أمينا عاما للجبهة منذ إنشاءئها سنة 1967 وحتى سنة 2000 وكان فرع فلسطين في حركة القوميين العرب قد شكل في مايو 1964 الجبهة القومية لتحرير فلسطين وجناحها العسكري " شباب الثأر " الذي أخذ يمارس منذ نوفمبر 1964 (العمليات الفدائية).
إتخذت الحركة طابعا يساريا وبدت في الشارع الفلسطيني المنافس الأول لفتح إلا أنها لم تدم طويلا بعد ما حدث إنشقاق داخل صفوفها بسبب تبنيها للماركسية اللينينة حيث إنشقت جبهة التحرير الفلسطينية في أكتوبر 1968 بزعامة أحمد جبريل.
وقد مرت الجبهة الشعبية بمرحلة انحسار منذ منتصف السبعينات غير أن مقاتليها لا يزالون يقومون ببعض العمليات بين حين وآخر وخصوصا بعد إندلاع إنتفاضة الأقصى في ديسمبر 2000 , وتعد عملية اغتيالها لوزير السياحة الصهيوني رحبعام زئيف في اكتوبر 2001 من ابرز وابرع العمليات والتي نفذتها انتقاما لاغتيال الصهاينة للأمين العام للجبهة أبو علي مصطفى.
3- الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين :-
تمثل هذه الجبهة انشقاق العناصر الأكثر يسارية في مسكر اليسار الفلسطيني الذي كانت تمثله الجبهة الشعبية , وقد إتهم مؤسسوا هذه الجبهة رفاقهم في الجبهة الشعبية أنهم يمينيون , وقد نجح نايف حواتمي ورفاقه في فرض برنامج يساري واضح في مؤتمر الجبهة الشعبية في اغسطس 1968 . أثناء وجود جورج حبشي في السجن وانتخب المؤتمر لجنة تنفيذية جديدة سيطر عليها اليساريون بنسبة عشرة إلى خمسة إلا أن اليمينيين أنصار حبش ألغوا النتيجة بالقوة وألغوا لجنة يمينة به واحد فقط يساري.
وظل الخلاف بين الطرفين إلى أن انشقت الجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة نايف حواتمة أردني مسيحي إنجيلي من مواليد السلط 1935 وتكونت 22 فبراير 1969 وثبتت نفس البرامج الجبهة الشعبية ولكنها كانت أكثر تطرفا في تبني الماركسية / اللينبية وعبرت عن نفسها بمجلة الهدف.
ويجمع الكل بان هذه الحركة هي السبب وراء تصفية الاردن لرجال المقاومة الفلسطينية في الاردن.
وتعتبر هذه الحركة هي ثالث الفصائل الفلسطينية إلا أنها لم تستحوذ على شعبية مثل فتح أو الجبهة الشعبية.
4- حركة المقاومة الإسلامية (حماس) :-
ظهر اسم الحركة – حركة المقاومة الإسلامية (حماس) – مع انتلاق الانتفاضة المباركة في ديسمبر 1987 ولكن الحركة عرفت نفسها منذ البداية بأنها (جناح من اجنحة الإخوان المسلمين) في فلسطين والحقيقة أن حماس هي احد أشكال المقاومة التي قرر الإخوان المسلمون الفلسطينيون تبنيها ضمن تاريخهم الطويل في العمل الشعبي والمقاومي.
وقد تمكنت حماس منذ البداية الاستناد على أسس أيدويولوجية وحركة شعبية صلبة مكنتها من الوقوف في وجه الضربات القاسية التي تلقتها من الكيان الصهيوني ومن السلطة بعد ذلك ولعل صمود حماس ليس وليد الصدفة إنما هو وليد سنوات من الإعداد الجيد على يد الشيخ أحمد ياسين أيضا عراقة تنظيم الإخوان المسلمين الفلسطيني والذي تأسس في فلسطين على يد الشيخ عز الدين القسام فكل هذه سنوات أثقلت الإخوان وزادتهم خبرة بالإضافة إلى أن حماس كتنظيم تابع للإخوان المسلمين الذين يؤمنون بالدعوة والإصلاح والتربية لم يركزوا فقط على العمل العسكري بل كان التركيز على الشخصية التكاملية التي تدعوا وتحنوا وتصلح وتعلم وتجاهد.
وانطلقت حماس عندما وقعت حادثة دهس أربعة من العمال الفلسطينيين في 8 ديسمبر 1987 والذ اجتمعت بعدها قيادة الإخوان في قطاع غزة ليلتها وقررت تثوير الوضع وهوما بعد صلاة فجر 9 ديسمبر 1987 عندما خرجت المظاهرات من مخيم جباليا وكان اثنين من أبناء الحركة الإسلامية – الإخوان المسلمين – هما أول شهيدين دفنا بعد الانتفاضة المباركة في فلسطين . وأذاعت الحركة أول بياناتها والتعبير عن سياستها وتوجهاتها في 14 ديسمبر 1987.
وتحظى حماس بتأييد شعبي كبير في الأوساط الفلسطينية ولعل ما حدث من تفوق حماس على فتح في العملية الانتخابية الأخيرة عام 2006 خير دليل على ذلك .
5- حركة الجهاد الإسلامي :-
قام عدد من الشباب الفلسطيني برئاسة الدكتور فتحي الشقاقي – رحمه الله – بتأسيس حركة الجهاد الإسلامي سنة 1980 .
ونبتت فكرة حركة الجهاد الإسلامي في جامعة الزقازيق (1974 , 1981) حيث كان الشقاقي طالبا في كلية طب الزقازيق آن ذلك . وتشكلت شخصية الحركة متأثرة بالتجربة الإيرانية والتجربة التمسامية.
كانت حركة الجهاد حسب إعلان قادتها قوة تجديد داخل الفكر الإسلامي وداخل الحركة الإسلامية على مستوى الفكرة والمنهج والتنظيم والأداء وعلى مستوى الأداء داخل فلسطين فهي جاءت لتعبر عن الإسلام كمنطق والجهاد كوسيلة وفلسطين كهدف تحرير.
وتعد حركة الجهاد الإسلامي هي الشرارة الأولى التي أشعلت الإنتفاضة 1987 يوم 6 أكتوبر عند استشهاد اربعة من رجالها في مواجهة عسكرية مع الجيش الاسرائيلي مما ساعد حماس على اشعالها في ديسمبر 1987.
وقد تمكن الموساد من اغتيال المؤسس فتحي الشقاقي في يوم 26 اكتوبر 1995 وأكمل المسيرة من بعده د. رمضان عبد الله شلح والذي لا يزال أمينا عاما حتى الآن.
6- الجبهة الشعبية – القيادة العامة :-
تكونت على يد أحمد جبريل – ضابط فلسطيني مسرح من الجيش السوري عام 1959 باسم جبهة تحرير فلسطين وبدأت عملها عام 1965 بتوفير ثلاث مجموعات مقاتلة .
إتحدت مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ديسمبر 1967 ثم مالبثت أن انفصلت عنها في اكتوبر 1968 إحتجاجا على البرنامج السياسي الماركي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لأنها كانت لا تؤمن بالطرق السياسية ولا ترى إلا القتال وسيلة ولذلك فقد سمت نفسها الجبهة الشعبية – القيادة العامة مشيرة إلى العمل العسكري.
كانت الحركة تميل إلى الفكر الماركي إتضح ذلك من مؤتمرها الثاني في سبتمبر 1969 , ومن خلال مجلة إلى الأمام وإذاعة القدس التي بثت من لبنان الآن.
أخذت الحركة تتجه نحو الخطاب الإسلامي القومي كما عبرت خطابات أحمد جبريل وإذاعة القدس.
وللجبهة الشعبية (القيادة العامة) تواجد عسكري وسياسي في لبنان وسوريا غير انها تفتقر للقاعدة الجماهيرية في الداخل.
7- طلائع حرب التحرير الشعبية (الصاعقة) :-
حركة ذات توجه قومي تشكلت سنة 1967 بناء على قرار حزب البعث العربي السوري في مؤتمره التاسع بدمشق سنة 1966 , ويتركز تواجد هذه المنظمة في سوريا وقد لمع نجمها في أواخر الستينات .
حاولت الحركة إسقاط نظام الحكم في الأردن عن طريق ضباط الجيش ولكن فشل التدبير. ورغم أن الصاعقة مدعومة بإمكانيات سوريا إلا أنها إفتقدت للقاعدة الشعبية في الداخل.
8- حركة التحرير العربية :-
تشكلت الحركة في ابريل 1969 بتوجيه ودعم من العراق وإنضمت إليها كوادر حزب البعث , وشاركت الحركة في الدفاع عن المخيمات الفلسطينية وقامت بعدد من العمليات الموجهة داخل فلسطين , وهي حركة تفتقر إلى القاعدة الشعبية.