Labza.Salem Admin
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
| موضوع: تعليم اللغة الأجنبية للأطفال الأحد 26 مارس - 11:28 | |
| إن إتقان اللغة الأجنبية لا يتم إلا على حساب اللغة الأم لغة العرب ، ومع اللغة تدخل المُثُل التي يريدها الأعداء ، فضلاً عن الإتقان الضائع على حساب لغة القرآن . ولا يقول عاقل أو مخلص : بتعليم اللغة الأجنبية للأطفال ونترك تعليمهم الفصحى لتشيع العامية وينتشر اللحن بين الناشئة . ( والوقت المناسب لدراسة اللغة الأجنبية يكون عادة في سن المراهقة أو قبلها بقليل ، و ذلك عندما يبدأ الناشئ يهتم بالعالم الخارجي ، وبالأقوام الذين يعيشون خارج وطنه ممن لهم به صلة في تاريخ أمته القديم أو الحديث ... ففرنسا وإنجلترا ومعظم دول أوربا لا تعلّم في المرحلة الأولى إلا لغة الطفل القومية ) [1] . ( وقد أدرك الإنكليز وأمثالهم أن التربية الإسلامية أكبر خطر على الاستعمار، ولكنهم لم يجابهوها بالعنف والإكراه ، وإنما عمدوا إلى إفسادها من الداخل باسم الإصلاح والتحديث . ومن النقط الأساسية التي أصبحت تحدد إطار التربية في البلاد المختلفة .. فرض لغة المستعمر ، واستعمال كل الوسائل التي تؤدي إلى ضياع لغة البلاد الأصلية .. ) . [2] وقد فطن ابن خلدون إلى مضار الجمع بين لغتين أو علمين فيقول : ( ومن المذاهب الجميلة والطرق الواجبة في التعليم : أن لا يخلط على المتعلم علمان معاً ، فإنه حينئذ قلَّ أن يظفر بواحد منها لما فيه من تقسيم البال وانصرافه عن كل واحد منهما إلى تفهم الآخر ، فيستغلقان معاً ويستصعبان ، ويعود منهما بالخيبة ) [3] . والذي نلمسه بوضوح أن الإنكليز وكل الدول المستعمرة يحاولون أن يجعلوا لغتهم لغة التعليم أينما حلُّوا ، وقد أورد الدكتور محمد أمين المصري - رحمه الله - من كلام أبي الحسن الندوي قوله : ( وإن الاهتمام الزائد باللغات الأجنبية ، وإعطاءها أكثر من حقها - يجعلها تنمو على حساب اللغة العربية . وإن تدريس عدة لغات في وقت ما قد أصبح موضع بحث عند خبراء التعليم خصوصاً في المراحل الابتدائية والمتوسطة ) . [4] فما بالك - أيها القارئ الكريم - بَمن هم دون تلك المراحل ؟ ممن لم يتقنوا النطق الجيد بلغتهم بعد ، ثم يُطلب منهم معرفة لغة أقوام آخرين ؟ ! . ومن الغرائب أن بدعة حديثة أصبحت تغزو المدارس الخاصة في ديار المسلمين ، إذ يخصص لمادة اللغة الإنجليزية مثلاً أربع حصص في الأسبوع وأين ؟ وفي أي مستوى ؟ في رياض الأطفال،وسن التمهيدي ، أي قبل السنة الأولى من المرحلة الابتدائية . وصار يعتبر ذلك معياراً لجودة هذه المدارس ، بسبب إقبال الأهالي ورغبتهم ثم المتاجرة بهذه الرغبات . إن تعلم لغة أخرى لضرورة ملحة ، أو أمر طارئ - لا غبار عليه ؛ فزيد بن ثابت - رضي الله عنه - كان في الحادية عشرة من عمره ، لما قدم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - المدينة المنورة ، وكان يكتب العربية ويروي عن نفسه فيقول : ( أُتِيَ بي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدمه المدينة ، فقالوا : يا رسول الله ، هذا غلام من بني النجار ، وقد قرأ مما أُنزل عليك سبع عشرة سورة ، فقرأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعجبه ذلك ، وقال: يا زيد تعلّم لي كتاب يهود ؛ فإني - والله - لا آمنهم على كتابي . قال : فتعلَّمته فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته ) [5] نلاحظ هنا : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلب من زيد أن يتعلم لغة اليهود بعد أن حذق اللغة العربية كتابة ، وحفظ من القرآن الكريم ما حفظ . أما أن يعلم أطفال المسلمين لغة أجنبية - وهم لا يتقنون لغتهم نطقاً أو كتابة - فهذا لا يقوله عاقل أو منصف . ونستفيد من هذا الحديث أيضاً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يختار في تربيته الشخص المناسب للمكان المناسب ،فعلينا ألا نبدد الطاقة الحية ، والكفاءة الممتازة ، ونفوّت بذلك مصلحة من مصالح المسلمين . وهاهو واقع المسلمين يشهد بأن الطاقات تهدر ، وفي أبناء هذه الأمة العباقرة والممتازون ، لأمر أو لآخر ، مما لا يُرضي الله ، ولا ينسجم مع مصلحة المسلمين . وكثيراً ما نضع الشخص غير المؤهل لمنصب لا يصلح له ، ولسان الحال يقول : ( ليس بالإمكان أحسن مما كان ) . ونحن لا نتحدث هنا عن أبناء المسلمين في ديار غيرهم ، فهؤلاء يعانون من الضغوط عليهم - هم وأهلوهم - الكثير ، والحاجة هنالك ماسة لوجود مؤسسات تربوية تصون لغة الجيل الثاني وعقيدته ، وقد اضطر هؤلاء غالباً أن يعيشوا في تلك الديار مكرهين ، أعانهم الله وسدد خطاهم نحو الخير . وأخيراً نختم هذه الفقرة بقول ابن تيمية - رحمه الله - : ( وأما مخاطبة أهل اصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه ، إذا اُحتِيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة .. وإنما كرهه الأئمة إذا لم يُحْتَجْ إليه ) . [6] |
|