Labza.Salem Admin
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
| موضوع: بحث عن البعد التربوي للاتصال والإعلام - بحث علمى عن البعد التربوي للاتصال والإعلام الجمعة 24 مارس - 15:09 | |
| أدى التطور السريع في علم الاتصال والإعلام في معظم البلدان والتوسع في الأشكال المختلفة للاتصال والإعلام الجماهيري (وخاصة السمعية-البصرية) إلى فتح آفاق جديدة ومضاعفة الروابط بين التعليم والاتصال، حيث أن هناك زيادة واضحة في الطاقة التربوية للاتصال، ويؤدي الاتصال بما وهب من قيمة تربوية أكبر، إلى خلق بيئة تعليمية، وفي حين يفقد النظام التعليمي احتكاره لعملية التربية، فإن الاتصال يصبح هو نفسه وسيلة وموضوعاً للتعليم، وفي نفس الوقت تعتبر التربية أداة لا غنى عنها لتعليم الناس كيف يتصلون على نحو أفضل، وكيف يحصلون على منافع أكبر، وهكذا توجد علاقة متبادلة متزايدة بين الاتصال وبين التعليم.
لقد أولـى الكثير من المفكرين والباحثين والسلطات الحكومية وخاصة في الدول النامية، أهمية كبرى للقيمة التربوية للاتصال والإعلام ولأثرهما في التطور الثقافي، فوسائل الإعلام تعادل المدرسة بالنسبة لأعداد لا حصر لها من الرجال والنساء الذين حرموا من التعليم، حتى ولو لم يستطيعوا أن يحصلوا منها إلا على العناصر التي يتسم مغزاها بأقل من الثراء ومضمونها بأكبر قدر من البساطة، والدليل على ذلك الأهمية التعليمية للرسائل والأنباء التي يتم بثها عبر العالم، أو على العكس مضمونها المضاد للتعليم والمجتمع. وقد يكون من الصعب أن ننكر الأثر التربوي لوسائل الإعلام والاتصال بصفة عامة، حتى في الحالات التي لا يكون فيها لمحتوى الرسائل طابع تربوي. ويتمثل دور الاتصال في التربية وفي التنشئة الاجتماعية، في أنه ينبغي للاتصال أن يفي بأقصى قدر ممكن من احتياجات التنمية في المجتمع، وأن يعامل كسلطة اجتماعية. كما أن وجود الاتصال في كل من مكان في المجتمع الحديث هو علاقة على ظهور إطار جديد للشخصية يتسم بطابع تربوي قوي، وقد أدى إغراق المواطنين بقدر متزايد دوماً من المعلومات، وأكثر من ذلك توسيع نطاق التدفق الإخباري ليشمل فئات اجتماعية وجغرافية جديدة إلى خلق انطباع بأن الانتفاع بالمعرفة قد أصبح حراً،وأن الفوارق الاجتماعية يمكن القضاء عليها.
كما يمكن الكشف عن الأسرار المهنية، حيث إن مفاهيم مثل"حضارة الفيديو "و"التعليم البديل" و"المجتمع المسير بالحاسبات" و"القرية العالمية" إنما تعكس ذلك الوعي النامي بأن البيئة التقنية تخلق شكلاً دائماً من أشكال عرض الأخبار وإمكانية الوصول إلى المعرفة. حيث إن المعرفة التي تقدم وتجمع يومياً عن طريق وسائل الإعلام والاتصال المختلفة هي أشبه بالفسيفساء من حيث تمايزها مما يجعلها غير مرتبطة بالفئات الفكرية التقليدية، دون أن ننكر القيمة الباطنة والظاهرة للمعرفة المجمعة على هذا النحو، لا نكون مبالغين إذا أكدنا أن المعلومات المقدمة ذات طبيعة مضطربة، وأن الأولية تعطى لنشر الأخبار التافهة والمثيرة، وأن هناك "تشويشاً" متزايداً على حساب الرسالة الإعلامية الحقيقية، وبالإضافة إلى ذلك فوسائل الاتصال الجماهيرية تميل إلى دعم وإثراء نظمنا الرمزية المشتركة وذلك بالتعبير عنها وتفسيرها بطرائق جديدة، وبذلك فإنها تقلل من الصفات المميزة للمجموعات وتعزز القوالب الجامدة، ويصبح التنميط الفكري أرسخ قدماً وبدرجة تزيد كثيراً عن ذي قبل.
وفي الوقت ذاته، طورت المحطات الإذاعية في كثير من البلدان برامج تعليمية مفيدة ومبتكرة بعضها "نظامي" (دعم للمناهج المدرسية، أو الدراسات الجامعية) وبعضها الآخر "غير نظامي"، موجه بصفة خاصة إلى المزارعين والأشخاص الذين هم بحاجة إلى التزود بمعارف تقنية. كما تخصص بعض البلدان المتقدمة أو النامية، قنوات إذاعية وتلفزيونية منفصلة للبرامج التعليمية، بينما تخصص بعضها الآخر فترات متباينة من برامجها الإذاعية لأغراض التربية والتدريب والتعلم، وتعد هذه البرامج عادة بالاشتراك بين المربين والإذاعيين. أدى التفاعل المفاجئ في تكنولوجيات الاتصال لأغراض التربية أول الأمر إلى تحليل "نتائج" ووضع المثيرات التي تزداد باستمرار ودراسة أثرها، واليوم يمكن أن نستنتج أن أنماط الاتصال تكون جزءاً من مجموعة أكبر من التحولات التي أدت إليها تغيرات تدريجية في البيئة، وأن تأثير التكنولوجيا يختلف تبعاً للظروف النفسية والفكرية والاجتماعية والثقافية للأفراد الذين يتعرضون لها. كما اضطرت المدارس والكليات في معظم المجتمعات إلى التخلي عن احتكارها للتعليم، نظراً لأن الاتصال يؤدي جانباً كبيراً من وظيفتها التقليدية، ويطرح ذلك قضية إعادة النظر في وظائف المدرسة، فقد كانت المدرسة حتى مطلع هذا القرن هي المصدر الأساسي للمعرفة والمدرس هو الشخص المعتمد رسمياً لتقديم هذه المعرفة وذلك حتى في المجتمعات الصناعية. وكان الفرد بالأمس يعتمد بالأساس على المدرسة في معرفته بالعالم وفي مقدرته على التحكم في أنماط السلوك بما يمكنه من أن يندمج فيه، أما اليوم ففي معظم المجتمعات يعمل النظامان (المدرسة والاتصال) في تنافس وبذلك تخلقان التناقضات بل والمشكلات الصعبة في عقل الفرد، فالنظام التعليمي يتعارض مع نظام الاتصال الذي يتيح معرفة كل ما يتعلق بموضوعات الساعة وكل ما هو جديد، ويعكس اضطراب العالم والفهم الميسر والسعي وراء الملذات، واليوم يعتبر هذا التعارض مقبولاً في المجتمعات الغنية حيث يكون التبذير هو القاعدة في معظم الأحيان، إلا أنه لا يتمشى مع أوضاع البلدان النامية، ومع ذلك فإن وسائل الإعلام تملك من الوجهة العملية مقدرة هائلة على نشر المعلومات والمعرفة بحيث لا يستطيع أي مجتمع أن يستغني عنها،وتضطلع المدرسة إلى حد ما بوظيفة تعليم طريقة دمج وتركيب وتحليل المعارف والمعلومات المشتقة من الخبرة وفهم اللغات التي تصف العالم وتفسره. ومن الناحية العلمية تميل المؤسسات التربوية إلى أن تضم معظم أشكال وسائل الاتصال الحديثة تحت جناحيها بحيث تتخذ هي قراراتها الخاصة بها وتحدد اختياراتها، وقد بدأت بعض البلدان في القيام بمبادرات لتلقين المعارف عن وسائل الاتصال وطرق استخدامها منذ التعليم الابتدائي وخلال الدراسة الثانوية ويتم ذلك من خلال إدخال الصحافة في المدارس، وتهدف هذه المبادرات إلى تعليم الأطفال أن يتصرفوا بطريقة نقدية تجاه الإعلام، وأن يختاروا المواد التي يقرءونها وبرامج وأنشطة قضاء وقت الفراغ وخاصة التلفزيون وفق معايير كيفية وثقافية. وتؤدي زيادة أهمية الاتصال في المجتمع إلى حمله على إلقاء مسؤولية جديدة على النظم التعليمية، مسؤولية تعليم الاستخدام الصحيح للاتصال في الوقت الذي نوضح فيه أخطار المعرفة السطحية المستمدة من الوسائل السمعية البصرية، ومن "وهم" قدرة المعالجة الآلية للمعلومات.
والواقع إن ما ندعو إليه في هذا الصدد، هو شكل من أشكال التعليم يتسم بمزيد من النقد ويكون قادراً على تحرير الفرد من الانبهار بالتكنولوجيا، وجعله أشد حذراً وأكثر تدقيقاً، وتمكينه من أن يختار بتمييز أكبر بين مختلف منتجات كلية الاتصال، ومن المسلم به حالياً أن الاتجاه نحو تحسين نوعية المواد الصحفية وبرامج الإذاعة والتلفزيون إنما يعززه مثل هذا التعليم، وتهدف المؤسسات التعليمية المختلفة الخاصة بالتعليم النظامي وغير النظامي في تمهيدها الطريق لنهج مستقبلي للاتصال على أساس المشاركة الحقيقية إلى بناء عالم مثالي يمكن لأي فرد فيه أن يصبح منتجاً ومستهلكاً للمعلومات في آن واحد. وأخيراً لعل أهم جانب من جوانب التكافل بين الاتصال والتعليم، هو أن عملية التعليم بوضعها هذا، لا بد أن تصبح بالنسبة للتلاميذ والطلاب على جميع المستويات تجربة للاتصال والعلاقات الإنسانية والأخذ والعطاء والزمالة الفكرية بدلاً من أن تنقل المعرفة في اتجاه واحد.
ولا بد أن يصبح التعليم وسيلة لاختراق الحواجز بين الأفراد والطبقات والمجموعات والأمم، وهذا هو أفضل ما يمكن أن تساهم به المعرفة والخبرة في مجال الاتصال لإثراء التعلم والتدريب والتعليم، ذلك أن مهمتها الأساسية هي التبادل الذي هو شكل من أشكال التفاعل الاجتماعي يعمل عن طريق الرموز.
وهكذا يتضح إن التعليم يزيد على الاتصال في جوانب ويقل في جوانب أخرى، فالافتقار إليه يسفر عن شيوع الأمية مما يهبط بقدرات الاتصال إلى الحد الأدنى، ويصبح التوسع فيه أساساً لاتصال متزايد، ومن ثم فإن أي مناقشة لضرورة علاج الإخلال في الاتصال لا يمكن أن تتجاهل أهمية التعليم الشامل وتحسين نوعية التعليم والفرص التعليمية. |
|