الإثنين 15 مايو - 11:57 الإثنين 8 مايو - 22:14 الأحد 19 أغسطس - 16:42 الأحد 19 أغسطس - 15:17 السبت 18 أغسطس - 17:10 السبت 18 أغسطس - 17:00 السبت 18 أغسطس - 16:56 السبت 18 أغسطس - 14:52 السبت 18 أغسطس - 10:07 الخميس 16 أغسطس - 17:02 الخميس 16 أغسطس - 16:54 الأربعاء 15 أغسطس - 18:13 الأربعاء 15 أغسطس - 18:08 الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
موضوع: السر خلف أسماء عواصمنا العربية الثلاثاء 21 مارس - 16:16
السر خلف أسماء عواصمنا العربية
1 قد قرأنا في الجزء الأول من هذه المقالة بعض من القصص التي وقفت خلف تسمية عواصم عربية عريقة كدمشق، بيروت، والقاهرة وما الذي جعل اسمها يبدو كما نسمعه اليوم، ونكمل هنا مجموعة القصص للمزيد من تلك العواصم الأصيلة والمرتبطة بأسماء تعود إلى آلاف السنين الماضية، ويمكنكم اكتشاف سبب بقائها حتى الآن عبر السطور التالية، أو ستتمكنون من متابعة ما فاتكم من عواصم عربية مميزة في الجزء الأول عبر الضغط هنا. . القدس
أول الأسماء التي أثبتت على تلك المدينة العظيمة هو “أورسالم” والذي يظهر في رسائل تل العمارنة المصرية، ويتبع سالم أو شالم إلى إله كنعاني وهو حامي المدينة، ذُكِر أيضاً ورود اسم “مدينة السلام” مرّتين في ذات الرسائل وذلك بحوالي عام 20000 قبل الميلاد، ولم تلبث تلك التسمية حتى اتخذت اسم “يبوس” نسبةً إلى اليبوسيون المنحدرين عن الأصل الكنعاني وهم اللذين بنوا قلعتها، كما ذكر عن أعمال الملك اليبوسي “ملكي صادق” بأنه أول من بنى يبوس أو القدس اليوم ولشدة حبه للسلام أطلق عليه ملك السلام ومن هنا قد شاع المصدر الآخر لاسم “أورسالم” أي مدينه سالم. ظهر اسم “أورشليم” لأول مرّة عند ظهور الكتاب المقدّس ويقول الخبراء اللغويون أنها عبارة عن دمج بين كلمة أور التي تعني المكان المخصص للعبادة وسليم التي يعتقد أنها تعني السلام، ويقال أيضا أنها تشير إلى إله كنعاني قديم اسمه “شاليم” وهو إله الغسق، عند ظهور العبرانيون أطلقوا على القسم المأهول من القدس اسم “مدينة داوود” أو “صهيون” وقد أصبحت هذه الأسماء ألقاباً للمدينة ككل فيما بعد لتتداول داخل التقاليد اليهودية. حرّف اسم القدس في العديد من المرّات لتتحوّل إلى “هيروسليما” من قِبل الإغريق بعدما كانت “أورسليم”، وعند سيطرة الإمبراطورية الرومانية على حوض البحر المتوسط أطلق الرومان على المدينة اسم “مستعمرة إيليا الكابيتولينية”. عند حلول عام 1311 للميلاد ظهر في بعض الرسائل الإسلامية بالعهد العمري نعت القدس باسم “إلياء” أو “إيليا” وهو على ما يبدو اختصاراً لاسمها اللاتيني، وقد ظهر في أواخر القرون الوسطى اسم “بيت المقدس” وهو مأخوذ عن الآرامية “ בית מקדשא ” التي تعني الكنيس أو دار العبادة ولايزال هذا الاسم حتى الآن في بعض اللغات مثل الأوردوية وهو مصدر لقب مقدسي الذي يطلق على سكان القدس حتى اليوم، أما بالنسبة لاسم القدس الشائع اليوم في اللغة العربية والدول الإسلامية فقد يكون اختصاراً لبيت المقدس أو لعبارة “مدينة القدس” وكثيراً ما يقال “القدس الشريف” للتأكيد على قدسية المكان.
**********************
. بغداد
تجمع المصادر التاريخية على أن الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور من قام ببناء تلك العاصمة بهدف إنشاء ما يليق بمكانة الدولة الإسلامية المزدهرة، فاختار موقعاً من نهر الصرا بين نهري دجلة والفرات، حيث كان هنالك قرية تسمى بغداد، وكانت مجمّعاً لتجار الفرس في رأس كل شهر، وتتفق المصادر على أن اسم القرية الأصلية في ذلك الموقع هو “بغداد” و “بغدان” أو تبدل الباء ميمًا فيصبح الاسم “مغداد” أو “مغدان”. عندما انتهى أبو جعفر المنصور من إعمارها قام بتسميتها بمدينة السلام وهو الاسم الرسمي الذي ظهر في وثائق الدواوين العباسية وعلى النقود والأوزان، كما أُطلِقت على المدينة أسماء أخرى مثل “مدينة المنصور، مدينة الخلفاء، المدينة المدورة، الزوراء”، رغم وجود كل هذه الأسماء إلّا أن الاسم القديم “بغداد” هو ما ظلّ عالقا في أذهان الناس ويتردد على ألسنتهم، فاحتفظت المدينة بذلك الاسم حتى يومنا هذا. بما أن اللغة الفارسية هي التي كانت اللغة الرسمية والمعتمدة في العراق “منذ سقوط بابل عام 5399 قبل الميلاد” فقد أثّرت لغتهم على تسمية المدينة بالعديد من الأسماء المستمدة منها مثل “المقدسي” و “ابن رسته” كتفسير لمعنى بغداد بالفارسية، وقد ورد أيضاً في كتب المؤرّخين بعض التفسيرات الأخرى وأكثرها شيوعاً “باغ” وتعني بستان بالفارسية، و “داد” التي تعني عطية، فيكون معنى الاسم “البستان العطية”، أو “باغ” اسم صنم أو شيطان و“داد” هبة فيكون المعنى “عطية الصنم”، وقد قرب بعض المعاصرين المعنى فقال أنها تعني “هبة الله”. ورد لبغداد الكثير والكثير من الأسماء والصفات التي انتشرت على مر السنين لما مر عليها من حكّام كالسومريين والأكادين الذين فرضوا بعض الصفات على المدينة وإحداها كان بغداد التي بقيت إلى اليوم حيث أنها ظهرت لأول مرّه في بعض الوثائق البابلية التي تعود إلى وثائق أحكام الملك حمورابي “1792- 1750 قبل الميلاد” صاحب مسلة القوانين البابلية الشهيرة، مما يعني أن بغداد قد استخدمت قبل ألف سنة على الأقل من دخول كلمة باغ الفارسية، عند العودة لمعجم الدكتور بهاء الدين الوردي فسوف نجد معنى بغداد كقلعة الصخر وهذا ما يؤيده عالِم الآشوريات الفرنسي “لابات” في معجمه الخاص.
**********************
. صنعاء
وفقاً لبعض الأساطير، سميت صنعاء باسم مدينة سام نسبةً إلى سام بن نوح، كما تعرف باسم مدينة “أزال” نسبة إلى أزال بن يقطن حفيد سام بن نوح، وتعد صنعاء مدينة سبئية في الحقيقة وأول نص قد أشار إليها يعود للقرن الخامس قبل الميلاد، وجاء ذكرها وفق السبئيين بصيغة “صنعو” وهي مشتقة من كلمة “مصنعة” باللغة السبئية والتي تعني الحصن. قيل سابقاً عن صنعاء بأنها مدينة عظيمة تشبه مدينة دمشق في كثرة مياهها وأشجارها، وهواؤها معتدل وكانت في السابق تسمى أزال حسب قول “أبو عباس القلقشندي”، وقد استحدث عليها حصن “تعِز” فصارت مدينة خاصّة ببني رسول ملوك اليمن، وقد قال ابن رستة أنصنعاءهي مدينة اليمن وليس باليمن ولا بالحجاز مدينة أعظم منها ولا أكثر عملا وخيرا وأشرف أصلا ولا أطيب طعاما منها صنعاء،وقال عمارة بن أبي الحسن الحكمي أيضاً أن (صنعاء هي بلد في خط الاستواء، وهي من الاعتدال من الهواء بحيث لا يتحول الانسان من مكان طول عمره صيفاً ولا شتاءً، وتتقارب بها ساعات الشتاء والصيف، وبها بناء عظيم قد خرب)، وهو تل عظيم عالٍ وقد عرف بغمدان.
**********************
. عمّان
يعود تاريخ هذه المدينة إلى أكثر من 7000 سنة قبل الميلاد، ومرّ عليها العديد من الحضارات التي تركت آثارها في أرجاء المدينة، فقد نرى المدرجات الرومانية و جبل القلعة وهيكل الخزنة والكثير من تلك الآثار المميزة التي تتبع للحضارات العمونية، الاغريقية، الرومانية، البيزنطية، والأموية ناهيك عن قبائل الهكسوس و الحيثيون وغيرهم، أما بالحديث عن أصل تسمية عمّان بهذا الاسم فقد نسب اسمها إلى العمّونيون الذين نسبوها لهم بعد تسميتها “بربّة عمون” بما يعني العاصمة أو دار الملك لتسقط كلمة ربّة على مرور الزمن وتبقى عمّون إلى أن أتى الأمويون وأطلقوا عليها بعض التحريف لتصبح عمّان. تعاقبت على عمّان العديد من الممالك كما ذكرنا واحتضنت الكثير من الحروب بين الآشوريون و الفرس و اليونان وقد حصلت على استقلالها الذاتي في زمن الفرس كدولة ذات سيادة تتبع بالتأكيد إلى الفرس إلى أن جاء الاغريق و سيطروا على المدينة وأسماها بطليموس الثاني بـ “فيلادلفيا” أي مدينة الحب الأخوي ونسبةً للقائد “فيلاديلفيوس”، وقد جعل أيضاً من جبل القلعة معبداً ليشابه جبل الأكروبولس في أثينا، وقد أصبحت بعدها جزءاً من دولتين النبطية والسلوقية إلى أن استولى عليها الملك الروماني “هيرودس” عام 30 قبل الميلاد الذي أعاد اسم عمّون أو عمّان لاحقاً إلى يومنا هذا.
**********************
. أبو ظبي
سميت إمارة أبو ظبي بهذا الاسم نسبةً إلى أنها كانت موطن الظباء، وتقسم إلى ثلاثة مدن رئيسة، الجزء الأول هو مدينة أبو ظبي وهي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة ومقر الرئاسة، والجزء الثاني فهو الجزء الشرقي من الإمارات وهي مدينة العين، أما الجزء الثالث فهو القسم الغربي الذي يقع فيه العديد من المناطق والجزر التابعة لإمارة أبو ظبي منها دلما، صير بني يأس، وجزيرة داس ومبرز وزركو وأبو الأبيض والمناطق الساحلية والداخلية مثل مدينة زايد والمرفأ وغياثي وواحات ليوا. مع أن الإمارة غنية بالنفط، تحاول أبو ظبي حاليا أن تنوع اقتصادها باستثمارات في كل من المجال الاقتصادي والسياحي، وبالفعل تضم مدينة أبوظبي خصوصا أعلى نسبة اثرياء في العالم حيث زاد عددهم عن 75 الف مليونير أي بنسبة 8.8% وتزداد الثروة بمقادر 16% سنويا، وبحسب “CNN“و مقياس فورتشن فهي أغنى مدينة في العالم غير أنها عاصمة الإمارات العربية المتحدة ومركز للسفارات و الدوائر الحكومية و المقر الرسمي لحاكم الإمارات وولي عهده، وقد نرى أن الإمارة لم تحمل الكثير من الأسماء والصفات لحداثة موقعها لكنها بالتأكيد ستحمل الكثير من الحضارة إلى العالم العربي مالم تستطع حمله كثير من المدن ذات الأسماء والمعاني الغزيرة.
**********************
بكل تأكيد أن التاريخ لم ينته إلى هذا الحد، بل لازال هنالك العديد والعديد من المدن العريقة التي يحمل اسمها أسراراً كبيرة إلّا أننا حاولنا تسليط الضوء على الأكثر شهرةً بين بلدان الوطن العربي، ونرجو لو أننا نستطيع تقديم كل ما يختص بتاريخنا العربي المليئ بالثقافة والتحضّر، لنسعى من خلاله إلى إعادة لو القليل من تلك الحضارة إلى هذه الأيام التي تفتقر في عالمنا العربي إلى العلم والتطور، وأن لا يقتصر اسمنا على صفحات التاريخ الماضي فقط.