بحث كامل عن المخطوطات في دولة مصر, تقرير عن المخطوطات فى مصر
تعد المخطوطات من أهم ما تقتنيه المكتبات في مصر والعالم باعتبارها سجلا تاريخيا وكنوزا تراثية وحضارية تحفظ ذاكرة الأمة، وتحقق الترابط الثقافي والحضاري بين الأجيال.
ومصر من الدول التي تضم مجموعة كبيرة من المخطوطات.
تبلغ المخطوطات العربية والشرقية في مصر نحو 110 آلاف مخطوط وهي تأتي في المرتبة الثانية بعد مجموعة مخطوطات تركيا، ونصيب دار الكتب المصرية من هذه المخطوطات يبلغ نحو 57 ألف مخطوط تعد من أقيم وأنفس المجموعات العالمية بتنوع موضوعاتها وبخطوطها المؤرخة التي كتبت بخطوط مؤلفيها أو بخطوط العلماء، وأيضا بوفرة عدد ضخم من المصاحف الشريفة، وبعضها على الرق يرجع أقدمها إلى عام 77هـ، وهو مصحف منسوب للإمـام الحسن البصري، بالإضافة إلى مجموعة نادرة من المصاحف المملوكية التي وقفها سلاطين المماليك على مدارسهم التي أنشأوها في القاهرة والتي نقلت إلى دار الكتب في نهاية القرن الماضي، وكذلك مجموعة نادرة من المخطوطـات الفارسية المزينة بالصور (المنمنمات) وبماء الذهب وبالألوان البديعة، هذا إلى جانب ما تقتنيه دار الكتب من مجموعات هامة ونادرة لنصوص البرديات العربية، والتي تقدر بأربعة آلاف بردية.
كان رصيد دار الكتب من المخطوطات حتى أول أبريل عام 1916م (19) ألف مخطوط بينها :
- 3458 مخطوطا تمثل مجموعة مصطفى فاضل، ويرمز لها في الفهارس بالرمز (م) (منها 2473 مخطوطا تركياً و 335 مخطوطاً فارسيا)
- و 345 مخطوطاً موقوفة من محمد محمود بن الشنقيطي أضيفت إلى رصيـد الدار بعد وفاته عام 1322هـ/1904م، ويرمز لها في فهارس الدار بالرمز (ش)، بالإضافة إلى 189 مصحفاً (منهـا 27 بالقلم الكوفي على رق غزال)
- ومخطوطات علي باشا مبارك التي أُضيفت إلى الدار في عام 1895 بعد سنتين من وفاته.
وأقدم هذه المخطوطات النسخة الوحيدة من «الرسالة في أصول الفقه» للإمام محمد بن إدريس الشافعي كتبها الربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعي في مطلع القرن الثالث الهجري وعليها إجازة بخطه بنسخ الكتاب مؤرخة سنة 265هـ، وهي من بين مخطوطات مجموعة مصطفى فاضل ولكنها تعرضت للسرقة في السنوات الأخيرة واختفت من الدار.
وابتداء من عام 1929م أضيف إلى رصيد الدار مكتبات غنية أثرت رصيد الدار من المخطوطات وضاعفت حجم مخطوطاتها نحو ثلاث مرات وهذه المكتبات هي :وهذه هي أهم المكتبات الخاصة التي ضمت إلى الدار وتحوي مخطوطات واحتفظت بوحدتها . وهناك بعض المكتبات الأخرى أقل شأنا منها أدمجت في الرصيد العام للدار الذي بلغ عدد مخطوطاتها حتى نهاية عام 1954م 38583 مجلداً، كمكتبات: السيد وجيه العمري والسيد عمر مكرم والشيخ أحمد أبو خطوة والسيد علي جلال الحسيني.
1- مكتبة قولة التي أنشأها محمد علي باشا في مدينة قولة مسقط رأسه وأضيفت إلى دار الكتب في سنة 1929 وكلها مخطوطات وعدد مجلداتها 3440 مجلداً. 2- مكتبة الأمير إبراهيم حليم وعدد مخطوطاتها 641 مجلداً. 3- مكتبة خليل أغا وعدد مخطوطاتها 686 مجلداً. 4- مكتبة الإمام الشيخ محمد عبده وعدد مخطوطاتها 108 مجلد. 5- مكتبة أحمد طلعت بك المتوفى سنة 1346هـ/1927م وعدد مخطوطاتها 9549 مجلداً. 6- المكتبة التيمورية التي جمعها أحمد تيمور باشـا وضمت إلى الدار بعد وفاته سنة 1348هـ/1930م وعدد مخطوطاتها 8673 مجلداً. 7- المكتبة الزكية التي جمعها أحمد زكي باشا ووقفها في حياته على قبة السلطان الغوري بالغورية ثم نقلت إلى دار الكتب المصرية سنة 1935 وعدد مخطوطاتها 1482 مجلداً. 8- مكتبة السيد أحمد الحسيني وعدد مخطوطاتها 245 مجلداً.
مخطوطات التراث العربي
وقد أشار كوركيس عواد في كتابه (أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم) إلى العديد من مخطوطات التراث العربي التي كُتبت قبل سنة 500 هجرية، ولا تزال محفوظة بدار الكتب المصرية حتى اليوم، ومنها:
- الإِبَانَةُ عَنْ مَعَاني القِرَاءَاتِ، لابن أبي طالب القيسي، المتوفى 437هجرية. كُتبت في حياة المؤلف سنة 435هجرية.
- أَخْبَارُ سِيبويَه المِصْرِي، لابن زُولاق، المتوفى 387هجرية، كُتبت بخط المؤلف.
- اخْتِلافُ الفُقَهَاءِ، لمحمد بن جرير الطبري، المتوفى 310هجرية، كُتبت في القرن الرابع الهجري.
- اشْتَقِاقُ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالى وصِفَاتِه، لأبي القاسم الزجّاجي، المتوفى 337هجرية، كُتبت سنة 434هجرية.
- أَشْعَارُ النِّسَاءِ، للمزرباني، المتوفى 384هجرية، كُتبت في عصر مؤلفها.
- المَبْسُوطُ، للإمام الشيباني، المتوفى 189 هجرية، رواية موسى بن سليمان الجوزجاني، تقع في 239 ورقة .
- الأَمَالي، لأبي علي القالي، المتوفى 356 هجرية، كُتبت في القرن الخامس الهجرى.
- الإِيضَاحُ فِي الوَقْفِ والإِبْتَداءِ، للأنباري، المتوفى 328 هجرية، كُتبت في القرن الرابع الهجري.
- تَأْويلُ مُشْكِلِ القُرْآنِ، لابن قتيبة، كُتبت سنة 379هجرية .
- تَهْذِيبُ إِصْلاَحِ المَنْطِقِ، للخطيب التبريزي، المتوفى 502هجرية، كُتبت سنة 491هجرية في حياة المؤلف.
- الجَامِعُ الصَّحِيحُ، للإمام البخاري.. عليها سماعٌ تاريخه 495هجرية.
- الجَامِعُ فِي الحَدِيثِ، لأبي محمد عبد الله بن وَهْب بن مسلم الفهري القرشي، المتوفى 197هجرية، كُتبت في القرن الثالث الهجري على ورق البردي.
- الحُجَّةُ فِي قِرَاءَاتِ الأَئِمَّةِ السَّبْعَة ِ، لابن خالويه المتوفى 370هجرية، كُتبت سنة 496هجرية.
- الحِيَلُ والمَخَارِجُ (على المذهب الحنفي) لأبي بكر الخصّاف، المتوفى 261هجرية، كُتبت سنة 496هجرية.
- الخَصَائِصُ، لابن جنّي، المتوفى 392هجرية .. جزءان، الجزء الثاني مؤرخ بسنة 430 هجرية.
- ديِوَانُ الحَادِرَةِ (من شعراء الجاهلية) كتبها علي بن هلال المعروف بابن البواب (محفوظة تحت رقم 2145/ أدب).
مخطوطات في الطب
وإلى جانب المخطوطات التي أشار اليها كوركيس، هناك العديد من المخطوطات العربية التي تعد من أعمدة التراث العربي في الطب والعلوم، منها: كما يحتوي الكتاب على مجموعة جميلة من رسومات الأعشاب والزهور؛ مثل القرنفل وشقائق النعمان، وتوجد رسومات لبعض الفواكه والزهور، مع شرح مبسط لكل زهرة من هذه الزهور، كل على حدة.
1- مخطوطة «شفاء الأسقام»، للشفائي المتوفى سنة 1159هـ (1746م)، وهو مخطوط، باللغة التركية، استخدم المداد الأخضر؛ وكذلك الأحمر في تدوينه، ويتكون المخطوط من ثلاثة فصول: والفصل الأول في شرح أمراض الجسد وكيفية الوقاية منها وعلاجها؛ مثل أمراض الرعشة والتشنج، وغير ذلك من الأمراض، ويشرح كل مرض على حدة وكيفية الوقاية منه وطرق الإصابة به؛ وعلاج هذه الأمراض، سواء بالأعشاب أو العقاقير. 2- مخطوط «المنصوري في الطب»، وهو مخطوط مكتوب بالمداد الأسود، تتخلله علامات ترقيم باللون الأحمر، ويبدو أن مؤلفه كان على دراية واسعة بعلوم الطبيعة والكيمياء وعلوم أخرى. ويحتوي المخطوط على عشر مقالات، وتعد المقالة الأولى مدخلا عاما إلى العلوم الطبية، وتتناول المقالة الثانية طبيعة وأصناف الأبدان، وتختص المقالة الثالثة بالأدوية، وتختص المقالة الرابعة بأساليب الطب الوقائي، وتتناول المقالة الخامسة طب التجميل والزينة، وتعالج المقالة السادسة الأمور التي يجب أن يراعيها المسافرون للمحافظة على الصحة، وتتعرض المقالة السابعة للتقيحات والقروح، وتتناول المقالات الثلاث الأخيرة، المواضيع التالية: السموم والهوام (الحشرات الضارة)، وأمراض الأعضاء المختلفة، والحميات. 3- مخطوط من كتاب «دفع مضار الأبدان بأرض مصر» لابن رضوان المتوفى سنة 453 هـ (1061م)، وهو مكتوب بالمداد الأسود تتخلله كلمات باللون الأحمر، ويعتبر الكتاب مؤلفا شاملا لعدة علوم منها الطب والجغرافيا والمحيط البيئي والعلاقة بين هذه جميعا وتطبيقاتها في مصر. ويتناول الكتاب، في خمسة عشر فصلا، صفة أرض مصر وخصائصها وما يتولد عنها من الأمراض، والأسباب الستة المحيطة بالصحة والمرض بأرض مصر. ويحاول ابن رضوان، فوق هذا، الربط بين العوامل البيئية وبعض السمات النفسية المحددة، فيقول بأن سكان المناطق في شمال الفسطاط مثل أهل الشموس أغلظ طباعا ويغلب عليهم البله والبلادة، وعزى ذلك إلى نوعية الغذاء الموجود لديهم. 4- مخطوط الرحمة في الطب والحكمة، وهو مخطوط مكتوب بالمداد الأسود، مع بعض الكلمات بالمداد الأحمر. وهو مختصر في فروع مختلفة من علوم الطب.
البرديات العربية
وتضم دار الكتب المصرية اليوم مجموعة هامة ونادرة من نصوص البرديات العربية، تقدر بأربعة آلاف بردية وورقة كاغد ـ يرجع الفضل في جمعها لدار الكتب المصرية الأستاذ برنارد مورتيز Mortiz B الذي شغل منصب أول رئيس لدارالكتب المصرية بداية من عام 1896م حتى سنة 1911م، واستطاع خلالها تكوين هذه المجموعة الهامة والنادرة، وكانت ذروة الجمع والاقتناء بين أعوام 1899، 1905م حيث تمكن مورتيز من اقتناء عشرات المئات من برديات الفسطاط والبهنسا والفيوم وأهناسيا والأشمونيين وكوم إشقاو وإدفو وغيرها، كما اشترى مجموعة من أحد الهواة في مصر ويدعى ميشيل كازيرا، وذلك بين أعوام 1903 ـ 1905م . وهي مجموعة نادرة عثر عليها في مدينة الفيوم، وبالإضافة إلى ذلك أضيفت لدار الكتب برديات عربية أخرى كانت محفوظة في المتحف المصري. بعد أن عثر عليها في الحفائر والتنقيبات الأثرية في بعض المدن في صعيد مصر. وذلك من خلال اتفاق تم بين الدار والمتحف سنة 1939.
كما أن دار الكتب كانت قد اقتنت مجموعة هامة ونادرة أخرى من نصوص البرديات العربية كانت في حوزة أحد «تجار الآثار في الجيزة ويدعى الشيخ علي الجابري وصـل عددهـا حوالي (161) بردية وذلك سنة 1906م. ثم بعد ذلك توالت الإضافات والزيادات على هذه المجموعة حتى وصل عددها حالياً أربعة ألاف بردية عربية هامة.
وأول من قام بنشر برديات هذه المجموعة هو الأستاذ برنارد مورتيز وذلك بداية من عام 1905م ـ حيث قـام بنشـر بعض البرديات العربية في كتابه Arabic Paleography وفي عام 1910م استطاع مورتيز نشر عدد آخر من البرديات العربية المحفوظة في دار الكتب وذلك في دائرة المعارف الإسلامية تحت عنوان «الخط العربي».
ثم قام المستشرق كيتاني L.Caetani بنشر بعض نصوص البرديات العربية في الجزء الخامس من نشرة حوليات الإسلام سنة 1912م.
وقام المستشرق جوزيف فون كارا باتشيك J.V.Karabacek بنشر بعض برديات هذه المجموعة ودراسة عنها وهي برديات تحمل لغتين العربية واليونانية وبعض هذه البرديات ينسب للعهـد الأمـوي وخاصة الوالي قرة بن شريك العبسي.
وساعده في هذه الدراسة المستشرق الشهير كارل هنري بيكر الذي تمكن سنة 1911م من إجراء دراسة علمية حول بعض برديات هذه المجموعة ونشرت في نفس هذا العام.
ثم توقفت أعمال النشر والدراسة في برديات هذه المجموعة بداية من عام 1912م حتى عام 1923م، وفي سنة 1924م وصلت للدكتور أدولف جروهمان A.Grohmann ثمانية نصوص من برديات هذه المجموعة كان قد أرسلها إليه الأستاذ برنارد مورتيز، وفي العام التـالي 1925م. وبعد انتهاء الحرب العالميـة الأولى، قام الدكتور جروهمان بزيارة مصر واطلع على برديات هذه المجموعة الهامة وأدرك قيمتها العلمية وأهميتها التاريخية.
وفي صيف عام 1930م ألقى جروهمان 4 محاضرات حول علم البرديات العربية في الجمعية الجغرافية المصرية. طبعت في مطبعة دارالكتب المصرية سنة 1930م ـ وقام بترجمتها توفيق اسكاروس .
وبداية من عام 1934م قام الدكتورجروهمان وبدعوة من الجمعية الملكية لعلم أوراق البردي القديم بدراسة ونشر بعض برديات دار الكتب المصرية فصدر المجلد الأول من هذه الدراسة فى 21 أغسطس سنة 1934م وتضمن نشر حـوالي 70 برديـة عربيـة تحمل عنوان «أوراق البردي العربية بدار الكتب المصرية».
وتوالى نشر المجلدات الأخرى والتي وصلت إلى عشرة مجلدات واستمر نشرها على مدى ما يقرب من سبعين عاما.
وفي نهاية عام 1999 تم الانتهاء من عمل الجزء الأول من الفهرس الشامل لمجموعة البرديات العربية بدار الكتـب، تحـت إشراف الدكتور سعيد مغاوري المشرف على البرديات العربية بدار الكتب، والذي أعد دراسة حول (الأهمية التاريخية والحضارية للبرديات العربية في دار الكتب المصرية)، تناولت عدداً من نصوص البرديات العربية التي تقتنيها دار الكتب المصرية التي تعد ثالث أكبر مجموعة أوراق بردي في العالم بعد مجموعة الأرشيدوق رانير (المكتبة الوطنية ـ فيينا) وعددها نحو 50 ألف بردية، ومجموعة شوت راينهارت (معهد البرديات في جامعة هايد لبرغ ـ ألمانيا) وعددها 10 آلاف بردية، حيث يصل عدد مجموعة برديات دار الكتب المصرية 4 آلاف بردية كما ذكرنا، نشر المستشرق النمساوي أدولف غروهمان (عالم التاريخ والآثار المعروف) منها نحو 800 بردية.
نوادر البرديات
وهناك عدد غير قليل من البرديات العربية النادرة بدار الكتب المصرية، لعل أبرزها على الإطلاق كتاب «الجامع في الحديث» للفقيه المصري عبد الله بن وهب بن مسلم (125 - 197 هـ / 743 ـ813 م) بلغ عدد صفحاته 199 صفحة، وعثر عليه في منطقة تل إدفو في صعيد مصر، وهو محفوظ في دار الكتب المصرية برقم سجـل (2123 ـ حديث)، ونشره المعهد الفرنسي للدراسات الشرقية بالقاهرة في كتابات من تأليف الدكتور ديفيدويل.
وبالإضافة إلى ذلك تقتني دار الكتب مجموعـة مهمة ونادرة من البروتوكولات تنسب لعهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وكذلك مراسلات الوالي الأموي قرة بن شريك العبسي.
أيضاً هناك مجموعة هامة ونادرة من أندر عقود الزواج التي كتبت على ورق البردي والجلد و الكاغد بعضها بين العرب والقبطيات وكذلك عقود البيع والشراء والإيجار والعمل وتصاريح المرور وإيصالات الجزية والخراج وقوائم وكشوف السلع التجارية والمالية وكذلك بعض النصوص الدينية والأدبية وأوراق متنوعة تتعلق بالتجارة والزراعة والصناعة وتجارة الأراضي والمواشي والعقارات.
وتحتوي الدار أيضا على مجموعة نادرة من لوحات الخط العربي، يبلغ عددها أكثر من (500) لوحة متفاوتة الأحجام، بالإضافة إلى المصاحف المكتوبة بخطوط مشاهير الخطاطين المجودين والمنقوشة بالذهب والألوان. وبدار الكتب مجموعة لا نظير لها من الدوريات والصحف والمجلات العربية والأجنبية الصادرة في مصر والبلاد العربية والإسلامية وأوروبا، ويبلغ عدد الدوريات العربية 4200 دورية، في حين تبلغ الدوريات الأجنبية 5812 دورية.
مصاحف مخطوطة
كما تضم دار الكتب المصرية، واحدة من أهم قاعات التاريخ والفنون الإسلامية الموجودة في العالمين العربي والإسلامي، وهي قاعة القرآن الكريم، التي تحتوي مجموعة من أندر وأجمل المصاحف الشريفة يرجع بعضها إلى القرن الأول الهجري، حيث كانت زخرفة وتذهيب المصاحف ذروة الفن العربي.
مصحف عثمان أما أقدم المصاحف التي تضمها القاعة، فهو ذلك المنسوب إلى سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد انتقل إليها من مسجد عمرو بن العاص، وهو أحد المصحفين اللذين أحضرا إلى مصر، وكان بين يدي سيدنا عثمان يوم استشهاده، كما توجد صورة طبق الأصل من مصحف آخر منسوب أيضا إلى سيدنا عثمان، وكان أصله فى سمرقند ثم نقل إلى بطرسبرج عاصمة روسيا القيصرية، وبعد الثورة البلشفية سنة 1917 نقل إلى تركستان، وهو يوجد الآن في طشقند، وقد نشرته جمعية الآثار القديمة على يد الخطاط المصور الروسي (بلوساركس)، وتم طبع خمسين نسخة منه، والنسخة الموجودة حاليا في القاهرة تم إهداؤها إلى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في منتصف الستينات، ويوجد مصحف آخر بالقاعة مكتوب بخط كوفي على الرق، دون في آخره أنه مكتوب بخط أبي سعيد الحسن البصري سنة 77هـ،، وثمة مصحف بخط الإمام جعفر الصادق، مكتوب في القرن الثاني الهجري على ورق، ومصحف ثالث مكتوب في أوائل القرن الثالث الهجري على رق الغزال، بالقلم الكوفي على طريقة أبي الأسود الدؤلي (أي بتنقيط الحروف). وهناك مجموعة أخرى من المصاحف المكتوبة بخط كوفي مجهولة التواريخ على وجه الدقة، وإن كانت تنسب إلى القرنين الأول والثاني للهجرة.
المصاحف المملوكية
أما أجمل المصاحف وأروعها في فن التذهيب والزخرفة فهي تلك التي تنتمي إلى العصر المملوكي، ومنها مصحف السلطان محمد بن قلاوون، وهو مصحف متوسط الحجم، تخلو صفحاته من المستطيلات الزخرفية، ماعدا فراغ السور في الصفحة الاستهلالية التي تسبق سورة الفاتحة، والمصحف كله مكتوب بماء الذهب، بالخط الثلث ومضبوط الشكل بالكامل، وكتب في سنة 764هـ، وبالرغم من ذلك تبدو صفحاته بسيطة ورقيقة، تجبر الناظر على طول التأمل والتمعن، وقد كتب هذا المصحف خصيصا لكي يوضع في مسجد القلعة الذي بناه السلطان محمد بن قلاوون، وأوقفه عليه، وظل به حتى نقل إلى دار الكتب المصرية، وهناك أيضا مصحف السلطان (برقوق) الذي انتهى الخطاط الشهير عبدالرحمن الصائغ من كتابته في يوم السادس من ذي الحجة سنة 801هـ، بعد عمل متصل استغرق سبعين يوما وبقلم واحد لم يغيره، والمصحف مكتوب بالخط الثلث الواضح، ومنقوش بالذهب والألوان الزاهية وهي اللون الذهبي الخالص، والأزرق اللازوردي والأحمر الياقوتي، وتتخلل الألوان مساحات من البياض لتضفي عليها عمقا وجمالا، أما الزخارف ذاتها فتتكون من وحدات هندسية، وأوراق نباتية، تغطي الصفحتين الاستهلاليتين، والصفحة التي كتبت بها سورة الفاتحة، والصفحة التي بها بداية سورة البقرة، أما فواتح السور فقد كتبت في إطارات مزخرفة، مستطيلة محفوفة بالألوان المتداخلة والمتناغمة، وقد وقف السلطان هذا المصحف هو الآخر إلى المسجد الذي بناه باسمه في النحاسين والذي يعد تحفة معمارية فريدة فى تراث العمارة الإسلامية.
وعلى بعد خطوات قليلة من مصحف السلطان برقوق، يوجد مصحف آخر لابنه.
ويعتبر مصحف السلطان برسباي ثامن ملوك الجراكسة من أندر المصاحف التي تضمها قاعة القرآن الكريم بدار الكتب المصرية وأكثرها تميزا وتفردا، فهو الوحيد بين كل مصاحف القاعة الذي يتكون من مجلدين يبلغ طول الصفحة فيهما سبعين سنتيمترا.