العين . كل ماتريد معرفته عن العين . معلومات مهمة عن العين.العين.العائن.الرقية الشرعية
كل ماتريد أن تعرفه عن العين تحت سقف واحد
لقد جمعت لكم هذه المادة من عدة روابط لتعم الفائدة للجميع وليطلع عليها كل من له استفسار عن العين اعاذنا الله واياكم من العائنين والحاسدين.
ولكثرة ما نسال عن هذا الامر جمعت المادة لتكون شاملة مبينة مع الادلة الشرعية من الكتاب والسنة .ومن الحياة العملية .ومن خبرات الغير .
ارجو من الله ان تعم الفائدة للجميع .
احوكم المحب
عمران الشرباتي
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة :
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد :
أولاً :
سبب طرق هذا الموضوع هو كثرة ما نشاهده من الأمراض النفسية و العضوية مثل امراض السرطان والفشل الكلوي والشلل والكبد بانواه عافانا الله و إياكم بشكل كبير هذا الزمان ، و ما ذاك إلا لقلة ذكر الله من قبل الناس و قلة الحفاظ على الأوراد الشرعية و لكثرة الحاسدين نعوذ بالله من ذلك كله .
ثانياً :
ليس المقصود من ذكر هذا الكلام كله هو إشاعة التوهم بين الناس بأن فلاناً معيون أو ممسوس أو مسحور بل المقصود إشاعة فقه الرقية الشرعية و كيفية التعامل مع العين .
ثالثاً :
الناس في قضية العين بين طرفي نقيض :
الطرف الأول :
من يبالغ في العين بشكل غير طبيعي بحيث لو عطس عطسة قال هذه عين أو كح كحة قال هذه عين و نحو ذلك .
الطرف الثاني :
من يهمش دور العين بشكل كبير جداً ، و غالبهم من الأطباء النفسيين الذين يحسون أن في نشر قضية العين تخفيضاً لسوقهم و ازدهاراً لسوق الرقاة الشرعيين ، و ما علم أولئك أن الراقي الشرعي الفاهم الواعي لا يمانع أبداً في أن يذهب مريضه إلى الطبيب النفسي .
و الطرف الرابح في ذلك :
هو من اتبع هدي سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم الذي قال : ( العين حق و لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ) و الذي قال : ( إن من العين ماتدخل الرجل القبر و تدخل الجمل القدر ) أو كما قال ، فهم يثبتون العين و لكن بوجود دلائلها و أعراضها لا بمجرد التوهم و التخرص .
رابعاً :
ليس في الكلام عن قضية العين و كثرتها مبالغة ، كيف و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أكثر ما يموت من أمتي بعد قضاء الله و قدره بالعين ) فانظر إلى الحديث بتأمل و تجرد تجد أنه جعل العين في كفة و سائر الأمراض و الأدواء في كفة أخرى فهل كان رسول الله صلى الله عليه و سلم مبالغاً في ذلك ؟ كلا و حاشا بل هو وحي يوحى .
خامساً :
ما يقع من بعض الرقاة من أخطاء ليس مبرراً للقدح في الرقية الشرعية ذاتها بل نحن نأخذ الصواب و ندع الخطأ .
سادساً :
على المرء أن يحرص على تعلم الرقية الشرعية ليرقي نفسه و أهله أو يذهب إلى من لا يأخذ على رقيته أجراً أو من يأخذ أجراً بدون شرط كأضعف الإيمان .
و أما الرقاة الذين يأخذون الأجور الباهظة على رقيتهم ( ولا نقول بتحريم ذلك ) فأرى أن ذلك أبعد عن الإخلاص بل يصير هم الراقي كم يأخذ من النقود و ربما سخط و لم يحسن الرقية إذا لم يعط نقوداً ، و كما سمعنا من المبالغات في أسعار الزيت و الماء و العسل ؛ إذْ وصل إلى مئات الريالات !!
بل صارت هناك رقية ملكية و رقية عادية ! و رقية مخففة و رقية مثقلة ! و هلم جرا من الاحتيال على أصحاب الحاجات و المرضى !
سابعاً :
ينبغي العلم أن تشخيص الراقي للمرض غالباً ما يكون ظنياً ، و قد يكون الظن غالباً و قد يكون الظن مرجوحاً ، شأنهم في ذلك شأن الأطباء الذين ربما اختلفوا في أمراض عضوية و ليست في أمور روحية داخلية قابلة للأخذ و العطاء .
و غالب ذلك هو معرفة الرقاة عن طريق التجربة و كثرة مرور المرضى عليهم حيث عرفوا أن هذه أعراض العين و تلك أعراض السحر و أخرى للمس .
و التجربة لا شيء فيها ، بل هي طريق كل العلوم ، فكيف إذا تواترت أعراض معينة عند جميع الرقاة على أنها للعين مثلاً ؟ إن هذا يعطي العلم القطعي بهذه المسألة .
و لا يعني وجود بعض الأعراض أن الشخص مصاب بشيء من ذلك بل قد يكون الشخص مصاباً بمرض عضوي أو نفسي لا دخل له بالعين أو السحر .
( صيد الفوائد ) .
وسوف نتحدث الآن عن العين من جميع جوانبها ، تعريفها ، الأدلة عليها ، أعراضها ، أنواعها ، علاجها ... الخ .
تعريف الحسد :
يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد اصل الحسد : هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها أ.هـ.
ويذكر العلماء أن مراتب الحسد أربعة وهي :
الاولى : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه ولو لم تنتقل للحاسد.
الثانية : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها .
الثالثة : تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما ، فإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه.
الرابعة : حسد الغبطة ويسمى حسداً مجازاً وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه . روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمل .
تعريف العين:
يقول ابن القيم في الزاد " هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطيه تارة " .
ويقول في كتابه بدائع الفوائد : العائن والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء ، فيشتركان في أن كل واحد منها تتكيف نفسه ، وتتوجه نحو من يريد أذاه.
فالعائن : تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته .
والحاسد : يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضا .
ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده ، من جماد أو حيوان أو زرع أو مال وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه أ.هـ.
ويقول في كتابه الزاد الجزء الثالث : ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون العائن أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ، وكثير من العائنين يؤثرون في المعين بالوصف من غير رؤية أ.هـ.
* أدلة الكتاب :
أ - قال تعالى في محكم كتابه : ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِىَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ) ( البقرة – 109 ) 0
ب – قال تعالى في محكم كتابه : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءاتاهمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ ءاتَيْنَا ءالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وءاتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ) ( النساء – الآية 54 ) 0
ج – قال تعالى في محكم كتابه : ( إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الأخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ ) ( المائدة – الآية 27 ) 0
د - قال تعالى في محكم كتابه : ( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ * قَالَ يَابُنَىَّ لا تَقْصُصْ رء يَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) ( يوسف – الآية 4 ، 5 ) 0
هـ- قال تعالى في محكم كتابه : ( وَقَالَ يَابَنِىَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ 000 الآية ) ( تفسير القرآن العظيم – الآية 67 ) 0
و - قال تعالى في محكم كتابه : ( وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالا وَوَلَدًا ) ( الكهف – الآية 39 ) 0
ز – قال تعالى في محكم كتابه : ( وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ 00 الآية ) ( القلم – الآية 51 ) 0
ح - قال تعالى في محكم كتابه : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) ( سورة الفلق ) 0
* أدلة السنة المطهرة :-1)
- عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف – رضي الله عنه – قال : ( مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل ، فقال : لم أر كاليوم ، ولا جلد مخبأة 0 فما لبث أن لبط به 0 فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : أدرك سهلا صريعا قال : ( من تتهمون به ؟ ) قالوا عامر ابن ربيعة 0 قال : ( علام يقتل أحدكم أخاه ؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه ، فليدع له بالبركة ) ثم دعا بماء 0 فأمر عامرا أن يتوضأ 0 فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين 0 وركبتيه وداخله ازاره0 وأمره أن يصب عليه ) ( صحيح الجامع – 556 ) 0
2)- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العين حق ) ( متفق عليه ) 0
3)- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( استعيذوا بالله من العين 0 فإن العين حق ) ( صحيح الجامع - 938 ) 0
4)- عن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين ) ( السلسلة الصحيحة – 774 ) 0
5)- عن جابر وأبي ذر - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العين تدخل الرجل القبر ، وتدخل الجمل القدر ) ( السلسلة الصحيحة - 1249 ) 0
6)- عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن العين لتولع بالرجل بإذن الله تعالى ، حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه ) ( السلسلة الصحيحة – 889 ) 0
7)- عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (العين حق ، تستنزل الحالق ) ( السلسلة الصحيحة - 1252 ) 0
- عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال : رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية ، وقال لأسماء بنت عميس : ( مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا ، ولكن العين تسرع إليهم ، قال : " ارقيهم " قالت : فعرضت عليه فقال : " ارقيهم " ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – برقم 2198 ) 0
9)- عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (العين حق ، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا ) ( السلسلة الصحيحة – 1252 ) 0
10)- عن أم سلمة - رضي الله عنها - زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى سفعة في وجه جارية في بيت أم سلمة فقال : ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) ( متفق عليه ) 0
11)- عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أمرها أن تسترقي من العين ) ( متفق عليه ) 0
12)- عن عبدالله بن عامر قال : انطلق عامر بن ربيعة وسهل بن حنيف يريدان الغسل ، قال : فانطلقا يلتمسان الخَمَر ، قال : فوضع عامر جبة كانت عليه من صوف ، فنظرت إليه – أي إلى سهل – فأصبته بعيني فنزل الماء يغتسل ، قال : فسمعت له في الماء قرقعة فأتيته فناديته ثلاثاً فلم يجبني فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، قال : فجاء يمشي فخاض الماء حتى كأنّي أنظر إلى بياض ساقيه ، قال : فضرب صدره بيده ثم قال : ( اللّهمّ أذهب عنه حرّها وبردها ووصبها - أي التعب - ) قال : فقام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو ماله ما يعجبه ، فليبركه ، فإن العين حق ) ( أخرجه الحاكم في المستدرك - 3 / 411 ، 412 - 4 / 215 - وقال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 556 ) 0
13)- عن صهيب بن سنان - رضي الله عنه – : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أيام حنين يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء لم نكن نراه يفعله ، فقلنا : يا رسول الله ، إنا نراك تفعل شيئا لم تكن تفعله ، فما هذا الذي تحرك شفتيك ؟ قال : إن نبيا فيمن كان قبلكم أعجبته كثرة أمته ، فقال : لن يروم هؤلاء شيء فأوحى الله إليه أن خير أمتك بين إحدى ثلاث : إما أن نسلط عليهم عدوا من غيرهم فيستبيحهم ، أو الجوع ، وإما أن أرسل عليهم الموت 0 فشاورهم فقالوا ، أما العدو فلا طاقة لنا بهم ، وأما الجوع فلا صبر لنا عليه ، ولكن الموت 0 فأرسل عليهم الموت ، فمات منهم في ثلاثة أيام سبعون ألفا 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فأنا أقول الآن حيث رأى كثرتهم : اللهم بك أحاول ، وبك أصاول ، وبك أقاتل ) ( قال ابن علان في " شرح الأذكار " : أخرجه في أماليه في " باب ما يقول بعد الصلاة " – قال الحافظ : حديث صحيح أخرجه أحمد - 4 / 332 - 333 ، وأخرج النسائي طرفا منه ، وأخرج الترمذي نحو القصة بسنده على شرط مسلم ) 0
أنواع العين :
قبل الحديث عن أنواع العين وتفصيلاتها ، لا بد من استدراك الأمور الهامة التالية :-
1 )- إن الخوض في قضايا التشخيص المتعلقة بالعين لا يعتبر خوضا في مسائل غيبية ، فللعين أعراض وآثـار تدل على حدوثها ، وقد مر آنفا بعض الأحاديث الدالة على هذا المفهوم ، كما ثبت من حديث أم سلمة – رضي الله عنها – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال : ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) ( متفق عليه ) ، وقول أسماء - رضي الله عنها - لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد جعفر - رضي الله عنهم - : ( إن العين تسرع إليهم ) كما في الحديث الثابت آنف الذكر ، وفيه دلالة أكيدة على رؤية بعض الأعراض التي يمكن على ضوئها تحديد الإصابة بالعين ، وقد تكلم أهل العلم في ذلك فأوضحوا الأثر وبينوه كما مر معنا آنفا 0
2)- إن العلاقة مطردة بين الإصابة بالعين وكافة الأمراض الأخرى التي تتعلق بالنفس البشرية كالصرع والسحر ونحوه ، وقد تكون الأعراض مشتركة بين كافة تلك الأمراض بسبب تسلط الأرواح الخبيثة على الإنسان ، وعلى ذلك فلا بد للمعالج من توخي الدقة والتريث وعدم الاستعجال في الحكم على الحالة ، ودراستها دراسة علمية موضوعية بكافة جوانبها لتحديد الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله سبحانه وتعالى
3)- إن المصلحة الشرعية تحتم على المعالج التأكد أولا من سلامة الناحية العضوية الخاصة بالحالة المرضية ، وذلك بتوجيه النصح والإرشاد للمريض بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة للتثبت من خلو الحالة من الأمراض العضوية 0
4)- لا بد من اهتمام المعالج اهتماما شديدا بقضية هامة وخطيرة تتعلق بظهور بوادر الإصابة بالعين لبعض الحالات المرضية مع أن الحالة تعاني أصلا من مرض عضوي معين ، وهذه الأمراض قد تكون ناتجة عن أسباب عضوية بحتة وقد تكون نتيجة التعرض للإصابة بالعين والحسد ، ومن هنا كان لا بد للمعالج من الاهتمام بناحية الرقية الشرعية فقط دون التدخل في القضايا الطبية لأن هذا الأمر يدخل ضمن نطاق الأمور الغيبية التي تخفى على المعالج ، فلا نستطيع القول أن كل حالة مرضية تعاني من مرض السرطان كانت بسبب التعرض للإصابة بالعين والحسد ، وهذا يحتم على المعالج الاهتمام بهذا الجانب فقط وتقديم النصح والإرشاد للمريض وذويه للاستمرار في اتخاذ الأسباب الحسية المباحة الداعية للشفاء بإذن الله تعالى من خلال مراجعة المصحات والمستشفيات والأطباء المتخصصين 0
وقد تظهر آثار العين على الحالة المرضية أثناء الرقية الشرعية ويبدأ المريض في الشعور بالتحسن ، مع أن المريض أصلا قام باتخاذ كافة الوسائل الطبية المتاحة ولم تفلح تلك الوسائل في تخفيف المعاناة الجسدية والنفسية له ، ومع ذلك فإن الواجب الشرعي يحتم على المعالج تقديم النصح والإرشاد للمتابعة الطبية وبذلك نجمع بين اتخاذ الأسباب الشرعية والأسباب الحسية المباحة للشفاء ، وفي اتباع كل ذلك خير للمريض بإذن الله سبحانه وتعالى 0
5)- لا بد من التنبيه تحت هذا العنوان لأمر هام جدا ، وهو عدم التسرع في الحكم على الحالة المرضية ، خاصة من قبل العامة وأهل وأقرباء المريض ، دون استشارة أهل العلم والدراية والخبرة والممارسة ، وقد مر آنفا أن الأعراض المتعلقة بالحالة المرضية ، قد تكون بسبب أمراض عضوية أو قد تكون ناتجة عن صرع الأرواح الخبيثة بناء على أفعال سحرية خبيثة ، أو صرع عشق ونحوه ، وهنا تكمن أهمية التريث والتأني قبل اصدار التشخيص والحكم على الحالة ، وسؤال من هم أهل لذلك والأخذ بنصحهم وتوجيهاتهم وإرشاداتهم 0
وفيما يلي أذكر أنواع العين على النحو التالي :
أ - من حيث جهة العائن :-
1- العين الإنسية 0
2- العين الجنية 0
قال ابن القيم - رحمه الله - ( والعين عينان : عين إنسية ، وعين جنية ، فقد صح عن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة ، فقال : ( استرقوا لها ، فإن بها النظرة ) ( متفق عليه ) 0 ( الطب النبوي – 164 ) 0
ب - من حيث التأثير والفعل :1)-
1) العين القاتلة ( السمية أو النارية ) : ويؤدي هذا النوع من أنواع العين لقتل المعين بسبب التأثير الشديد الحاصل نتيجة العين السمية ، أو إحداث أمر لا يمكن تداركه أو علاجه ، بحيث تؤدي إلى حدوث تلف شديد في مناطق حساسة في الجسد ويكون نتيجتها الحتمية الوفاة ، وقد ثبت من حديث جابر وأبي ذر - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر ) ( السلسلة الصحيحة - 1249 ) 0
2)- العين المعطلة ( المتلفة ) : وهذا النوع من أنواع العين يؤدي إلى إتلاف العضو وتعطيله عن العمل بشكل دائم ، ويقسم هذا النوع إلى قسمين :
أ )- العين المعطلة نتيجة التعرض لأسباب حسية : ويؤدي هذا النوع إلى تعطيل أبدي للعضو نتيجة التعرض لسبب حسي معين ، ومثال ذلك أن يصاب الإنسان بالعمى نتيجة تعرضه لحادث معين بسبب الإصابة بالعين ، وهذا النوع من أنواع العين لا تفلح معه الرقية الشرعية بسبب الآثار التي تتركها العين والتي لا يمكن تدارك نتائجها أو علاجها 0
ب )- العين المعطلة دون التعرض لأية أسباب حسية معينة : وهذا النوع يتأتى فجأة دون أن يتعرض الإنسان لأية أسباب حسية محددة ، ومثال ذلك الإصابة بالعمى أو الشلل وعند إجراء الفحوصات الطبية اللازمة لا تتبين أية أسباب عضوية معينة لذلك ، وهذا النوع تنفعه الرقية الشرعية بإذن الله تعالى إن لم تصل درجة العين وقوتها إلى حد العين السمية والله تعالى أعلم 0
3)- العين المؤثرة بتأثير مرضي : وهذا النوع من أنواع العين يؤدي للإصابة بالأمراض المتنوعة ، وقد تظهر بعض أعراض تلك العين على المريض ، فقد ثبت من حديث جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – قال (رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية، وقال لأسماء بنت عميس : ( مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا، ولكن العين تسرع إليهم ، قال( ارقيهم ) قالت : فعرضت عليه فقال : ( ارقيهم ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – برقم 2198 ) ، وقد ثبت من حديث أم سلمة – رضي الله عنها – زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجارية في بيت أم سلمة رأى بوجهها سفعة : ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) ( متفق عليه ) ،
وهذا يؤكد أن آثار العين قد تظهر على المعين وتسبب له الأمراض والأسقام 0
وينقسم هذا النوع من أنواع العين إلى قسمين :
أ - العين المؤثرة بالأمراض العضوية المعروفة : وهذا النوع من أنواع العين يؤدي إلى أمراض عضوية تحدد وتشخص من قبل الأطباء والمتخصصين وتكون معروفة لديهم كمرض السرطان والسل ونحو ذلك من أمراض متنوعة أخرى ، ويكون الأصل في هذه الأمراض نتيجة التعرض للإصابة بالعين والحسد ، ويقسم هذا النوع إلى الأنواع التالية :
1)- العين المؤثرة بالآلام والأسقام :-أ- العين المؤثرة بألم عضوي ذا تأثير كلي : وفيه يتعرض المعين لأمراض وآلام تصيب جميع أنحاء الجسد ، ويشعر من خلال ذلك بالتعب والإرهاق والخمول وعدم القدرة على القيام بالأعمال الدورية المعتادة 0
ب- العين المؤثرة بألم عضوي ذا تأثيرجزئي : وفيه يتعرض المعين لمرض يتركز في جهة محددة من الجسد ، وله أعراض معينة ، وعند قيام المريض بالفحص الطبي يتبين وجود أسباب طبية نتيجة لتلك المعاناة 0
ج- العين المؤثرة بألم عضوي متنقل : وفيه يتعرض المعين لأمراض وآلام متنقلة في جميع أنحاء الجسد ، فتارة يشعر بألم في الرأس وتارة أخرى يشعر بألم في المفاصل وهكذا 0
2)- العين المؤثرة بإحداث تشنجات عصبية : وتنقسم إلى قسمين :
أ- العين المؤثرة بإحداث تشنجات عصبية قصيرة الأمد : وفيه يتعرض المعين من فترة لأخرى لتشنجات عصبية دون أن تحدد بزمان أو مكان ، وتستمر تلك التشنجات لفترات قصيرة الأمد نسبيا ، وقد ترتبط تلك التشنجات أحيانا مع المؤثرات الاجتماعية للمريض كالغضب والفرح ونحوه ، وتعتمد تلك التشنجات في قوتها على قوة العين والحسد 0
ب- العين المؤثرة بإحداث تشنجات عصبية طويلة الأمد : وفيه يتعرض المعين من فترة لأخرى لتشنجات عصبية دون أن تحدد بزمان أو مكان ، وتستمر تلك التشنجات لفترات طويلة نسبيا ، وقد ترتبط تلك التشنجات أحيانا مع المؤثرات الخارجية للمريض كما أشرت في الفقرة السابقة ، وتعتمد تلك التشنجات في قوتها على قوة العين والحسد 0 )
- العين المؤثرة في تعطيل الحواس العضوية : وتنقسم إلى قسمين :
أ )- العين المؤثرة في تعطيل الحواس العضوية الدائم : يتعرض المعين من خلال هذا النوع لتعطيل الحواس الخاصة بالسمع والإبصار والشم تعطيلا دائما ، فلا تعود تلك الحواس للمعين إلا بعد انتهاء العين وشفاء المريض بإذن الله تعالى 0
ب)- العين المؤثرة في تعطيل الحواس العضوية المؤقت : يتعرض المعين من خلال هذا النوع لتعطيل الحواس الخاصة بالسمع والإبصار والشم تعطيلا مؤقتا ، ويتقلب الحال من وقت إلى وقت ومن زمن إلى زمن 0
4)- العين المؤثرة بالشلل العضوي : وتنقسم إلى :
أ)- العين المؤثرة بالشلل العضوي الكلي : يتعرض المعين من خلال هذا النوع لشلل عضوي كلي في جميع أنحاء الجسد ، فلا يستطيع المريض الحراك مطلقا ، ولا تعود له عافيته إلا بعد انتهاء العين بإذن الله تعالى 0
ب)- العين المؤثرة بالشلل العضوي الجزئي : يتعرض المعين من خلال هذا النوع لشلل عضوي جزئي يختص بمنطقة معينة كاليد أو القدم أو الرأس ونحوه ، ويبقى العضو معطلا فترة من الزمن ثم يعود إلى سابق عهده ، وتنتهي المعاناة بإذن الله تعالى عند انتهاء العين 0
ج)- العين المؤثرة بالشلل العضوي المتنقل : يتعرض المعين من خلال هذا النوع لشلل عضوي جزئي متنقل ، فتارة يصيب الشلل منطقة اليد ، وتارة أخرى منطقة القدم وهكذا ، ولا ينقطع هذا الأمر إلا بعد انتهاء العين بإذن الله تعالى 0
5)- العين المؤثرة بالخمول : وتنقسم إلى قسمين :
أ)- العين المؤثرة بالخمول الدائم : يتعرض المعين من خلال هذا النوع لخمول دائم ينتاب جميع أنحاء الجسم ، فيشعر المريض دائما بالفتور والخمول وعدم القدرة على العمل أو ممارسة أي نشاط يذكر 0
ب)- العين المؤثرة بالخمول المؤقت : يتعرض المعين من خلال هذا النوع لخمول مؤقت ينتابه بعض الفترات وتتراوح نسبة ذلك الخمول بحسب قوة العين وتأثيرها ، فيشعر المريض أحيانا بالفتور والخمول وعدم القدرة على العمل أو ممارسة أي نشاط يذكر ، وتارة أخرى يكون نشيطا قويا يعيش كأي إنسان طبيعي آخر 0
6)- العين المؤثرة في حصول الاستحاضة : وعادة ما يصيب هذا النوع النساء 0 ب - العين المؤثرة بالأمراض العضوية غير المعروفة : وطبيعة هذه الأمراض أنها لا تشخص من قبل الأطباء ولا يقفوا على الأسباب الحقيقية ورائها ، وهنا لا بد من الإشارة لنقطة هامة جدا وهي أن بعض الأمراض لم يقف الطب على حقيقتها ومعرفة أسبابها لعدم توفر الإمكانات الطبية أو العلمية المتاحة لاكتشافها والوقوف على حقيقتها ، والمقصود من الكلام السابق أن كل مرض لم يقف الطب على حقيقته لا يعني مطلقا أنه تأتى بسبب الإصابة بالعين والحسد ، ومن هنا كان الواجب يحتم الدراسة العلمية الموضوعية المستفيضة للحالة للوقوف على الأسباب الرئيسة للمعاناة والألم والاهتمام بالجانب الديني والمتمثل في الرقية الشرعية ، وكذلك التركيز على الجوانب الطبية الأخرى في الاستشفاء والعلاج ، ومن هنا يكتمل البحث والدراسة في الأسباب الشرعية والحسية التي تسعى بمجملها لتقديم جل ما تستطيع لخدمة الإسلام والمسلمين وتحقيق المصلحة الشرعية من وراء ذلك ، وتقسم تلك الأمراض إلى قسمين :
1)- العين المؤثرة بالأمراض العضوية ذات التأثير الكلي الدائم : ويؤدي هذا النوع من أنواع العين للآلام والأوجاع المستمرة والعامة في جميع أنحاء الجسد ، وقد تتنقل تلك الآلام من عضو لآخر دون تحديد وتشخيص أعراضها من الناحية الطبية 0
2)- العين المؤثرة بالأمراض العضوية ذات التأثير الجزئي الدائم : وتؤدي للآلام والأوجاع المستمرة ولكنها تختص بعضو من أعضاء الجسم البشري ، وكذلك لا يتم تشخيص تلك الأعراض من الناحية الطبية 0
4)- العين السببية الوقتية : وهذا النوع من أنواع العين يصيب الإنسان بسبب مظهره ونشاطه وحركته ، ويقسم إلى قسمين :
أ - عين تأثير سببي وقتي تتعلق بالعمل والفعل : ويؤثر هذا النوع على عمل وفعل المصاب ، ويتعلق بجانب معين في حياة المعين ، دون ظهور أية آثار جانبية أخرى متعلقة بحياته العامة أو الخاصة ، وتلك بعض النماذج على هذا النوع من أنواع العين :-
* تؤدي للصدود عن الدراسة والمذاكرة بسبب التفوق الدراسي ، وتتعلق بهذا الجانب في حياة المعين دون أن تترك أية آثار جانبية أخرى تتعلق بحياته الزوجية أو الأسرية ونحوه 0
* تؤدي لكراهية التدريس وكراهية كل ما يتعلق بهذا الجانب ، بسبب النشاط والجد والمثابرة دون أن يتعدى ذلك الأثر الجوانب الأخرى في حياة المريض كما أشرت في النقطة السابقة