بحث عن موقعة الجمل الأولى عام 656 م أسبابها ونتائجها - بحث مفصل عن موقعه الجمل الأولى عام 656 م أسبابها ونتائجها
معركة الجمل الأولي وسميت بالجمل لأن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت راكبة جملا أثناء المعركة التي نشبت بين جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان وقتها أمير المؤمنين بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وبين جيش عائشة رضي الله عنها وطلحة والزبير رضي الله عنهما وهما من الصحابة الأجلاء .. وكان سبب نشوب هذه الحرب هو خلاف بين الفريقين فريق علي من ناحية وفريق عائشة وطلحة والزبير من ناحية أخري .. فالفريق الأول فريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه .. كان يري أخذ البيعة أولا واستتباب أمن الدولة والقضاء علي الفتن والمؤمرات ثم القبض علي قتلة عثمان والقصاص منهم وبالفعل بايعه المسلمون يوم مقتل عثمان رضي الله عنه ولم يبايعه معاوية الذي ظل مستحصن بالشام وكذلك لم تبايعه عائشة أو طلحة أو الزبير وهو الفريق الثاني الذي رأي القصاص من قتلة عثمان أولا ثم إعطاء البيعة لعلي بعد ذلك وكانت هناك أسباب اخري تصب كلها في إزاحة علي بن أبي طالب عن الخلافة ونبين هنا الأسباب بالتفصيل ونتائج معركة الجمل الأولي والمراجع التي إستندت إليها وعلي الله أتوكل.
معركة الجمل الآولي (656م)
بويع الإمام علي بن أبي طالب في اليوم الذي قتل فيه الخليفة عثمان بن عفان لكن الخليفة الجديد وجد نفسه وسط بحر من التحريض والفتن والمؤامرات . وكان الثلاثي طلحة والزبير وعائشة قد اجتمعوا في مكة وقرروا التوجه إلى البصرة لأن لطلحة والزبير فيها أنصاراً .
أسباب خروج الجيشين
بعد حدوث الفتنة ومقتل عثمان بن عفان، بايع كبار الصحابة الإمام علي بن أبي طالب لخلافة المسلمين، وانتقل إلى الكوفة ونقل عاصمة الخلافة إلى هناك، وبعدها انتظر بعض الصحابة أن يقتص الإمام من قتلة عثمان، لكنه أجل هذا الأمر.
سبب الخروج وفق منظور أهل السنة
يرى أهل السنة أن علي بن أبي طالب لم يكن قادراً على تنفيذ القصاص في قتلة عثمان مع علمه بأعيانهم، وذلك لأنهم سيطروا على مقاليد الأمور في المدينة النبوية، وشكلوا فئة قوية ومسلحة كان من الصعب القضاء عليها. لذلك فضل الانتظار ليتحين الفرصة المناسبة للقصاص، ولكن بعض الصحابة وعلى رأسهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رفضوا هذا التباطؤ في تنفيذ القصاص ولما مضت أربعة أشهر على بيعة علي دون أن ينفذ القصاص خرج طلحة والزبير إلى مكة، والتقوا عائشة التي كانت عائدة من أداء فريضة الحج، واتفق رأيهم على الخروج إلى البصرة ليلتقوا بمن فيها من الخيل والرجال، ليس لهم غرض في القتال، وذلك تمهيداً للقبض على قتلة عثمان، وإنفاذ القصاص فيهم.
سبب الخروج وفق منظور الشيعة
يرى الشيعة أن علي بن أبي طالب أجل الحكم بالقصاص لسببين:
1. الإنتظار حتى تهدأ الفتنة؛ لم يكن الإمام قادراً على تنفيذ القصاص في قتلة عثمان لعدم علمه بأعيانهم، لذلك فضل الانتظار لتبيان لقتله.
2. أخذ البيعة من أهالي الأمصار وعزل الولاة وتعيين ولاة جدد وذلك لتقليل سخط الناس على بعض الولاة حيث اتهم اهل الشام ومصر الولاة بالعمل لمصالح شخصية على حساب مصالح الناس وعدم الحفاظ على سنة النبي، فأراد الإمام بذلك احقاق الحق وتهدئة النفوس واعادة الامور إلى نصابها.
ويفسر الشيعة خروج طلحة والزبير بأنهما بايعا الإمام طمعا في منصب وهو مالم ينالاه لذلك خرجا عليه واتخذا من القصاص لمقتل عثمان حجة لعزله عن الخلافة أو قتله، اما عائشة فهي من حرض الناس على قتل عثمان فهي من قالت: "اقتلوا نعثلاً (عثمان) فقد كفر"، وهي التي اثارت الحرب وحرضت طلحة والزبير واخبرتهم بأن الإمام علي هو من قتله أو سهل مقتله.
ما حدث في البصرة
من منظور السنة:
وصل أصحاب الجمل إلى البصرة، ولم يكن لهم غرض في القتال، بل أرادوا جمع الكلمة والقصاص من قتلة عثمان بن عفان، والاتفاق مع علي بن أبي طالب في الكيفية التي يمكن بها تنفيذ القصاص، في مكان بعيد عن المدينة المنورة التي صارت في تلك الأيام معقلاً لقتلة عثمان وأنصارهم. وكان في البصرة نفر من دعاة الفتنة، الذين خرجوا على عثمان بن عفان. فعمل هؤلاء النفر من دعاة الفتنة على التحريض ضد أصحاب الجمل. فقرر عثمان بن حنيف (والي البصرة من قبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب)، أن يمنع أصحاب الجمل من دخول البصرة. وأرسل إليهم حكيم بن جبلة (أحد قتلة أمير المؤمنين عثمان بن عفان) من أجل ذلك. فقام طلحة ثم الزبير يخطبان في أنصار المعسكرين، فأيدهما أصحاب الجمل، ورفضهما أصحاب عثمان بن حنيف، ثم قامت أم المؤمنين عائشة تخطب في المعسكرين، فثبت معها أصحاب الجمل، وإنحازت إليها فرقة من أصحاب عثمان بن حنيف، وبقيت فرقة أخرى مع ابن جبلة. وإختلف الفريقان وكثر بينهما اللغط، ثم تراموا بالحجارة. ثم قام حكيم بن جبلة، بتأجيج الفتنة والدعوة إلى القتال، وقام بسب أم المؤمنين عائشة، وقتل كل من أنكر عليه ذلك، هذا ودعاة أصحاب الجمل يدعون إلى الكف عن القتال. فلما لم يستجب حكيم بن جبلة وأنصاره لدعوى الكف عن القتال، كر عليهم أصحاب الجمل، فقتل حكيم بن جبلة. ثم إصطلح أصحاب الجمل مع عثمان بن حنيف على أن تكون دار الإمارة والمسجد الجامع وبيت المال في يد ابن حنيف، وينزل أصحاب الجمل في أي مكان يريدونه من البصرة. وقيل أن حكيم بن جبلة قتل بعد هذا الصلح لما أظهر المعارضة.
من منظور الشيعة (الجمل الصغرى)
ويذكر ضامن بن شدقم بن علي الحسيني المدني في كتابه موقعة الجمل قائلا: «لقد أصر الناكثون على التمادي في غيهم، حتى صار النكث والغدر سجية ملازمة لهم اينما حلوا، وشعارا يجمعون حوله الانتهازيين والسفهاء وأصحاب السوء، فهم لم يكتفوا بخيانة امير المؤمنين عليه السلام حتي غروا بعثمان بن حنيف، وقد كان الأخيرة قد وقع اتفاقا للصلح بينهم على شروط اتفقوا عليها.... فخرج طلحة والزبير وأصحابهما حتى أتوا دار الامارة وعثمان بن حنيف غافل عنهم، وعلى الباب السبابجة يحرسون بيوت الاموال وكانوا قوما من الزط قد استبصروا وأئتمنهم عثمان على بيت المال ودار الامارة، فأكب عليهم القوم وأخذوهم من اربع جوانبهم ووضعوا فيهم السيف فقتلوا منهم اربعين رجلا صبرا ! يتولى منهم ذلك الزبير خاصة، ثم هجموا على عثمان فأوثقوه رباطا وعمدوا إلى لحيته ـ وكان شيخا كثّ اللحية ـ فنتفوها حتى لم يبق منها شيء، وقال طلحة : عذبوا الفاسق وانتفوا شعر حاجبيه واشفار عينيه واوثقوه بالحديد»
وقال الشيخ المفيد : اصيب من عبد القيس – يوم الجمل الصغرى- خمسمائة شيخ مخضوب من شيعة أمير المؤمنين، سوى من أصيب من سائر الناس وقتلوا كذلك أربعين رجلا من السبابجة صبرا ،يتولى منهم ذلك الزبير خاصة. والسبابجة هم حراس بيت مال المسلمين في البصره وهم قوم من السند .
ويذكر محمد باقر المحمودي في نهج السعادة أن علي قال عن أصحاب الجمل: «نكثوا بيعتي، واخرجو ابن حنيف عاملي بعد الضرب المبرح والعقوبة الشديده، وقتلوا السبابجة ومثلوا بحكيم بن جبلة العبدي، وقتلوا رجالاً صالحين، ثم تتبعوا منهم من نجا يأخذونهم في كل حائط وتحت كل رابية، ثم يأتون بهم فيضربون رقابهم صبرا، مالهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون. »
ويذكر أيضا أن عليا دعى على اصحاب الجمل قائلا :«اللهم اقتلهم بمن قتلوا من شيعتي، وعجل لهم النقمة، وبما صنعوا بخليفتي»
الأسباب التي أدت إلي نشوب معركة الجمل
1) طلحة والزبير كانا من الأرستقراطية القرشية وقد استفادا من عصر الفتوحات الإسلامية وجمعا المال والضياع والجياد , ولم يكن من مصلحتهما أن يتقلد علي بن أبي طالب الخلافة , فهو عادل ولن يسمح بالثراء غير المشروع , فهو قريب إلى الرسول ( ص ) فقال له النبي :-" أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ! غير أنه لا نبي بعدي " .
2) قيام علي بعزل جميع ولاة عثمان هذه الخطوة أثارت حفيظة الأمويين أقارب عثمان بن عفان.
3) اعتقد طلحة والزبير أن لهما نصيباً في السلطة وطمحا بأن يعينهما عليٌّ ولاة على العراق واليمن ولما انكشف لهما الأمر وخاب ظنهما انفضا من حول الإمام علي .
4) المطالبة بدم عثمان .
5) المطالبة بمحاكمة وتسليم قتلة عثمان .
6) تأخر علي بإقامة الحد على قتلة عثمان , ربما بسبب كثرتهم , والفوضى التي عمت المدينة .
7) اتهام علي بالمشاركة في قتل عثمان لتقاعسه في رد الثوار أما علي فقال :-" والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله , ولكن الله قتل عثمان وأنا معه".
اختلاط قتلة عثمان والمحرضين عليه في صفوف جيش علي
9) هنالك من يذهب إلى إن طلحة والزبير وعائشة خرجوا إلى البصرة لتوحيد كلمة المسلمين .
10) قيام جيش الثلاثي طلحة والزبير وعائشة بمحاربة والي البصرة المعين من قبل عثمان بن حنيف .
11) حاول الإمام علي حلّ المشكلة بالطرق الدبلوماسية والحوار وتذكيرهم بحب رسول الله له وحقه بالخلافة وبراءته من دم عثمان لكن هذه المساعي ذهبت أدراج الرياح .
12) الخلاف القديم بين عائشة زوجة الرسول وعلي بن أبي طالب .
أ. تأخر علي عن مبايعة والدها أبي بكر الصديق بالخلافة ربما بسبب حزنه على وفاة الرسول –" لما توفي رسول الله (ص) أبطأ علي عن بيعة أبي بكر فلقيه أبو بكر , فقال :-" أكرهت أمارتي ؟ فقال: لا , لكن آليت أن ارتدي بردائي إلى الصلاة حتى أجمع القرآن " .
ب. بسبب حديث الإفك ومطالبة علي بن أبي طالب للرسول بأن يطلق عائشة , حتى جاءت الآيات الكريمة تثبت براءة زوجة الرسول عائشة من كل الشبهات .
نتائج معركة الجمل
1) انتصار جيش علي .
2) مقتل طلحة والزبير , وكان الزبير بن عوام قد لمح الخسارة في صفوف جيشه وانسحب إلا أن رجلاً تعقبه وقتله رحمة الله عليه وهو يصلي خارج المعسكر واسمه عمرو بن جرموز أما طلحة فقد رماه مروان بن الحكم بسهم فلقي ربه رحمة الله عليه .
3) قتل في المعركة عشرة آلاف من جيش البصرة ( ثلث الجيش ) وخمسة آلاف من جيش علي بن أبي طالب ( ربع الجيش ) .
4) وقوع عائشة رضي الله عنها في الأسر بعد عقر جملها فأكرمها علي رضي الله عنه وأرسلها مع أخيها محمد بن أبي بكر الذي حارب إلى جانبه إلى مكة .
5) انتقال مركز الخلافة الإسلامية من المدينة إلى الكوفة , من شبه الجزيرة العربية إلى أطراف الدولة الإسلامية .
6) دخل علي البصرة وعاتب أهلها على موقفهم المعادي , وتقبل البيعة منهم .
7) تصالح علي مع عائشة التي انسحبت من المسرح السياسي حتى ماتت سنة 58 هجري .
دانت جميع الأمصار الإسلامية لحكم علي عدا الشام بقيت تحت إمرة معاوية بن أبي سفيان .
9) سياسة علي التسامحيّة اتجاه أعدائه , فقد أطلق سراح الأسرى الذين لجأوا إلى معاوية في الشام .
10) القضاء على الهالة المقدسة حول الخليفة والخلافة الإسلامية .
11) الاعتماد على السيف لفض النزاع بين المسلمين .
12) استعداد علي لملاقاة معاوية بن أبي سفيان الذي كان يُجَهِّز له , لولا وقعة الجمل.
13) رأفة علي بأعدائه , فقال في خطبته قبل القتال :-" أيها الناس إذا هزمتموهم فلا تجهزوا على جريح , ولا تقتلوا أسيراً , ولا تتبعوا مولياً , ولا تطلبوا مدبراً , ولا تكشفوا عورة , ولا تمثلوا بقتيل , ولا تَهتكوا سراً" .