المؤسسة العسكرية
أعلن رئيس الأركان في الجيش التركي يشار بويوكانيت معارضته الضمنية لمشروع تعديل الدستور. حيث قال: "إن كل شرائح المجتمع التركي تعلم ما يعتقده الجيش بشأن قضية الحجاب، وأنا لا أريد أن أتحدث بشأن هذا الموضوع".
ومع أن البعض داخل تركيا فسَّر تعليق رئيس الأركان على أنه معارضة لارتداء الحجاب في الجامعات، إلا أن ذلك كان يعني الدخول في صدام مع الحكومة، خاصة أن الجيش لا يريد تكرار الخطأ الذي ارتكبه من قبل حينما أعلن معارضته لوصول إسلامي زوجته محجبة إلى البرلمان. فكان أن جاءت الانتخابات بحوالي 340 إسلاميًّا إلى البرلمان، بل ووصول إسلامي إلى رئاسة الجمهورية؛ لتكون زوجته المحجبة هي سيدة تركيا الأولى.
المحكمة الدستورية
لكن هل تعني موافقة البرلمان على التعديل وعدم انجرار الجيش إلى الصدام مع الحكومة انتهاء القضية ودخول التعديل حيز التنفيذ؟.
بالطبع لا. فالعلمانيون لن يتوقفوا عن سلوك كل الطرق التي يمكن أن توقف هذه التعديل. ولعل من أهم الوسائل التي سيلجأ إليها العلمانيون هي القضاء، وبالأخص المحكمة الدستورية العليا.
وهناك رأيان في هذا الأمر، أحدهما يشير إلى أن المحكمة الدستورية قد تقبل طعن العلمانيين بالاستناد إلى نص المادة الثانية من الدستور التركي التي تؤكد على الهوية العلمانية لتركيا، وبالتالي قد تعتبر المحكمة أن ارتداء الحجاب في الجامعات يقوّض المظاهر العلمانية. خاصة أن المحكمة تضم غلاة العلمانيين، كما أن أحكامها غير قابلة للطعن.
لكن هناك رأيًا آخر يشير إلى صعوبة إصدار المحكمة حكمًا ضد التعديل الدستوري، حيث ستضع في اعتبارها التطورات السياسية التي تشهدها البلاد، ومنها التأييد الشعبي الجارف الذي يتمتع به حزب العدالة والتنمية وكذلك تأييد أحزاب لها وزنها في البرلمان لعملية التعديل، إضافة إلى أن إصدار قرار بإبطال التعديل سيدفع حزب العدالة إلى التعجيل بعرض الدستور الجديد للاستفتاء والذي لا يضم فقط طائفة أوسع من الحريات بشأن قضية الحجاب وغيرها، ولكن يضم أيضًا تعديلاً في بنية المحكمة الدستورية نفسها يجعلها بعيدة عن سيطرة العلمانيين.
لقد نجح حزب العدالة والتنمية في قطع خطوات مهمة في طريق تنفيذ مشروعه الإصلاحي، كانت البداية في الحصول على ثقة الشعب التركي، ثم السيطرة على المؤسسات التشريعية والتنفيذية لتنفيذ هذا المشروع والذي كان التعديل الدستوري الأخير أحد خطواته، ولن يستطيع العلمانيون الوقوف أمام هذا المشروع ما دام الشعب التركي يقف خلف من ينفذه .
جولة الحجاب في العالم
روسيا
شهدت جمهورية تتارستان الروسية مسابقة هي الأولى من نوعها لاختيار ملكة جمال مسلمة على أساس التزامها الديني والأخلاقي ووعيها الثقافي بالشأن الإسلامي.
وتسابقت نحو 8 فتيات مسلمات كلهن محجبات في حفل أقيم بدار المناسبات الملحقة بالمسجد الكبير بمدينة قازان عاصمة تتارستان وسط حضور اقتصر على النساء فقط.
وقال منظمو المسابقة لشبكة "إسلام أون لاين.نت" الأربعاء 18-1-2006: إنها شملت مسابقات في حفظ القرآن الكريم وتجويده إضافة إلى مسابقات في المعلومات الدينية والثقافية التي احتوت على عدد كبير من الأسئلة ذات طابع فكري عميق مثل إمكانية اندماج المسلمين في المجتمعات العلمانية.
كما شملت المسابقة اختبارات في حياكة الملابس الإسلامية إضافة إلى طهي الأكلات التترية المعروفة مثل "الشاك شاك".
وفي المرحلة الأولى من المسابقة، شاركت نحو 56 فتاة من مختلف الأعمار، لكن 8 فتيات فقط استطعن اجتياز تلك المرحلة، ووصلن إلى المرحلة النهائية من المسابقة، وتراوحت أعمارهن بين 15 و19 عاما.
وسيلة للتعريف بالإسلام
وبعد منافسة حامية فازت ديلارا صاديقوفا -17 عاما- بلقب ملكة جمال المسلمات في تتارستان أو "ميس مسلمة"، وهي طالبة بالمدرسة الثانوية وتعيش في منطقة "نيجني كامسك" بغرب جمهورية تتارستان.
وعن أسباب مشاركتها قالت ديلارا لوسائل إعلام محلية: "لقد قررت أن أشترك في المسابقة لأنني بتلك الطريقة أدعو الناس إلى التعرف على الإسلام وأنه دين يمكّن معتنقيه من ممارسه كافة أنشطة الحياة بشكل أخلاقي محترم... وعلى هذا رأيت أن اشتراكي في المسابقة قد يكون وسيلة لتعريف الآخرين بديننا".
وتابعت أن اشتراكها في هذه المسابقة دفعها لتوسيع ثقافتها الدينية والثقافية، كما أعربت عن أملها في أن تكون معلمة أطفال للدين الإسلامي في المستقبل.
تشجيع الحجاب
من جهتها قالت سعيدة أباكوفا رئيسة لجنة التحكيم بالمسابقة: إن اختيار "ملكة جمال مسلمة" تم بناء على مجموعة من الأسس منها التحلي بالأخلاق الإسلامية، ومدى الإلمام الديني والثقافي.
وأضافت سعيدة أن "الهدف من تلك المسابقة والمقرر أن تقام سنويا هو إظهار الوجه الحقيقي للحجاب وأن المحجبات على درجة عالية أيضا من الجمال والتدين والثقافة وهو ما قد يشجع غير المحجبات على ارتدائه".
وتابعت قائلة: "الهدف أيضا أن نؤكد على أن الجمال ليس في التعري والمتاجرة بجسد المرأة مثلما نشاهد في أغلب مسابقات الجمال فهناك الجميلات الملتزمات".
وحصلت الفائزات في المسابقة على جوائز مختلفة؛ حيث حصلت صاحبة المركز الأول على رحلة سياحية إلى جمهورية مصر العربية بمرافقة والدتها.
وحضر الحفل عدد من أعضاء المنظمات الإسلامية النسائية، وزوجات كبار العلماء إضافة إلى صحفيات وكاتبات مسلمات.
وشارك في تنظيم الحفل صحيفة "أكشار لاك" -أو "الطائرة"- التترية القومية المعنية بشؤون مسلمي تتارستان.
وتقع جمهورية تتارستان في وسط روسيا وتبلغ نسبة المسلمين 60% من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 4 ملايين نسمة.
كندا
أبدى مسلمو كندا ارتياحهم بعد تأكيد رئيس الوزراء "بول مارتن" احترام بلاده لحق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب حتى في الصور التي توضع في بطاقات الإقامة الدائمة بكندا.
وأصدر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية - فرع كندا (كير-كندا) بيانا صحفيا الجمعة 13-8-2004 جاء فيه: إن المجلس تلقى خطابا من رئيس الوزراء الكندي بول مارتن يؤكد فيه أن "ارتداء الحجاب حرية دينية ينبغي احترامها والمحافظة عليها".
ورحب عبد الرحمن سلمان المتحدث باسم "كير-كندا" بخطاب مارتن، معربا عن أمله في أن يتبع مسئولو الهجرة الكنديون النهج الذي حدده رئيس الوزراء.
وكتب مارتن في خطابه لـ"كير-كندا" يقول: "أرجو منكم الاطمئنان إلى أن مخاوفكم بخصوص صور بطاقة الإقامة الدائمة حظيت بعناية منا.. وإن سياسة إدارة المواطنة والهجرة الكندية تؤكد على التساهل مع المهاجرين الذين تحظر معتقداتهم الدينية خلع الحجاب".
وأضاف: "إدارة المواطنة والهجرة لا تطلب خلع الحجاب كلية، ولكن لأسباب أمنية يجب أن تكون ملامح الوجه كلها ظاهرة في الصور الضوئية".
ويأتي خطاب مارتين بعدما أصدر "كير-كندا" شكوى لحالات سيدات مسلمات عديدات طلب منهن مسئولو الهجرة الكنديون عند مرفأ دخول "بيري ترديو" خلع حجابهن في صورة بطاقة الإقامة الدائمة.
وقال "كير-كندا" في شكواه التي صدرت يوم 24-6-2004: "أثارت هذه الحالات قلقا حول وجود سياسة منهجية للتمييز ضد المهاجرات المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب" عند مرافئ الدخول.
وطالبت الرسالة قادة الأحزاب الكندية كافة بتوضيح موقفهم من مسألة حق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب.
من جهته رحب ستيفن هاربر زعيم حزب المحافظين المعارض الكندي بخطاب رئيس الوزراء الكندي.
كما رد جاك لايتون زعيم الحزب الديمقراطي الجديد المعارض أيضا على مطلب كير-كندا بتأكيد تأييده لقضية لحركة العقيدة.
وقال لايتون: "الحزب الديمقراطي يدعم بقوة حماية الحقوق الرئيسية الخاصة بحرية العقيدة والتعبير في كندا. ونعتبر تصرف موظفي الهجرة (المذكور في شكوى كير) انتهاكا لهذه الحقوق".
يُشار إلى أن عدد مسلمي كندا تضاعف في العقد الأخير ليصل إلى ما يقارب 600 ألف مسلم من بين عدد سكان البلاد البالغ 30 مليون نسمة؛ بما يجعل الإسلام من أسرع الديانات نموًّا في كندا.
ويظهر إحصاء للسكان نشر في مايو 2003 أن الإسلام هو الديانة رقم واحد بين العقائد والديانات غير المسيحية في مقاطعة كيبك بكندا. وعزا الإحصاء هذه الزيادة الكبيرة في عدد المسلمين إلى الهجرة المتصاعدة إلى كندا من دول جنوب آسيا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط.
بلجيكا
زار ملك بلجيكا "ألبير الثاني" وقرينته الملكة باولا الثلاثاء 19-04-2005 مصنع رومري للمعلبات البحرية قرب منطقة فلاندر غرب البلاد، والتقيا نعيمة أمزيل؛ وهي بلجيكية من أصول مغربية، استقالت من عملها بالمصنع قبل أكثر من شهر إثر تلقيها تهديدات بالقتل من قبل جماعة يمينية متطرفة بسبب ارتدائها الحجاب.
وتأتي زيارة "ألبير الثاني" للمصنع في إطار محاولات الملك المتواصلة لرفع معنويات "نعيمة" وباقي العاملين بالمصنع الذين تنتابهم مخاوف من تعرضهم لمكروه منذ رسائل التهديد التي وصلت لصاحب المصنع.
وخلال حفل أقامه بمناسبة الزيارة وحضرته "نعيمة" بدعوة من الملك، اعتبر "ريك فاننيوفن هويس" -صاحب المصنع- الزيارة بمثابة دعم قوي كانت تحتاجه "نعيمة" بصفة خاصة، وعمال المصنع بصفة عامة.
وأشاد بمتابعة العرش للتطورات، مشيرا إلى أن الملك طلب منه أن يحيطه علما بكل ما يستجد في الموضوع من تطورات.
وأعرب عن أمنيته في أن تضع زيارة الملك والملكة للمصنع "نهاية لرسائل التهديد". وقال: "القبض على الجاني لم يعد أولوية بالنسبة لي، ما يهمني هو أن تقف المسرحية وتعود الأمور إلى ما كانت عليه".
ورغم الأبحاث التي تقوم بها الجهات المسئولة في وزارة العدل والداخلية لمعرفة من يقف وراء التهديدات لا يزال الفاعل مجهولا
وخلال الحفل قدم أحد أبناء "نعيمة" رسما رمزيا للملك معبرا عن الوضع المأساوي الذي تعيشه أسرته، وتقدم لشرحه أمام الحضور. كما استقبل الملك وعقيلته مئات من أطفال المدرسة الابتدائية التي يدرس فيها أبناء "نعيمة"؛ في تعبير عن تعاطفهم مع زملائهم أبناء الموظفة مغربية الأصل.
وقام الملك بجولة داخل المصنع برفقة الوفد المرافق له، أنهاها بقسم التعليب الذي كانت تعمل فيه "نعيمة" ليستمع من زملائها إلى الدور الذي كانت تقوم به في المصنع.
وقدمت "نعيمة" استقالتها من المصنع مطلع مارس 2005 إثر تلقيها ورئيسها في العمل أكثر من 7 رسائل تهديد بالقتل إذا لم تنزع الحجاب وتترك العمل، كانت أولها يوم 24 أكتوبر 2004، وآخرها يوم 2-3-2005، وكانت مرفقة برصاصتين؛ في إشارة إلى توجيهها لصاحب المصنع و"نعيمة" معا. ولم تستبعد "نعيمة" أن تعود إلى عملها في حال القبض على الفاعل.
وكان ملك بلجيكا قد استقبل في يناير 2005 صاحب الشركة و"نعيمة"؛ حيث أشاد بشجاعتهما، وحثهما على عدم الخضوع للتهديد.
وأثارت هذه القضية موجة من التضامن في منطقة "فلاندر"؛ حيث تم تجميع الآلاف من التوقيعات على عريضة.
وتلقت شركات أخرى يعمل بها مسلمون تهديدات مماثلة.
ومن بين 10 ملايين -هم إجمالي عدد سكان البلاد- يبلغ عدد مسلمي بلجيكا 450 ألفا، من بينهم 225 ألفا من أصل مغربي، و120 ألفا من أصل تركي، و30 ألفا من أصل ألباني، والبقية يتوزعون بين جنسيات عديدة كالفلسطينيين والجزائريين والتونسيين والبوسنيين. ويمثلهم أمام أجهزة الدولة "مجلس مسلمي بلجيكا" الذي أصدر ملك بلجيكا يوم 25-7-2003 مرسوما ملكيا يعترف فيه بهيئته التنفيذية.
ويبلغ عدد المساجد في بلجيكا نحو 300، أقدمها تاريخيا المركز الإسلامي بالعاصمة الذي تم إنشاؤه بتبرعات من الملك السعودي الراحل فيصل سنة 1968.
النمسا
تراجعت "ليزي بوركوب" وزيرة الداخلية النمساوية عن دعوة وجهتها مؤخرا لمنع المدرسات المسلمات من ارتداء الحجاب، وأعلنت احترامها لحرية المرأة المسلمة في اختيار مظهرها.
جاء ذلك إثر جهود إسلامية سريعة لتحجيم دعوة الوزيرة النمساوية والتقليل من أثرها على الأقلية المسلمة في هذا البلد، شملت الجهود قيام "الهيئة الدينية الإسلامية" التي تعد الممثل الرسمي لمسلمي النمسا بإرسال وفد للقاء الوزيرة وبيان وجهة النظر الإسلامية في ارتداء الحجاب.
وفي أعقاب اللقاء سارعت الوزيرة النمساوية إلى سحب تصريحاتها، وأعربت في تصريح تال عن "احترامها للمرأة المسلمة وللمظهر الذي تتخيره لنفسها".
وكانت بوركوب قد صرحت في لقاء مع مجلة "فالتر" الحكومية الأسبوعية نشر يوم 8-3-2005 بأنها تؤيد حظر الحجاب في المدارس، وأنها تبحث حاليا مدى قانونية هذه المسألة، وهو التصريح الذي أثار غضب "الهيئة الدينية الإسلامية" ودفعها إلى مطالبة "حزب الشعب" اليميني باتخاذ موقف رسمي من تصريحات الوزيرة التي تنتمي لهذا الحزب. كما انتقدته جهات حكومية ومعارضة.وفتحت تصريحات الوزيرة النمساوية -رغم تراجعها عنها- ملف الحجاب في النمسا ونظرة المجتمع النمساوي غير المتقبلة للمرأة المحجبة.
"أم كريم" وهي نمساوية اعتنقت الإسلام منذ نحو 11 عاماً اشتكت من أن المرأة المسلمة تواجه مصاعب في الحصول على فرصة عمل تتناسب مع مؤهلاتها الدراسية بسبب نظرة أصحاب العمل غير المتقبلة للمحجبات.
وأضافت أن النمساويين ينظرون دائما للمرأة المحجبة على أنها "عنصر أجنبي دخيل على المجتمع، وهو أمر يدعو للغضب".
وتابعت أن النمساويين يعتقدون كذلك "أن كل المحجبات لا يستطعن التحدث بالألمانية؛ وهو ما يؤدي لحدوث مفارقات طريفة في بعض الأحيان عندما يجدون أمامهم امرأة محجبة تتكلم بلسانهم دون عجمة".
وروت أنها واجهت بشكل شخصي مشكلة من هذا النوع عندما بدأت في ارتداء الحجاب، حيث لم تتقبل أسرتها المظهر الإسلامي الجديد لابنتها، وبدأت في طرح تساؤلات عما إذا كان يمكنها كمسلمة العيش بدون الحجاب، ولماذا فرض الحجاب على المرأة المسلمة.
"آمنة بجغاتي" -المسئولة الإعلامية في الهيئة الإسلامية- التي أسلمت منذ عام 1989 واجهت نفس المشكلة مع أسرتها عندما ارتدت الحجاب، حيث صعقت أمها عندما رأتها بالحجاب لأول مرة. ورأت أنها أخطأت في ذلك وأنه كان عليها التمهيد أولاً لأسرتها قبل ارتداء الحجاب.
وأشارت إلى أن المرأة المحجبة كثيراً ما تتعرض لمضايقات كلامية من بعض النمساويين الرافضين للوجود الأجنبي أو للمظهر الإسلامي بصفة خاصة.
"أندريا صالح" -مسئولة ملف المرأة في الهيئة الإسلامية- التي اعتنقت الإسلام منذ 14 سنة، دعت من جانبها إلى تصحيح نظرة المجتمع النمساوي للمرأة المحجبة وتوضيح أن الأنماط الفكرية المعتادة حول المرأة المحجبة غير صحيحة. وأكدت أندريا أنه "يجب الالتفات إلى ما في الرأس وليس إلى ما فوق الرأس".
وتبلورت مشكلة الحجاب بشكل كبير في النمسا عام 1999 عندما نادى حزب الأحرار اليميني -في إطار حملته الانتخابية- "بتنقية" المجتمع النمساوي من كل ما هو أجنبي؛ وأعقب ذلك تركيز الحزب على ضرورة إبعاد أي مظهر إسلامي من الوسط النمساوي بما في ذلك الحجاب.
الإسلام يعلم الالتزام
وكانت وزيرة الداخلية النمساوية قد ادعت أن المرأة المسلمة لا تحظى بأية حقوق داخل المجتمع الإسلامي، وقالت بلهجة تبشيرية: يجب علينا أن نوضح للمرأة المسلمة التي تتعرض للضرب وهي قابعة في بيتها أن الحال لدينا أفضل.
إلا أن نمساويات اعتنقن الإسلام أكدن لـ"إسلام أون لاين.نت" أن حياتهن تغيرت بعد اعتناقهن للإسلام، حيث تعلمن الالتزام.
وقالت "أم كريم" في كلمات موجزة لا تخلو من نبرة فلسفية: "قبل الإسلام عشت، والآن يجب أن أفكر كيف أعيش". وأوضحت قائلة: "قبل الإسلام كان كل شيء متاحا كمجتمع غربي؛ حيث لم تكن هناك التزامات محددة بفعل شيء أو النهي عن فعل شيء آخر. والآن في ظل الإسلام يجب على سبيل المثال الالتزام بمواعيد الصلاة، ومراعاة المواقيت الشرعية". وأضافت: "في السابق لم يكن يلتفت مع من أو فيم يتم الحديث، وهو الأمر الذي يحدده الإسلام".
"أندريا صالح" قالت من جانبها: "إن الإسلام يلزم الإنسان بضرورة محاسبة نفسه، وهو ما لم يكن قائماً قبل الالتزام بتعاليم الدين؛ فقبل الإسلام كانت الأمور تمشي على هواها دون نظر أو التفات ليوم الحساب. أما الإسلام فيخبر الإنسان بأن كل ما يفعله سيحاسب عليه في يوم ما؛ ولذا يجب مراقبة الأعمال والتصرفات بما أنك ستقف يوماً بين يدي الله ليحاسبك عليها".
ويتراوح عدد المسلمين في النمسا ما بين 350 ألفا إلى 400 ألف من بين نحو 8 ملايين نسمة هم إجمالي عدد سكان هذا البلد، وينتشر المسلمون في كافة ولايات النمسا التسع، وإن كان لهم ثقل أكبر في العاصمة فيينا بحكم أنها الولاية الكبرى من حيث التعداد السكاني.
وأنشأ المسلمون عام 1979 "الهيئة الدينية الإسلامية"؛ لتكون الهيئة الرسمية التي تمثلهم. ولا يوجد في النمسا سوى مسجد كبير واحد، يضم مئذنة وقبة في العاصمة فيينا، وتعتبر المصليات هي الأكثر انتشارا؛ حيث يوجد نحو 200 مصلى في مختلف أنحاء النمسا.
ويتمتع مسلمو النمسا -بحسب تصريحات أدلى بها أنس الشقفة رئيس "الهيئة الدينية الإسلامية" لإسلام أون لاين.نت في أكتوبر 2003- بوضع أفضل من الوضع الذي يتمتع به المسلمون في كافة أنحاء دول الاتحاد الأوربي، حيث يعترف "قانون الإسلام" الصادر عام 1912 "بالدين الإسلامي كدين تعبدي متساوٍ مع بقية الأديان الموجودة في النمسا"، ويتم تدريس مادة الدين الإسلامي في المدارس الحكومية.
لكن الشقفة أشار إلى وجود بعض الممارسات السلبية القليلة التي تُمارَس بصفة شخصية من قبل بعض أصحاب المدارس والمحلات الخاصة لمنع الفتيات من ارتداء الحجاب، موضحا أن تلك الممارسات يتم التصدي لها وحلُّها من قبل "الهيئة الدينية الإسلامية"، كما رأى أن قبول المسلمين في المجتمع النمساوي يحتاج إلى وقت.
الولايات المتحدة
رفعت وزارة العدل الأمريكية شكوى نيابة عن فتاة مسلمة تم اخراجها من مدرستها في ولاية أوكلاهوما مرتين بسبب الحجاب.
وأفادت السلطات التعليمية بأن ارتداء الحجاب يعد مخالفا لقواعد الزي المدرسي لمدرسة الفتاة صاحبة الدعوى في أوكلاهوما.
وفي المقابل، أكدت وزارة العدل الأمريكية أن هذه الموقف يعد تمييزا دينيا.
وتأتي قضية الفتاة الأمريكية المدعوة نشالا هيرن والبالغة من العمر 11 عاما في أعقاب الخلاف الذي أثير في فرنسا والعديد من الدول الأخرى عما إذا كانت المدارس مكانا مناسبا لارتداء الحجاب وبعض الرموز الدينية الأخرى.
تمييز ديني
وكانت نشالا قد منعت مرتين في العام الماضي من دخول أكاديمية بنجامين فرانكلين للعلوم بمدينة موسكوجي بولاية أوكلاهوما.
وسمحت المدرسة مرة أخرى لنشالا بدخول المدرسة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي دون أن تنزع الحجاب، لكن السلطات المحلية بالمدينة تمسكت بحقها في التزام كافة المدارس بنفس قواعد الزي المدرسي التي تحظر ارتداء أي نوع من أنواع أغطية الرأس.
ورأت وزارة العدل الأمريكية أن حظر ارتداء الحجاب يعد انتهاكا لقانون المساواة الذي نص عليه الدستور الأمريكي.
وقال نائب وزير العدل الأمريكي، ألكسندر أكوستا، في بيان: "إننا نحترم القواعد المدرسية المحلية التي تحدد نظام الزي المدرسي وتنظم علاقة الطلاب بالمدرسة، لكن هذه القواعد يجب ألا تكون على حساب الحريات التي ينص عليها الدستور، لا يوجد مكان في المدارس الأمريكية للتمييز الديني."
وفي المقابل، أعرب محامي عن منطقة موسكوجي التعليمية عن حيرته من قرار وزارة العدل الأمريكية.
وقال المحامي: "ليس هناك أي قانون فيدرالي يجيز ارتداء الثياب الدينية في المدارس. إننا ملتزمون بالقواعد الفيدرالية التي أقرتها وزارة التعليم."
وكانت الحكومة الفرنسية قد وافقت على قانون يحظر ارتداء الحجاب والرموز الدينية الأخرى في المدارس، فيما تبحث ألمانيا إمكانية منع المدرسات من ارتداء الحجاب. وتحاول تركيا منذ عدة سنوات منع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
بريطانيا
بدأ ناشطون مسلمون من مختلف الدول الاوروبية حملة للدفاع عن حق المرأة في ارتداء الحجاب.
فقد نظمت جمعية المرأة المسلمة في بريطانيا والجمعية الاسلامية البريطانية اليوم في لندن مؤتمرا خاصا بارتداء المسلمات للحجاب حضره مندوبون من خمس عشرة دولة أوروبية.
وقد ركز المشاركون على القضايا المتعلقة بالحجاب واللباس التقليدي للمرأة المسلمة وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ضرورة الضغط على البرلمان الأوروبي لإصدار قرار في هذا المجال.
ويثير ارتداء الحجاب جدلا واسعا في الدول الأوروبية بعد أن منعته فرنسا في المدارس العامة بينما تعتزم دول أوروبية أخرى اتخاذ نفس الإجراء.
وقالت متحدثة باسم الهيئات المنظمة للبي بي سي إن هذه الحملة تهدف إلى نشر الوعي بأن ارتداء الحجاب قرار صائب وليس رمزا للظلم.
ألمانيا
ولاية ألمانية تخطط لمنع ارتداء الحجاب
بدأت ولاية بادن - فورتمبرج خطوات تهدف إلى منع ارتداء الحجاب في المدارس.
ويأتي مشروع القانون الجديد في أعقاب معركة قانونية انتهت في سبتمبر أيلول الماضي بحكم قضائي لصالح مدرسة مسلمة ترتدي الحجاب أثناء التدريس داخل الحرم المدرسي.
ويتوقع المراقبون أن يحظى التشريع المرتقب بتأييد داخل أروقة البرلمان المحلي في أوائل العام المقبل.
وعلى الرغم من معارضة بعض الجمعيات الأهلية المعنية بالحقوق المدنية من منطلق أن هذا التشريع سيكبح الحريات الدينية، إلا أن ست ولايات ألمانية أخرى تخطط لتمرير تشريعات مماثلة.
ويقول إرفين تويفل رئيس وزراء ولاية بادن - فورتمبرج إن الهدف من وراء القانون المعتزم سنه هو منع مدرسي مدارس الولاية من إرتداء كل ما من شأنه الإشارة إلى أي انتماء يمكن أن يفسر على أنه سياسي".
وتقول آنيت شافان وزيرة التعليم المحلية "إن الحجاب يعتبر رمزاً للتحزب والانقسام الاجتماعيين، كما إنه يعبر عن تاريخ قمع للمرأة".
وكانت المحكمة الفدرالية الدستورية قد قالت في حيثيات حكمها الصادر لصالح اصرار المدرسة على ارتداء الحجاب أثناء التدريس في مدارس الولاية "إنه لا يوجد قانون ضد هذا التصرف".
ولكن المحكمة قالت في نفس حيثيات الحكم "إن الولايات، فرادى، يمكنها منع ارتداء الحجاب إذا ما قامت بسن قوانين محددة لمنعه".
ولن يسري الحظر على الدروس الدينية، كما لن يسري على الرموز الدينية المسيحية ولا اليهودية.
وتنادي كل من برلين وهسه وسارلاند بمنع ارتداء الحجاب في كافة المصالح الرسمية.