طبخ السمك عند الإيطالين ثقافة شعبية بسبب عوامل تاريخية وجغرافية

المواطن العادي يعرف أكثر من 30 نوعا منه ويأكله 3 مرات أسبوعيا
طبخ السمك عند الإيطالين ثقافة شعبية بسبب عوامل تاريخية وجغرافية

طبخ السمك عند الإيطالين ثقافة شعبية بسبب عوامل تاريخية وجغرافية 0903.mis.p26.n1

محل لبيع السمك في ميلانو

ميلانو: عبدالمجيد السباوي
يتميز الإيطاليون عن غيرهم من الأوروبيين بثقافة الطبخ، خصوصا تلك المتعلقة بعالم الأسماك والصناعات الغذائية المرتبطة به، حيث مكنهم هذا الأمر من إبداع أعداد كبيرة من الأطباق اتخذت بعدا عالميا، وتساهم عوامل تاريخية وثقافية وجغرافية طبيعية في تميز الطبخ الإيطالي المتعلق بالسمك عن غيره من الدول، إذ إن إحاطة شبه الجزيرة الإيطالية وجزيرتي صقلية وسردينيا بمياه البحر الأبيض المتوسط جعلت حتى المدن الداخلية مثل ميلانو، وتورينو، وبلونيا، وروما تنتشر فيها ثقافة إعداد وأكل السمك ومعرفة أنواعه وبعض خصوصياته.
وتستفيد إيطاليا بشكل كبير من هذا المعطى لتنشيط اقتصادها وسياحتها وتلميع صورتها خارجيا كأفضل بلد في العالم يبدع في الصناعات الغذائية السمكية، حيث إن غالبية المدن الساحلية الإيطالية تعرف وجود معامل ومصانع صغيرة عائلية تهتم بهذه الصناعة الغذائية.
وتعيش نسبة كبيرة من سكان الجنوب الإيطالي على الفلاحة والصيد البحري وصناعات التعليب المتعلقة بهما، وتنشط لذلك شركات مختصة بهذه الصناعات بجهات مثل كلابريا، وكمبانا وبوليا، إلى جانب جزيرتي سردينيا وصقلية التي تشغل كلها عددا كبيرا من اليد العاملة الإيطالية والأجنبية.
وتقوم هذه المصانع والشركات الإيطالية بتعليب وحفظ الأسماك بجميع أنواعها معتمدة في ذلك على ثقافتها وأساليبها وتقنياتها في إعداد وحفظ هذه المادة الغذائية.
وقال مارتينو (67 سنة) وهو أحد تجار الأسماك والرخويات المحفوظة إن ثقافة هذه الجهات الإيطالية في طهو وإعداد هذه الأسماك هي السبب في الترحيب الكبير للأسواق الأوروبية بالمنتج الإيطالي المتعلق بذلك، مؤكدا أن هناك منافسة في هذا الإطار بين إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، وأضاف "المنافسة بيننا وبين البرتغاليين والإسبان تنحصر في تقنية إعداد وحفظ السمك، وأظن أننا تفوقنا نحن الإيطاليين في هذا المجال".
ويحب الإيطاليون في مجالسهم الحديث عن الطبخ وأطباقه والتفاصيل المتعلقة به، وعن أنواع السمك والرخويات التي تعرفها تقول لوريدانا (55 سنة) بإحدى مقاهي ميلانو "أظن أنني أعرف أكثر من ثلاثين نوعا من السمك، وسأبدأ بالسردين والاسقمري، التونة، القرش، الشفنين، السمك المفلطح، الشبوط، أبو شويكة، السلمون، البراكودا".
وأضافت" أعرف كذلك عددا لا بأس به من الرخويات وفواكه البحر، مثل الإخطبوط والجمبري، فكل هذه الأنواع التي ذكرت قمت بطهوها وإعدادها لأسرتي حسب الوصفات العريقة للمطبخ الإيطالي، فقد كنت أستعمل المكرونة كمادة أساسية في إعداد أطباق سمكية شهية".
وقالت صديقتها روزي (61 سنة) "لا أعتمد في طهو وإعداد السمك والرخويات على المكرونة والسباغيتي أو أي شيء آخر، بل أحب إعدادها بشكل طبيعي، معتمدة على الليمون والكحول، حيث أضيفهما إلى سمك السردين الصغير (أليتشي)، أو إلى الخضر والسلطة، ويتعلق ذلك بفواكه البحر والرخويات، أما بخصوص السمك الأبيض، فإنني أفضل طهوه بشكل طبيعي، دون إضافة أي شيء إليه، حتى لا يفقد مذاقه".
وتقول ميريلا (58 سنة) إنها إضافة إلى مهارتها في إعداد أطباق السمك، فإنها اعتادت هي وزوجها على التوجه مرتين في الشهر إلى مطعم شهير بميلانو، لتناول أطباق شهية للسمك بوصفات مطبخ جزيرة صقلية المعروفة بهذه الثقافة.
وأضافت "رغم أن تناول وجبات بمثل هذه المطاعم يعتبر مكلفا، إلا أنني أنا وزوجي تعودنا على ذلك، إلى أن أصبح جزءاً من حياتنا، فنحن نأكل السمك ثلاث مرات في الشهر، مرة بالبيت ومرتين بالمطعم، وأصبح ذلك ضروريا بالنسبة لنا، وأعتقد أن عددا كبيرا من الإيطاليين يقومون بذلك، لكون هذا الأمر هو ثقافة شعبية بالنسبة إليهم أكثر من كونه عادة".