متى تنفع الرقية ؟
وهذا سؤال من المهم الإجابة عنه ، وذلك أن أحدنا قد يرقي نفسه ، أو يرقي غيره ، ولكن لا يجد الأثر المتوقع ، أو الشفاء العاجل ، فحينئذ يحصل في نفسه شئ من الشك في نفع هذه الرقية ، فيتساءل معترضاً : أين كلام من يزعم فائدة هذه الرقية وقد رقيت نفسي فما رأيت لمرضي ولا لحالتي تقدماً ؟
وعن مثل هذه التساؤلات يجيب ابن القيم رحمه الله فيقول : ( ولكن ها هنا أمر ينبغي التفطن له ، وهو أن الآيات والأذكار والدعوات والتعوذات التي يستشفى بها ويرقى بها هي نفسها نافعة شافية ، ولكن تستدعي قبول وقوة الفاعل وتأثيره ، فمتى تخلف الشفاء ،كان لضعف تأثير الفاعل ، أو لعدم قبول المنفعل ، أو لمانع قوي يمنع أن ينجع فيه الدواء )
ثم قال في موضع آخر من زاد المعاد ( فإن العلاج بالرقى يكون بأمرين : أمر من جهة المريض ، وأمر من جهة المعالج فالذي من جهة المريض يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى الله تعالى ، واعتقاده الجازم بأن القرآن شفاء و رحمة للمؤمنين ، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان فإن هذا ــ أي عمل الرقية ــ نوع محاربة والمحارب لا يتم له الانتصار من عدمه إلا بأمرين : أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً ، وأن يكون الساعد قوياً ، فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل ،فكيف إذا عدم الأمران جميعاً : يكون القلب خراباً من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه ، ثم لا سلاح له أيضاً . والأمر الثاني من جهة المُعَالج بالقرآن والسنة أن يكون فيه الأمران أيضاً ).