بحث مفصل عن استخدام الدراما والمسرح لتحسين القراءة والكتابة الإبداعية
ترجمة بتصرف لمقال من ERIC Digest
ترجمة : عطية العمري
ERIC Identifier :ED477613
Publication Date : 2003-12-00
Author : Sun, Ping-Yun
Source : ERIC Clearinghouse on Reading English and Communication Bloomington IN.
Using Drama and Theatre To Promote Literacy Development :
Some Basic Classroom Applications
استخدام الدراما والمسرح لتحسين القراءة والكتابة
بعض التطبيقات الصفية الأساسية
مقدمة:
بالرغم من أن كثيراً من الباحثين قد أكدوا على أن التأثير الكبير للدراما والمسرح يمكن أن يستغل في تطوير الأطفال معرفياً ووجدانياً وفي توفير مصادر غزيرة للمعلمين, إلا أنه لا زالت توجد فجوة بين فهم قيمتها وبين التطبيق الفعلي لها (Furman 2000).
ويمكن تلخيص الأسباب التي تجعل المعلمين يترددون في بالاقتناع بأهمية توظيف الدراما والمسرح في الأنشطة الصفية فيما يلي:
1. في الدراسات والبحوث حول المصادر المسرحية لتطوير المنهاج, يُغمر المعلمون بمصطلحات مختلفة تستخدم في الدراما والمسرح مثل: الدراما الإبداعية, فن التمثيل الإبداعي, الدراما المطوَّرة, عملية الدراما, الدراما التربوية, الدراما الارتجالية, الدراما غير الرسمية (العامية), الدراما الصفية, الدراما في التعليم,.........إلخ.
2. توضع الأنشطة الدرامية على هامش المنهاج الرسمي, لذلك تبدو وكأنها غير ضرورية.
3. ولأن معظم برامج تربية المعلمين لا تقدم مصادر مرتبطة بالدراما والمسرح, لذلك فإن المعلمين لا يألفون الأنشطة الدرامية المتاحة (Furman 2000).
4. معظم الأنشطة الدرامية تمارَس بدرجة كبيرة من خلال اللعب , مما يجعل المعلمين متخوفين من أن تجعل الأطفال لاينظرون إلى عملية التعلم بجديَّة.
في ضوء هذه العوامل التي تعيق استخدام المعلمين للدراما والمسرح في التطبيقات الصفية, فإن هذه المقالة سوف تشرح "مزايا " الدراما والمسرح, مع التركيز على تأثيرها على تطوير قراءة التلاميذ وكتابتهم. كما تلقي هذه المقالة - بالإضافة إلى تقديم أعمال ألمعية (تدل على البراعة) من المصادر- فإنها ستلقي الضوء على بعض الاستراتيجيات التطبيقية السهلة من أجل توظيفها في غرفة الصف.
المصطلحات المربِكة:
من الناحية التاريخية, فإن مجال الدراما للأطفال كان مترافقاً مع التعليم بصورة أكبر من ارتباطه بالدراسات المسرحية. وبعيداً عن هذا المكان انبثقت النظريات بصورة عامة من التربية بصورة أكبر من انبثاقها من دراسات الفنون المسرحية والأداء المسرحي.
على أية حال, فإن المهنيين لم يكن باستطاعتهم الاتفاق على اسم محدد يحددوا به فنَّهم , ولذلك فإن كل المصطلحات الواردة أعلاه قد تم استخدامها. وهذه المصطلحات عادةً ما تعكس الطرق المختلفة التي مارسها هؤلاء الباحثون (Woodson,1999).
كذلك , فإن الدراما والمسرح التي تشير إلى العملية والإنتاج في التطبيق الصفي يجب أن تركز على الانتقال من الدراما التعلمية إلى عملية التعلم باستخدام الدراما وبالعكس .
في هذه المقالة, فإن الأنشطة التي تدمج الدراما والمسرح في طرق التعلم يتم الإشارة إليها بعبارة "الأنشطة الدرامية".
الحاجة للأنشطة الدرامية:
الأنشطة الدرامية ضرورية في التطوير المبكر للقراءة والكتابة ؛ لأن الأطفال يمكن أن يشاركوا في القراءة والكتابة باعتبارهما عملية تواصلية شاملة (كليَّة) ذات معنى (McNamee, Mclan,Cooper, & Kerwin 1985). إضافة إلى ذلك, فإن الباحثَين قد اكتشفا أن المتطلبات العقلية لفهم الدراما متشابهة بالنسبة لأولئك الأطفال في عملية القراءة.
على سبيل المثال, فإن معنى القراءة يتم استيعابه بصورة عامة عن طريق تعامل القارئ مع الكتاب المدرسي. تشير "عملية الدراما" إلى طريقة في التعليم تشرك الأطفال في المشاهد التخيلية والارتجالية والعفوية التي يتضح من خلالها المعنى عن طريق الارتباط والتعامل بين المعلم والطلاب(Schneider &Jackson, 2000). بالإضافة الى ذلك, فإن القراءة يمكن التعبير عنها بِـ "عملية لتفسير العالم" ، والتي تستخدم الدراما كوسيط تعلمي قوي ؛ لأنها تزود الأطفال بسياق يتعلق بخبرتهم الحياتية. أما في تطوير الكتابة فإن الأطفال الذين يستخدمون الدراما يبدون أكثر قدرةً على وضع خيارات خاصة باللغة وكذلك على المبادرة بآراء أو حلول مقترحة (McNaughton, 1997).
تسهيل الأنشطة الدرامية الفعالة:
يشعر الكثيرمن المعلمين بالتخوف من قيادة الطلاب أثناء ممارستهم للأنشطة الدرامية. وعلى أية حال, فإن أغلب الأنشطة الدرامية لا تتطلب من المعلمين أن يكونوا على خبرة مسرحية مباشرة (Beehner, 1990). إن طبيعة الحبكة في الدراما والمسرح تجعلها تتصف بالمرونة والسلاسة والاستمرارية. ليس هناك أنماط أو نماذج خاصة لأفضل الأنشطة الدرامية. وعند استخدام الدراما والمسرح كطرق تدريس, على المعلمين أن ينظروا إليهما باعتبارهما مفهوماً وفلسفة أكثر من كونهما نماذج منهجية.
أمثلة على الأنشطة الدرامية التي يمكن تطبيقها :
1. استخدام اعادة تمثيل قصة درامية لتنمية كفاءة الأطفال في سرد القصة:
عند إعادة تمثيل القصة الدرامية , يقوم الأطفال بالتمثيل أو يستخدمون الدمى لعرض القصص التي يعيدون صياغتها بشكل غير رسمي. شرحت مارتينيز(martinez 1993) في بحثها بالتفصيل, كيف يمكن للمعلمين أن يرعوا إحساس الأطفال ببناء القصة عن طريق تشجيعهم على إعادة تمثيل القصة الدرامية, مما يرقِّي كفاءتهم في سرد القصص .
وبالنسبة لأطفال ما قبل المدرسة حتى الصف الثاني الأساسي , فقد أوضح الباحثون أن الأطفال الذين يعيدون تمثيل القصص يكونون أفضل في الربط بين الأحداث ودمجها عند سرد القصة أكثر من الأطفال الذين يكونون ضمن مجموعات قراءة القصص (Saltz & Jhonson, 1974). إن إعادة تمثيل القصة يمكن أن يزيد حب الاستطلاع لدى الأطفال حول القراءة والكتابة قبل الاعتماد على البدء بالقراءة (McMasber, 1998). أكثر من ذلك فإن مارتينيز قد وصفت كيف أن المعلمات في صفوف الحضانة لديها ساعدن على العفوية (التلقائية) والانخراط والرغبة لدى الأطفال في أنشطة إعادة تمثيل القصة الدرامية. استخدمت المعلمات بصورة دورية أنشطة تكرار القراءة والتنبؤ بأحداث القصص, والاستجابة القوية, كما أن مارتينيز تعاونت مع طلاب الصف الثاني حتى يأتوا إلى فصلها ويقوموا بإعادة تمثيل القصة الدرامية لأطفال الحضانة لديها. كذلك فإنها صممت غرفة كمكتبة مريحة جداً, وقد كانت هذه المكتبة أكثر المناطق التي يتردد عليها الأطفال حتى يقوموا بإعادة تمثيل القصص بصفة عفوية.
2. أنشطة الدراما الخاصة بتطوير المفردات:
تلعب مهارة امتلاك المفردات دوراً حاسماُ في تطوير القراءة والكتابة لدى الأطفال. يوضح (Alber &Foil 2003) كيف يتم عرض مفردات جديدة بفاعلية مع تسهيل الأنشطة التعلُّمية باستخدام التقنيات الدرامية. وعند تقديم مفردات جديدة يوصَى بـِ "خلق حَدَث لا يُنسى". يصف المؤلفان عدة سيناريوهات في مقالتهما. على سبيل المثال, عندما يستعد الأطفال لدخول الصف يمكن أن يقول المعلمون: "حقاً إنه الوقت المناسب لأداء بعض الأعمال. خذ قطَّتك, دعِّم مقعدك, ابدأ في الكتابة عن الأشجار على السطح". يمكن أن يتجاوب الطلاب مع "لماذا؟" أو " ذلك لا معنى له ". يمكن أن يستمر المعلمون في هذه "اللعبة" حتى يعير كل واحد انتباهه وينظر إليها كفزورة. بعد ذلك يتجاوب المعلمون مع "أنا آسف , أنا غير قادرعلى التواصل (مشتت incoheren) . لذلك ماذا تعتقد أن تعني كلمة incoherent؟".
ولكي نعزز الفهم ونوسعه, يمكن للمعلمين أن يقرؤوا قصصاً تحتوي على مفردات جديدة, يمكنهم أيضاُ أن يطلبوا من الطلاب أن يمثلوا العمل الموازي , أو يطلبوا منهم أن يرسموا كلمة على بطاقة بعد استخراجها من صندوق المفردات الجديدة, ويمثلوا تعريف الكلمة لأطفال آخرين (توضيح معنى الكلمة بالتمثيل الصامت ) لكي يخمنوا ما هي هذه الكلمة. بالنسبة للأطفال الأكبر سناً, يمكن أن يطلب المعلمون منهم عمل مسرحية هزلية قصيرة (اسكتش) يشرح معنى مجموعة من المفردات, يجب أن يساعد المعلمون طلابهم على فهم المفردات في سياق القراءة والكتابة عن طريق تزويدهم بقطع قرائية ذات علاقة. يمكن للمعلمين أيضاً أن يضعوا قائمة بالمفردات الجديدة ويطلبوا من الطلاب أن يستخدموا هذه المفردات الجديدة في كتابة قصص قصيرة .
3. دمج عملية الدراما في تعليم الكتابة:
كيف تزيد الدراما من تطوير تعلُّم القراءة والكتابة لدى الأطفال ؟ وكيف توضح كتابة الأطفال فهمهم لكتب القراءة والكتابة ؟ قام كل من كرومبلر وشنيدر (Crumpler & Schneider 2002) بدراسة تحليلية للكتابة في الصفوف الأول والثاني والثالث ليجيبوا عن هذين السؤالين. في الصف الأول قرأ المعلم وطلابه كتاب "أين توجد الأشياء المتوحشة" (Sendak, 1963). بعد ذلك وضع المعلم طلابه في دور "شيء متوحش", وبذلك أتيحت لهم الفرصة كي يشاهدوا القصة من منظور الشخصيات الموجودة في الكتاب. بعد ذلك سألهم المعلم عدة أسئلة (في هذه القصة كيف نجوا في جزيرتهم), هذه الأسئلة ساعدت الأطفال في أن يشرحوا شخصياتهم. في عملية الدراما طوَّر بعض الأطفال شخصية جديدة هي شخصية ماكسينا (Maxina) التي كانت الأخت الكبرى لماكس (Max). في اليوم التالي أخذ المعلم هذه الشخصية الإضافية ووزع الأدوار على الأولاد على أنهم ماكس, والبنات على أنهن ماكسينا لكي يسافروا في رحلة العودة إلى الجزيرة. طلب المعلم من الأطفال أن يحددوا ما الذي يمكن أن نحتاجه في رحلة العودة هذه إلى الجزيرة. بعد أن "وصلوا" إلى الجزيرة طلب المعلم منهم تحديد ما شاهدوه هناك. بعد إنهاء هذا النشاط قضى المعلم والطلاب عشر دقائق في مناقشة ما كانوا يفكرون فيه. بعد ذلك طلب المعلم من الطلاب أن يجيبوا عن السؤال التالي: فكِّر في الرحلة إلى الجزيرة , وارسم واكتب ما تحبه وتفكر فيه . في كتابة الأطفال يبدو هذا النشاط الدرامي أنه يزيد من قدرة الأطفال على تحديد الحدود الفاصلة بين القارئ / والكاتب وبين الشخصية / الممثل, وإبداع نص متطور (معقد) وتخيُّل العلاقات كتطوير للكتَّاب.
في الصفين الثاني والثالث درس المعلم والطلاب موضوع المهاجرين. قضوا عدة أيام في القراءة ومناقشة قصص المهاجرين من أدب الأطفال, وبدأ الطلاب في إبداع مشهد أو مشاهد ثابتة (تمثيل صامت) من خبرات المهاجرين. بعد ذلك كان على الطلاب أن يكتبوا عن دور شخصياتهم في المشهد حول ما يفكرون فيه. بالإضافة الى ذلك عمل الطلاب وثائق مكتوية خاصة بالمهاجرين مثل جوازات السفر وألبومات الصور. قرأوا الوثائق الخيالية وغير الخيالية , وعملوا برنامجاً إذاعياً عن حياة المهاجرين. نتيجة لذلك فإن الطلاب لم يتعلموا عن خبرات المهاجرين فقط , بل تعلموا أن يكتبوا أدوارًا من وجهات نظر الآخرين, وأن يكتبوا لأغراض مختلفة, ويكتبوا في نواحٍ أدبية مختلفة.
من خلال المنهاج السابق يطوِّر الأطفال فهماً أقوى عن الدور والعلاقة التي يمكن أن تتضمنها الكتابة في حياتهم(Schneider & Jackson 2000).
4. ميزة الأنشطة الدرامية من خلال اللعب :
على المعلمين أن يكونوا واعين بأن اللعب والتشويق والتسلية هي مظهر واحد فقط من مظاهر الدراما والمسرح, حيث تزود الأطفال بدافعية قوية للتعلم والاكتشاف. وبناء على اقتراح ماك ماستر (McMaster, 1998), فإن الدراما يمكن أن تكون طريقة في التعلم لا تقدر بثمن, حيث إنها تساعد في كل مناحي تطوير القراءة والكتابة . ومن خلال تطوير الطلاب في مجالات تفسيرالمعرفة , والطلاقة , والمفردات, والنحو والصرف, والمحادثة, والتحول الإدراكي لاستيعاب الكتب المدرسية الموسَّعة, فإن الدراما والمسرح تربي الأطفال تربية متكاملة , وتوفر للأطفال الكثير من الحرية, وهامشاً من المرونة من خلاله ينمو الأطفال ويتعلمون.