بحث عن الإنكسار الضوئي و النظارة الشمسية
في فصل الصيف يكثر الناس من استخدام النظارات الشمسية والطبية الملونة، والملفت للانتباه أن استخدام هذه النظارات يكون ذاتيا وتلقائيا دون إجبار على ذلك، كما أن استعمالها ليس مقصورا على أعمار معينة، بل تشمل جميع الأعمار، وإن كانت شائعة بين الشباب والمسنين أكثر من الأطفال، وفي هذه الأيام نرى أنواعا كثيرة من النظارات الشمسية، والتي تختلف في الشكل واللون والطراز، بحيث لا تحجب أشعة الشمس القوية عن العين فقط، بل وتعطي جاذبية أكثر وتزيد الوجه جمالا.
العين و الألوان
ترى العين جزءا صغيرا من الطيف الشمسي، ويسمى بالطيف المرئي، ويتكون من الألوان السبعة بدءا باللون البنفسجي فالنيلي فالأزرق فالأخضر فالأصفر فالبرتقالي فالأحمر على التوالي. هذه الألوان يُعبّر عن طول موجاتها (ل) بوحدة قياس طولية صغيرة تسمى النانومتر ( يساوي واحد على مليون من المليمتر) حيث تبدأ أطوال الموجات للون البنفسجي ل =380نانومترا، وتنتهي بالأكثر طولا للون الأحمر عند ل= 780 نانوميتر، وتختلف حساسية العين لرؤية هذه الألوان حيث تصل حساسيتها إلى أكبر قيمة للون الأخضر وتقل كلما اتجهنا نحو البنفسجي أو الأحمر.
لذلك نجد أن الأطباء ينصحون الناس بالراحة في الريف حيث الخضرة تحيط بهم من كل مكان، مما يجعل العين تتعرض لأقل إجهاد ممكن وبالتالي تكون أكثر استرخاء.
والأشعة التي لها تردد +(ت) أكبر من تردد اللون البنفسجي أو طول موجي أقل من 380 نانوميتر. تسمى بالموجات فوق البنفسجية، والتي لها تردد أقل من تردد اللون الأحمر أو طول موجي أكبر من 780 نانوميتر تسمى بالموجات تحت الحمراء.
وحيث أن المنطقة المرئية للعين تنقسم إلى الألوان السبعة، فإن الأطياف فوق البنفسجية وتحت الحمراء تنقسم إلى ثلاث مناطق حسب المعايير الدولية.
وكثير من النظارات الشمسية تهتم بالشكل والمظهر واللون والطراز الذي يرضي ويشبع رغبة ونفسية الأشخاص أكثر من الاهتمام بحماية العين من الأشعة غير المرغوب فيها ونسبة نفوذها بالقياس إلى الأشعة المرئية، ولقد أوضحت الأبحاث في السنوات الأخيرة، أن النظارات الشمسية والطبية الملونة جميعها، سواء كانت رخيصة الثمن أو غالية الثمن ينفذ منها جزء كبير من الأشعة فوق البنفسجية، وتحت الحمراء لطيف أشعة الشمس، بينما تحجب كثيرا من الأشعة المرئية، لهذا فإن العين التي تتعرض فترة طويلة لأشعة الشمس النافذة من النظارات تصاب بالضرر، وخاصة إذا كانت نسبة الأشعة المرئية النافذة أقل من 80%من الأشعة الكلية الساقطة على العين.
الضرر الكيميائي و الضرر الحراري
إن الضرر الناتج عن أشعة الشمس على العين إما أن يكون كيميائيا أو حراريا، ومن دراسة نوعية الضرر يمكننا ربطه بطبيعة تكوين طيف أشعة الشمس حولنا، وطاقة الأشعة التي تنفذ من خلال النظارة، ثم خلال أجزاء العين حتى تصل إلى الجزء الحساس للرؤية وهو الشبكية، ونوعية التأثير المتبادل فيما بينها، كما تؤخذ في الاعتبار نوعية النظارة الشمسية أو الطبية الملونة التي تستخدم لتقليل كمية الضوء الساقط على العين، ويعتمد الضرر بالتالي على مدى اختلاف حساسية أجزاء العين لهذه الأشعة الشمسية، وأخيرا على نوعية الضرر الناتج إذا كان مؤقتا أو مزمنا.
الضرر الحراري لأشعة الشمس على العين يتم فقط، إذا نظرنا بصورة مباشرة ولفترة زمنية طويلة، أو حتى لفترة قصيرة لقرص الشمس مباشرة ولكن، باستخدام نظارة مكبرة أو تلسكوب رؤية، وفي الحالتين تعمل قرنية العين وعدستها على تركيز الطاقة الحرارية للأشعة تحت الحمراء الساقطة من أشعة الشمس على شبكية العين، وتضاعفها آلاف المرات مما يسبب ضررا بالغا، قد يأخذ شكل عمى مؤقت، ويماثل ذلك تماما جمع أشعة الشمس بعدسة محدبة على ورقة مما يؤدي لإحراقها، وأكثر الأشخاص تعرضا لهذا الضرر الحراري هم الباحثون في محطات الأرصاد الشمسية.
وحقيقة الأمر أن الضرر الحراري عادة يسبقه ضرر كيميائي، نتيجة تركيز الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية، أما إذا زادت نسبة الأشعة تحت الحمراء فإن الضرر الكيميائي يقل، ويصبح الضرر الحراري هو السائد، علمنا إذن أن تأثير الأشعة تحت الحمراء على العين هو تأثير حراري، وعندما تنفذ هذه الأشعة من النظارات، وبنسبة كبيرة، فإن أجزاء العين تمتصها بنسب متفاوته، وتسبب ارتفاعا في درجة حرارة أجزاء العين، خاصة القرنية، والقزحية، ويظهر ذلك في شكل ألم شديد واحمرار في العين.
إن العصب الحسي الذي ينتهي عند القرنية والقزحية حساس جدا لأي ارتفاع بسيط في درجة حرارة العين، ويزداد الألم والضرر إذا ارتفعت درجة حرارة العين إلى 47درجة مئوية، حيث يسبب تعتيما مؤقتا لعدسة العين حتى ولو كان التعرض لفترات زمنية قليلة.
عمى الجليد
هناك ضرر آخر يسمى عمى الجليد، وهذا يحدث عندما تنظر عين الإنسان للجليد لفترة طويلة، حيث إن سطح الجليد يعكس أكثر ما يكون الأشعة فوق البنفسجية لطيف الشمس، وتفسير ذلك أن أكثر الموجات فوق البنفسجية ضررا على العين تلك التي لها طول موجي يتراوح ما بين 305-320نانوميتر، حيث أنها أكثر نفاذية عبر جدار القرنية من باقي الموجات فوق البنفسجية وتسبب ضررا كيميائيا يظهر على شكل تعتيم لشفافية السائل المائي للعين والعدسة البلورية لها.
ويعتمد هذا الضرر على فترة التعرض التي يمكن أن تكون ما بين عدة دقائق إلى ثماني ساعات حسب طبيعة تكوين خلايا العين لكل إنسان.
وعندما يسقط ضوء شديد على العين، فإن بؤبؤ العين يضيق كي يحدد كمية الضوء المناسبة للسقوط على الأجزاء الداخلية للعين، تماما مثلما نفعل بآلة التصوير( الكاميرا)، عند أخذ صورة تحت الضوء الشديد، لكن ذلك لا ينطبق على القرنية التي لا يحميها من أشعة الشمس إلا إغلاق الجفون أو تضييقها، مثلما يفعل رجال الإسكيمو لتفادي الأشعة فوق البنفسجية المنعكسة من سطح الجليد عند سقوطها على العين وعلى أجزائها الداخلية.
الفيض الضوئي النسبي
إذا اعتبرنا الفيض الضوئي الساقط على أجزاء العين هو حاصل ضرب كمية الضوء الساقطة عموديا مضروبا في مساحة بؤبؤ العين، ورمزنا بالرمز (ف) للنسبة بين فيض الضوء الساقط على العين باستخدام النظارة، والفيض بدون استخدام النظارة، فإننا نجد أن النظارة تكون أداة جيدة لحماية العين إذا كانت هذه النسبة(ف) أقل من واحد صحيح، أما إذا كانت النسبة أكبر من واحد صحيح، فإن النظارة في هذه الحالة تكون ضارة للعين.
في النظارات المثالية تكون هذه النسبة (ف) تساوي صفرا في المناطق فوق البنفسجية وتحت الحمراء لضوء الشمس. لكن ذلك لا يحدث حتى لأجود أنواع النظارات الشمسية.
حماية العين
عندما تظهر الشمس ساطعة وقت الظهيرة، والسماء صافية تماما من الغيوم والسحب، تكون شدة إضاءة الشمس كبيرة في المناطق الحارة أو على شواطئ البحار أو فوق الأسطح العاكسة لأشعة الشمس أو في مناطق باردة مغطاة بالثلوج، ويلزمنا نظام وقائي كي نقلل من شدة أشعة الشمس الساقطة على أعينينا.
فإذا استخدمنا نظارات شمسية لفترة طويلة فإنها تقلل كمية الموجات المرئية أكثر من تقليلها للموجات فوق البنفسجية وتحت الحمراء، وهذا بالتالي يؤذي العين ويسبب لها ضررا لسببين:
أولا: تزايد فتحة بؤبؤ العين كي يزيد من كمية الضوء المرئي المناسب للرؤية على الشبكية.
ثانيا: يتبع ذلك مع زيادة زمن التعرض أن تكون جرعة الموجات فوق البنفسجية وتحت الحمراء على أجزاء العين كبيرة واكثر من 20% من الضوء الساقط على أجزائها.
إذن نحن أمام خيارين، وهما النظر إلى الشمس من خلال نظارة شمسية تحجب كثيرا من الضوء المرئي، وقليلا من الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء، أو أن ننظر إلى ما حولنا دون استخدام النظارة الشمسية حتى ولو كان الضوء شديدا.
في الحالتين فإن الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء سوف تسبب ضررا للعين، لكن في الحالة الثانية يكون الضرر أقل لأن العين تكيف نفسها كي تحدد كمية الضوء الساقطة على أجزائها الداخلية، فمثلا تضيق الجفون، ويضيق بؤبؤ العين، كذلك يمكننا الاستدارة عن المناطق المشمسة إلى مناطق الظل. لهذا فإننا ننصح بما يلي:
1- عدم الثقة في أن النظارات الشمسية تحمي العين تماما من أشعة الشمس، ولهذا يجب تقليل استخدامها بقدر الإمكان وخاصة إذا كان ضوء الشمس ليس شديدا. 2- عدم الاهتمام بالمظهر الخارجي والألوان والطراز والسعر للنظارة الشمسية قبل الاهتمام بمقدار نفاذيتها لطيف الشمس والحفاظ على نسبة نفاذية 80% أو أكثر للمنطقة المرئية بالنسبة لباقي طيف الشمس الواقع على العين. 3- اختيار نسبة الفيض الضوئي النسبي للنظارات الشمسية إن أمكن وخاصة في المناطق فوق البنفسجية، واختيار النظارة التي لها نسبة فيض أقل من واحد صحيح. 4- إذا كان وضع الشمس بزاوية قدرها ستون درجة أو أكثر عن وضع التعامد في الظهيرة، فإنه ينصح بعدم استخدام النظارات الشمسية وذلك لتقليل الأضرار الناشئة من الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية على أجزاء العين